يستيقظ فجراً ليعيش فرادة هذا الوقت من اليوم والطاقة الروحانية فيه، يراقب لوحة الشروق من بداياتها، ويتذوّق بعض الجماليات فيها، قد يلتقط بعض الصور للمشهد، ربما يحذف أغلبها، لأنه لم يشعر بجديدٍ فيها يمكن التعويل عليه، ثم يبدأ في ممارسة الرياضة اليومية لتنشيط الجسم والذهن، ونفض الخمول والكسل عن الجسد والروح معاً، يتأمّل المناظر حوله خلال ذلك، بعينه الخبيرة، يرصد وجوه الناس وتعبيراتهم والحكايا التي تحكيها ملامحهم، قد يشعر في أي لحظة بلسعةٍ فنيةٍ مفاجئة، تجعله يترك كل شيء في سبيل التقاط مشهدٍ فريد حسب تخيّله، يبدأ بالتقاط الصور واحدة تلو الأخرى، لكن الصورة الذهنية التي اجتاحت مخيّلته لم تظهر على العدسة بعد! لذا، يقوم بتغيير الزاوية وطريقة الالتقاط عدة مرات!

قد يصل خلالها لمبتغاه كما هو وقد لا يصل! يتابع أخبار الصباح عبر الوسائل المختلفة، تنشط حواسه عند بعض الأخبار التي تحوي العناوين المثيرة لاهتمامه، قد يكون افتتاح معرضٍ فني لبعض الفنانين، أو إعلانٌ عن رحلةٍ لمناطق لم يزرها من قبل، أو صورٌ صحافية لبعض الأحداث تم التقاطها بطريقةٍ مميزة، أو الانتهاء من مشروعٍ يرى صوره بذائقته الجمالية الخاصة.

يتفحّص عشرات العناوين الجديدة في بريده الإلكتروني، لكنه يتوقّف عند بعضها، ثم يقضي بعض الوقت في التمعّن فيها، إضاءاتٌ من حياة أحد أشهر المصورين، لقاء تلفزيوني مع مصورٍ صحافي شهير، يشرح فيه أصعب اللحظات التي اقترب فيها من الموت، صور الرحلة التي قام بها بعض الأصدقاء لمناطق نائية – المواصفات الفنية لعدساتٍ جديدة أطلقتها إحدى كبريات الأسماء في عالم صناعة الكاميرات، ينتهي من ذلك، ثم يقوم بإعداد فنجان من القهوة، وقد يلتقط بعض الصور للكوب الجديد، ولحبوب القهوة قبل الإعداد وخلاله، ثم يلتقط كتاباً من مكتبته ليكمل قراءته، قد يكون الكتاب عن تاريخ التصوير أو الثقافات البصرية لبعض الحضارات، أو حتى عن تأثير الفنون على الأجيال.

قد تكون هذه اللقطات من يوم أحد المصورين المحترفين، أو حتى الهواة، وقد يكون بعض التفاصيل لا تتطابق مع حياة الكثيرين من المصورين، لكنها مجرد رؤية لتتالي الأحداث لمصورٍ يؤمن بأن الغد أجمل، وبأنه لن ينتظره، بل سيصنعه.

فلاش

هيكل المستقبل العظيم يتكوّن من أحجارٍ يوميةٍ صغيرة

الأمين العام المساعد للجائزة

@SaharAlzare