2- سرعة البديهية والذكاء المفرط :
كون ان العمل السينمائي والتلفزيوني والفوتوغرافي يعتمد على الجماليات وعلى الوظيفة والسببية في اللقطة ذاتها، تطلب من المصور أن يستند في اكثر الأحيان على سرعة البديهية التي تلازم توافرها فيه، حيث أن المصور السينمائي كثيرا ما يتعرض الى مواقف صعبة ومحرجة او قلقة ومواقف آنية أو سريعة أثناء العمل بحكم التنويعات والتعديدات في الأجزاء التي يعتمد عليها العمل بحكم النوعيات والتعدديات في الأجزاء التي يعتمد عليها العمل السينمائي من إكسسوارات وإضاءة وآليات وممثلين وملابس وديكور وظروف جوية وعناصر أخرى عديدة تسهم في تكوين اللقطة السينمائية، وهو الامر الذي يتطلب من المصور ان يكون قمة القمم في سرعة البديهية والذكاء، فهناك المزيد من الظروف التي تطرأ في التصوير تكون خارجة عن التحكم او الارادة تجبر المصور على ان يتعامل معها اوعلى تفاديها او تجاوزها او حتى استثمارها ان تطلب الامر فعلى سبيل المثال هناك مشاهد في بعض الافلام الروائية لمجموعة من الحيوانات كالخيول او الكلاب او الاغنام التي تكون تلك الحيوانات في اكثر الاحيان خارجة عن ارادة المصور او المخرج وفي نفس الوقت تكون صعبة في التحكم او في القيادة وهو الامر الذي يجعل من المصور مستغلاً لتلك الحيوانات وفق ما يقرره تفكيره في الحصول على اللقطات المرادة من خلال تجاوز المزيد من العقبات ومن خلال التحايل او المباغتة او الاقتناص او التوقيت المحكم لالتقاط ما يراد التقاطه، كذلك هناك مشاهد كأن تكون مع اطفال رضع يصعب التعامل معهم او الاتفاق معهم في التقاط اللقطات وهو الامر الذي يستدعي من المصور ان يتأقلم ويتماشى على الفور مع الموقف ليحسن عمله ويحصل على الافضل والاحسن، كذلك هناك من المشاهد ما تكون في الطائرات او القطارات او في البواخر التي تحتاج الى امكانيات غير اعتيادية لتوفيرها وحين يلجأ المصور في التعامل معها تطلب منه ان يكون غاية في التركيز والدقة لتحاشي أي خلل او خطأ او غفلة قد ترغم على اعادة التصوير مما يتطلب توفير جهد واموال ووقت اضافي فعلى سبيل المثال حين يصور المصور لقطة من طائرة عالية لموضوع على الارض وانحدرت الطائرة او مالت بحكم الظروف المرغمة على ذلك تطلب المصور او يراعي ذلك الانحدار او الميلان وتصوير موضوعه بشكل انسيابي واتقان متجنبا كل افرازات ذلك الانحدار والميلان وما ينجم عنه لتحقيق نتيجة مرضية ومعقولة، وايضا هناك من الامور التي قد تفرز نتائج اضافية او غير محسوبة وتعود بالكسب لصالح العمل على المصور استثمارها اثناء العمل كتصوير بعض اللقطات التي يحتاجها العمل من خلال الصدفة او من خلال الظروف المفاجئة للعمل وذلك عن طريق الفهم التام والادراك الكامل للمصور في الموضوع او العمل الذي يعمل فيه، فعلى سبيل المثال اذكر اننا حين كنا نعمل في احدى الاعمال الروائية لاحظنا في السماء حشد كبير من الطيور المهاجرة وهي تتجه نحو الشمال قادمة من الجنوب، استغل المصور هذا الموقف وصور الطيور على اوجه الكمال ومن ثم استخدمت هذه اللقطة في نفس العمل وفي مشهد من مشاهده التي كان بالاساس مرسوم لها قبل تصويرها وهو الامر الذي اختزل الكثير من الجهد والمال والوقت للتصوير، حيث كان مخطط لتصوير تلك الطيور ان نذهب الى مكان بعيد للغاية لتصوير لقطة مشابهة لما صورت، وباستثمار الموقف الذي صوره المصور جنب فريق العمل من جهد ووقت ومال، وفي الواقع ان مثل هذه الخاصية في استغلال الظروف او اقتناصها ليس نافعة فقط في التصوير السينمائي بل هي ملحة للغاية في التصوير الفوتوغرافي الذي غالبا ما يلتقط مواقف غير محسوب لها او غير متوقعة، ولعل من المواقف المهمة التي نتذكرها بهذا الخصوص هو الموقف الذي تعرضت له حين كنت امثل في فيلم (زائر الليل) بأحدى المزارع في اطراف محافظة ديالى وسط العراق، حيث طبيعتي الملحة وهوايتي في التصوير الفوتوغرافي تجعلني احمل الكاميرا الفوتوغرافية بشكل مستمر في اغلب الاوقات، وبينما كنت جالسا على كرسي الماكير الذي يقوم بوضع الماكياج على وجهي داخل المزرعة مرقت ثلاث وزات صغار بالقرب مني وبشكل مفاجئ مرقت طائرة عسكرية في السماء وفتحت حاجز الصوت الذي ارعب الحضور وارعب الوزات الصغار اللاتي رفعن رؤوسهن على الطائرة بشكل عجيب ومثير للدهشة، الامر الذي جعلني استثمر الموقف والتقط صورة فوتوغرافية نادرة لتلك الوزات الصغار لاشارك بهذه اللقطة الفوتوغرافية في الكثير من المعارض الفوتوغرافية الدولية.