«ميغل أنخل أستورياس».. الحكاء الأول الذي لم تتذكره بلاده
«لماذا يتعين على الأشجار أن تكون عطشى حين ينهمر المطر» أشهر كلمات الأديب والشاعر الغواتيمالي ميغل أنخل أستورياس، الذي لم تتذكره بلاده سواء في ذكرى مولده أو ذكرى وفاته بعد أن قدّم لها الكثير من الأمجاد الأدبية ذات الصبغة العالمية، والتي جعل إسمها يتردّد في مختلف المحافل، والأكاديميات، والمعاهد، والجامعات العالمية، ولد في 19 أكتوبر 1899 في مدينة غواتيمالا، حصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1967، وكان أنخل أستورياس من أوائل الروائيين في أمريكا اللاتينية الذين تناولوا موضوع الاستبداد وتبعه في ذلك كثير من الروائيين.
أدت الشهرة التي عرف بها أستورياس في معارضته للحكم الديكتاتوري إلى قضاء معظم حياته في المنفى سواء كان ذلك في أمريكا الجنوبية أو في أوروبا. وبعد عقود من النفي والتهميش حصل أستورياس على شهرة واسعة النطاق في عقد الستينيات من القرن العشرين. وتوفي في 9 يونيو 1974 في مدريد.
ساهم أستورياس في تأسيس الجامعة الشعبية لجواتيمالا لمنح الغير قادرين فرص التعليم خاصة الذين لم يستطيعوا الإلتحاق بالجامعة الوطنية بجواتيمالا ليساهم في نشر التعليم لغير القادرين ليكون بحق دون إشارة لذلك في كتب التاريخ و الأدب أن أستورياس رائدًا للتعليم المجاني بجواتيمالا.
في العام 1923 سافر أستورياس إلى أوروبا بادئًا جولته بلندن لدراسة الاقتصاد و لكن لم يمكث بها سوى أشهرًا معدودة لينتقل إلى باريس لدراسة القانون الدولي العام و إذ بدراسة علم السلالات تخطفه من دراسة القانون في السوربون و تعرف على أستاذه الروحي و الجامعي جورج راينود الفرنسي المتخصص في دراسة ديانات المايا و قام أستورياس بترجمة الكتاب المقدس لشعوب المايا بعنوان (أساطير من جواتيمالا) و صدر بالإسبانية العام 1930 بمدريد و ترجم للفرنسية مع مقدمة بقلم الشاعر الفرنسي بول فاليري الذي أعجب بهذه الأشعار و الحكايات و الأحلام ناصحًا أستورياس بأن يعود لوطنه الأم ليغترف منها المزيد حتى لا يصبح مجرد مقلدًا بباريس.
إستمرت رحلة باريس عشر سنوات من العام 1923 حتى العام 1933 و أثناء تلك السنوات عمل محررًا ببعض الصحف اللاتينية و تنقل كصحفي رحالة ما بين أوروبا و الشرق الأوسط و اليونان و مصر و في العام 1928 عاد لجواتيمالا ليقوم بإلقاء محاضرات بالجامعة الشعبية التي وضع لمساته الأدبية الوطنية في تأسيسها و كانت عنوان المحاضرات التي ألقاها (العمارة في حياتنا العصرية) و بعدها عاد لباريس و كان إصدار كتابه (أساطير من جواتيمالا) في العام 1930 ثم حصول كتابه على جائزة (سيلا مونسيجير) التي تمنح للكتب الأمريكية و الإسبانية المنشورة بفرنسا في العام 1931.
المصوّر الفوتوغرافي الفرنسي الشهير» هنري كارتيير بريسّون» الذي أخذ صورا تاريخية نادرة وفريدة لشخصيات عالمية تاريخية شهيرة أمثال بابلو بيكاسو،وهنري ماتيس، وماري كوري، وإيديث بياف،وفيديل كاسترو، وتشي غيفارا، وسواهم كذلك خلّد كاتبنا الكبير ميغيل أنخيل أستورياس في صورة رائعة لأهمية ومكانة هذا الكاتب والروائي الكبير في العالم.
من أهم وأشهر رواياته «السيد الرئيس، رواية ساخرة يصف فيها حياة الشعب في ظل حكم دكتاتور لا يرحم، والريح القوية، وقد اعترف ميغيل أنخيل أستورياس أنه عندما كان يكتب روايته «السيّد الرّئيس» لابّد أنه قد تسرّب إليها من خلال جلده جوّ الرّهبة، والهلع، والخوف، والقلق، وإنعدام الأمن، والذّعر الأرضي الذي يتخلّل الرواية» وهي تعالج ببراعة فائقة، وفنيّة عالية سردا، وتحليلا، وبإنتقاد لاذع، وسخرية مرّة المرحلة التي عاشتها بلاده إبّان حكم الدكتاتور «مانويل إيسترادا كابريرا» خلال العقدين الأوّلين من القرن العشرين، لا يظهر إسم « إيسترادا» في هذا التصّ الروائي، إلاّ أن هناك إشارات وإيماءات عديدة ترمز لهذا الدكتاتور.
ومن أعماله الناجحة في حقل القصّة القصيرة، «نهاية أسبوع في غواتيمالا عام 1955»، و«مرآة دي ليدا سال عام 1967»، و«ثلاثة من أربعة شموس 1971» بالإضافة إلى أعمال إبداعية أخرى في مجالات المسرح، والشعر، والدراسات،التاريخية، والأنثروبولوجية، والاجتماعية، والسياسية.
شارك أستورياس في آخر حياته في مؤتمر السلام في هلسنكي وفي محادثات جامعة داكارعن الزنوج وأمريكا اللاتينية، وكان يصرّ على ضرورة خلق تفاهم دولي حول شرعية الثقافات الخلاسية.