Saad Hashmi | HIPA
الصورة … صرخة الوجع
إلا أن حمولته كانت 12 شخصاً ما أدّى إلى تسرّب الهواء منه ومشارفته على الغرق بمن فيه لولا رحمة الله التي أوصلتهم أحياء إلى البر اليوناني حيث كان مصور صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، دانيال إيتر، في الوقت والمكان المناسبين لالتقاط ما هو أهم بكثير من «صورة»، لقد التقط ببراعة شعور الذعر وصرخات الألم المكبوتة، لقد عكس للعالم بريق دموع الرجال الغالية التي لا تسقط إلا في الخطوب العظيمة.
أثارت هذه الصورة الرأي العام العالمي، وكانت نموذجاً للتأثير الهائل للصورة في الأوساط الإعلامية الغربية ووسائل التواصل الاجتماعي، بلمحة سريعة تجد ذلك النوع من التأثير القادر على إحداث الفارق بحق.
حيث الآلاف يسألون ويبحثون عن الطرق التي يمكنهم بها مد يد العون، والأقلام الهامة التي تكتب ضاغطة على الرأي العام من منطلق الانحياز لحقوق الإنسان وتحسين أوضاع اللاجئين وتطويع التشريعات والقوانين وخلق موجات شعبية للفت نظر العالم إلى ارتفاع درجة حرارة المأساة الإنسانية التي طالت بهذا الشعب العظيم.
منذ أسابيع كتبتُ عن معرض «حلم الإنسانية» المستمر على ضفاف نهر السين الباريسي والذي يستقطب آلاف الزوّار ناشراً صور أطفال اللاجئين السوريين ومعاناتهم، والتي أوصلت أغلب الشرائح الإعلامية والثقافية لنتيجةٍ هامة وهي عدم الرضا عن مستوى الإنسانية الحالي في العالم! ذكرتُ أن الصورة منبّه مزعج يوقظنا على حقيقة الأوضاع المؤلمة.
الدور الذي يلعبه المصورون أمثال «إيتر» هو نسف حالة الاعتياد البشعة على انتهاك حقوق الإنسان التي يسقط فيها البعض دون أن يشعروا، لتأتي مثل هذه الصورة اللاسعة لتعيد لهم رشدهم وإحساسهم بالمسؤولية، لأنه بدون الوجع والشعور بالألم الشديد قد ننجح في الهرب أو التهرّب من المسؤولية.
من يريد صناعة المستقبل يجب عليه أن يستنبط الفوائد والعبر من الماضي ويجيد فهم وقراءة الحاضر لتتاح له الفرصة لاستشراف المستقبل، تأمّلوا الصورة جيداً وأمعنوا النظر فيها مطوّلاً، إياكم والهرب من ملامحها وتفاصيلها، هذه الصورة هي جزء من الواقع فالعديد من الحالات لم تصادفها العدسات.
فلاش
لكل صورة درجة حرارة تنتقل بالعدوى للمشاهد