إعلاميون شباب على خط نار جبهات الحرب في اليمن
أَضغط هنا لمشاهدة الصورة بحجمها الأصلي
*يمن برس – الخليج أونلاين
في الوقت الذي تغيب فيه أغلب وسائل الإعلام عن جبهات القتال في اليمن، مع تغطية محدودة لبعضها، برزت فئة متحمسة من الإعلاميين المتطوعين الشباب، لنقل أخبار الحرب بالنص والصورة والفيديو، بشكل يومي وآني، وتحولت صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي إلى مصدر رئيسي للأخبار، حتى بات مراسلو بعض وسائل الإعلام الخارجية داخل اليمن يعتمدون في تغطيتهم على هؤلاء الشباب لتزويدهم بالأخبار العاجلة وأحياناً بالفيديوهات الساخنة.
– حب مهنة المتاعب
محافظة مأرب النفطية التي تقع شمال شرق البلاد، وتشهد هذه الأيام معركة الحسم بين المقاومة الشعبية مع التحالف العربي المساند لها ومليشيا الحوثي والمخلوع صالح، من المناطق الساخنة بالنسبة للأحداث، لكن قلة من الصحفيين من يذهبون إلى هناك لتغطية الأحداث. في ظل هذا التهميش الإعلامي برز إعلاميون شباب من أبناء المحافظة يعملون على نقل الأحداث للعالم، منهم عبد الله القادري الذي أصيب مرتين خلال الأيام الماضية وهو يوثق الحرب الدائرة هناك.
عبد الله تحدث لـ”الخليج أونلاين” عن دوافعه لتأدية هذه المهنة الخطرة، وقال: “ما يدفعني هو واجبي ومهمتي التي ارتضيتها من البداية ونقل الحدث كما نراه لا كما نسمعه، فنحن الصحفيين أوكلت إلينا مهمة نقل الأحداث، ووجدنا أنفسنا أمام الآلاف من البشر، بل أمام عالم بأكمله، ينتظر الأخبار ويتحرى الدقيق منها، وذلك بحكم عملنا وتعاوننا مع عدد من وسائل الإعلام المحلية والدولية”.
– مقاومة الانقلابيين
أسباب أخرى غير تلك المرتبطة بالمهنة؛ دفعت بأحمد الباشا لأن يكون أحد الإعلاميين الذين يعملون في تغطية المعارك التي تشهدها مدينة تعز وسط البلاد، حيث يقول: “إنه بالإضافة إلى ارتباطي المبكر بالتصوير حتى أصبح لي هوية وثقافة، فإني كمواطن يمني رافض لحكم المليشيا الانقلابية كان لا بد لي أن أخرج بسلاحي “الكاميرا”، فحملت عدستي ووثقت المظاهرات التي خرجت ضدهم، وكذلك الانتهاكات التي مورست ضد المدنيين حتى بدأت المقاومة المسلحة ضد الانقلاب. لم أتراجع ولن أتراجع أو أتخاذل عن التحدي والهدف الذي خرجت من أجله على رغم المخاطر، ومع أني أعرف أن حياتي في خطر وقد أفقدها في أي لحظة، لذلك الدافع الحقيقي أنني أعتبر عملي الإعلامي مقاومة لتحالف الشر الحوثي وصالح اللذين يريدان تركيع هذا الوطن”.
– مخاطر وإصابة
القادري يحكي أبرز المخاطر قبل إصابته مرتين: “تعرضنا عشرات المرات لإطلاق النار على سيارتنا، وأثناء تقدمنا “للمتاريس” الأمامية تعرضنا لمحاولات قنص، كما سقطت بعض القذائف في محيطنا وفي مرات أصيبت سيارتي برصاص وبرفقتي زميلي (سالم مثنى) ولكن شاءت الأقدار أن لا نُصاب بمكروه”.
وتابع: “أثناء قيامي بجولة في منطقة الجفينة لتغطية معركة شرسة، برفقة قائد أحد المواقع، وفي ختام جولتنا وصلنا إلى الموقع الأخير وكان القصف شديداً وتم استهدافنا بمقذوفات الهاون، وتركت كاميرتي تصور الهاون التابع للمقاومة وخرجت قليلاً وتفاجأت بنفسي طريح الأرض وتم إسعافي نتيجة إصابة الأعصاب في الفخذ اليسرى، وتمت الإسعافات الأولية في مستشفيات مأرب، قبل أن أنقل فيما بعد إلى السعودية ومنها- وبعلاقات شخصية وعلى حسابي الخاص- سافرت إلى مصر، وعُولجت وعدت إلى البلد مجدداً لمواصلة عملي الإعلامي، مع أن قدمي لا تزال متأثرة بالإصابة”.
أحمد يرى أن التصوير من الجبهات القتالية يكسب خبرة عملية في التعامل مع الخطر تدريجياً، ومعرفة المواقع المحظورة والطريق التي يمكن التنقل بها، ويضيف: “أحياناً يكون هناك تصوير لعملية تقدم واستعادة لمواقع جديدة. وبوصفك مصوراً ترافق أفراد المقاومة في العملية، تبقى حياتك في خطر محدق؛ لأنك لا تعلم ما الذي ينتظرك عند دخول الموقع. وكثيراً ما نقع في حصار، لكنا نتبع إرشادات القيادات في تلك اللحظة لحماية أنفسنا حتى يرفع المقاومون الحصار عنا، وأحياناً يلزم أن تجتهد بنفسك خاصة إذا حوصرت أنت ومدنيين”.
– صعوبات واحتياجات
أبرز الصعوبات التي تواجه هؤلاء الصحفيين الشباب هي الطابع الجغرافي والاجتماعي الذي جمع بينهم وبين المقاتلين، ومع ذلك فعبد الله يوضح أن التعرف إليهم مع كثرة الزيارات خفف عنه عديد الصعوبات.
ويضيف أحمد أنّ “من أبرز الصعوبات التي تواجه الإعلاميين في مناطق القتال أنهم يصبحون في دائرة الاستهداف، وكل من يحمل كاميرا هدف للمليشيا، وهذا الأمر يجعل من تحركاتنا حذرة، كذلك نجد صعوبة في توفير الأدوات اللازمة للمصورين خاصة التي نحتاجها للعمل في المعارك منها كاميرات وعدسات ذات بعد أكبر حتى نخفف من الخطر الذي نتعرض له عند اقترابنا من خطوط التماس، بالإضافة إلى أدوات الحماية مثل الخوذ والأوقية الحديدية المخصصة للصحفيين، كما نواجه صعوبات مرتبطة بالكهرباء التي فقدناها منذ أشهر، وكذلك الإنترنت الذي يعتبر الوسيلة الذي نوصل به رسالتنا إلى العالم، والتي من خلالها تصل المواد التي نوثقها للصحف والقنوات الفضائية”.
وتشهد اليمن حرباً برية في عدد من المحافظات، أبرزها مأرب وتعز، بين المقاومة الشعبية ومليشيا الحوثي وصالح الانقلابية، كما يساند المقاومة التحالف العربي المؤيد للشرعية بضربات جوية تستهدف معاقل الانقلابيين ومواقعهم منذ مارس/آذار الماضي، وهو ما أسهم في تحرير عدد من المحافظات وترجيح كفة المقاومة.
وتفتقر التغطية الإعلامية للقنوات للجانب الميداني في المعارك باستثناء عدد محدود من القنوات العربية والمحلية التي توجد في بعض المحافظات، لكنها لا تزال تغطية محدودة ولا تتناسب مع حجم المعارك واتساعها وسرعة تطوراتها.