فوتوغرافيا
ماذا تريد من عدستك؟
من الأسئلة الكبرى التي تحيط بكل مصورٍ جادٍ في مسيرته الفنية، تستيقظ معه صباحاً وتلعب دور الهاجس في أغلبية أوقات يومه، وفي كثيرٍ من الأحيان تقضّ مضجعه وتحرمه لذة النوم والاسترخاء وتجعل محرّكات عقله تعمل بالسرعة القصوى، هو هذا السؤال الصعب… ماذا تريد من عدستك؟
أُغلق منذ أيام باب المشاركات للدورة الخامسة لجائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي، والتي كان محورها الرئيسي «السعادة»، وقد وصلنا آلاف المشاركات من جميع أنحاء العالم، كل مشاركة تحمل طموح صاحبها وآماله وتطلّعاته للمستقبل، يحلم من خلالها بالفوز ويحلم بما يقدّمه له هذا الفوز من نقلاتٍ فارقةٍ في مسيرته، كل من شارك وكانت مشاركته ليست بغرض التجربة بل بنية المنافسة والفوز عاش مرحلة الأسئلة الكبرى التي حاصرته وكانت سبباً في تعميق طريقة تفكيره الفنية وإنضاج رؤيته لهويته البصرية.
هو سؤالٌ واحد يقوم بإثارة عواصف من الأجوبة والآراء المختلفة التي من خلالها يمكن لذوي الخبرة تحديد مسار وسقف أصحابها.
فهناك من لا يتجاوز جوابه حدود الصور الناجحة، والتي حسب المعيار الفني لا تحوي أخطاء واضحة في التكوين والإضاءة والزوايا والتفاصيل الأخرى، لذا فأي صورة تخلو من الأخطاء تلبي طموحه تماماً ولن يطلب من عدسته أفضل منها! هناك من يطلب من عدسته أن تصطاد أخطاء وعثرات الآخرين ليقدّم مادة دسمة للضحك والسخرية! هذا النوع من المصورين مُجبر على تقبّل التصنيف الذي يليق به من أوسط الفنانين والمثقفين والسقف المنخفض الذي يجبره على الانحناء دوماً.
على الضفة الأخرى تجد من يرهبون حصار الأسئلة ويبذلون مجهوداتٍ هائلة لتحضير الأجوبة الملائمة، تهاجمهم الأسئلة بلا هوادة وتستهلك طاقتهم الفكرية والذهنية، هم يفعلون كل شيء أمامها باستثناء الهرب منها! لأنهم يدركون جيداً أنها ترتقي بهم للأعلى.
من يطلب من عدسته صوراً تسرق الأنظار وتحبس الأنفاس وتأسر الألباب وتزرع الدهشة في المشاهدين، تلك الصور التي تنتشر حول العالم ليشاهدها مئات الملايين في ساعاتٍ معدودة وتصبح حديث وسائل الإعلام والمجالس، هذا النوع من الصور الذي يثير القضايا الإنسانية الهامة ويصنع فارقاً إيجابياً في حياة الناس. من يرغم عدسته على إنتاج هذه النوعية من الصور، هو ذلك النوع من المصورين الذي يقارع الأسئلة الكبرى بإجاباتٍ أكبر.
فلاش
ما هو نوع الأسئلة التي تحاصرك؟
@SaharAlzarei