“خالد معاذ”.. إبداع يروي حكاية وطن
دمشق
غلبت الواقعية التسجيلية على أعماله، حيث استخدم ريشته في توثيق المكان بأدق التفاصيل، وعمل على توثيق “دمشق” فوتوغرافياً، وهو ما جعل من أرشيفه مرجعاً لا غنى عنه لكل من يهتم بالحضارة العربية في “سورية”؛ إنه الفنان التشكيلي “خالد معاذ”.
للتعرف إلى حياة الفنان “خالد معاذ” مدونة وطن “eSyria” بتاريخ 2 تشرين الأول 2014، التقت الفنانة التشكيلية “رهف زيتون” التي تحدثت بالقول: «درس الرسم أولاً على يد الرسام الفرنسي “دوفال”، وشارك منذ وصول “جان سوفاجيه” إلى “دمشق” عام 1923 في دراسة الأبنية الأثرية والفن الإسلامي في بلاد الشام، تميز بأسلوبه التسجيلي حيث وثق المعالم التاريخية، والمشاهد الحياتية اليومية، والأحياء الشعبية وما فيها من تزيينات وزخارف، وما تحتويه أريافنا من معالم وأزياء، كما ربط بين الفن والتراث الشعبي، وما خلفه القدماء من تراث معماري وصناعات يدوية وزخارف مختلفة وحاجات ولباس شعبي، لذلك غلبت الواقعية التسجيلية على رؤيته، فرسم بريشته الأوابد التاريخية والأحياء الشعبية، وكانت صياغته الفنية برؤيته للبحوث الأثرية والتاريخية تسجل أدق التفاصيل سواءً بالقلم أو الحبر الصيني أو بالألوان المائية والزيتية».
وعن حياته تضيف: «تلقى “خالد معاذ” تعليمه في “أنطاكية وحلب ودمشق”، وتخرج في المعهد
من لوحات الفنان خالد معاذ |
“الفرنسي” للآثار والفنون الإسلامية التابعة لجامعة السوربون بـ”باريس”، وعمل مدرساً للفنون في دار المعلمين، وأستاذاً لتاريخ الفن الإسلامي في كلية الفنون الجميلة، ومفتشاً للآثار في المتحف الوطني بـ”دمشق”، وهو من مؤسسي الجمعية السورية للفنون الجميلة التي كانت الدعوة الأولى لتأسيسها من منزله، واختير عضواً في الهيئة الدولية لحماية الآثار في مدينة “دمشق القديمة”، ونال العديد من الجوائز على أعماله الفنية من وزارة الثقافة، وقُلد وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى لجهوده».
أما مهندسة الديكور “عبير السراج” فقالت عنه: «لقد حقق الفنان التشكيلي “خالد معاذ” حضوراً مميزاً من خلال النتاج الأصيل والمعبر عن الواقع في كل موضوعاته، فاللوحات التي رسمها لمدينة “دمشق” وبعض المعالم الأثرية للمدن والبيوت القديمة والأزقة امتازت بالتسجيل الدقيق والاهتمام بالتفاصيل، واختار الموضوعات الشعبية من الأزياء للصناعات اليدوية، وأدوات التنقل التي كانت مستخدمة كالعربات والحرف التقليدية، ونماذج الصناعات، حيث أسره الموروث الموجود بجماله وبساطته
لوحة لنواعير حماة |
وسحره الخاص.
كانت ريشته وألوانه وبصره هم العدسة التي سلطت الضوء على معالم التراث العريق في بلادنا، والمشاهد الحياتية التي تجعل من لوحاته تفاعلاً للجوانب الفنية والتاريخية والأثرية، فكان فنه في خدمة البحوث الأثرية».
وتتابع: «كما عمل على توثيق “دمشق” فوتوغرافياً، ويعد الأرشيف الذي تركه من أهم الوثائق التاريخية التي سجلت الحياة فيها، حيث أعد خريطة علمية وأثرية لدمشق وأمضى سنوات طويلة يجمع المعلومات ويتفقد الأمكنة، ونذر حياته للبحث النظري والعلمي في التراث، كما اهتم بدراسة الخط العربي في المساجد وشواهد المدافن، حتى إن الكاتب والباحث الفرنسي “أندريه ريمون” قال عن مجموعة “خالد معاذ” الفنية والعلمية أنها تُمثل ذخائر لا غنى عنها لكل من يهتم بالحضارة العربية في “سورية”».
الجدير بالذكر، أن الفنان “خالد معاذ” من مواليد مدينة “دمشق” 1904، وتوفي فيها عام 1989، تاركاً العديد من الكتب، ومنها: “تربة ابن المقدم” باللغة الفرنسية، مشاهد دمشق الأثرية، صور من الوطن الخالد، دمشق أيام الغزالي، دمشق أيام ابن عساكر، الكتابات العربية بدمشق”، كما ألف العديد من المصنفات الفنية في تاريخ الفن الأموي والعباسي والفنون الزخرفية، وفهارس بأسماء الملابس والخط والخطاطين، كما افتتح مشغلاً باسم “الفن الإسلامي”؛ لتقديم تطبيقات عملية عن الزخاف الإسلامية، أقام وشارك بالعديد من المعارض.