تراها فتاة عشرينية رقيقة، لم يمحو الزمن بهجتها حتى بعد رحيلها عن الدنيا، تدفعك إلى أن تعشق الجمال في جمالها، كل شيء فيها يقودك إلى الدهشة، ناهيك عن قدرتها الفائقة على توظيف امكانياتها لخدمة الدور الذي تلعبه، كانت خليطاً فريداً فكانت الممثلة والمطربة والراقصة والطفلة والشابة والسيدة الفاتنة، كلها صفات لو اجتمعت في أنثى فيمكن أن تجيب بكلمة واحدة، إذن هي السندريلا « سعاد حسني » كانت مثالاً للفتاة الجميلة، والفنانة الكاملة، وسيدة الأحلام الرقيقة.
نشأتها ومسيرتها الفنية
ولدت سعاد محمد حسني البابا، في السادس والعشرين من شهر يناير من عام 1943 م بحي بولاق بالقاهرة، ممثلة ومغنية مصرية، وواحدة من أشهر الفنانات في مصر والوطن العربي، قامت بالعديد من الأدوار أشهرها البنت الجميلة التي يحبها الجميع ولقبت بسندريلا الشاشة العربية، عملت بالمجال الفني لثلاثين عاماً قدمت خلالها العديد من الأعمال أكثرها في السينما. التحقت سعاد حسني بالتمثيل عام 1959، ليتخطى رصيدها السينمائي 82 فيلمًا منهم أربعة أفلام خارج مصر، ومعظم أفلامها صورتها في الفترة من “1959 إلى 1970″، بالإضافة إلى مسلسل تلفزيوني واحد وهو “هو وهي”، وثماني مسلسلات إذاعية.
أعمالها الفنية
وكان أول أفلام الفنانة الراحلة فيلم «حسن ونعيمة» عام 1959، وآخرها «الراعي والنساء» عام 1991، مع الفنان أحمد زكي والفنانة يسرا، أما تلفزيونياً فقد قدمت عملاً واحدا فقط « هو وهي » وهو عبارة عن قصص منفصلة بعضها عن بعض شاركها البطولة الفنان أحمد زكي، و في الإذاعة فقدمت «نادية» لإذاعة صوت العرب، «الحب الضائع» لإذاعة الشرق الأوسط، « أيام معه» لإذاعة الشرق في باريس وكان أخر عمل قامت به«صرخة القدس» سجلته للإذاعة وهي مريضة في لندن. ورغم أنها في الأصل ممثلة، لكنها برعت في تقديم أغاني وصلت شهرتها لأكثر من شهرة مطربين معروفين في عصرها، ويقول الشاعر سيد حجاب: «في تاريخ الأداب والفنون حول العالم نجوم ولاد موت، يلمعوا بسرعة ويرحلوا بسرعة لكن بعد أن يكونوا نوروا سكة جديدة لأمتهم في الإبداع والجمال، منهم سعاد حسني».
الجوائز التي حازت عليها
حصدت النجمة سعاد حسني خلال مسيرتها الفنية الكثير من الجوائز، وكرمت أكثر من مرة عن العديد من أفلامها ونالت لقب أحسن ممثلة في مهرجانات متعددة، ولعل أهم هذه الجوائز التي منحت لها، والتي تعبر عن بالغ التقدير لها ولأعمالها كانت في أواخر الستينات حينما منحها الرئيس جمال عبد الناصر الجنسية المصرية.
زواجها
قصة حب كبيرة جمعت بين الفنانة سعاد حسني والمخرج علي بدرخان، إذ كانت قصة غرامية حدثت على طريقة الأفلام السينمائية، انتهت بالزواج، وعاشا الثنائي حياة سعيدة- بحسب حديث إذاعي لـ«سعاد»، فالعوامل المشتركة بينهما كثيرة، أهمها حب واحترام الفن وعشقهما للضحك وكرهما للحزن، وكان الخلاف الوحيد فقط هو أن «علي» يتمنى إنجاب ولد، بينما تُفضل «سعاد» البنت، وبعد زواج استمر 11 عامًا انفصلا الثنائي.
يذكر أن السندريلا تزوجت خلال حياتها خمس مرات، أولها زواجها غير المؤكد من الفنان عبد الحليم حافظ الذي أثاره بعض المقربين منها وأكده بعض الصحفيين المصريين مثل مفيد فوزي صديقه الذي أكد أكثر من مرة أن هي كانت متزوجة منه وأنه توفي عام 1977 وهي على ذمته، بعد ذلك تزوجت من المصور والمخرج صلاح كريم لمدة عام، ثم من علي بدرخان ابن المخرج أحمد بدرخان لمدة أحد عشر عامًا انتهت في 1980، ثم تزوجت زكي فطين عبد الوهاب ابن ليلى مراد والمخرج فطين عبد الوهاب لعدة أشهر فقط، أما آخر زيجاتها فكانت من كاتب السيناريو ماهر عواد الذي توفيت وهي على ذمته.
إنسانيتها
كانت سعاد كما تقول أختها نجاة: لا تهتم بأن يكون لها شقة فاخرة ككل نجوم السينما، كانت شقتها متواضعة جدًا، وكان أجرها بسيطًا فقد كانت تعمل بالفن من أجل الفن وعمرها ما اشترطت تأخذ كام، ولو كانت تريد تعمل ثروة لاستطاعت، مضيفة لم تكن تحب المظاهر ولا الحفلات، وكانت ترفض الهدايا فعندها كرامة وعزة نفس بحجم الدنيا، لافتة إنها بارة بالناس وبأهلها وبالفقراء، فهي تعمل خيرًا كثيرًا، ولم أر إنسانة مثلها
دور الإعلام
كانت سعاد غير راضية عن الإعلام العربي والمصري لأنه أساء لها إساءة بالغة بدون داع في وقت كانت فيه بحاجة إلي كل من يقفف بجانبها مما كان له بالغ التأثير علي نفسيتها ودفعها للعزلة والهروب بعيدًا عن الناس.
رحيل سعاد حسني
وفي 22 من يونيوعام 2001، توفيت سعاد حسني، سندريلا الشاشة، التي كانت لغزا كبيرًا، فلم ترحل سعاد حسني في هدوء، بل أثار خبر وفاتها جدلًا واسعًا في الأوساط الإعلامية والصحفية، حتى وصف البعض موتها بأنه «نهاية تليق بأسطورة».
هناك أكثر من رواية حول وفاة سعاد حسني، فهناك من يؤكد أنها قُتلت بعد اعتزامها كتابة مذكراتها، فيما قال البعض إن وفاتها طبيعية، وأخرون أكدوا أنها انتحرت، للأسف تعددت الآراء والتحليلات، وبرزت علامات الإستفهام والتعحب، لكن النتيجة واحدة، فقد رحلت السندريلا العربية وكان أخر مكان تطأه قدمها هو شرفة صديقتها في مبنى «ستيوارت تاور» بلندن، حيث سقطت كما يرجح الأطباء على رأسها وتوفت من أثر السقوط على هذه المنطقة الحساسة ويعتقدون أن المسافة لم تكن لتقتلها لو سقطت على قدمها، أو أي منطقة أخرى من جسدها. ومنذ أن ذاع خبر الوفاة تذكرها الإعلام، وافتقدها الأصدقاء، وبدأت التحقيقات الرسمية والغير رسمية تبحث عن حقيقة الحادث، وكلما ازداد البحث يزداد الغموض !