انطلاق أولى جلسات «دردشات عربية» بحضور 700 شخص
5 شبان عرب يستعرضون قصص نجاحهم
منى الحيمود
وعُقد الملتقى برعاية سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، أمس في كليات التقنية العليا للطلاب في دبي، وذلك بمشاركة عدد من النماذج العربية الملهمة في العالم العربي، والذين كانت لهم إسهامات إيجابية في حياة الناس، وكان لتجاربهم صدى في المجتمع المحلي والعالمي.
واستضاف نخبة من الشباب العرب المتميزين في عدة مجالات، وهم سارة الأميري، نائب مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ وقائد الفريق العلمي، وابراهيم القاسم، مدير مشروع «نايف-1» أول قمر صناعي إماراتي جامعي، والإعلامية منى الحيمود، مؤسسة مبادرة «العاب بأجنحة» الإنسانية، والدكتور معاذ عبدالله الخلف، حاصل على أفضل رسالة دكتوراه في هندسة البرمجيات لعام 2015؛ وعبدالعزيز الجوف، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة PayTabs وأحد أبرز رواد الأعمال في المملكة العربية السعودية.
الجلسة الأولى
واستعرضت منى الحيمود في الجلسة الأولى بعنوان «الحياة التي أركل بطن أمي من أجلها»، تجربة نجاحها وقالت إنها نجحت في رسم البسمة على وجوه آلاف الأطفال الأقل حظاً في العالم العربي والذين يعانون من الحروب عن طريق توزيع الألعاب عليهم، وذلك من خلال مبادرة «ألعاب بأجنحة» التي أطلقتها في دبي في شهر ابريل من العام الجاري. وتهدف إلى جمع الألعاب المستعملة والجديدة حول العالم، وتوزيعها على الأطفال في مخيمات اللاجئين السوريين والفلسطينيين والعراقيين في الأردن ولبنان وتركيا والعراق، بالإضافة إلى دور الأيتام وقرى الأطفال ومستشفيات الاطفال في الدول العربية.
واصطحبت الحيمود معها خلال الجلسة لعبة «الدبدوب»، محاولة منها لإيصال فكرة قيمة اللعبة وأهميتها لدى الأطفال وبناء شخصيتهم، وخاصة الأطفال الذين تعاني بلدانهم من النزاعات والحروب، مشيرة إلى أن الألعاب تساهم في تحقيق الأمان النفسي لديهم وتنمي حس المسؤولية وتدعم اندماجهم في المجتمع.
وذكرت قصة الطفلة «هدى» ذات الأربع سنوات، اللاجئة السورية على الحدود التركية التي حاول أحد المصورين التقاط صورة لها بكاميرته، إلا أنها شعرت بالذعر ورفعت يدها للأعلى ظنا منها بأنها سلاح، مشيرة إلى وجود 4 ملايين لاجئ سوري نصفهم تقريبا من الأطفال.
وجاءت فكرة مبادرة «ألعاب بأجنحة» خلال زيارة الحيمود لأحد مخيمات اللاجئين السوريين في الأردن لإعداد تقرير تلفزيوني حول تأثير اللاجئين السوريين على الاقتصاد الأردني، حيث اطلعت على معاناة الأطفال وحرمانهم من ممارسة حقهم في اللعب والاستمتاع بطفولتهم وبراءتهم، فقررت أن تطلق هذه المبادرة بمباركة من والدتها وأهلها وأصدقائها وزملائها في العمل، وقامت بتوزيع الألعاب للمرة الأولى على الأطفال في مخيمي صبرا وشاتيلا في لبنان.
20 ألف بسمة
ونجحت المبادرة في رسم 20 ألف بسمة على وجوه الأطفال من خلال توزيع أكثر من 20 ألف لعبة في كل من الأردن ولبنان وفلسطين وسوريا والعراق والسعودية والإمارات وكينيا وجيبوتي بمساعدة متطوعين من 20 دولة حول العالم، وفي شهر رمضان المبارك قامت بجمع تبرعات وصلت إلى 100 ألف درهم من خلال سحور خيري أنقته لشراء 4 آلاف كسوة تم توزيعها في عيد الفطر الماضي على الاطفال اللاجئين في الأردن والأيتام في الإمارات.
وتم عرض أغنية بعنوان «شباك الأمل» ألفها الشاعر والإعلامي اللبناني زاهي وهبي، أدتها الفنانة الأردنية هند حامد، اللذان قاما بإهداء الأغنية لصالح هؤلاء الأطفال.
قصة نجاح
وحملت قصة النجاح الثالثة عنوان «خسرت مليوناً.. لأكسب ملايين»، وانطلقت القصة من رسمة على المحارم الورقية إلى العالمية، ليؤكد أن الفشل قد لا يأتي في بداية الانطلاق في عالم ريادة الأعمال، حيث نجح بتأسيس 5 شركات وتوصل إلى حل إلكتروني متكامل يؤمن تماماً بأنه سيغير مجرى التجارة الإلكترونية في الخليج، بعد أن قامت شركة أرامكو السعودية بتمويل كامل المشروع، وأصبح ينتمي إليها ما يقرب من 6000 عميل حول العالم.
ولم يثن الفشل عبدالعزيز الجوف من المملكة العربية السعودية المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة PayTabs عن طموحاته وأحلامه ورغبته في التغيير التي شجعته عليها والدته التي كانت دائما تقول له ان التغيير ميزة وليس عيبا حين قرر أن يغير تخصصه الجامعي بعد عامين من الدراسة، ثم حصل على 3 شهادات مختلفة، لينتقل بعدها إلى أميركا ليتفاجأ بأن كل هذه الشهادات غير معتمدة وأنه إذا أراد استكمال دراسته فعليه أن يبدأ من جديد.
ويعتبر عبدالعزيز الجوف صاحب هذه القصة من أبرز رواد الأعمال في السعودية والمنطقة، وهذا يتجلى من خلال تجربته الشخصية بعد مرحلة الفشل التي واجهها بعد تحقيقه لمبلغ مليون دولار في وقتٍ قصير عندما أسس شركة في الولايات المتحدة الاميركية، أثناء دراسته هناك، وسرعان ما بدأت تجني الأرباح، لكنّ الفشل كان نصيبه في فترة من الفترات، لكنه تعلم منه درساً مهما لم يُثنه عن طموحاته بل كان دافعاً لنجاحاته لاحقا.
استثمار الطاقة
وتوصل عبدالعزيز إلى قناعة كاملة بأن نجاحه لن يكون إلا في بلده، في حال آمن بقدرته على التغيير واستثمار طاقته، حث تنقل لعدة بلدان قبل أن يبدأ المسيرة من جديد مع والده، ليؤسس شركة برأسمال لا يتعدى المليون ريال سعودي ويصل بها إلى 65 مليونا في فترة لا تتعدى العامين فقط، ليستقل بذاته مرة أخرى بمبلغ 500 ألف ريال فقط، وبعد أكثر من ثماني سنوات من السعي الحثيث والإيمان بأفكاره وأحلامه عمل عبدالعزيز في قطاع التجارة الإلكترونية في عام 2008 وأسس موقع التسوق الإلكتروني الأول في السعودية (Saletab) ومر بالكثير من التجارب والتحديات الملهمة ضمن عمله في مجال حلول التجارة الإلكترونية، وأسس شركة (ExTabs) اللوجستية وبوابة الدفع الإلكتروني (PayTabs) من أجل دعم ريادة الأعمال وقطاع المدفوعات الالكترونية في السعودية والشرق الأوسط.
عقول وأفكار كالأقمار
واستعرضت الجلسة الرابعة «عقول وأفكار كالأقمار»، والتي شارك فيها كل من سارة الأميري وإبراهيم القاسم، التجربة الإماراتية في مجال استكشاف الفضاء، والدور القيادي والملهم الذي يلعبه الشباب الإماراتي في وضع الدولة في مصاف الدول المتقدمة في مجال علوم الفضاء خلال السنوات المقبلة.
وتحدث إبراهيم القاسم مدير مشروع «نايف-1» أول قمر صناعي إماراتي جامعي عن تجربته في العمل في مجال الفضاء، وتطرق إلى تجربته التي تعتبر مثالا ناجحا للشباب الإماراتي والعربي الطامح نحو مستقبل مشرق بفضل إصراره على النجاح ومواجهة الظروف والتحديات مهما صعبت.
وقال تخرجت من جامعة الإمارات بشهادة البكالوريوس في التمويل عام 2010، ولم تكن هناك فكرة أو تصور للدخول في مجال الفضاء، ولأنه ليس هناك شيء مستحيل فإنا اليوم أعمل كمدير قمر صناعي وهذا ممكن أن يتحقق مع كل طالب جامعي.
وأشار إلى أن المشروع واجه الكثير من المشكلات والتحديات في بدايته، إلا ان الإصرار والرؤية الواضحة كانا الهاجس لمواصلة العمل، حيث تم قبل ثلاث سنوات توقيع اتفاقية مع الجامعة الأميركية في الشارقة، واتفاقية أخرى مع شريك تطبيقي لتزويد المشروع من الناحية اللوجستية وخدمات ضمان الجودة، وتم البدء بمشروع نايف-1 كأول قمر صناعي جامعي لدولة الإمارات. وفي الثاني من سبتمبر 2015 تم الانتهاء من التركيب والاختبار في مختبرات مركز محمد بن راشد للفضاء، ويتوقع إطلاقه إلى الفضاء في منتصف عام 2016.
واختتم القاسم حديثه بأنه تم وبنجاح تجريب المشروع وأن نايف-1 يضم في مقدمته قصيدة للشاعرة الإماراتية عوشة السويدي، وبذلك تكون أول قصيدة إماراتية تصل للفضاء، داعياً جميع الشباب لتمثل رؤية قيادة دولة الإمارات في الوصول إلى المراتب الأولى عالمياً.
مسبار الأمل
بدورها تحدثت سارة الأميري نائب مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ وقائد الفريق العلمي عن تجربتها وبدأت حديثها بمخاطبة الحضور بأن الفضاء واكتشاف الفضاء هو الأمر الذي لم أكن أجرأ بالحديث عنه، إلا أنه كان التخصص الذي بدأت فيه أولى خطوات النجاح، والذي تمكنت فيه من تحقيق الإنجازات مع فريق التشغيل الأولي للقمر الاصطناعي دبي سات1، والذي يعتبر أول قمر اصطناعي يشارك فيه نخبة من المهندسين المتخصصين في مجال الفضاء.
وقالت قصة نجاحي بدأت عندما باشرت بالعمل في مشروعي دبي سات 1 ودبي سات 2 كمهندسة برمجيات، وتكليفي بمهام قيادية وتأسيس أعمال البحوث الاستراتيجية والمساهمة في إنشاء برامج جديدة تتوافق مع استراتيجية القيادة في تطوير قطاع العلوم والتقنية المتقدمة للدولة.
وبينت أنه وخلال عملها تم توجيه أسئلة لها حول إمكانية أن يصل فريق من الإمارات إلى المريخ في العام 2021 وبالتزامن مع اليوبيل الذهبي لدولة الإمارات، وأشارت إلى أن الدراسات أكدت امتلاك الإمارات لجميع الإمكانات للوصول إلى المريخ والذي يحتاج من 5 إلى 6 سنوات أي بالتزامن مع احتفال الدولة باليوبيل الذهبي لتأسيسها، ولتضيف الإمارات بذلك إنجازاً جديداً من إنجازاتها وبما يعزز من مكانتها عالمياً في هذا المجال.
تجارب الأداء الإلكترونية
أعلنت اللجنة المنظمة للمبادرة عن استمرارية استقبال تجارب الأداء الالكترونية لإتاحة الفرصة بشكل أكثر أمام الشباب العربي والمواهب الواعدة الموجودة في كل أنحاء العالم للتعريف بأنفسهم وإلهام بني جيلهم بتجاربهم، وبما يسهم في إحداث تأثير إيجابي في حياة الناس أو المجتمع المحلي والعالمي، وذلك من خلال الموقع الالكتروني للمبادرة dardachatarabia.ae.www.
وتهدف مبادرة «دردشات عربية» إلى توفير منصة مميزة لاستقطاب المبدعين وأهم الشخصيات الملهمة في العالم العربي، وإتاحة المجال أمام المواهب الجديدة لعرض أفكارها وإنجازاتها، وتوفير كافة سبل الدعم لأصحاب الأفكار الخلّاقة والتي تساهم في دفع عجلة مسيرة التنمية، ونشر التفكير الإيجابي في المجتمع على الصعيد المحلي والعربي.
وتركز المبادرة على مجموعة من المحاور الرئيسية تتضمن الأفكار الإبداعية، والتطور التكنولوجي، والمشاريع الريادية، وغيرها.
معاذ الخلف: 80 %من رسالة الدكتوراه كتبتها على فراش المرض
في الجلسة الثانية بعنوان «كيف تقف مرة أخرى» استعرض معاذ عبدالله الخلف أستاذ مساعد في كلية علوم الحاسب والمعلومات بجامعة الملك سعود، التحديات التي واجهته للحصول على أفضل رسالة دكتوراه في هندسة البرمجيات لعام 2015.
وقال إن تجربته مع المرض العضال وصعوبة تحصيل شهادة الدكتوراه بالاعتماد على الصبر والثقة بالنفس ودعم الزوجة والأصدقاء قادته للحصول على أفضل رسالة دكتوراه في هندسة البرمجيات لعام 2015، ليصبح بذلك شخصية ملهمة تؤكد أن الشباب العربي قادر على التألق والنجاح مهما صعبت الظروف، مجسدا بذلك الطموح الكبير للشباب العربي والرغبة في الدراسة والتحصيل العملي والمساهمة في تقدم الإنسانية والقدرة على الوقوف في وجه الصعاب للوصول إلى الهدف.
واستطاع معاذ التغلب على ظروف مرضية قاسية أثناء فترة الدراسة وأصر على الاجتهاد والعمل الجاد، وجاءته فرصة المشاركة في أول مؤتمر عام 2010 بقبرص، وتمكن مع زميله التايواني فانغ يو في عام 2011 من نشر بحث في مؤتمر ICSE الذي يعد أحد أكبر وأهم المؤتمرات في مجال هندسة البرمجيات. وفي نهاية عام 2012، بدأ يشعر معاذ بآلام شديدة في عضلات الرقبة، وبدأت آلام العضلات تشتد وتنتشر بحيث لم يعد يستطيع فيها الجلوس أو الوقوف مطولاً عندها توقف تماماً عن البحث والذهاب إلى الجامعة، وقام بشراء طاولة وتركيبها بطريقة للعمل وهو مستلق على ظهره، وبدأ بعدها علاجاً طبيعياً في الماء استمر لمدة 9 أشهر حتى انتهائه من رسالة الدكتوراه في عام 2014، منوها بأن 80 % من رسالته تمت كتابتها وهو على الفراش اثناء مرضه وتتألف من 280 صفحة.
وأوضح أنه يعمل كأستاذ مساعد وعضو هيئة تدريس علوم الحاسب الآلي والمعلومات بكلية علوم الحاسب والمعلومات بالسعودية. وهو حاصل على شهادة دكتوراه من قسم علوم الحاسب في جامعة كاليفورنيا سانتا باربرا في تخصص التحقق من البرمجيات في عام 2014، وشهادة الماجستير من قسم علوم الحاسب في جامعة كاليفورنيا سانتا باربرا في تخصص التحقق من خدمات الشبكة العنكبوتية في عام 2008، وشهادة البكالوريوس مع مرتبة الشرف الأولى من قسم علوم الحاسب في جامعة الملك سعود في عام 2003.
وأكد أن نجاحه لم يكن لولا الدعم الذي حظي به والذي شجعه على عدم الاستسلام والمثابرة لتحقيق الهدف، وقال «أبطال قصتي هما والداي وهما من علمني الكفاح والإصرار، والبطل الثاني هي زوجتي العزيزة التي وقفت معي أثناء محنتي، أما بطلي الثالث فهو مشرفي خلال دراستي العليا».
«الكرسي الأزرق»
توجه المتحدثون بعد الانتهاء من جلساتهم إلى منصة «الكرسي الأزرق» للتواصل مع الجمهور وجهاً لوجه والإجابة عن استفساراتهم بشكل مباشر، وشهدت المنصة تفاعلاً من قبل الحضور وأتاحت لهم فرصة التفاعل مع الشخصيات المؤثرة والملهمة من المتحدثين وجهاً لوجه والتعلم من دروس النجاح.