مات وايت أحد رواد «الدرونز الإعلامية»
«صحافة الطائرات من دون طيار» إمكانات واعدة لصياغة المعايير
- دبي – البيان
- تنوعت أوجه استفادة الإعلام عامة، والصحافة بشكل خاص، خلال الآونة الأخيرة من التقدم العلمي السريع الذي أدى إلى ظهور وسائل وأساليب جديدة تمكّن الإعلاميين والصحافيين من القيام بمهامهم الميدانية بشكل أكثر دقة وسرعة وفاعلية.وربما كانت «الطائرات من دون طيار» أو ما يعرف باسم «الدرونز» من أبرز تلك الظواهر التقنية الجديدة التي جرى توظيفها على نطاق أخذ في الاتساع مؤخراً مع استحداث العديد من الاستعمالات لخدمة جوانب متنوعة في الحياة المدنية.ومع مواكبة منتدى الإعلام العربي في دورته الرابعة عشرة لأهم الاتجاهات الجديدة في مختلف نواحي العمل الإعلامي، وسعيه لتقديم أحدث التجارب العالمية، يستضيف المنتدى خلال الفترة من 12-13 مايو 2015، البروفيسور مات وايت، الذي يعدُّ أحد رواد صحافة «الدرونز» في العالم مع تأسيسه مشروع «مختبر صحافة الطائرات من دون طيار».
حيث سيقدّم لرواد المنتدى فكرة وافية الإمكانيات المتوقعة لصحافة الطائرات من دون طيار لا سيما في مهمات جمع الأخبار وتوثيق الأحداث بصور ومقاطع فيديو فائقة الجودة.
ويعتبر البروفيسور وايت من أبرز المنادين بتوظيف الطائرات من دون طيار أو «الدرونز» في مجال العمل الصحافي، ما جعل فرضياته تحظى باهتمام كبير، لاسيما وأنه يأمل في أن تصبح تلك الطائرات مكوناً لا يمكن الاستغناء عنه في الصحافة مستقبلاً، ويعمل جاهداً من أجل تطوير هذه الفكرة وتنفيذها على نحو آمن ومفيد.
مُختبر متخصص
البروفيسور مات وايت، الذي تخرّج من كلية «نبراسكا لينكولن» للصحافة والاتصال الجماهيري عام 1997، يعمل حالياً أستاذاً في نفس الكلية ويقوم بتدريس تطوير التقارير الصحافية، والمحتوى الرقمي..
وشغل قبل ذلك وظيفة محرر في صحيفة «سان بطرسبرج تايمز» في فلوريدا، كما أنه يعد المطور الأساسي لموقع PolitiFact الحائز على جائزة «بوليترز» عام 2009 كأول موقع يفوز بهذه الجائزة رفيعة المستوى، ومن الأهمية الإشارة إلى أن الأفكار والأشكال الصحافية التي قدمها «وايت» أسهمت في زيادة رواد الموقع الإلكتروني لصحيفة «سان بطرسبرج تايمز» بنسبة 50 % في أقل من عام.
وتهدف أبحاث «وايت» وباقي العاملين في «مختبر صحافة الطائرات من دون طيار» إلى تحديد كيفية توظيف هذا النوع من الطائرات بشكل مفيد خلال أداء المهام الصحافية، والعمل على تطوير قدرات الطائرات كي لا تقتصر على التقاط الصور ومقاطع الفيديو بل تتعدى ذلك إلى معالجة البيانات.
وقد أُنشئ المختبر كجزء من كلية الصحافة والاتصال الجماهيري في جامعة نبراسكا لنكولن في نوفمبر 2011 في إطار إستراتيجية تهدف إلى تعزيز عنصر الإبداع في الصحافة، وملاحقة التطورات والقفزات ذات الوتيرة السريعة التي يشهدها هذا المجال.
وأثناء مراحل الدراسة المختلفة، يقوم الطلاب وأعضاء هيئة التدريس ببناء طائرات من دون طيار، واستخدامها بشكل عملي..
ويصاحب ذلك طرح نقاشات لبحث القضايا الأخلاقية والقانونية والتنظيمية التي ينطوي عليها استخدام الطائرات من دون طيار خلال المهام الصحفية وقدرتها على توفير أدوات صحافية تعمل على إنتاج محتوى منافس يحمل بين تفاصيله الدقيقة عناصر الإمتاع والتشويق والقدرة على جذب شرائح متنوعة من الملتقين بما في ذلك الفئات العمرية الشابة.
«الدرونز» الصحافي
وتتميز «الطائرات من دون طيار» أو «الدرونز» التي يتم استخدامها في الأغراض الإعلامية والصحافية بصغر الحجم وخفة الوزن، وباعتمادها على عدد من الدوارات الموزعة على الأطراف للطيران، ما يجعلها تبدو كحوامة، كما أنها تزود بكاميرا واحدة أو أكثر، وفي بعض الأحيان أجهزة بث مباشر.
وعلى الرغم من أن «الدرونز» تعتمد على الدوارات التي تشبه في طريقة عملها الطائرات المروحية إلا أنها تختلف عنها في أمورٍ عدة، يأتي على رأسها قدرة «الدرونز» على الاقتراب الشديد من المباني والأشخاص ما يسمح لها بالتقاط صور يصعبُ على المروحيات تصويرها، كما أن درجة الضجيج والاهتزاز الصادر عن طائرات «الدرونز» قليل جداً بما لا يؤثر في جودة المادة المصورة على عكس الطائرات المروحية.
وتستخدم بعض المؤسسات الإعلامية الطائرات من دون طيار ذات الحجم الصغير لالتقاط الصور أو مقاطع الفيديو، لاسيما في المناطق التي قد يتعرض فيها الصحافيين أو المصورين للخطر، أو التي يصعب عليهم الوصول إليها، وذلك لما تقدمه تلك الطائرات الصغيرة من ميزات مثل السرعة، والدقة، وقلة التكاليف مقارنة باستخدام المروحيات كما تسهم في نقل الأحداث بمنظور جديد ومختلف عن الطرق الروتينية المتعارف عليها.
التحليق بعيداً
أصبح التقاط الصور ومقاطع الفيديو باستخدام «الدرونز» اتجاهاً جديداً يجذب الكثيرين ممن يعملون في صناعة الإعلام والصحافة، لاسيما أن الإمكانات الواعدة التي تبشر بها هذه التقنية الجديدة فاقت كل التوقعات، إذ بات من السهل برمجة «الدرونز» على ترددات البث المباشر، لنقل الأحداث حين وقوعها وهو ما حدث خلال بعض الأحداث الرياضية الكبيرة ..
حيث تم نقل الكثير من فعاليات دورة الألعاب الشتوية التي أُقيمت في مدينة «سوتشي» الروسية، وبالفعل سمحت الكاميرات التي زُودت بها طائرات «الدرونز» بتقديم تغطية أفضل لجمهور ومتابعي رياضة التزلج على الجليد، حيث سجلت الكاميرات لقطات يصعب الحصول عليها باستخدام الطرق التقليدية نظراً لسهولة حركتها وقدرتها على التصوير من زوايا كان من المستحيل الحصول عليها في السابق.
ونظراً للأهمية المتزايدة، والإشكاليات التي واكبت ظهور هذا الاتجاه الجديد، أدخلت جامعتا «نبراسكا لينكون»، و«ميزوري» الأميركيتان إلى اختصاص الصحافة أبحاثاً تحت عنوان «صحافة الطائرات من دون طيار»، والتي تُعنى ببحث الاستخدام الأمثل لهذه الطائرات..
والقواعد القانونية التي يجب أن تراعيها، كما تركّز على النواحي الأخلاقية والمجتمعية أيضاً التي تترافق مع عملها، وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بحقّ الطائرات بالدخول إلى الفضاء العام أو الخاص، وهو ما تتداخل فيه هواجس الخصوصية والأمن.
إمكانات تبدّل المعايير
يبشر مستقبل استخدام الطائرات من دون طيار «الدرونز» في المجال الصحافي بإمكانات واعدة نظراً للتطور التقني المستمر التي تحظى به، ما يسمح باستخدام «الدرونز» في شتى المجالات الصحافية المختلفة والتي تتضمن إنتاج التقارير الإخبارية المصورة، وتصوير الأفلام الوثائقية، وتغطية الأحداث الفعاليات المختلفة.
وخلال الأشهر الماضية، أعلنت مؤسسات عدة تعنى بالتقنيات الحديثة عن رغبتها في تطوير أشكال ونماذج محدثة من الطائرات من دون طيار بما يتماشى مع متطلبات المؤسسات الإعلامية وبغرض تقديم وظائف متعددة تمكن الطائرة من القيام بعملها على النحو الأمثل، ومن المتوقع أن تشهد الأعوام القليلة المقبلة ثورة في تقنيات «الدرونز» ما يؤهلها إلى القيام بأدوار ومهمات صحافية متنوعة وبكفاءة عالية.
مواكبة التطور
على الرغم من أن فكرة استخدام الطائرات من دون طيار تلقى رواجاً عند الكثير من المؤسسات الإعلامية، لا تزال هناك جوانب قانونية وأخلاقية ينبغي التعامل معها لوضع أطر من شأنها تقنين هذا الاستخدام بأسلوب يكفل سلامة التطبيق. واستمراراً لنهجها الرامي إلى دفع عجلة التطور التقني وتشجيع الابتكار والإبداع..
ومواكبة للتطور العالمي السريع في هذا المجال، بادرت إمارة دبي إلى دراسة وتحليل أبرز التجارب الدولية وأفضل الممارسات المعمول بها خارج الإمارات فيما يتعلق بتنظيم استخدامات الطائرات من دون طيار، حيث ناقش معهد دبي القضائي التنظيم التشريعي لاستخدامات الطائرات من دون طيار وذلك إدراكاً لأهمية إصدار تشريعات تحدُ من الانتشار العشوائي للتقنيات المتطورة
من المتوقع أن يشهد المستقبل القريب موجة كبيرة من التغيرات التي تمسُ شكل ومضمون المحتوى الإعلامي نتيجةً لاستخدام «الطائرات من دون طيار» في المجالات الصحافية المختلفة، حيث إن الآفاق الجديدة التي يفتحها هذا النهج الجديد نسبياً لا تحدها حدود، ويمكنها المساهمة بشكل فعال في إثراء المنتج الصحافي وتقديمه بشكل مغاير عن الأنماط التقليدية.