الوظيفة كمسرح: هل نُجيد التمثيل أكثر من الإنجاز؟

بقلم : سحر الزارعي

في بيئات العمل الحديثة، يبدو أحيانًا أن الموظف لا يُكافأ فقط على ما ينجزه،

بل على مدى إتقانه لتمثيل “دور الموظف المثالي”.

الحضور المبكر، المظهر الرسمي، الكلمات المرتبة، رسائل البريد المحسوبة بعناية…

كلها عناصر قد تُبهر الإدارة، لكنها لا تعني بالضرورة أن العمل الحقيقي يتمّ.

تحوّلت بعض الوظائف إلى مسرح كبير، والجميع يعرف نص الدور المطلوب.

نُجيد الوقوف أمام المدير، التحدث بلغة “الرؤية والرسالة”،

والتلويح بمصطلحات الإنجاز. لكن خلف الستار، كثير من المهام تبقى دون تنفيذ، أو تُنفّذ بجودة متواضعة،

لأن الوقت والجهد ضاعا في الحفاظ على صورة الموظف لا على نتائج الموظف.

البيئة التي تكافئ الصورة أكثر من الجوهر، تصنع فريقًا ماهرًا في إتقان الأدوار،

لكنها تضعف في الإنتاج الحقيقي.

وهكذا، يتحول التقييم إلى مرآة عكسية:

الأكثر تأثيرًا ليس هو من أحدث الفرق فعلاً، بل من بدا وكأنه أحدثه.

والأسوأ من ذلك، أن المبدعين الحقيقيين – الذين يعملون دون ضجيج،

ويركزون على التفاصيل،

ولا يضيّعون وقتهم في العلاقات العامة داخل المكتب – يصبحون في الظل.

لأنهم لا يتقنون “التمثيل”، بل يتقنون “العمل”.

ما الحل؟

أن تتحوّل المؤسسات من تقييم “كيف تبدو”، إلى “ماذا فعلت فعلاً”.
أن تكون الاجتماعات أقل، والنتائج أكثر.
أن يتوقف الموظفون عن تمثيل الحماس، ويُمنحوا سببًا حقيقيًا ليشعروا به.

الوظيفة ليست خشبة مسرح،

والإنتاجية لا تأتي من كثرة التصفيق، بل من جودة الأداء خلف الكواليس.

حين نتوقف عن التمثيل، يبدأ العمل الحقيقي.
وحين تُكافأ الحقيقة، يُزهر الصدق في بيئات العمل من جديد.

#بوح_السحر

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.