القمة المناخية تثمر اتفاقًا تاريخيًا.. «هنيئًا لكوكب الأرض وسكانه»!
– بيروت برس –
لن يكون إسم مدينة “لوبيرجيه” الواقعة شمال باريس، كما كان في السابق، كذلك تاريخ الثاني عشر من كانون الأول، فهما المكان والزمان اللذان سيخلدان في التاريخ وسيطول تداولهما حول العالم إلى عدة أجيال قادمة، بعد أن شهدا على “أعظم اتفاق عالمي في التاريخ” بحسب ما اتفق زعماء العالم بالإجماع على وصف الإتفاق المناخي الذي شهدته باريس مساء امس.
تصفيق حار وتبادل للتهاني والمباركات، رافقت إعلان رئيس قمة المناخ ووزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، عن التوصل الى مشروع اتفاق مقترح “عادل ومنصف ومستدام ومتوازن وملزم قانونيًا” للحد من تغير المناخ واحتواء متوسط ارتفاع درجات الحرارة لأقل من درجتين مئويتين، من أجل الحد من آثار ومخاطر الاحتباس الحراري عالميًا، بموافقة 195 دولة حول العالم بمن فيها دول الـ”77+ الصين”، وذلك بعد ست سنوات على فشل مؤتمر “كوبنهاغن” للمناخ الذي عجز عن التوصل الى اتفاق مشابه.
وبصوتٍ متأثر، أعلن فابيوس التوصل إلى اتفاق دولي غير مسبوق للتصدي للاحتباس الحراري، قائلًا: “أنظر في القاعة وأرى ان رد الفعل ايجابي ولا اسمع اعتراضًا، تم تبني اتفاق باريس حول المناخ، بمطرقة صغيرة يمكنك تحقيق أشياء عظيمة”.
ويهدف الإتفاق لتحويل الاقتصاد العالمي من الاعتماد على الوقود الحفري إلى البحث عن بدائل من خلال الطاقة المتجددة الصديقة للبيئة كالطاقة الشمسية والهوائية خلال العقود القادمة، وإبطاء سرعة ارتفاع درجة حرارة الأرض، حيث يؤكد نص الإتفاق على هدف “احتواء ارتفاع متوسط حرارة الأرض وابقائه دون درجتين والسعي لجعل هذا الارتفاع في مستوى 1,5 درجة، ما سيسمح بخفض المخاطر والمفاعيل المرتبطة بالتغير المناخي بشكل كبير”.
ووصف فابيوس الإتفاق بالـ”طموح والمتوازن، ويمثل نقطة تحول تاريخية” في الجهود الدولية لمنع تبعات كارثية محتملة لارتفاع درجة حرارة الكوكب. داعيًا الدول الى اعتماد هذا “الاتفاق التاريخي”، مضيفًا أنه “يتعين تحديد هدف جديد بالأرقام في العام 2025 على أبعد تقدير”. وأشار فابيوس الى أنه “اذا ما اقر فسيكون هذا النص منعطفًا تاريخيًا”، مؤكدًا “اننا على وشك بلوغ نهاية الطريق وبداية طريق آخر حتمًا”.
الاتفاق قوبل بإشادة كبيرة كأول اتفاق عالمي للتغير المناخي يلزم دول العالم سواء الغنية أو الفقيرة بالسيطرة على الانبعاثات المسؤولة عن ارتفاع درجة حرارة الكوكب، ويضع هدفًا شاملًا على المدى الطويل للقضاء على الانبعاثات الضارة التي يتسبب فيها البشر خلال هذا القرن. كما يضع الاتفاق نظامًا لضمان أن تفي الدول بجهود محلية للحد من الانبعاثات وتوفير مليارات الدولارات الإضافية لمساعدة لدول الفقيرة في التحول إلى اقتصاد صديق للبيئة.
وقد خرق الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، البروتوكول ملقيًا كلمةً في ختام المؤتمر، واصفًا الاتفاق بأنه “شامل” و”ملزم”. واعتبر هولاند أنّ “النص هو طموح وواقعي على حدٍّ سواء. فهو يجمع بين المسؤولية وفي نفس الوقت التمايز: فهو يمنح للبلدان الفقيرة التي هي في طور التقدم الوسائل التي تلقّت وعودًا حولها”. وأبدى الرئيس الفرنسي تفاؤله، قائلًا إنه “بعد أشهر عديدة من العمل، زاد الأمل كثيرًا. لقد بدأ العالم بالتقدم، ليس فقط في هذه الغرفة، ولكن أبعد من ذلك”. كما دعا هولاند المندوبين لجعل “12 كانون الأول/ديسمبر ليس فقط يومًا تاريخيًا، بل موعدًا للبشرية”، واقترح على “الدول التي تستطيع أن تمضي قدمًا بشكلٍ أسرع” أن تجتمع قبل العام 2020 لإعادة تحديث التزاماتها.
أما الرئيس الأميركي، باراك أوباما، فقد وصف الاتفاق بالـ”هائل”، مغرّدًا على تويتر بالقول: “هذا هائل: تقريبًا جميع بلدان العالم تأتي فقط للتوقيع على “اتفاقية باريس” بشأن تغير المناخ- بفضل القيادة الأميركية”.
من جهته اعتبر وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي قاد وفد المفاوضين الأميركيين في باريسأن الإتفاق هو “نصر لكل من على سطح الكوكب وللأجيال القادمة”. وأضاف “حددنا مسارًا هنا. العالم التفّ حول اتفاق سيمنحنا صلاحية رسم طريق جديد لكوكبنا مسار ذكي ومسؤول، مسار مستدام”.
كذلك عبرت مندوبة جنوب افريقيا نوزيفو مكاكاتو ديسيكو، المتحدثة باسم مجموعة الـ”77 + الصين” التي أدرجت آخر تعديلاتها على نص الإتفاق مساء الجمعة السبت، عن فرحتها بالتوصل الى الإتفاق، وقالت: “نحن موحدون جميعًا وسعيدون بالعودة الى ديارنا ونحن نحمل هذا الاتفاق”.
منظمة “غرينبيس”، كما منظمات عديدة غير حكومية قبل اقرار الاتفاق، وصفت الإتفاق انه يشكل “منعطفًا تاريخيًا”، ويضع مصادر الطاقة الاحفورية “في الجانب الخاطئ من التاريخ”.
بدورها، أجمعت غالبية الصحف الفرنسية على توصيف الاتفاق بالـ”تاريخي”، فكتبت صحيفة “لو فيغارو”: “بعد أسبوعين من المفاوضات المكثفة وثلاث ليالٍ بيضاء متتالية، نتج عن مؤتمر المناخ الـ21 في باريس أول اتفاق عالمي ملزم قانونًا بشأن المناخ، والذي سيدخل حيز التنفيذ في عام 2020. إنها لحظة تاريخية”.
وأضافت الصحيفة الفرنسية “نشوة الإنجاز الذي تحقق، بعد أمتار قاسية من الماراتون، بلغت الذورة. فبعد أن فشلت المناقشات ليل الجمعة-السبت في التوصل إلى توافقٍ في الآراء، وصل وزير الخارجية الفرنسي ظهر اليوم السبت مع “النص النهائي”، الذي جمعت التوافق اللازم في الآراء”.
كما عنونت صحيفة “لو موند” تقريرها بـ”يوم ماراثوني حتى اعتماد “اتفاق حاسم لكوكب الأرض””. وكتبت الصحيفة أنه “بعد ثلاثة عشر يومًا من المفاوضات المكثفة وثلاث ليالٍ بيضاء، أبرمت الدول الـ195 المجتمعة في لو بورجيه السبت 12 كانون الأول/ديسمبر اتفاق باريس، وهو الاتفاق العالمي الأول لاحتواء ظاهرة الاحتباس الحراري. حتى الساعات الأخيرة، أدى إحجام الدول المنتجة للنفط، ومتطلبات البلدان الفقيرة، مثل الدول الجزرية، الى الخشية من فشلٍ آخر”. ونشرت الصحيفة ملفّ صورٍ عن مؤتمر “COP21″، بعدسة المصوّر الصحفي جان كلود.