أحد المصورين ترك لدي انطباعاً إيجابياً من خلال مسيرته الفنية وبعض أعماله وبعض الأحاديث المتبادلة في عدة مناسبات، لكن الطامة الكبرى كانت عندما كشف لعموم الناس عن عيبٍ فكريّ خطير لديه من خلال إحدى منشوراته والتي قال فيها أن المرأة غير ملائمة لمهنة التصوير نهائياً ! فهي لا تستطيع تفعيل المنطق في التعامل مع الكاميرا بل تعتمد على عاطفتها ومزاجيتها ! وأنه يعتقد أن مصطلح “مصور محترف” لا يليق إلا بالرجال ! وعندما سأله أحدهم هل يعني بذلك المصورة العربية أم الجميع فأجاب أن كل مصورة حول العالم لا تستطيع تعدي مرحلة “الهواية” في التصوير أما الاحتراف فهو مستحيل !
عاصفة من الانتقادات انهمرت على المصور المذكور لكن ما استوقفني هنا هو إصراره على كشف ضحالة تفكيره وقصور نظرته أمام الناس ؟ من بديهيات الأمور التي تعلّمتها منذ صغري التفكير ملياً قبل التحدّث مع الناس لأن الكلمة التي لم تنطق بها لك، أما الكلمة التي نُطقت فهي محسوبة عليك ! هذا لا يعني أني منزّهة عن الأخطاء فلكلٍ منا عيوبه التي يحاول التعامل معها بحكمة وروية وبعد نظر ! لكن مالذي يجعل مصور محسوب على الفنانين والمثقفين الذين يُفترض بهم أن يكونوا قدوة حسنة ! أن يُظهر جهله علناً ؟ والأدهى والأمرّ أن عدداً من المصورين وافقوه في رأيه ودافعوا عنه وسردوا بعض الأمثلة التي تؤكّد نظريته حسبما يدّعون !
إلى متى نرى عيوب وأخطاء الأجيال السابقة تتكرّر بين فنانينا ومثقفينا ؟ أليس حريّاً بنا أن نقوم بعملية تحديثٍ جريئة نستبدل فيها عيوب الماضي بعيوبٍ تليق بعصرنا ؟ هل يليق بمصور مبدع أن ينظر إلى المرأة بهذه النظرة الدونية ونحن في عام 2015 ؟ حيث كل ماحولنا في كل مكان وكل المجالات يثبت عكس هذه النظرية العجيبة ! نحن نحاول استشراف المستقبل والتأقلم مع المتغيرات وإذ بنا نرى أمثال هذا المصور وقد اختاروا العودة لعصر الجاهلية !
من الواضح أن مرور الزمن وحده غير كافٍ لإحداث التغيير، هناك مجهودٌ فكريّ كبير يجب أن يُبذل لضمان تخلّصنا من أمراض التفكير التي قد تقضي على أصحابها إن استفحلت.