فوتوغرافيا
الفارق بين التذوّق والإنكار
عندما تجد نفسك تتعمّق رويداً رويداً في دهاليز عالم التصوير الضوئي مندهشاً من جماله متأمّلاً في رونقه مستجمعاً قواك الذهنية والفكرية وتجاربك السابقة لفهم وإدراك المعاني المتأنّقة في حُللٍ فنيةٍ متناهية الروعة فائقة الكثافة، ستشعر بنوع من التشويش يخالط مشاعرك المستمتعة بالفسيفساء اللونية المتنوّعة لهذا العالم المبهر.
حسناً أنت حديث العهد بهذا العالم وقد اتخذت قرارك بولوجه، في البداية أنت زائر، مجرد ضيف يمتّع نظره بالاطلاع على أعمالٍ فنيةٍ بصرية متفاوتة الجودة، وتنجرف مع عشرات الانطباعات وردود الفعل وتكوين وجهات النظر المختلفة تجاه ما تشاهده وما تسمعه أو تقرؤه عن هذه الأعمال، وفي حال تتابعت مسيرتك في الاطلاع والاستكشاف بلا توقّف لمدة أشهر، ستبدأ شخصيتك الفنية بالتشكّل والظهور وستحاول أن تعلن عن نفسها بعدة طرق.
من أبرز العوائق الفكرية التي ربما تصيب جهازك العصبي هي التعصّب والانحياز الشديد لنوعٍ من أنواع الفنون أو مدرسة من مدارس التصوير، لذا من الطبيعي أن تمضي بقربها أغلب وقتك وتوليها جلّ اهتمامك وعنايتك.
لكن من خبرتنا الطويلة في مجال الفنون البصرية فأنا أحذّرك من بعض المعتقدات التي ستكون مؤذية لك مع مرور الوقت، إن التعصبّ والانحياز تجاه تيارٍ فنيّ معين قد يتسبّب لك بمحدوديةٍ فكريةٍ سيئة إذا زاد عن حده، مهما بلغت بك درجة «الهارموني» مع أحد الفنون فلا تدعها تعزلك عن سواها، فالجمال الحقيقي يكمن في فهمك وإدراكك لكل درجات الألوان الموجودة من حولك، بينما إذا وقفت في صف بعضها ومنعت نفسك عن تذوّق الباقين ستتأجّج في دواخلك جذوة التهميش والانتقاد والتشويه لكل مساحاتٍ فنيةٍ وفكريةٍ لا تعرفها، والإنسان عدوّ ما يجهل كما نعلم.
إذا كنت جاداً حقاً في مسيرتك نحو استحقاقك للقب «فنان حقيقي» يجب أن تحذر كل الحذر من الوقوع في حفرة «الإنكار»، حينها لن تلوم إلا نفسك لأنك اخترت التقليل من قيمتها وشموليتها بتعيين نفسك مدافعاً عن جمالياتٍ معينة ومتهماً كل المساحات الأخرى بالقبح، وهذا قمة المحدودية التي لا تليق بمن يتوقون لذرى العلياء وسماوات المجد وآفاق التذوّق الجماليّ للإبداعات البشرية دون اقتصاصٍ أو استثناءات.
فلاش
هل تحيّزك للونٍ ما يعني بالضرورة تهميش الألوان الأخرى؟