الكاميره الشمسيه يصنع اغلب جسمها من الخشب واكبتها لااكثر من خمسين سنه وهي دخلت العراق في عام 1913وتعتبر هي الة تصوير ومختبر كيميائي في نفس الوقت وتعتمد على ضوء الشمس
تمت إضافة 5 صور جديدة من قبل المــوروث الشعبــي العراقــــي / رحيم المبارك.
الكاميرا الخشبية القديمة :
منذ أقدم العصور و الإنسان يسعى دائماً إلى حفظ صور حياته ، فبدأ
بالرسم على جدران الكهوف .. ثم قام بالرسم على الجدران العامة .
حتى توصل العالم العربي العراقي الحسن بن الهيثم إلى اختراع الكاميرا البدائية في كتابه المناظر بين عامي ( 1015 ــ 1020 ) ميلادي .
وكانت الكاميرا في ذلك العصر عبارة عن صندوق كبير به فتحة صغيرة تدخل إليها الصورة وتتثبت معكوسة على الجدران .. وأخذت ا.لكاميرا وعلى مر العصور والأزمان في تقدم وتطور ولم تتوقف هذه العملية إلى يومنا هذا .
واليوم وفي هذا البحث نتناول واحدة من الكاميرات القديمة التي لعبت دوراً مابين منتصف القرن الماضي ونهاياته ..
ماهي الكاميرا القديمة ؟
المقصود بالكاميرا القديمة هي الكاميرا الخشبية القديمة التي تلتقط الصـورة في الهواء الطلق في النهار وتحت ضوء الشمس ومن دون رتوش و تسمى صورتها بـ( الصورة الشمسية ) التي تُستخدم للمعاملات الرسمية وللدوائر الحكومية لأنها تعتبر أسرع كاميرا للصور في ذلك الوقت لتظهر الصور بالأسود والأبيض فقط .
ومن الجدير بالإشارة اليه كانت هناك كاميرا وحيدة في مدينتي الصغيرة – الشنافية – للمرحوم مزهر عبود رسولي ( ابو عادل ) وقد عمل عليها من بعده كل من ولديه عادل وسمير ، وكانت هذه الكاميرا تلبي احتياجات أهالي الناحية آنذاك .
إن نشاط ومكان تواجد هذه الكاميرا كان عادةً قرب الدوائر الحكومية الرسمية في المدن الكبيرة وبأعداد تنافسية كثيرة لتسهيل وتسريع معاملات الناس المطلوبة لها الصور لمعاملاتهم .
وغالباً ما تنتقل هذه الكاميرا إلى ساحات المدارس في ذلك الوقت بأمر من إدارة المدرسة لإلتقاط الصور الشمسية للتلاميذ الجدد الذين سجلوا تواً في المدرسة اختصاراً للوقت ومعاونةً لبعض أمور التلاميذ الفقراء والمحتاجين آنذاك .
تعتبر الكاميرا الخشبية سيدة الظرف والموقف والزمان والمكان في ذلك الوقت وبقيت منتصبة على أرجلها الثلاث أمام جدار قديم تغطيه وتستر عيوبه تلك القطعة السوداء من القماش ليتواجد بينهما ذلك الكرسي المهلهل البالي القديم مكاناً لجلوس الشخص المطلوب التقاط الصورة له .
بقيت الكاميرا على هذه الحالة مؤدية واجبها المطلوب وهي تنازع أيامها الأخيرة حتى الثمانينات من القرن الماضي .
وهذه الكاميرا هي عبارة عن صندوق خشبي محكم ضد الضوء تستند على ثلاثة مساند تشبه الأرجل قابلة للارتفاع والانخفاض حسب الحاجة كما قلنا .. وفي مقدمة هذا الصندوق ثقب تدخل من خلاله الأشعة الضوئية المنعكسة من ذلك الشخص المراد تصويره وهو يجلس أمام الكاميرا لتمر عبر الثقب مكونة صورة مقلوبة له على الجدار الداخلي للصندوق الذي فيه مجر خاص على شكل حاوية صغيرة للمواد الكيمياوية التي تتفاعل مع ورق التصوير لطبع الصورة فيقوم المصور بسحب المجر لإخراج الورقة وغسلها بتلك المواد لتثبيت الصورة ومن ثم إخراجها صورة معكوسة الجوانب والألوان أي يكون الأبيض اسود والأسود ابيض وتسمى ( الجامة ) ..
بعد ذلك يقوم المصور بلصقها مقلوبة على الخشبة المعدة لذلك والمتحركة إلى الأمام والخلف أمام العدسة أشبه بالسلايد ليفتح العدسة عليها وذلك برفع غطاءها ليلتقط لقطة ثانية للصورة لكي تكون حقيقية وبالعد المطلوب للوقت تصبح الصورة الحقيقية جاهزة يستخرجها من المجر الخاص لذلك وهي متلاصقة ليقوم بفصلها بواسطة المقص كل صورة على حده .
ترافق الكاميرا قنينة المواد الكيمياوية وكذلك المقص لقص الصور به ..
ومن الملاحظ نرى انه غالبا ما تكون أصابع يد المصور وأظافره مصبوغة باللون البنفسجي من جراء العمل بتلك المواد الكيمياوية والذي لا يمكن إزالته بسهولة بسبب استمراره بالعمل .
وعند حضور احد الأشخاص طالباً التقاط صورة شخصية له ، يأمره صاحب الكاميرا أن يجلس على الكرسي المخصص للجلوس ليقوم بتعديل جلسته وهيئته وكذلك تعديل وضع رأسه أما برفعه أو خفضه وإغلاق أزرار ثوبه المفتوحة وتعديل عقال رأسه أو إعطائه مشطاً لتصفيف شعر رأسه إذا كان حاسر الرأس .. ثم يذهب المصور ليرى جلسة الشخص من خلال الكيس الأسود الطويل المفتوحة نهايته .
فيعود المصور ويرفع غطاء العدسة لفترة وجيزة تقدر بالعد أرقاما في نفسه من 1 إلى 5 أو أكثر ، أو برهة من الوقت على ما أظن ويغلقه بعد التقاط الصورة ..
يقوم المصور بالنظر بعين واحدة من خلال الفتحة المتحركة والموجودة أعلى الصندوق الخشبي .. ويده ممتدة داخل الكيس الطويل الأسود لتكمل بقية خطوات الصورة والعدد المطلوب ..
وفي النهاية يقوم المصور بإخراج الصور بالأسود والأبيض على شكل قطعة واحدة فيقوم بالقص وفصل الواحدة عن الأخرى بواسطة المقص الخاص به ومن ثم ينشفها معرضاً إياها إلى الهواء .. ثم يسلمها لصاحبها قابضا حينها منه الثمن المطلوب وهو خمسون فلساً عن كل صورة آنذاك .
هذا إذا مرت عملية التصوير بنجاح ، أما إذا كانت فاشلة وغير سليمة فيعبر عنها المصور قائلاً ( صورتك طلعت محترگة ) أو ( احترگت صورتك ) فيطلب من زبونه العودة مرة أخرى للجلوس على الكرسي ليأخذ له لقطة جديدة أخرى ليتبع الخطوات السابقة نفسها من جديد .
والكثير من الناس في ذلك الزمن كانوا لا يسمون الصورة صورةً وإنما يســـمونها ( العكس ) بقولهم ( هذا عكس فلان ) أي صورة فلان باعتبارها لقطة معكوسة من صاحبها أي تعكس ملامحه وشخصيته .
إن الكثير من العائلات العراقية تحتفظ لأقاربها ببعض الصور الشمسية وخاصة الأموات منهم لتبقى صورهم الشمسية محفوظة للذكرى في البومات العائلة .. ومنهم من يعتز بتلك الصور التاريخية فيقوم بتكبيرها أما عن طريق التخطيط اليدوي لها ، أو تكبيرها بواسطة الفانوس السحري المصنوع باليد أو بالكاميرات البدائية الخاصة .
ومنهم من يقوم بتكبير وتلوين تلك الصور لتصبح صورة ملونة لدى بعض المصورين المختصين بذلك ومن الاشارة اليه بالذكر الأستاذ الفاضل عبدالحميد الغبان ( ابو أمجد ) أطال الله تعالى بعمره الذي لازمته مهنياً وفنياً واجتماعيا ، فقد كان دقيقا في عمله الى درجة عالية جداً ..
يقوم محبي أصحاب الصورة هذه واعتزازا منهم بها بتزجيجها وتأطيرها وتعليقها في غرف الاستقبال في بيوتهم بعد إضافة الاسم وتاريخ الوفاة وكتابة كلمة الفاتحة عليها ووضع الشريط الأسود في الزاوية العليا اليسرى باعتبار إن صاحبها متوفى .
واليوم وبعد أن حصل التطور العلمي وتوفرت أنواع الكاميرات الحديثة وكثرت محلات التصوير (الأستودوهات ) في المدن ودخلت الإلكترونيات بقوة وأحدثت قفزة نوعية في عالم التصوير والتلوين أضف إلى ذلك وجود أجهزة الموبايل المتطورة والمختلفة النوعيات والشركات لم نعد نسمع للكاميرات القديمة وجودا ولا حتى أثرا لها يذكر واختفت عن الوجود بسرعة البرق .
لتبقى الكاميرا الخشبية الشمسية القديمة شيئا من التاريخ الماضي العتيق ، ويصعب أحيانا تذكرها وحتى على الذي يبحث في الكتابة عنها .
بقيت الكاميرات القديمة وستبقى موروثاً شعبياً ، ونوعا من أنواع التحف النادرة لمن يستهويها …
…….. عن كتاب الموروثات الشعبية العراقية / رحيم المبارك