فاطمة قادر خلال تواجدها في إثيوبيا
إثيوبيا «جنَّة الأرض المنسية» بطقوسها وطبيعتها
جمعت مصورين بحرينيين وعالميين… مع فريق «عالم الرحلات»
وادي أومو (إثيوبيا) – محرر جسور = صحيفة الوسط البحرينية
بلد عريق في معطياته التاريخية والثقافية يجمع بين الماضي والحاضر، توليفة غريبة وتناقضات عجيبة تبدأ من العاصمة (أديس أبابا) إذ ترى عاصمة متمدنة متحضرة وتنتهي بوادي أومو إذ ترى القبائل البدائية التي تمارس طقوساً وعادات تعود إلى آلاف السنين. بلد يضم بين جنباته الكثير مما هو غير مألوف وغير اعتيادي مما قد جذب الكثير من المستكشفين والمصورين، وعلى رأسهم المصور الرحال أحمد عوجان صاحب فريق «عالم الرحلات» المتخصص في تنظيم رحلات التصوير الاستكشافية للأماكن التي تعتبر صعبة الوصول نادرة في ثقافاتها واختلافها عن بقية المناطق.
فريق «عالم الرحلات» يعد من أوائل المنظمين في الوطن العربي إذ نظم ثلاث رحلات تصوير للجنسين لوادي أومو السفلي لزيارة وتوثيق حياة القبائل البدائية بقيادة الرحال أحمد عوجان، الذي يمتلك خبرة ودراية كاملة بالمنطقة، وله مؤلفات تختص بها، منها كتابه «إثيوبيا الساحرة» باللغتين الانجليزية والعربية وتناول فيه جميع العادات والطقوس التي تمارسها قبائل وادي أومو.
لقي الكتاب صدى كبيراً في أوساط المهتمين بعادات الشعوب وثقافاتها، وحياة القبائل البدائية التي مازالت تمارس طقوسًا وعادات تعود إلى آلاف السنين، كما أثنت الخارجية الإثيوبية على الكتاب وطلبت أن يكون دليلاً سياحيّاً للبلد ولمنطقة وادي اومو تحديدا.
أن تعود بالزمن ثلاثة آلاف عام وتحيا حياة تلك القبائل المنقطعة عن بقية العالم هي تجربة نوعية وفريدة تفتح للانسان آفاقاً جديدة تغير نظرة الانسان إلى الحياة العصرية في القرن الحادي والعشرين، فترى الحياة من زاوية مختلفة ومغايرة عما هو معتاد عليه وتتغير نظرتك للحياة بكاملها.
هدف عالم الرحلات كان التوثيق لبقية العالم عن حياة شعوب لاتزال تعيش الحياة البدائية البسيطة في أرضها ومع ماشيتها وتمارس الطقوس والعادات البدائية بحب وتكاتف بشكل بسيط خال من التعقيدات التكنولوجية والمدنية العصرية.
بعد النجاح الكبير في الرحلتين الأولى والثانية لإثيوبيا من خلال عرض تجارب المصورين وأعمالهم التي تميزت بالإبداع وتنوع المواضيع التي تميز هذه البلاد لما بها من طبيعة خلابة وشعب متنوع الثقافات بدأ الكثيرون توجيه انظارهم نحو القارة السمراء وكنوزها الثقافية والعرقية، وَلَا يخفى أن زيارة تلك المنطقة أصبحت حلم كل مصور يريد التميز، وكل مثقف مهتم بثقافات الشعوب وتجربة المغامرة الافريقية في قمة عنفوانها وزخمها المتميز، ونظرا إلى الطلب المتزايد عَلَى هذه الرحلة نظمت عالم الرحلات رحلتها الثالثة بقيادة المصور الرحال أحمد عوجان والمصورة المتميزة نجاة الفرساني.
رحلة العمالقة
أطلق الفريق مسمى «رحلة العمالقة» عَلَى الرحلة الثالثة، وذلك لمشاركة نخبة من المصورين العالميين من فرنسا وإيطاليا والبحرين فكانت رحلة لا مثيل لها، كما وصفها المصور ممدوح الصالح صاحب أستوديو «سكوب»، الذي أبدى إعجابه بهذا النوع من التنظيم لرحلات تصوير والتي تتميز بروح المغامرة والاستكشاف، فساهم بدعم ثلاثة من المصورين البحرينيين وذلك للارتقاء بالفن الفوتوغرافي في البحرين ليصل إلى العالمية.
أما المصور الفرنسي باتريك، صاحب موقع «أفريكاتراكس» الشهير بأسطورة المواقع الإفريقية والذي كان من ضمن اعضاء الرحلة، فأبدى اعجابه الشديد بالتنظيم المحكم والمتميز وبهذا التجمع العالمي للمصورين في اول رحلة له لزيارة إثيوبيا والتي اعتبرها من أهم رحلات التصوير التي شارك فيها.
وعلى رغم صعوبة العيش في وادي أومو بسبب الظروف البيئية والمناخية الجافة والقاسية لهذا الإقليم، فان المنطقة زاخرة بعدد كبير من القبائل التي تعتبره موطناً لها، وهي تقريباً ست عشرة قبيلة مختلفة تمارس عاداتها وطقوسها المختلفة. تنظيم هذا النوع من الرحلات يستغرق وقتاً وجهداً لتحديد خط مسير الرحلة واستثمار الوقت المتاح والمحدود لزيارة اكبر عدد من القبائل ما يمنح المشاركين وقتا كافيا للخروج بنتائج تغطي جميع جوانب الحياة القبلية وتوثيق أكبر قدر من عادات وتقاليد واسلوب حياة ظن الكثير أنها اندثرت مع عصر ثورة التكنولوجيا والمدنية، لكنهم وثقوا وجودها واستمرارها، وأنها ما زالت تمارس من قبل قبائل وادي اومو الى اليوم، مما غير نظرة الكثير من المصورين ليس عن تلك المنطقة فحسب، بل للحياة بمجملها بعد تلك التجربة الفريدة للمغامرة الإثيوبية، وهذا ما عبر عنه المصور جلال الحايكي والذي يصف زيارته الأولى لإثيوبيا بأنها مختلفة عن أي بلد آخر. فخلال مسيرته الماضية التي امتدت أكثر من 40 عاماً سافر فيها إلى الكثير من الدول وتعرف على العديد من شعوب وثقافات العالم، لكنه لم يتعرف على الوجه الآخر للحياة البدائية التي يعيشها بعض سكان هذا الكوكب الا بعد زيارته لقبائل وادي اومو السفلي، فكان سعيداً جدّاً بالمشاركة مع حشد من عمالقة التصوير، ومن التنظيم الراقي والمتميز لعالم الرحلات.
خط الرحلة
كان خط مسير الرحلة سلساً جدّاً ومنظماً بشكل يساعد عَلَى توثيق واستكشاف أكبر عدد من القبائل. أول قبيلة انطلق إليها الفريق بحماس وحب استكشاف بينما روح المغامرة تملأ وجوه المصورين كانت قبيلة المورسي الشهيرة والتي تعتبر من أغنى قبائل الوادي لامتلاكهم أكبر قطعان الماشية التي هي عصب الحياة لدى سكان الوادي العتيد.
تمتلك قبيلة المورسي سمعة مغلوطة بالعدوانية والشراسة وذلك لشدة بأسهم وقوتهم وضخامة أجسامهم، أكثر ما يميز قبيلة المورسي هو إِنَّ نساءهم يقمن بقطع شفاههم السفلى وتجميلها بقرص من الطين في مكان القطع وكذلك يقطعون شحمة الأذن ويضعون فيها قرصاً خشبيّاً دائريًّا كسمة مميزة لهم.
ومن اهم مراسم احتفالاتهم وطقوسهم هي معارك العصي والتي تسمى «دونگا» وتكون باستخدام العصي في معركة بين شخصين ينازلان فيها بعضهما وهي اشبه بالعراك بالسيوف في العصور الوسطى.
أما القبيلة الثانية والتي انبهر بها جميع المصورين فهي قبيلة الكارا، حيث كانوا ينتظرون زيارتها للوقوف على الهضبة التي يقطنها ابناء الكارا والاستمتاع بمشاهدة نهر أومو الساحر من سفوح «قرية الكورجو».
أهم ما يميز شعب «الكارا» هو قيام غالبية الشعب بوشم أجسادهم بندوب بارزة للتجميل والاكسسوار، ويشتهر رجالها بالإبداع في طلاء أجسادهم بمحلول الطباشير خلال طقوسهم وفعالياتهم المهمة. يشترك الكارا في الكثير من تقاليدهم مع «الهامر»، كما يقومون بطقوس القفز على الجاموس مثلهم.
أما النساء فلهم عرف مميز في الاهتمام بشعرهن عن طريق حلاقته من الجوانب تماماً بشفرة حادة والجزء المتبقي يقص بشكل صغير ويجدل على شكل دائري.
جنة للمصورين
المصور عيسى إبراهيم بهرته أرض الحبشة منذ ان وطئتها قدماه بالمواضيع الكثيرة التي يحلم بها أي مصور مهتم بحياة الناس، فكيف وقد جمعت هذه البلاد بين حياة الناس والطبيعة الخلابة والطقوس الفريدة المتميزة، كما عبر عن تقديره لجهود ستوديو سكوب وعالم الرحلات.
كما عبر عن سعادته البالغة بأن يكون من ضمن فريق عالم الرحلات المميز بالاحترافية في تنظيم هذا النوع من الرحلات.
ومن القبائل التي تعتبر مميزة لدى المصورين هي قبيلة الهامر فهي محط أنظار المصورين بسبب مظهرهم المميز والجميل فالرجال يقومون بطلاء أجسادهم بخليط «طبشوري» أبيض خلال الطقوس الرسمية، والنساء يضعن خليطا من الطين الأحمر وبعض الزيوت على شعر رؤوسهن ويقمن بجدله على شكل جدائل صغيرة. من أهم طقوس قبيلة الهامر هو القفز على الجواميس حيث يقوم الصبي الذي يبلغ سن الرشد بالقفز على صف من الجواميس ليعبر من مرحلة الصبى الى مرحلة الرجولة واذا لم يستطع فهو لم يبلغ سن الرشد وفي حالة نجاحه في العبور أربع مرات متتالية يصبح بالغاً وذلك يؤهله لامتلاك الماشية والزواج. وكان فريق عالم الرحلات هذه المرة عَلَى قدر كبير من التوفيق في حضور تلك الطقوس الغريبة والمتميزة، فقد صادف وجود الفريق في منطقة التورمي إعلان احتفال للقفز على الجواميس ما مكن الفريق من مشاهدة الفعالية وتوثيقها بالصور.
بعض القبائل التي زارها الفريق هذه المرة هي قبائل التيسماي والآربوري، وتنتمي قبيلة الآربوري بحب نسائها للتجمل بالخرز والقلائد الملونة والمبهرجة كما يرتدين تنانير من جلد الحيوانات مطرزة بالخرز والإكسسوارات، تقوم الفتيات العازبات بحلق شعرهن بشكل كامل ووضع قطعة قماش على رؤوسهن تشبه الشال للحماية من الشمس، أما الرجال فيقومون بربط غطاء أبيض على الرأس للسبب نفسه.
وقد استمتع فريق عالم الرحلات كثيراً بالتجربة الفريدة لزيارة قبيلة الآربوري، وذلك بسبب ترحيبهم ودماثة أخلاقهم التي جعلت المصورين في قمة سعادتهم وساهمت بالخروج باجمل الصور لهم.
إثيوبيا جنة الأرض المنسية
حلم كل مصور أن يعيش المغامرة والإثارة ويسرق لحظات من الزمن المجهول يترجمها في صور غاية في الابداع، يجزم المصور المميز، منير النجار بأن وادي أومو وقبائله البدائية هي حلم كل مصور لما تضم بين جنباتها كل ماهو غير عادي وغير مألوف وكل التناقضات والتضاد.
كما وصف المصور ناهي علي، إثيوبيا بـ «الجوهرة»، فقد عاش خلال عشرة أيام لحظات من الخيال والحماس مع الفريق الذي طغت عَلَيْهِ روح المغامرة والاستكشاف، ووجد إثيوبيا كنزاً للمصورين لما تحتويه من مواضيع وتكوينات مختلفة وساحرة تجذب كل المصورين.
إثيوبيا ساحرة
المصور الإيطالي ميكيل اعتبر مشاركته مع عالم الرحلات من اهم تجارب حياته فكانت رحلة مميزة وحماسية مع نخبة من عمالقة التصوير في بلد ساحر يجذب كل المصورين، وقد قدم رسالة شكر مطولة إلى الجهة المنظمة.
هو الانطباع الأول للمصورة المحترفة، ذكريات رضي التي وصفت إثيوبيا «ببلد الجمال والمغامرة وبلد الماضي البعيد»، كما أبدت اعجابها بحرص المنظمين على راحة واستمتاع المصورين وعملهم الدؤوب لخروج الجميع بالنتائج المبهرة.
المصور المخضرم رمزي گروف، رأى إن الجميع كان يعمل للتميز خلال الرحلة وذلك بسبب تميز المكان بالغنى في المواضيع والتكوينات التي يندر وجودها مجتمعة في اي مكان آخر.
روح الفريق الواحد
بدوره، أكد المصور المحترف فيصل خلف، أن الفن والذوق والترابط الاجتماعي والروح التنافسية الفنية هي ما ميزت الرحلة، وكذلك وفرة المواضيع التي ابهرت المصورين بتنوعها الفريد من نوعه من ناحية الجودة والكم.
وكانت إثيوبيا من ضمن مخططات وأحلام المصور المحترف، سيد باقر الكامل وقد تحققت له تلك الأمنية بدعم من استوديو «سكوب» ليعيش عشرة أيام في سحر وجمال وادي اومو العتيد في إثيوبيا والتي عبر عنها بأنها تميزت بالطبيعة الخلابة وطيبة الشعبها وتنوع ثقافاتها ومواضيعها.
من جهتها، أكدت المصورة فاطمة قادر، أن رحلتها الى الحبشة لم تكن مجرد رحلة تصويرية أو استكشافية بل كانت رحلة أعادت إليها ثقتها بالنفس في فن التصوير مع نخبة من عمالقة التصوير. والجميل في عالم الرحلات هي انها تنظم رحلات غير اعتيادية لأماكن مميزة يصعب الذهاب إليها دون معرفة وتخطيط مسبق.
وقد تميزت رحلة عمالقة التصوير بالاحترافية في التنظيم وبوجود مشاركين من عمالقة التصوير لم يكن ارفع من فنهم الا اخلاقهم الكريمة العالية، وقد ساهم ذلك بشكل كبير في خروج الجميع بتجربة نوعية وفريدة ونتائج من الصور الاحترافية المميزة والنادرة والتي توثق عادات وتقاليد الشعوب لترفع رصيد المصور الفني محليّاً ودوليّاً.
من تصوير سيدباقر الكاملمن تصوير الزميل عيسى إبراهيممن تصوير ذكريات رضيمن تصوير ناهي عليفريق «عالم الرحلات» مع قبيلة «الآربوري»جلال الحايكياحمد العوجانرجاء الحجيريفيصل خلف 2فاطمة قادرمنير النجاررمزي قروفنجاة الفرساني