فوتوغرافيا
الصورة..قوة صناعة التغيير
من أهم الأشياء التي يؤمن بها المصورون الحقيقيون أن الصورة هي لسان الحقيقة الرسمي، وأن التصوير ليس أبداً وسيلة للترفيه إلا لمن هم خارج هذا المجال تماماً.
إذا كنتَ حقاً مصوراً محترفاً فقد أصبحت جميع القضايا الإنسانية الهامة في إطار اهتمامك ومتابعتك، خاصة تلك التي تتطلّب ترويجاً بصرياً مكثفاً لتوصل صوتها للعالم.
خلال الأسابيع الماضية تابع الجميع من المهتمين بالشأن العام حملة قوية ناجحة بجهودٍ ذاتية من الشباب للترويج للمأساة الإنسانية المروّعة التي تعيشها عدة مناطق في سوريا، تلك المعاناة الناجمة عن حصارٍ غاشم على أهالي تلك المناطق وحرمانهم من كافة أنواع الأغذية لمدة تزيد عن سبعة أشهر بينما طرق الخروج من هذه المناطق محفوفة بالموت من خلال زرع الألغام أو إطلاق النار.
إنه الموت بالتجويع ، والذي يخالف القوانين الدولية وجميع الأديان وأبسط مفردات الفطرة البشرية السليمة.
عشرات الملفات المرئية انتشرت عبر شبكة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي لنساءٍ وأطفال وكبار السن وهم يعانون من الجوع وقد برزت عظامهم وشحبت وجوههم وبدت في نظراتهم أنهم في انتظارٍ حتميّ للموت إلا إذا حصلت معجزة ! مئات الصور أشعلت في أعصابنا حرائق الألم والغضب لأطفالٍ فارقوا الحياة أمام عجز ذويهم على مد يد العون لهم ! وكيف يساعدونهم وهم ينتظرون نفس المصير البشع بعد ساعاتٍ أو أيام ؟ لقد اضطر السكان لأكل لحم القطط وطبخ أوراق الشجر ، الأطباء المتطوعون يتحدّثون عن مئات حالات الإغماء يومياً بسبب نقص التغذية الحاد .
إن اختراق الحصار لتوثيق معاناة الناس في داخل هذه المناطق هو مغامرة خطيرة قد تكلف أصحابها حياتهم، لكنهم قرّروا أن يتقبّلوا جميع المخاطر في سبيل أداء الواجب الإنساني النبيل في إيصال صرخات الألم وأشباح الموت المتنقلة لكل ذوي الضمائر في العالم، وهذا لم يذهب هدراً وإن كانت الاستجابة مـتأخرة !.
لقد أثمرت هذه الجهود دولياً حيث تفاعلت بعض المنظمات الدولية بفرض ضغوطٍ لفك الحصار وإيصال المساعدات للمحتاجين وحتى وقت كتابة هذه السطور يبدو أن الحل قد بدأ في رؤية النور وإن كان ليس على المستوى المطلوب.
لم يكن للملايين حول العالم أن يعرفوا حقيقة ما يحدث في ظل الحصار لولا العدسات البطولية التي سطّرت أروع النماذج لقوة الصورة في فرض التغيير.
فلاش
العدسة سلاح أنت من يحدّد قوته وتوجّهاته
@SaharAlzarei