بعد اختراع جهاز التلفاز سنة 1884 للعالم الألماني Paul Nipkow, كان لابد من الرُّقي بهذا المنتوج إلى أبعد مستوى لتلبية حاجيات المستهلك و توفير أحسن خدمة. و بالفعل, ففي السنوات الأخيرة أصبحنا نلامس تطورا مهولا لهذا الجهاز, فقد تغيرت الأحجام و الأشكال و التصاميم, و تحسنت الجودة فأصبحت الصورة أقرب ما يكون للحقيقة, و أُتيحت الفرصة للمستخدم أن يختار ما يناسبه من هذه الأجهزة الحديثة. و بالحديث عن جودة الصورة, فهل تساءلت يوما عن كيف انتقلت الصورة من الأبيض و الأسود إلى ماهي عليه اليوم؟. إليك الجواب في هذه التدوينة, حيث سنتحدث عن مختلف أنظمة البث وعن تطورها عبر الزمن.
في سنة 1941 قامت لجنة النظم الوطنية الأمريكية باعتماد معيار تقني للتلفزيون الأسود و الأبيض و هو NTSC (National Television System Committee) ,حيث يتميز هذا النظام بإرسال الصور على شكل 525 خطا صوريا و بث 30 لقطة في الثانية ونسبة عرض الشاشة هي 4:3, أما بخصوص الصوت فكان ينتقل عبر موجات FM.
في عام 1953 تم تعديل معايير نظام NTSC ليتوافق مع التلفزيون الملون, حيث تمت إضافة معلومات الألوان لصور الأبيض و الأسود و ذلك عن طريق إضافة ما يسمى اللون الباطن (color subcarrier) و تم خفض عدد اللقطات المعروضة في الثانية من 30 صورة إلى 29.97 صورة من أجل تجنب التداخل بين موجات الصوت المنقولة على موجات FM و إشارة التلوين.
عرفت الدول الأوروبية عدة مشاكل مع هذا النظام الجديد, حيث وجدوا أنه يتناسب مع تردد 60 هيرتز المُطبق في الولايات المتحدة الأمريكية و لا يرقى للمستوى المطلوب في الدول التي تعمل على تردد 50 هيرتز, كما أن نظام NTSC يعرف بعض التشويش و الإنزياح في الألوان أثناء البث في الظروف السيئة. و لتجاوز هذه المشاكل قام الأوروبيون بتطوير أنظمة أخرى تتلاءم مع ما يتوفرون عليه من بنيات تحتية, فقد طور الألمانيون نظام يدعى PAL و وجد الفرنسيون ضالتهم في نظام SECAM .
PAL (Phase Alternating Line) نظام بث تلفزي طوره العالم الألماني Walter Bruch وتم العمل به سنة 1960 في معظم أنحاء الدول الأوروبية و بعض دول أمريكا الجنوبية و أستراليا و بعض دول أفريقيا. و يتميز هذا النظام بإرسال الصور على شكل 625 خطا صوريا و عرض 25 صورة في الثانية, أما نظام SECAM (Sequential Color With Memory) فقد تم تطويره على يد المهندس الفرنسي Henri de France ,و تم اعتماده رسميا سنة 1967, و يمكن القول أن له نفس مواصفات نظام PAL ( تقريبا) إلا أنه ظل محتكرا من دولة فرنسا.
في السنين الأخيرة أصبح يعرف البث التناظري (Analog Broadcasting) منافس جديد ألا و هو البث الرقمي (Digital Broadcasting), و ظهرت مع هذه التكنولوجيا الجديدة نظام جديد و متطور و ذو جودة عالية يدعى نظام HDTV (التلفزيون عالي الدقة : High-Definition Television).
HDTV هي تقنية جديدة تتميز بالجودة العالية للصوت و الصورة. و كما ذكرنا في مقال سابق حول موضوع البيكسل (راجع موضوع ما هو البيكسل Pixel), فكلما زاد عدد البيكسل تحسنت جودة الصورة, و من هذا المُنطلق تَزيَّن عالم الرقميات بعدة أنظمة توالت علينا الواحد تلو الأخر, حيث نجد نظام HD له 720 خط صوري و 1280 بيكسل في كل خط و يعرض 60 صورة في الثانية, يليه نظام Full HD له p1920 في كل 1080 خط, ثم نظام K4 و يضم 2160 خط في كل واحد 3840p, و قد تم تصنيع أول تلفاز لهذا الغرض في اليابان من شركة Panasonic.و آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا هو نظام 8K و الذي يحتوي على 7680p في كل 4320 خط و أول شركة اعتمدت هذه التقنية على شاشاتها هي شركة Sharp اليابانية سنة 2012.
الكاتب : هشام صلاح .