——————–
كتبتُ الكثير والكثير عن دور الصورة المتداخل مع كل عناصر حياتنا اليومية بلا استثناء تقريباً، ومن معايشتي مسارات الحياة الفنية والثقافية، كتبتُ أيضاً عن احتدام المنافسة بين الصورة والكلمة في دقة التعبير، وجذب العين، واهتمام العقل، كما كتبتُ عن دور الصورة العظيم في عملية التعليم بكل مراحلها، لكن كي نحقّ الحق، ونضع النقاط على حروفها الصحيحة، فالكلمة كانت وما زالت وستبقى المصدر الأول للمعلومة، والكتاب كان وما زال وسيبقى الوعاء الأمثل للحكمة.من الأمور التي تحزّ في خاطري في الواقع الثقافي العربي، ندرة الكتب والمراجع والمؤلفات العربية التي تتناول الصورة من حيث قيمتها وأثرها وأصولها وفلسفتها ومدارسها، وعملية التصوير منذ بداية العلاقة مع الكاميرا والمراحل التالية.
أعلم أن هناك عشرات البدائل على شبكة الإنترنت وفي المحاضرات والتدريبات العملية وسواها، لكني قد أختلفُ مع الكثيرين على استحقاقها منصب «بدائل» من الأساس! أعتقد أنه لا توجد وسائط مهما بلغت فاعليتها تستحق أن تكون بديلاً عن الكتاب، خصوصاً في المراحل التأسيسية الأولى، فدور الصورة ومكانتها في أبجديات حياتنا المعاصرة، لم تعد تتحمّل أن تكون الثقافة البصرية للأجيال الناشئة معتمدة على بضعة دروس على «يوتيوب» من هنا، ودروسٍ سطحية عدة عن طريقة استخدام الكاميرا من هناك، وبعض المهارات في استخدام البرامج التجميلية للصورة!
التأسيس الفني والثقافي بما يخص الصورة، يجب أن يكون ممنهجاً بطريقةٍ احترافية كي يؤدي إلى مخرجاتٍ عالية الجودة، ومن هنا تأتي الحاجة الماسة لمكتبةٍ بصريةٍ عربيةٍ زاخرة بالمؤلفات المميزة والمتنوعة، التي تتناول فن صناعة الصورة، من طور الفكرة والمبدأ والتاريخ انتقالاً للأطوار الأخرى، كما أن الحاجة لتلك المكتبة لا تقف عند المرحلة التأسيسية فحسب، بل تتعاظم الحاجة لدى الباحثين والدارسين في هذا المجال، لمراجع بصريةٍ قوية البنية واسعة الأفق ثريّة المحتوى صاغتها عقولٌ عربيةٌ متخصصة.
البدائل المترجمة قد تقدّم بعض الحلول لكنها غير كافية من ناحية، كما أن الاعتماد عليها دائماً يشعرنا بالنقص بطريقةٍ مؤلمة، ويكفي أن نعود لبرهةٍ من الوقت إلى سيرة الحسن ابن الهيثم، لندرك حجم الألم والغصة من فقر المكتبة البصرية العربية.هناك شخصياتٌ عربيةٌ لديها مؤهلاتٌ مهمة تجعلها قادرة على قص شريط المبادرة، ووضع خططٍ جادة وتصوّرٍ طموح لمكتبةٍ عربيةٍ واعدة، تبدأ خطوات النمو بتدرّج بعيدٍ عن سلبيات الاستعجال.
هذه المكتبة ستلعب دوراً يتجاوز التوقعات في صناعة المصور العربي المبدع كمّاً ونوعاً، وستكون قاعدة استنادٍ قوية له نحو العالمية. ومن هذا المنطق أمدّ يد المبادرة لكل مبدعٍ عربيّ قادرٍ على صياغة محتوى كتابٍ ثريّ ممنهج مميز عن التصوير، باستعدادي لدعمه ومساعدته، ليخرج الكتاب للنور، ويأخذ حقه كاملاً.
فلاش:
المكتبة البصرية العربية ليست رفاهية.. بل ضرورة ملحّة.
سحر الزارعي – الأمين العام المساعد للجائزة @SaharAlzarei
— مع Sahar Alzarei.