من حرب فيتنام إلى طفل سوريا الغريق.. الأثر الخالد للصورة الخبرية
انضمت صورة الطفل السوري الغريق أيلان كردي ابن السنوات الثلاث إلى صور خالدة لمآسي البشرية من بيافرا في نيجيريا إلى الحرب في فيتنام لا تزال عالقة بأذهان الناس ، لكن الصورة التي التقطتها المصورة التركية نيلوفير ديمير للطفل السوري وهو يرقد ميتا على شاطيء تركي في قميص أحمر قد تكون غير مسبوقة من حيث الأثر على الرأي العام والتبعات السياسية.
وقالت ديمير التي تعمل لصالح وكالة دوجان الإخبارية متحدثة لمحطة (سي.إن.إن) تورك التلفزيونية “حين أدركت أنه لا شيء بيدي لأفعله يمكن أن يعيد ذلك الصبي إلى الحياة فكرت أن علي التقاط الصورة.. لأظهر المأساة ” ،وأضافت “أتمنى أن يساعد الأثر الذي أحدثته هذه الصورة على إيجاد حل ” .
وانتشرت صورة أيلان كالنار في الهشيم عبر موقع تويتر يوم الأربعاء قبل أن تتصدر الصفحات الأولى للصحف في أنحاء العالم يوم الخميس لتطلق سيلا من المشاعر لدى العامة وتزيد الضغط على الحكومات الأوروبية لتتحرك ، وقال ستيوارت فرانكلين مصور وكالة ماجنوم الذي التقط صورة رجل صيني يقف في مواجهة دبابة بميدان تيانانمين عام 1989 “لا يوجد لدينا مثال أوضح لصورة واحدة أحدثت في ليلة واحدة كل هذا الأثر ” .
وقالت جيني ماثيوز المصورة التي تعمل لصالح وسائل إعلام ومنظمات إغاثة في مختلف أنحاء العالم إن وسائل التواصل الاجتماعي لعبت دورا كبيرا ليس فقط في نشر الصورة بل في نقل مشاعر الناس ، وأضافت “شعر الناس أن بمقدورهم التفاعل مع الصورة بنقل ما شعروا به من حزن ” .
وقال بريت روجرز مدير معرض المصورين في لندن “لدينا هنا صبي يعاني سوء التغذية يرتدي ملابس عصرية.. يبدو وكأنه بقي ليوم كامل على الشاطئ هكذا.
وسرعان ما أصبحت صورة أيلان المروعة تقارن بثلاث صور أخرى دخلت تاريخ التصوير الخبري ، في عام 1969 أثارت صور التقطها دون ماكولين الوعي بالحرب في بيافرا حيث حاولت امرأة هزيلة إرضاع رضيعها الذي يتضور جوعا وأطفال آخرين منهكين في الإقليم الانفصالي الذي حاصرته القوات النيجيرية.
وتحولت الصور إلى لافتات رفعها محتجون اعتراضا على الدعم البريطاني لنيجيريا ، وبعدها بأسابيع اعتبر المغني جون لينون ذلك سببا لإعادة وسام بدرجة فارس منحته إياه الملكة إليزابيث ، في عام 1972 تجسدت ويلات الحرب في فيتنام في صورة التقطها نيك أوت للصبية فان تي كيم فوك ابنة التسع سنوات وهي تركض عارية يتملكها الرعب فرارا من قصف النابالم ، وتصدرت الصورة الصفحات الأولى للصحف الأمريكية رغم تحفظات في ذلك الوقت على نشر صور عارية.
بعدها لم يخف الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون في حديث مسجل تساؤله إن كان المعسكر الرافض للحرب وراء الصورة من أجل أغراض دعائية ، لكن مصداقية الصورة ثبتت بما لا يدع مجالا للشك ، وفي عام 1993 سببت صورة التقطها كيفن كارتر لطفلة سودانية واهنة أسقطها الهزال أرضا بينما يقف نسر بالقرب منها منتظرا صدمة ورعبا فتواصل المئات مع محرري الصحيفة للسؤال عما حدث لها.
وواجه كارتر انتقادات لأنه التقط الصورة بدلا من مساعدة الفتاة ، لكن ما لم يكن معلوما حينها أنه كان قد وصل للتو على متن طائرة تحمل الطعام وأن والدي الطفلة قد وضعاها جانبا من أجل الذهاب والحصول على مساعدات.
وفازت الصورة في العام التالي بجائزة بوليتزر وبعد ذلك بثلاثة أشهر انتحر كارتر ، ومثلما فعلت صورة طفل سوريا الغريق مثلت تلك الصور نماذج لقدرة الصور الثابتة على تجسيد أزمة معقدة مستعصية في رمز بمقدور أي شخص استيعابه.
وقالت ماثيوز “الصور مجردة لا تقدم لك الواقع كاملا ، تقديم معلومات دقيقة قد يصبح صعبا حقا. الناس لا ينصتون بشكل كامل.. ويشعرون بالارتباك. الشيء الجيد في صورة أيلان أنها واضحة تماما. فيها حقيقة واحدة.”
وأزمة اللاجئين إلى أوروبا مستمرة طيلة الصيف لكن هذا الكم الهائل من المقالات الإخبارية والتقارير التلفزيونية التي تظهر المعاناة واليأس لم تكن بهذا القدر من التأثير الذي أحدثته صورة أيلان.
وقال روجرز “تشاهد اللقطات المصورة ولا تعود إليها. تضيع الذكرى سريعا في معظم الأوقات.
“لكن الصورة الثابتة تبقى أمامك.. يمكنك تأملها وتصبح تعبيرا عما يحدث في أزمة اللاجئين.”
وأيضاً صور هزت مشاعر العالم وعلقت في الأذهان..
السوسنة – في جدران الذاكرة تظل صور هؤلاء الأطفال عالقة مهما مرت السنين، صور مؤثرة جسدت لحظات فارقة قي تاريخ الإنسانية، منها هذه الصور السبعة لشهداء أطفال من فلسطين وسوريا وطفلة سودانية تزحف إلى مركز للطعام وبانتظارها نسر ينوي التهامها. ولعل الكل الآن مشدود لما جرى مع الطفل إيلان الكردي الذي لقي حتفه في البحر الأبيض المتوسط أثناء هجرة عائلته في قارب على شواطئ تركيا.
الطفل السوري الغريق، والذي رج الكرة الأرضية بجسده الملائكي الذي تلاعبت به الأمواج، اسمه “إيلان كردي” وعمره ثلاث سنوات
هذه الصورة التي حازت على أعلى جائزة في العالم عام 1993 التقطتها المصور الجنوب أفريقي كيفن كارتر لطفلة في جنوب السودان تزحف إلى مركز الطعام وعبر خلالها عن حالة الجفاف والجوع التي أصابت القارة السمراء. وظلت إلى الآن مؤثرة ومؤلمة لكل من شاهدها.
الشهيدة الرضيعة إيمان حجو هي أيضا أحد أيقونات شهداء الانتفاضة الفلسطينية الثانية إذ لم يتجاوز عمرها الأربعة أشهر حينما اخترقت شظية قذيفة دبابة إسرائيلية جسدها الصغير وهي في حضن والدتها محدثة حفرة بين الصدر والبطن في مايو 2001 في مخيم خانيونس للاجئين جنوب القطاع، وأحدثت الصورة غضبا شعبيا عارما
جريمة الإحراق تكررت بعد أن هاجم مستوطنون منزلا فلسطينيا في نابلس وأضرموا النار فيه وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) أن الطفل الرضيع علي سعد دوابشة، توفي عقب إحراق المستوطنين الإرهابيين لمنزل عائلته، إضافة إلى إصابة والده ووالدته وشقيقه (4 أعوام) بحروق من الدرجة الثالثة، وتم نقلهم لمشافي مدينة نابلس للعلاج.
ووفقا لما نقلت الوكالة الرسمية، فإن مستوطني مستوطنات “يحي”، و”يش كديش” المقامتين على أراضي نابلس، هاجموا منزلي فلسطينيين سعد بالزجاجات الحارقة ومواد سريعة الاشتعال، وخطوا شعارات عنصرية باللغة العبرية مثل “يحيا الانتقام
حادثة أشعلت الأوضاع في مدينة القدس المحتلة عندما أقدم مستوطنون على إحراق الطفل الفلسطيني محمد أبو خضير بعد أن خطفوه في 2 يوليو 2014 وأجبروه على الركوب في سيارة كانت بحوزتهم، وبعد العثور على جثته تبين أنه تعرض للحرق حيا بعد سكب البنزين على جسده.
وبعد هذه الحادثة بأسبوع شنت قوات الاحتلال حربا مدمرة على قطاع غزة
هذه الصورة تعد أحد إيقونات الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وهي للشهيد محمد الدرة في حضن والده جمال في 30 سبتمبر عام 200، ولم يكن محمد يتجاوز الـ11 عاما حينه، إذ أصاب جنود الاحتلال الشهيد محمد بالقرب من مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة والتقط المشهد بالفيديو وقتها مصور فرنسي، أظهر الطفل وهو يحتمي في حضن والده خلف برميل اسمنتي.