كتبت هنا موسى
تمر اليوم الذكرى الـ39 على رحيل العندليب الأسمر وأسطورة الغناء فى الوطن العربى عبد الحليم حافظ، والذى وافته المنية يوم 30 مارس عام 1977 بعد صراع طويل مع مرض تليف الكبد سببه مرض البلهارسيا، عن عمر ناهز السابعة والأربعين عاما فقط، والسبب الأساسى فى وفاته هو الدم الملوث الذى نقل إليه حاملا معه التهاب كبدى فيروسى فيروس سى الذى تعذر علاجه مع وجود تليف فى الكبد ناتج عن إصابته بداء البلهارسيا منذ الصغر، كما أوضح فحصه فى لندن، ولم يكن لذلك المرض علاج وقتها وبينت بعض الآراء أن السبب المباشر فى موته هو خدش المنظار الذى أوصل لأمعائه مما أدى إلى النزيف.
حزن الجمهور حزنا شديدا حتى أن بعض الفتيات من مصر انتحرن بعد معرفتهن بهذا الخبر، وقد تم تشييع جثمانه فى جنازة مهيبة لم تعرف مصر مثلها سوى جنازة الرئيس المصرى الراحل جمال عبد الناصر والفنانة الراحلة أم كلثوم سواء فى عدد البشر المشاركين فى الجنازة الذى بلغ أكثر من 2.5 مليون شخص، أو فى انفعالات الناس الصادقة وقت التشييع.
ورغم عمره القصير ورحلته الغنائية التى لم تتعد 23 عاماً فقط من عام 1954 حتى عام 1977، استطاع حليم ان يتربع على قلوب محبيه منذ ظهوره على الساحة الفنية فى بداية الخمسينات وحتى الآن، لم يستطع مطرب أخر منافسة العندليب على قلوب عشاقه، فمكانته متفردة فى القلوب لم يقترب منها أحد.
قدم العندليب خلال مشواره الفنى القصير 16 فيلما سينمائيا حققوا جميعهم نجاح منقطع النظير، وكان جميع النجمات يتمنين مشاركة حليم فى أى عمل سينمائى لأنهن كانوا يعلمن جيدا جماهيرية عبد الحليم التى لم تضاهيها جماهيرية نجم أخر، كما قدم حليم 230 أغنية مازالت عالقة وخالدة فى أذهان الجميع.
وكان العندليب يتمتع بذكاء كبير جدا، حيث إنه تعاون مع عدد متنوع من الملحنين ليأخذ من كل منهم أفضل ما عنده، فكان يبحث عن النجاح فى كل مكان، حيث قدم ثنائيا رائعا مع الملحن محمد الموجى وقدما أجمل الأغنيات على الساحة العربية منها “صافينى مرة”، و”رسالة من تحت الماء”، “قارئة الفنجان”، “حبيبها”، “النجمة مالت ع القمر”، كما قدم أيضا مع الملحن العبقرى بليغ حمدى أنجح أغنياته وشكل ثنائى رائع معه لدرجة إن ذلك كان يثير أحيانا غيرة الفنانة وردة من كثرة نجاح أغانى العندليب من ألحان بليغ ومن الأغنيات التى قدماها سويا “زى الهوا، حاول تفتكرنى، أى دمعة حزن لا، سواح، موعود”.
ولم يقتصر تعاون العندليب مع الملحنين الشباب فقط، بل التقى مع الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب فى أروع أغنياته وأشهرها ومنها “نبتدى منين الحكاية، أهواك، فاتت جنبنا”، واستطاع العندليب ألا يكون مجرد مطرب ناجح وشهير فى مصر والعالم العربى فقط، بل استطاع أن يكون أسطورة الغناء فى القرن العشرين، والتى استمرت حتى وقتنا الحالى، بل يزيد نجاحه من يوما لآخر فكلما تظهر أجيال جديدة يكون النجم الأول الذى تتعلق به من الجيل القديم هو العندليب الأسمر، وتظل أغنياته حاضرة حولنا فى كل مكان، لدرجة إنه عندما قدمت إذاعة 10.53 البث التجريبى لها بأغانى العندليب فقط نجحت نجاحا كبيرا.