سوف أحاول في هذه المقالة سرد بعض مشاكل العدسات التي قد تواجه المصور وبعض الحلول المقترحة لها. في الحقيقة إن بعض هذه المشاكل لا تعتبر مشاكل أحيانا، ولكن من الممكن اعتبارها أداة تعبيرية وخلّاقة لتشكيل الصورة كما سنرى. على كُلًّ، هذا لا يمنع من التعرف على سبل إصلاح الصورة التي تعاني من هذه المشاكل ومحاولة تفاديها مستقبلا، بحسب الطلب. هناك ست مشاكل أساسية تواجه العدسات بشكل عام وسنأتي عليها تباعا مع وضع الأمثلة إن أمكن ذلك.
الجمعة، 20 يونيو 2014م
التوهج (Flare)
وهذه المشكلة تتكون بشكل عام بسبب ما يسمى «الأشعة التائهة» (Stray Light)، وهي أشعة من الضوء تدخل إلى العدسة بزاوية حادة (من الجوانب) مما يجعلها تشكل نوعا من الانكسار للضوء في داخل العدسة نفسها. تظهر نتيجة ذلك الأمر على شكل تباين ضعيف للصورة بشكل عام (أي صورة باهتة) وكذلك تواجد بعض البقع الضوئية أحيانا على الصورة (عادة تكون على شكل فتحة العدسة). هذه النتيجة الأخيرة قد تكون من الأمور المحببة في بعض الصور، حتى أن هناك أمرا خاصا في برنامج الفوتوشوب نفسه لإضافة هذا التأثير بشكل مصطنع على الصورة.
Path to Cottage (الطريق إلى الكوخ) 15مم عين سمكة، ب/22، 1/12ث، ح100. لاحظ التوهج وانعكاسات فتحة العدسة الخماسية على الصورة. الموقع: كاهر، مقاطعة تيبيراري. ايرلندا. |
من الحلول البسيطة لهذه المشكلة هو استخدام ما يسمى بـ «القبعة»، وهي قطعة يمكن وضعها على مقدمة العدسة (وبعض العدسات يمكن شرائها مع القبعة الخاصة بها). وجود هذه القبعة في مقدمة العدسة يوفر ظلا ويمنع دخول أشعة الضوء الجانبية. إذا لم يتوفر ذلك، فمن الممكن استخدام كف اليد مثلا أو قطعة من ورق مقوى أسود اللون لحجب الضوء عن الجوانب.
عدسة مع القبعة (يمين) ومع تركيب القبعة على مقدمة العدسة (يسار).
التظليل المحيطي (Vignetting): وهي مشكلة ظهور حواف الصورة بشكل داكن. هناك بعض الأسباب لهذه المشكلة. منها مثلا أن مقدمة العدسة (بالأخص القبعة) تكون جزءا من الصورة وهكذا تبدو الحواف أدكن. كذلك، فإن استخدام فتحة عدسة واسعة نسبيا قد يزيد أحيانا من ظهور هذا الأمر بشكل واضح في الصورة. هذا الأمر يرجع إلى طريقة تصميم العدسة نفسها على أية حال. هناك أيضا حالة خاصة حيث تظهر هذه المشكلة عند استخدام «حلقة تحويل» لتثبيت مرشح ذو قطر صغير على مقدمة عدسة ذات قطر أكبر.
إن هذه المشكلة تبدو بشكل أوضح في الكاميرات ذات المستشعر الكبير (35مم) وهذا طبيعي؛ لأنه إذا كانت العدسة تلتقط مقدمتها وتظهر حوافها في زوايا الصورة، فإن قطع زوايا الصورة وتصغيرها عن طريق تصغير المستشعر سوف يلغي هذا التأثير. تبدو المشكلة كذلك بشكل واضح عند تصوير جسم منير (السماء مثلا)، فهنا سيبدو التظليل المحيطي واضحا إذا كانت العدسة تعاني من هذا فعلا. على أية حال، هذا الأمر ليس بالضرورة شيء سيء للصورة؛ فهناك من يسعى لهذا التأثير. في كل الأحوال، يمكن إصلاح الأمر عن طريق معدّل السالب الرقمي للأدوبي (مثلا) كما أسلفنا في المقالة السابقة، أو في برنامج الفوتوشوب نفسه (أمر Lens Correction). التبرمل (Barrel Distortion) وهذا المصطلح من تعريبي حقيقة. كما يوحي الاسم، فهذه المشكلة تنم عن تشوه الصورة في أبعادها بما يشابه البرميل؛ انتفاخ في الوسط بشكل عام. تبدو هذه المشكلة أوضح ما تبدو عند استخدام العدسات الواسعة (أي تلك التي تكون أبعادها البؤرية أقل من 50مم). علينا هنا، على أية حال، أن نفرّق بين «التبرمل» وبين تشوهات عين السمكة. ذلك لأن عدسات عين السمكة ليست مصححة، أي لم يتم تصنيعها لتعطي صورة صحيحة في الأساس ولو كان في الإمكان إصلاح هذا الأمر لاحقا بشكل رقمي. أما مشكلة التبرمل فهي متعلقة بتلك العدسات التي تكون مصنعة لتعطي أبعادا أقل تشوها وبزاوية واسعة. لهذا السبب، ينصح بعض الخبراء في مجال تصوير الشخصيات والأزياء بعدم استخدام عدسة واسعة والاقتراب من الشخص موضوع التصوير، بل يجب استخدام عدسة ذات بعد بؤري أكبر من 50مم إذا أمكن (85مم هي الأشهر) وذلك لأن استخدام مثل هذه العدسات بهذه الطريقة سيجعل الشخص موضع التصوير أسمن مما هو عليه (بالأخص عند تصوير الوجه فقط). يمكن إصلاح هذه المشكلة في برنامج الفوتوشوب نفسه (أمر Lens Correction) ولكن لا يمكن فعل ذلك في معدل السالب الرقمي نفسه. من أشهر البرامج لإصلاح هذا الأمر كذلك هو برنامج DxO، وهو برنامج يحتوي على الكثير من الخيارات ويتواجد فيه أيضا «مُشخّصات»، أي بيانات بخصائص بعض العدسات يتم تخزينها مع البرنامج وكذلك يتم تحديثها عن طريق الشبكة من وقت لآخر، ذلك لأن القائمين على هذا البرنامج يضيفون بيانات بأشهر العدسات وأكثرها شيوعا. من هذه البيانات يمكن للبرنامج معرفة مقدار ما تحتاجه العدسة من إصلاح. هذا بالطبع بالإضافة إلى خيار إصلاح الأمر يدويا من المستخدم لأي سبب كان. يقوم برنامج الفوتوشوب بإضافة بعض هذه البيانات كذلك في الاصدارات الأخيرة ولكن برأيي الخاص، فإن برنامج DxO قد اجتاز مراحل عديدة في هذا المجال، خصوصا أنه يوفر خيارا لتعديل الأطراف من غير قطع الصورة كما هو الحال في برنامج الفوتوشوب، ولو كان هذا التعديل يعني بعض المط أو السحب على أطراف الصورة كما سيبدو.
|