مصور فلسطيني: إسرائيل تضيق بالحقيقة وإعلامنا عاجز عن توثيق الجرائم
إرسال إلى صديق طباعة أضف تعليق حفظ [ شارك في الفيس بوك] [غرّد بهذا الخبر ]
غزة/ عمرو محمد
ولد المصور الفلسطيني أسامة السلوادي في رام الله بفلسطين المحتلة في عام 1973. بدأ العمل مع العديد من المؤسسات الصحافية المحلية في التاسعة عشرة من عمره.
عمل مع وكالة الصحافة الفرنسية لمدة أربع سنوات. كما عمل مع وكالة رويترز العالمية لمدة أكثر من خمس سنوات. نشاطه المهني كان دافعًا ليكون صيدًا لفوهات بنادق الاحتلال، مما أدى إلى إصابته بإصابة مستديمة، نالت من قدميه، فأصبح قعيدًا.
إلا أنه على الرغم من ذلك لم تمنعه إعاقته من ممارسة نشاطه كمصور فوتوغرافي، وتأسيسه لمجلة تعنى بهذا اللون من عناصر العمل الصحفي، فضلًا عن مشروع حلمه بإنشاء وكالة عربية للتصوير الفوتوغرافي.
وفي الوقت الذي يؤكد فيه أن الإعلام العربي لا يزال غير مدرك لأهمية الصورة وثقافتها. إلا أنه يلفت الانتباه إلى أهمية الدور الذي يقوم به الإعلام في توثيق الحياة اليومية للشعب الفلسطيني من خلال العديد من القصص المصورة، التي تبرز حياته الإنسانية.
في حديثه لشبكة “الإسلام اليوم” يتعرض لطبيعة الوكالة التي يأمل تنفيذها، ويرصد أهمية الصورة للإعلام العربي في توثيق جرائم الاحتلال. ويتناول دور الإعلام العربي في تغطية القضية الفلسطينية، إلى غيرها من الجوانب التي جاءت في الحوار التالي:
لك مشروع يتعلق بوكالة عربية للتصوير، فما ملامح هذه الوكالة؟ وما دورها في خدمة الإعلام العربي؟
هو مشروع طموح يُعنى بالتصوير الفوتوغرافي، ليضم المصورين الفلسطينيين والعرب، وتسويق هذه الصور لأجهزة الإعلام حول العالم.
وأطمح في أن يتحقق المشروع في القريب العاجل ليدخل في حيز التنفيذ. ونتمنى أن ينضم إلى الوكالة جميع المصورين بالعالم العربي، حتى يكتمل المشروع ليكون مشروعًا عربيًا بالفعل، ويغطي جميع أنحاء الوطن العربي.
ونستهدف نقل الصورة الفلسطينية بعيون عربية إلى كافة أنحاء العالم، بما يمكن أن يساهم في إبراز الصورة الحقيقية لما يدور في الداخل الفلسطيني.
وهل حاولت الاتصال بمؤسسات عربية إعلامية للتعاون معكم في إنجاز مثل هذا المشروع الطموح، كما وصفته؟
حتى الآن ليست هناك أية مؤسسة أبدت تعاونها المشترك معنا. وإن كنا نطمح في أن تسفر الفترة المقبلة عن تعاون حقيقي مع المؤسسات الإعلامية بالعالم العربي لتحقيق هذا الحلم، الذي سيعمل على تقديم صورة عربية حقيقية عما يدور بداخل الأراضي الفلسطينية، إلى غيرها من الصور العربية الصادرة من عيون عربية.
ونأمل أن يكون هذا المشروع عربيًا- عربيًا، وليس فقط فلسطينيًا، حتى يكون للعرب مشروعهم الخاص بالصور الفوتوغرافية.
وبرأيك، لماذا هناك ندرة في الإعلام العربي فيما يتعلق بالصور الصادرة عما يدور في فلسطين؟، ولماذا يكون جلها صادرًا عن مراسلين أجانب؟
للأسف أشعر أن هناك عدم اهتمام بالصورة الفوتوغرافية في الإعلام العربي، على الرغم من أهميتها، وكونها أحد أهم أدوات الإعلام الحديث.
ولاشك أن الصورة تعتبر هي الأكثر قوة وتأثيرًا في أوساط جمهور الرأي العام العربي، بعدما أصبحت الفضائيات عنصرًا منافسًا وقويًا لوسائل الإعلام المطبوعة، فضلًا عن أهميتها في تعزيز صناعة الخبر، والتوسع في نشره.
إلا أن ما يحدث حاليًا أن هناك تجاهلًا لثقافة الصورة في الإعلام العربي، ومن ثم إهمالًا لعنصر الصورة، وعدم اكتراث بالصورة الفوتوغرافية ودورها وأهميتها وقوتها في تعزيز الخبر، أو العمل وفق رؤية إعلامية.
ونأمل أن تكون هناك نقلة نوعية في مجال ثقافة الصورة الفوتوغرافية، ليحدث تغيير في هذا الأمر.
وهل لهذا السبب عجز الإعلام العربي عن توثيق جرائم الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، وأصبح يلجأ إلى أجهزة إعلامية أخرى، قد لا تحقق نفس الهدف المتعلق بالتوثيق؟
الواقع أن الإعلام العربي لم يعجز فقط عن توثيق جرائم الاحتلال الإسرائيلي، بل عجز عن نقل الصورة الصحيحة للمواطن العربي أيضًا.
ولذلك لم نستطع الوصول إلى قلوب وعقول العالم، لأننا لم نستطع تقديم صورتنا بشكل حقيقي إلى العالم. ونأمل أن يكون هناك تغيير في الرؤية والفكر ليكون هناك عمل وجهد من كافة الجهات والمؤسسات العربية لنقل صورتنا للعالم باحترافية أكثر ومهنية أعلى.
وللأسف صورة العرب حاليًا تبدو كما لو كانوا إرهابيين، ولذلك لابد من تغيير هذه الصورة النمطية عن العالم العربي في العالم.
على الرغم من أهمية الصورة في مجال الإعلام كما ذكرت، لماذا أصبح هناك عدم اكتراث بها؟
ربما يرجع ذلك إلى عدم تقدير للصورة الفوتوغرافية في الإعلام العربي. وإذا نظرنا إلى حجم سوق الإعلان ووكالات التصوير في الإعلام العالمي ندرك أهمية الصورة في مجال الإعلام، وإذا قارنَّا ذلك بالإعلام العربي، فإننا نجد الفارق في تقدير الصورة بالنسبة للإعلام العربي.
وللأسف الاهتمام بعنصر الصورة بالنسبة للمجلات والجرائد جاء متأخرًا، وليس بالشكل المطلوب، على الرغم من أن الصورة ترسخ في ذهن القارئ بشكل أكبر، وأن لكل عنصر ولكل أداة من الإعلام أهميتها، وإن كان رسوخ الصورة في الذهن ووصولها إلى المتلقي بشكل أسرع، يفوق أي شيء آخر.
ولذلك فالصورة وجبة سهلة يمكن هضمها أسرع من أي شيء آخر، فهي ثقافة، وينبغي العمل على ترسيخها لدى المتلقِّي، ولذلك أنشأت مجلة متخصصة للتصوير لنقل ثقافة الصورة، والعمل على تعميمها داخل المجتمع الفلسطيني، وفي محاولة للوصول إلى مهنية أعلى، ويكون هناك فهم وتذوق للصورة.
وما هو دور الاحتلال في قمع هذه الصورة، خاصة وأنها يمكن أن تكون عنصرًا كاشفًا لجرائمه بشكل واضح؟
الاحتلال يعمل على قمع الصورة بكل ما أوتى من قوة، فهو لا يريد نقل الصورة من الأساس، خاصة وأنها تكشف ممارساته وجرائمه.
ولذلك فهو لا يريد نقل صورة الحقيقية من أرض الواقع، فيقوم بمحاربة الصحفيين والمصورين ويستهدفهم بشكل مباشر، وأدرك كيف يستخدم الصورة لصالحه، وعندما تستخدم لغير صالحه، فإنه يفتك بأصحابها، ويضيق بها.
والاحتلال يمنع حرية التنقل للمصورين والصحفيين، وأحيانًا يمارس الاستهداف، فضلًا عن حالة التخويف الذي يمارسها الاحتلال ضد أصحاب الأقلام والكاميرا، وهذا من أبرز المعوقات التي يستخدمها الاحتلال ضدنا، ولكن هذا قدرنا ما دمنا قد سلكنا طريق “مهنة البحث عن المتاعب”.
وإلى أي حد ساهم الإعلام الفلسطيني في كسر زيف الإعلام الإسرائيلي؟
هناك نجاحات كبيرة للإعلام الفلسطيني، ومعه الإعلام العربي، بعدما كان مستوانا الإعلامي ضعيفًا، حتى أصبح إعلامنا يتغلب على الآخر الإسرائيلي وينافسه على الرغم من ضعف الإمكانيات، والعراقيل التي يضعها الثاني على الأول.
وهل منعتك الإصابة من إعلان التحدي لمواجهة الاحتلال بعدستك؟
إطلاقًا، فعلى الرغم من إصابتي في مواجهات مع الاحتلال برام الله في العام 2006، إلا أنني مازلت أقاوم بعدستي، فأنا مصور وسأظل كذلك، وأترأس تحرير مجلة مختصة بالتصوير الفوتوغرافي، وأسعى إلى تأسيس وكالة للتصوير، فضلًا عن أنني أشغل مستشارًا لمؤسسة ياسر عرفات، وتعمل على جمع وتوثيق تراث الرئيس الراحل.
وما هي أبرز الصور التي استطعتم الحصول عليها للرئيس الفلسطيني الراحل؟
المؤسسة تجمع كل تراث ياسر عرفات، وأنا متخصص في الإشراف على قسم الصور فيه، سواء كانت فوتوغرافية أو تلفزيونية أو “فيديو”.
ومن الصور النادرة للرئيس الراحل، تلك الخاصة والتي تصور سقوط طائرته في صحراء ليبيا، كذلك هناك صور لطفولته ودراسته في القاهرة، وكذلك له صور في معركة الكرامة.
وإلى أي حدٍّ ساهم الانقسام الفلسطيني في التأثير على حالة الإعلام الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي؟
هذا الانقسام ساهم في التأثير على الإعلام الفلسطيني بشكل كبير، فلقد حدث شرخ في وجهات النظر، فيما يتعلق بالناحية الإعلامية. ونأمل ألا ينسحب على جميع مجالات حياتنا، وأن يلتئم الشمل، وألا يتوسع الانقسام على الأداء المهني بشكل أكبر.
وكيف تنظر إلى مستوى تغطية الإعلام العربي للقضية الفلسطينية؟
هناك جوانب مضيئة في التغطية الإعلامية العربية لما يدور في فلسطين، وإن كانت هناك بعض أوجه التقصير في مجالات التغطية للخوض في تفاصيل الحياة اليومية للإنسان الفلسطيني.
ونحن بحاجة إلى تغطية إعلامية لما يدور من جوانب إنسانية في الأراضي الفلسطينية، دون تركيز على الأوضاع السياسية، فنحن بحاجة إلى تسليط الأضواء على الجوانب الإنسانية أكثر من السياسية، التي تنقل بجميع الوسائل الإعلامية، وبصورة مكثفة، فنحن بحاجة إلى أنسنة الإعلام.
كما أننا بحاجة إلى أن تبقى القضية الفلسطينية، والتي هي قضية الأمة العربية كلها، وليس قضية فلسطين وحدها، بما يمكن التعبير عنها بشكل استراتيجي وحقيقي.