«حلم الإنسانية» هل يصبح واقعاً؟
خلال وجودنا في باريس كجهة منظمة لمعرض «حلم الإنسانية» قرأت على وجوه عشرات الزوار رسالة خطيرة تكاد تكرّر نفسها على وجوه الملايين من البشر الذين ما زالوا ضمن دائرة «الإنسانية»، ربما حرّضت فكرة المعرض التي تنشر صور أطفال اللاجئين السوريين على ضفاف نهر السين الباريسي هذه الرسالة على الإعلان عن نفسها ولو بشكلٍ صامت! لا نشعر بالرضا عن مستوى الإنسانية في هذا الكوكب!
ربما تشغلنا أحداث الحياة اليومية بمسارات ضيقة فننسى أو نتناسى ما يجري في العالم من حولنا، قد نسمع عشرات الأخبار والقصص والإشاعات لكنها لا تترك فينا أثراً بالغاً، الصور هي السلاح الأقوى الذي يكهربنا بالحقيقة التي تجعلنا ننتفض غضباً إن كانت نسبة الإنسانية فينا فوق الحد الأدنى، أما الباقون من بني البشر فقد تعطّلت فيهم أجهزة الإحساس ولم تعد المؤثرات على أنواعها تحرّك فيهم شيئاً.
على مدى ثلاثة أشهر تقريباً يتوافد الزائرون على المعرض لمشاهدة أشكال المعاناة على وجوه الأطفال والوقوف على مدى المأساة التي تعيشها الطفولة بسبب الحروب والنزاعات المسلّحة التي لا تحسب حساباً للدمار البشري! لا أدري كيف يمكن أن يشعر ساكن لكوكب الأرض بالأمان بينما نسبة عظيمة من أطفال هذا الكوكب ينامون على مخدات منسوجة من الألم والقهر والدموع، وإفطارهم هو الخوف والذعر وفقدان الأبوين وانتظار المجهول.
الصورة ليست سوى منبّه مزعج يوقظ البعض من أحلام الوهم على تفاصيل الواقع، كي يعملوا على فهمها وإدراك أبعادها ومحاولة تصحيحها وتصحيح أسبابها وبذل الغالي والنفيس في سبيل جعل هذا الكوكب يتعافى ولو جزئياً من تشوّهاته الإنسانية، كل صورة في المعرض تروي قصصاً حقيقية عن قسوة الإنسان على أخيه الإنسان، تحكي تفاصيل جريمة تعذيب الطفولة وإرهاب الفرح في دواخل جيلٍ جديدٍ سيُطلب منه صناعة حياة سعيدة بعد سنواتٍ قليلة.
الخطوة الأولى في تغيير أي واقع غير مرغوب فيه، هي رؤية صورة هذا الواقع بوضوح وفهمها كما هي، ثم العمل الجاد على رسم صورة بديلة مشرقة وتقديمها للواقع قدر الإمكان، نحن في جائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي نعمل على تفعيل دور الصورة الإنساني وإطلاق طاقاتها الهائلة في لفت نظر العالم تجاه الأوجاع الإنسانية الراهنة، نحن نقوم بدورنا البصري ونهيب بكل الجهات الأخرى القيام بدورها لتخفيف المعاناة وإعادة الأمل ونثر بذور الفرح.
فلاش
من أين يأتي الفرح حينما يعتاد الأطفال الشقاء؟