المؤثرات الصوتية
إن المؤثرات الصوتية هى الشكل الرابع للصوت ، وتلعب دوراً أساسياً فى التأكيد على واقعية الفيلم ، وفى إتمام فهم المتفرج للصورة التى يراها على الشاشة . فمثلاً رؤية باب وهو يُغلق يجب أن يصاحبه صوت هذا الباب . ورؤية كلب وهو يعوى يجب أن يصاحبه صوت عواء . وللمؤثرات الصوتية وظائف أخرى غير فقط التأكيد على الواقعية ، رغم أن هذا الأخير أهمهم . فيمكن مثلاً للصوت أن يعمل على الإيحاء بمساحة أكبر من حدود الشاشة التى يراها المتفرج ، وذلك لخلق حالة نفسية معينة ، ولخلق الإحساس بوجود أماكن غير موجودة ، أو لخلق الإحساس بالصمت .
1- امتداد حدود الرؤية :
يمكن إستخدام المؤثرات الصوتية للإيحاء بأحداث خارج حدود الشاشة . فيمكن تصوير لقطة لأم تعمل فى المطبخ ، يصاحبها أصوات لأطفال يلعبون فى حديقة المنزل ، أو صوت تليفزيون فى غرفة المعيشة ، وصوت بعيد لجز العشب . كل تلك المؤثرات الصوتية تعطى إيحاءاً بالواقع ، وتجعل المتفرج يصدق أن ما يراه على حدود الشاشة الصغيرة ، ما هو إلا جزء صغير من عالم أوسع .
2- خلق جو نفسى :
يشكل العامل النفسى للمؤثرات الصوتية أهمية خاصة فى أفلام الإثارة . مثلا صوت خطوات منتظمة هادئة ، صوت باب يُفتح فى منزل من المفترض أنه
خال من السكان ، أو وجود أصوات غير مفسرة . فالأصوات غير المألوفة تلعب على شعور الممتفرج بالخوف من المجهول . ويجب بعد ذلك أن يتم
التعرف على الصوت والتأكد من أنه غير ضار قبل أن تتم حالة الإرتياح فى المتفرج . والمخرج الجيد هو الذى يستطيع التعامل مع غريزة حب البقاء الإنسانية والخوف من المجهول ، لخلق جو من الإثارة .
3- الإيحاء بأماكن غير موجودة :
يمكن الإيحاء بأماكن خارج حدود الشاشة عن طريق استخدام المؤثرات الصوتية . وبسبب الرغبة فى تجنب التصوير مرتفع التكلفة فى أماكن بعيدة ، وتعيين عدد كبير من طاقم العاملين بالفيلم . فمثلاً فى أمريكا تم استخدام بركة محاطة بالأشجار ، مع شاطيئ رملى صغير ، كغابة إستوائية ، تم تصوير فيها أفلام طرازان فى الثلاثينات ، أو حروب الغابات فى السبعينات ، وذلك بإستخدام إيحاءات الاصوات كالطيور والصقور والقرود ، اصوات رصاص وأسلحة ، وأصوات صرخات العدو بلغات أجنبية غير معروفة .
ويمكن استخدام نفس أسلوب الإيحاء فى مواقع التصوير الداخلية ، فيمكن مثلا تكوين مصنع فى زاوية ما ، بوضع أدوات ، طاولات للعمل ، وإضافة شريط للصوت طرقات ودقات وآلات ومخارط . ويتم تسجيل هذا الصوت فى مصنع حقيقى . وبإتمام تلك الطريقة سيتم تجنب تكاليف الحاجة للذهاب إلى مصنع حقيقى للتصوير .
4- مونتاج المؤثرات الصوتية :
يستخدم مونتاج المؤثرات الصوتية فى لقطات الذاكرة أو المخاوف والمشاعر . فمثلاً فى حالة تذكر رجل يحكى لصديقه تاريخه السياسى الحافل ، تتكون المؤثرات الصوتية من أصوات آتية من بعيد لعروض عسكرية ، وصرخات ، وخطب وتصفيق ، وتهليل من خلال مونتاج مؤثرات الصوت التى تعطى إحساساً بحنين الرجل لماضيه .
5- خلق جو الصمت :
يُعتبر الصمت والسكون صوتاً أيضاً ، ففى أفلام عاطفية كدكتور زيفاجو ، فى بعض لحظات الذروة يكون هناك لحظات صمت كامل . فالفجوة التى يشعر بها المتفرج بين لقطة بها حركة ، وأخرى صامتة تماماً ، تعطيه إحساساً بأهمية الفعل الدرامى . ويمكن أن يستخدم أيضا فى الأفلام التسجيلية . ففى فيلم Thursday’s children ، فى فصل يشتمل على أطفال لا يسمعون ، تم التعبير سينمائياً عن ذلك عن طريق لقطات قريبة على فم المعلمة وهى تتكلم ، وتدريجيا يتم خفض درجة الصوت إلى أن يختفى ، وهى ما تزال مستمرة فى الكلام . وبعد لحظة من الصمت ، نجد المعلق يقول ” ولكن هؤلاء الأطفال لا يسمعون ” . هنا كان إستخدام آلية صوت الصمت للتعبير سينمائيا عن وضع الأطفال ، ولخلق شحنة عاطفية لدي المتفرج .