يمكنُ اعتبار إصدار مجلة «كاميرا» حدثاً استثنائياً، ليسَ لأنها الأولى عربياً تختصّ بفن الصورة السينمائية والفوتوغرافية، بل ربّما لتأخّر صدور مطبوعة من هذا النوع في بلد يُعتبر قِبلة السينما في العالم العربي، فللصورة علاقة راسخة مع المصريين تعود إلى الرسوم المتكرّرة على جدران المعابد المصرية القديمة والتي تُعتبر من أشكال التعبير الأولى عن فكرة السينما عبر التاريخ، حسب ما يؤكد المؤرخ الأميركي ديمس تايلور في كتابه «تاريخ مصور للسينما» الصادر في نيويورك 1943.
مجلة «كاميرا» هي أول مجلة تختص بتفاصيل وجماليات الصورة السينمائية في الشرق الأوسط، وتشمل كل أنواع التصوير الضوئي، مع التركيز على جميع أشكال الكاميرات الفوتوغرافية والسينمائية والفيديو والتصوير الرقمي. تحاكي نماذج غربية سبقتها، كمجلة Cahiers du cinema «كراسات السينما» الفرنسية، و Cinema Editor «محرّر السينما» الأميركية.
أطلقت مجلة «الكاميرا» الجمعة 2 أكتوبر، خلال حفل استضافته الأوبرا المصرية برعاية وزارة الثقافة ومشاركة عدد من مبدعي الصورة ونجوم السينما في مصر، على رأسهم رمسيس مرزوق فنان ومدير تصوير، الذي أطلق فكرة المجلة منذ خمسة عشر عاماً. مرزوق صاحب تاريخ زاخر من الإبداعات السينمائية والفوتوغرافية، فاستحقّ أن يكون اسمه في موسوعة «100 سنة سينما» التي أعدّتها أكاديمية الفنون بإنكلترا كواحد من أهم السينمائيين في العالم.
«المجلة إصرار عددٍ من محبّي فن التصوير الضوئي وحرصهم على إصدار مجلة تنشر هذه الهواية بين القراء وتغذّي المهتمّين والمتخصصين بالمعلومة والصورة والخبر على امتداد الوطن العربي»، قال مرزوق، مشيراً إلى أن المجلة تعكس نشاط مَن يعمل في هذا الفن على مستوى الأفراد والنوادي والجمعيات، وأيضاً المعامل والشركات والوكلاء، بهدف السموّ بهذا الفن عند الهواة والمحترفين.
«كاميرا» هي خلاصة تضافر مجموعة من الجهود والخبرات، يتصدّرهم الدكتور صديق عفيفي الذي موّل المشروع، آملا أن تتحول المجلة إلى مؤسسة تضم مهرجاناً ومسابقات أيضاً، إلى جانب الدكتور رمسيس مرزوق، رئيساً لمجلس الإدارة، في حين استلمت رئاسة التحرير الصحافية إقبال بركة، كاتبة لها تاريخ زاخر من الصحافة والتأليف، عُرفت بمناصرتها للمرأة وقد أسست سابقاً جمعية السينمائيات المصريات. كما تطوّع عدد من الشباب المصري الموهوب والمهتم بالصورة، في إصدار العدد الأول للمجلة منهم أحمد شبيطة وحاتم سيد، ورغدة بهنسي، وأمنية كمال.
العام 1894 ميلاد الصورة السينمائية من خلال جهاز «بانتاسكوب» اخترعه لعرض الصور الثابتة على نحو متوالٍ، اخترعه شارلز فرانسيس جينكيز (1867-1934) وطوّره إديسون ليعرض على الجمهور لأول مرة في نيويورك 1895، لتبدأ بعدها رحلة السينما عبر العالم والتي كان للصناعة المصرية باع كبير فيها، من خلال مخرجين ونجوم ومصوّرين أثروا السينما العربية بإنجازاتهم، نذكر من مدراء التصوير خلال العقود الأخيرة، أحمد خورشيد، فيكتور أنطون، كاليليو، عبد العزيز فهمي، وديد سري، محمود عبد السميع، سمير بهزان، محسن أحمد، نزار شاكر، محمود لطفي.
الفنان محمد لطفي أكد خلال الافتتاح أهمية المصوّرين وإنجازاتهم عبر تاريخ السينما، مشيراً إلى أهمية تأسيس مجلة عربية ترصد تفاصيل الصورة السينمائية والفوتوغرافية وتطوراتها، واعتبر هذه المجلة سنداً ثقافياً داعماً للصورة في الوطن العربي.
«الفن السابع» مجلة شهرية سبقت «الكاميرا» في مواكبة الأعمال السينمائية العربية وتحليلها ونقدها، أصدرها العام 1997 الفنان محمود حميدة، لكنها لم تستمر سوى أربع سنوات. الفنان محمود حميدة أكد صعوبة هذه التجربة باعتبارها متخصصة، لافتاً خلال الافتتاح إلى ضرورة دعم مجلة «الكاميرا» من قبل وزارة الثقافة كي تستمرّ.
استهلّ العدد الأول من مجلة «الكاميرا» مقالاً تحليلياً كتبه الدكتور ماهر راضي حول الصورة الدرامية في الأفلام، مسلّطاً الضوء على فيلم «الهروب من الخانكة» لتحليل الصورة فيه من خلال الضوء واستخدامه للتعبير عن دراما الفيلم. كما احتوى العدد الأول باباً حمل عنوان «ذكرياتي مع التصوير الضوئي» يسترجع من خلاله الفنان ذكرياته مع الصورة السينمائية أو الفوتوغرافية، وكانت بقلم الدكتور عادل جزارين متحدثاً عن تجربته مع رحلته من دراسة الهندسة الميكانيكية إلى عشق الفوتوغرافيا والتخصّص فيها. «انترفيو» باب آخر يُلقي الضوء على قامات التصوير السينمائي والفوتوغرافي في مصر، والحوار الأول كان مع الدكتور سمير سعد الدين، أستاذ الفوتوغرافية وصاحب مدرسة الاختزال.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ