كنت قد تكلمت في مقالة سابقة عن «الومّاضات» مع بعض التفصيل في وظائفها، لا سيما الومّاضات الصغيرة الحجم أو المحمولة. سوف أحاول في هذه المقالة التحدث ببعض الإسهاب عن بعض التقنيات المتعلقة بالعمل مع هذه الومّاضات، أو بعبارة أخرى، طرق الإضاءة وبعض المصطلحات المتعلقة بهذا النوع من الأعمال في التصوير. وبالرغم من كوني لست خبيرا في تصوير الوجوه والشخوص (Portraiture)، لكن سوف يكون جُل الحديث في هذا الإطار من عمل الومّاض (المحمول أو للأستوديو)، لكون هذا المجال هو الأكثر شيوعا، وكذلك لكون الكثير من المصطلحات المتعلقة في هذا المجال كانت قد استنبطت من لب مجال تصوير الوجوه والشخوص بالذات.
لن يكون هذا المقال حول الفلسفات الجمالية وما إلى ذلك، بل ببساطة: سرد للمصطلحات والوظائف والأمور العملية المتعلقة بالعمل مع الومّاض. لذلك أرجو من عزيزي القارئ، إن كان ممن يستهويهم العمل بالومّاضات، أن يكمل الفائدة من المقال بالتجربة والخطأ، في أي مجال من التصوير قد يكون مهتما به. معظم المعلومات التي ستذكر هنا هي من كتب أجنبية كنت قد قرأتها مسبقا، ولهذا فإن الكتب في هذه المجالات مفيدة كثيرا لكونها تناقش المواضيع بعمق لا يمكن الولوج إليه في مقالة من هذا النوع. لذلك أنصح دائما وأبدا بالجري وراء الكتب.
أساسيات
في البداية، لن أتكلم عن تاريخ الومّاض وصناعة الإضاءة في عالم التصوير، فهذا الموضوع كنت قد خضت فيه بالمقالات السابقة، ولكن لنتحدث عن أساسيات الومّاض، أو إن صح التعبير: المصطلحات المرافقة للعمل مع الومّاض. فعند العمل مع الومّاضات (من أي نوع كانت) يكون هناك أركان للبدء بتنصيب الومّاض. يتفق معظم المصورين على أن هذه الأساسيات هي أربع:
1. السواطع والظلال: وقد تحدثنا في كثير من المقالات السابقة عن هاذين المصطلحين، وعند العمل مع الومّاض يكون التركيز على منطقة سقوط الضوء (السواطع) والظل النابع عن هذا السقوط، كما أن نوع الإضاءة سوف يحدد شدة السواطع وتدرجها إلى مناطق الظل.
2. الشدة: ويقصد بها قوة الضوء الساقط على الموضوع، والحقيقة أن الشدة لا تتعلق فقط بقوة الومّاض في إصدار الوميض، بل وتتعلق أيضا بالمسافة بين الومّاض والموضوع حيث أن شدة الضوء ترتبط بالمسافة بعلاقة فيزيائية معروفة، وهي «قانون التربيع العكسي»؛ أي عند زيادة المسافة إلى الضعف فإن شدة الضوء سوف تقل إلى الربع (رياضيا: الشدة ∝ 1/المسافة2).
3. الاتجاه: ويقصد به، طبيعيا، اتجاه الضوء الساقط على الموضوع (أو بعيدا عنه)، وبطبيعة الحال فهو كذلك معني بمكان وقوع الظل من الموضوع، كما يلعب الاتجاه دورا هاما في إيضاح أو إبهام بعض الملامح والتفاصيل وما إلى ذلك.
4. اللون: وهو من العوامل المهمة حيث أن «إصلاح اللون» للومّاض ملزم للعمل معه في بيئات وظروف معينة، وقد يكون تلوين الإضاءة لغرض إبداعي محض.
وسوف أحاول الولوج في شرح بعض هذه العوامل في تشكيل الإضاءة بالومّاض كل على حدة، محاولا عرض بعض الأمثلة متى ما أمكن ذلك.
أ- السواطع والظلال:
تتأثر السواطع والظلال للموضوع بنوع الإضاءة الساقطة عليه. فإذا كانت الإضاءة شديدة، فستكون السواطع والظلال شديدة تباعا، وقد يكون مثال الشمس في كبد السماء وقت الظهيرة أبسط مثال على ذلك، حيث أن في هذا الوقت نلاحظ بهتان الألوان والأجسام بشكل عام، وحلوك الظلال كذلك. وأيضا قد تنتشر وتلطف الإضاءة عند تلبد السماء بالغيوم فنلاحظ عندها خفة الحدة في الإضاءة والظلال أيضا (حتى قد يتلاشى الظل أحيانا).
من هذا المنطلق، فقد تم تقسيم الضوء الناتج من الومّاض إلى نوعين أساسيين، وهما: البرّاق أو المركّز (specular)، والمنتشر أو المبعثر (diffused). لتوحيد المصطلحات في المقالة، سوف استخدم مصطلحي «البراق» و «المنتشر» فقط.
تكون إضاءة الومّاض بشكل عام براقة، ولو تخيلنا منطقة سقوط الضوء فإنها ستكون دائرية الشكل وتكون أشدها في المنتصف بينما تخف حدة الضوء كلما ابتعدنا عن المركز. قد لا يتناسب هذا النوع من الإضاءة مع الموضوع والفكرة المطلوبة (مثلا: لا ينصح بإضاءة الأجسام اللامعة كالمعادن والزجاج بالوماض مباشرة)، وعليه فقد تم إيجاد طرق كثيرة لنشر الضوء والتخفيف من حدته، لعل ابسطها زيادة المسافة أو استخدام الانعكاس. أخيرا، تعنى هذه الخاصية في التركيز والتشتيت بالإحاطة بمنطقة واسعة من الموضوع أو التركيز على حيز ضيق منه.
ب- الشدة:
المقصود بالشدة هو قوة الإضاءة، والتي قد تتشابه في المنطق مع ما تعرضنا له من تركيز الإضاءة أو نشرها، ولكن الشدة هنا معنية أكثر بقوة الإضاءة ذاتها بغض النظر عن تشتيتها أم لا، وكذلك معنية بالمسافة بين الموضوع والإضاءة (يمكن تشتيت الإضاءة مثلا، ولكن تقريبها من الموضوع سوف يشددها على الموضوع). وكما تعرضنا سابقا، فإن العلاقة الحاكمة بين شدة الضوء والمسافة هي علاقة عكسية تربيعية.
غالبا ما تكون الشدة القصوى في الصورة منوطة بالإضاءة الرئيسة (في تصوير الشخوص خاصةً، Key Light)، ومن ثم تتبعها الإضاءات الأخرى كـ «الملء» (Fill Light) والتي تعنى بتخفيف الظل في الصورة (لإظهار التفاصيل في تلك المناطق)؛ وهناك الإضاءات الأخرى التابعة التي يناط بها وظائف مختلفة، كإضاءة الشعر في تصوير الشخوص مثلا (Hair Light). منطقيا، كل هذه التوابع من الإضاءات يجب أن تكون أقل شدة من الإضاءة الرئيسية التي تشكل المحور الرئيس في الصورة. علاوة على ذلك، تكون شدة الومّاض الواحد مختلفة ووقعها مختلف على الموضوع المضاء، حيث كما سبق القول، فإن إضاءة الوماض تكون دائرية ومتمركزة في مركز الدائرة وتتدرج في الشدة بعيدا عن المركز حتى تتلاشى. من الممكن إضاءة الموضوع في المناطق متلاشية الشدة من هذه الدائرة بدلا من جعله في مركز الإضاءة، وتسمى هذه الطريقة في الإضاءة في بعض الأحيان بـ «التجنيب» (Feathering) – أي تخفيف شدة الإضاءة على الموضوع عن طريق إزاحته بعيدا عن مركز الإضاءة إلى الجوانب (أو بالأحرى إزاحة مركز الإضاءة بعيدا عن الموضوع حتى تسقط أطراف دائرة الضوء على الموضوع).
ج- الاتجاه:
ويقصد به محور الإضاءة الرئيسية، من المصدر إلى الموضوع. ولكن هناك اتجاهات أخرى تهم مصور الشخوص وتعمل يدا بيد مع محور الإضاءة الرئيسية، وهما: محور الكاميرا (أي اتجاه الرؤية بالنسبة للكاميرا)، ومحور الوجه (إلى أين تنظر العينان). لكل محور من هذه المحاور وظيفة معينة تساهم في خلق الصورة ولكن ما يهمنا منها الآن هو محور الإضاءة الرئيسية.
تعتبر الإضاءة الرئيسية (Key Light) العمود الفقري لتشكيل السواطع والظلال في الصورة، وأحد أهم العوامل في هذا التشكيل هو الاتجاه الذي سيحدد أين سيقع الظل. وعليه، فإن الاتجاه يلعب دورا مهما في إضفاء الحس العام على الصورة (نعومة، قسوة، غموض، رعب… الخ). جرت العادة عند دراسة تأثيرات اتجاه الإضاءة بتعيين الدرجات لمقدار الالتفاف حول الموضوع والارتفاع (والنزول أحيانا) عن مستوى الموضوع، وتُكتب بصيغة (س،ص)، حيث تكون «س» هي لمقدار الالتفاف ابتداءً من محور الكاميرا وبعكس عقارب الساعة، وتكون «ص» هي لمقدار الارتفاع أو النزول عن مستوى الموضوع. مثال على ذلك: إضاءة موضوعة على اتجاه (45،90) تكون على يمين الكاميرا ومرتفعة بمقدار 45 درجة فوق الموضوع، بينما تكون (45،270) يسار الكاميرا. تعيين هذه الاتجاهات هي لتسهيل الدراسة فقط، وطبعا يتم تعيينها بشكل تقريبي وليس بشكل دقيق. من المفيد جدا أن يعمل المصور، لا سيما مصور الشخوص، على إجراء التجارب وتسجيل الملاحظات الشخصية لكل اتجاه وتأثيره على الحس العام وما إلى ذلك حتى تكون مرجعا له عند التصوير لاحقا.
جدير بالذكر بأنه لا ينصح باستخدام الإضاءة باتجاه محور الكاميرا (0،0)، أي إضاءة الموضوع بشكل مباشر، حيث أن ذلك يتسبب بظهور الظلال الحالكة التي لا تخدم الرونق العام للصورة (والوجه خاصةً)، علاوة على «تسطيح» ملامح الوجه وعدم إضافة العمق المطلوب في الصورة. هذا لا يعني بأن هذه الاتجاه هو اتجاه خاطئ للإضاءة، ولكن في عملية خلق صورة مبدعة، يتم تحاشي هذا الاتجاه خاصة أو نشر الإضاءة وتخفيفها من هذا الموقع على الأقل، وقد يمكن كذلك استخدام إضاءات ملء ثانوية من عند هذا المحور؛ فكل هذه الأمور تعتمد على فكرة المصور في المقام الأول.
د- اللون:
يعتبر لون الإضاءة من الأمور التي قد تجلب بعض الإرباك لبعض المصورين نظرا لاختلاط المفاهيم؛ فهناك لون الومّاض، ولون الإضاءة العامة، هذا بالإضافة إلى لون البشرة عند تصوير الشخوص والوجوه، كما كنا ناقشنا بعض موضوعات الألوان في المقالات الأولى على هذه المدونة. ولا ينتهي الأمر عند هذا الحد، بل أن التصوير بالأبيض والأسود قد يتأثر مسبقا بتوازن الألوان في المشهد المصور وبتعيين «المستوى الأبيض» في الكاميرا، وذلك لأن التصوير بالأبيض والأسود يعتمد أساسا على كمية الضوء المنعكس من اللون (أو لمعان اللون إن صح التعبير، Lightness/Luminance)، وهو الشيء الذي حدا إلى استعمال المرشحات الخاصة عند التصوير بالأبيض والأسود لإبراز تفاصيل معينة في الموضوع دون الأخرى.
على أية حال، سيكون حديثنا في هذا المقام عن ألوان الومّاض بحد ذاته، والذي غالبا ما يصنف كونه ضوء «نهاري» (Daylight) – أي أن لونه يتقارب مع الضوء العام وقت النهار في وقت الظهيرة عندما تكون السماء صافية، وهو لون مال إلى الزرقة. دون الدخول في عالم (حرارة الألوان) والتي ناقشناها في مقالات قديمة، يوجد هناك بعض الإعدادات المسبقة في الكاميرا والتي تساعد على موازنة هذه الزرقة في ضوء الومّاض عن طريق زيادة اللون الأصفر في الصورة (بمقدار معين).
يتعقد الموقف أحيانا عند اختلاط الإضاءة وأنواعها. ولهذا، فإن تغيير «المستوى الأبيض» للكاميرا ببساطة لن يكون الحل الأمثل؛ قد تتم موازنة اللون العام للومّاض، ولكن ليس الإضاءات الأخرى في المكان. وعليه فقد يلجأ المصور في هذه الحالة إلى تعديل لون الومّاض عن طريق وضع مرشحات هلامية ملونة خاصة تتوافق في لونها مع لون الإضاءة الموجودة، وعندها ستكون حرارة جميع الألوان – من ومّاض وغيره في المكان – من درجة واحدة تقريبا، وبالتالي يسهل تكييف تأثير «المستوى الأبيض» على المشهد العام بالتساوي. ومن الممكن استخدام هذه المرشحات على الإضاءات العامة الأخرى حسب تصنيعها، حيث يصنع البعض منها مقاوما للحرارة ليتم تثبيته على مصادر الضوء القوية لتصحيح ألوانها. لعل أبرز هذه المرشحات التصحيحية هما نوعان أساسيان: الأزرق (CTB) والبرتقالي (CTO)، واللذان يستخدمان لإزاحة حرارة الألوان لمصدر الضوء باتجاه الأزرق أو البرتقالي تباعا. كما يتم تحديد مقدار تشبع اللون في المرشح بالأربع والأنصاف أو بدرجة كاملة إذا لم يتم تعيين العدد على المرشح. فمثلا (CTO½) تعني نصف برتقالي وكذلك (CTB¼) تعني ربع الأزرق وهكذا. تفيد هذه التدرجات على المعايرة لمختلف مستويات وألوان الإضاءات المختلفة، وقد تفيد أيضا على الموازنة بين تصحيح اللون للمصدر والتقليل من فقد شدة الضوء، حيث أن استعمال المرشحات على مصادر الضوء، لا سيما الومّاضات المحمولة، يُفقدها بعض الشدة ويُكتب مقدار هذا الفقد (بصيغة الخطوات أو الوقفات) على المرشح عادة؛ من مثل 2Stop، أي فقد لخطوتين من الإضاءة.
بجانب هذه الاستخدامات فإن هناك الاستخدامات الإبداعية للألوان والتي لا تخضع لقانون خاص وإنما لخيال المصور، والألوان في هذا المجال متنوعة وبدرجات مختلفة ويتم أحيانا وصمها كذلك بعدد الخطوات المفقودة من الضوء المار بها. ويجب الأخذ بعين الاعتبار أن الألوان المختلفة يمكنها أن تنتج ألوانا ثانوية كذلك عند اندماجها، ولهذا يجب على المصور الحذر عند إسقاط ألوان مختلفة على موضوع ما إذا كان دمج الألوان غير مرغوب فيه.
جدير بالذكر كذلك بأن تشبع اللون المستخدم مع الومّاض يقل بزيادة قوة الومّاض (أي يبهت اللون أكثر كلما زاد وهج الوميض). وعليه، فإنه لزيادة تشبع لون المرشح قد يضطر المصور إلى خفض قوة الوميض حتى يحصل على اللون المطلوب.
تجربة بسيطة لتوضيح أثر دمج ألوان مختلفة مع الوماض. تم وضع مرشح أزرق على الوماض الأيمن ومرشح أحمر على الوماض الأيسر. الحاصل النهائي عند تداخل دائرتي الضوء للوماضين هو منطقة بنفسجية أو زهرية في المنتصف.
تطويع الإضاءة : يمكن القول بأن الإضاءة من الومّاض، سواءً المحمول أو في الاستوديو، لن تكون ذات فائدة كبيرة إذا لم يتم تطويع الإضاءة بالشكل المناسب للفكرة المطلوبة. وفي الحقيقة، إنه من النادر أن يُستخدم الوماض من دون أي إضافات عليه، تقوم بعملية نشر أو تركيز وتوجيه الإضاءة بطرق شتى ولأغراض مختلفة. تسمى هذه الإضافات عامة بـ «مُعدلات الضوء» (Light Modifiers)، وبعضها ما يشتمل عليها الومّاض (المحمول) أحيانا، ولكن الغالبية العظمى (لا سيما لومّاضات الاستوديوهات الكبيرة) تكون بمعزل عن الومّاض ويجب شراؤها على حدة. والحقيقة هي أن هناك بعض الأساليب البديهية والسريعة لتعديل وميض الومّاض ونشره دون اللجوء إلى هذه الإضافات، ولكن هذه الطرق لا تفيد في كل الأحوال بالطبع. نتطرق الآن إلى بعض هذه الإضافات والتقنيات في تعديل الوميض: أ- الارتداد (bouncing): وهي تقنية توجيه الوميض إلى سطح عاكس لنشره على مساحة أكبر عن طريق الارتداد، ولعل عكس الإضاءة من السقف عن طريق الومّاض هي إحدى أسرع الطرق لتحقيق إضاءة مناسبة للموضوع أمام الكاميرا (بشرط قرب السقف نسبيا من المصور)، على أن هذه الطريقة تتسبب أحيانا في تكوين الظلال تحت العينين عند تصوير الوجوه. يفضل عند استخدام هذه التقنية أن يكون السطح العاكس غير مصقول حتى يساعد ذلك على بعثرة الإضاءة بشكل أكبر، وكذلك أن يكون السطح أبيض اللون (إلا إذا كانت إضافة اللون عملية مقصودة طبعا)، حيث أن الوميض سوف يصطبغ بلون السطح العاكس. لا تعتبر تقنية الارتداد احترافية نسبيا ولكنها لا تزال من التقنيات المشهورة لا سيما عند استخدام الومّاض المحمول.
ب- العاكس (Reflector): يعتبر العاكس من الأدوات (لا الإضافات) الأساسية في تكوين الإضاءة العامة في كثير من الأحوال، وهو متعدد الأغراض كذلك. فيمكن استخدامه كسطح عاكس مثلا لتقنية الارتداد، ولكن الاستخدام الأكثر شيوعا هو صنع إضاءة ملء عند تصوير الشخوص والوجوه عن طريق توجيه أشعة الشمس إلى مناطق الظل (في التصوير الخارجي طبعا). تأتي العواكس بشكل دائري غالبا وبأقطار مختلفة، وبعضها قد يفوق المتر الواحد طولا. كلما زادت مساحة العاكس كلما زاد التشتيت للضوء الساقط عليه وزادت عملية انتشار الضوء. هذا، وقد يكون العاكس باللون الأبيض أو الفضي أو الذهبي، وجميعها منوطة بصبغ (أو عدم صبغ أو تشتيت أكثر) الضوء المنعكس عليها. قد تكون هذه الأدوات قابلة للطي لتسهيل نقلها وما إلى ذلك، ولكن يعاب عليها بأنها تحتاج إلى مساعد ما لتوجيهها عند التصوير، على أن هناك أنواع كثيرة الآن تكون مزودة بمنصة لتثبيتها على الحوامل دون الحاجة إلى الاستعانة بشخص ما. أما بالنسبة للومّاض المحمول فإن هناك بعض العواكس المصنع خصيصا ليتم تثبيته على الومّاض، وهو بالطبع صغير الحجم مقارنة بالدائري، وهناك بعض الشركات المصنعة التي تقوم بصناعة هذه العواكس للقيام بأكثر من وظيفة كذلك.
ج- الناشر القبوي (Dome Diffuser): وهي غالبا ما تُصنع خصيصا للومّاضات المحمولة لتنشر الإضاءة الخارجة من الومّاض المحمول بشكل مباشر. تُصنع هذه القباب من مادة بلاستيكية بيضاء وقد يضاف إليها بعض المواد لزيادة الانعكاس الداخلي للوميض، وقد تكون على شكل قبة كروية أو بيضاوية الشكل. لا توفر هذه القباب الكثير للمصور ولكنها مفيدة أحيانا لمحاكاة أضواء المصابيح مثلا إذا تم وضع الومّاض في موضع مرتفع فوق الموضوع، وهي لا توفر نعومة كافية للظلال.
د- المظلة (Umbrella): وهي مظلة فعلية مصنعة بطريقة خاصة للعمل على نشر الإضاءة وبعثرتها. تستخدم المظلات كثيرا داخل الاستوديوهات لنشر الإضاءة حول الموضوع وتكوين الظلال الناعمة تباعا. هناك نوعان أساسيان من هذه المظلات: العاكس (reflector) والناشر (shoot through). في النوع العاكس تكون المظلة مزودة بمادة عاكسة من الداخل كما هو الحال في العواكس الدائرية التي ذكرناها سابقا، وهناك منها ما هو ملون كذلك. أما في النوع الناشر فتكون المظلة مصنوعة من نسيج يمرر الضوء ويبعثره. تتميز المظلات بسهولة تركيبها وخفتها ويمكن العمل بها مع الومّاضات المحمولة أو الكبيرة الحجم، ولكن يعاب عليها أحيانا أنها تتسبب فيما يسمى بـ «التسرب الضوئي» (Light Spill)، حيث يسقط الضوء منها في مناطق لا يفترض بها أن تُضاء أو تتسبب بوهج (بزوايا معينة) للعدسة، وذلك لنشرها الضوء على مساحة واسعة. ينصح بعض المصورين باستعمال الحواجز السوداء (وتسمى أحيانا بالرايات، flags) لمنع وصول الضوء من المظلة إلى المناطق المعنية.
هـ- النواشر (Soft boxes): وهي من الأدوات أو الإضافات الأكثر شيوعا بالرغم من متطلبات تركيبها التي ليست ببساطة المظلات. لقد اخترت ترجمة هذه الأداة بحسب ما تؤديه من وظيفة، وهي نشر الضوء وبعثرته، بالرغم من أن المسمى الأجنبي يعتمد كما يبدو على شكل الأداة (وأدائها). يتكون الناشر من صندوق نسيجي مبطن بمادة عاكسة (قد تكون لماعة أحيانا) لزيادة الانعكاس الداخلي، بينما يكون السطح الخارجي معتما عدا من جهة واحدة حيث يخرج الوميض، وتكون هذه الجهة المخصصة لخروج الضوء مغطاة بقطعة من النسيج أو أكثر تعمل على بعثرة الضوء عند خروجه من داخل الناشر، وهناك بالطبع فتحة أخرى ليتم إدخال الومّاض من خلالها إلى داخل هذا الصندوق (ويمكن العمل بكلا النوعين من الومّاضات).
تُصنع النواشر بأحجام مختلفة (منها ما هو مخصص لتصوير العربات)، وبأشكال مختلفة كذلك، كالـ «الناشر المثمن» (Octobox)، وهو يتشابه في التصميم مع المظلة ولكن بطريقة الناشر العادي، ويوفر انتشارا أكبر مساحة مع التحكم المعقول أكثر مما هو الحال مع المظلات.
وهناك أيضا «الناشر الشريطي» (Strip Box, Strip Light)، وهو عبارة عن ناشر للضوء ذو مساحة ضيقة يفيد في توجيه حزمة ضوئية عمودية إلى الموضوع (غالبا لتصوير المنتجات، لا سيما الزجاجية منها لإضافة لمعة شريطية على الموضوع).
تتميز النواشر بنشر الضوء حول الموضوع مع القدرة على التحكم باتجاهه بشكل أدق من المظلات، وتقوم على توفير الظلال الناعمة والمتدرجة نسبيا حول الموضوع، ولكن النقل والتركيب يستهلك الكثير من الوقت، ولكنها مع كل هذه المعوقات فهي من أكثر أدوات تطويع الضوء انتشارا.
يمكن كذلك تضييق مجال الضوء المنتشر عن طريق إلحاق بعض الإضافات على الناشر كالـ «المصفوفة» (Grid) ، وهي عبارة عن أنسجة أو قطعة بلاستيكية تحتوي على فراغات مربعة يتم لصقها على مقدمة الناشر، والبعض منها يتكون من خلايا سداسية وتسمى مجازا بـ «خلايا/أقراص العسل» (Honeycomb)، والاختلاف بين نوع وآخر هو درجة تحييده للضوء الخارج من الناشر. هناك بعض الشركات التي تنتج نواشر مصغرة لتُحمل على الومّاض المحمول، وتختلف النتائج بشكل ملحوظ بسبب اختلاف الحجم لهذه النواشر الصغيرة. من المميزات المنوطة بهذه الأشكال المختلفة أنها تعكس بريقا في العين (Catchlight) يماثل شكل الناشر.
و- المُجَمّل (أو طبق الجمال، Beauty Dish): وهي أداة تشابه القصعة أو الطبق ويتم تثبيت قرص عاكس في منتصف هذا الطبق. عند تثبيته على الومّاض، فإن الوميض ينعكس من على القرص في المنتصف وينشر الإضاءة إلى داخل الطبق، الذي ينشر الإضاءة إلى الخارج. لعل التسمية (طبق الجمال Beauty Dish) تأتي من شيوع استخدام هذا النوع من الإضافات في تصوير الموضة والأزياء، ولقد اخترت تعريب الاسم إلى «مُجَمّل» اختصارا. يوفر هذا النوع من الإضافات حالة سطوع وظلال تكون ما بين الضوء المنشور (عن طريق الناشر) في إحاطته للموضوع، والإضاءة المباشرة للموضوع في حدتها. يأتي شيوع هذا النوع في تصوير صرعات الأزياء والشخوص كونه يبرز الملامح بشكل أكثر حدة مع رفع العتمة عن الظلال قليلا (ويعتمد ذلك على المسافة بين مصدر الإضاءة والموضوع)، وعليه فإن اتجاه الومّاض بالنسبة إلى الموضوع مهمة جدا – حيث قد يساعد المجمل على إبراز بعض الملامح بشكل غير مرغوب فيه (لا سيما العيوب الجلدية كالبثور على سبيل المثال)، وهو يعمل كذلك على إضافة بريق دائري في العين. يُصنع المجمل بأحجام مختلفة ومنها ما هو للومّاض المحمول كذلك، وكما هو الحال مع النواشر العادية فإن الحجم يلعب دورا في انتشار الضوء والتحكم به (خصوصا باستخدام المصفوفات والخلايا السداسية).
ز- الخطم (Snoot): وهو امتداد يضاف إلى الوماض ويقوم على توجيه الضوء (على شكل بقعة ضوء دائرية). يستخدم هذا النوع من الإضافات للمؤثرات الخاصة غالبا أو لإضاءة منطقة معينة في الموضوع دون غيرها. يمكن تحييد قطر دائرة الضوء أكثر بإضافة الخلايا على الخطم كذلك. تتواجد الخطوم للومّاضات الكبيرة والمحمولة وقد يعد استعمالها غير شائع، ولكنه مفيد في الحالات الحرجة طبعا. تتميز بعض الخطوم بوجود مادة عاكسة من الداخل لزيادة شدة الضوء الخارج منها.
ح- الزعانف (أو باب الحظيرة Barn Doors): وهي إضافة على الوماض تتكون من أربع زعانف متحركة متعامدة، يمكن تحريكها بحرية لتشكيل الفتحة. تتشابه وظيفة الزعانف مع وظيفة الخطم ولكن مع بعض الاختلافات الجوهرية. فالخطم يكون أطول نسبيا وعليه فإن الضوء الخارج لا ينتشر بشكل كبير عند خروجه، علاوة على كون الضوء الخارجي دائري المقطع، بينما تكون الزعانف بشكل عام أقصر نسبيا ويمكن تشكلها بحرية ويكون الضوء الخارج على هيئة المربع أو الخط المستقيم إن استدعى الأمر ذلك؛ ولكن ليس دائريا. وتفيد الزعانف على توجيه الضوء التوجيه الصحيح وحجبه عن منطقة معينة (كما هو الحال مع الرايات كما سنرى).
ط- المزخرفات (Gobo): وهي من الإضافات الثانوية التي يتم وضعها على الوماض لتشكيل الضوء الخارج بأشكال ونقوش مختلفة. تكون المزخرفات مصنوعة من المعدن عادة (وهناك الزجاجي كذلك)، وغالبا ما تكون للوماضات الكبيرة. تفيد المزخرفات في إضفاء جو عام للصورة وزيادة الخيال فيها، ومنها ما هو اعتيادي وهناك ما هو خيالي بحت. على سبيل المثال، هناك من الزخارف ما يمثل النوافذ للإيحاء بأن الموضوع قريب من نافذة ما، وهناك الزخارف المنمقة والعشوائية تماما ولا تتعلق ببيئة معينة.
ي- مرشحات الألوان (Gel Filters): وقد مررنا على هذه النقطة في القسم السابق من هذه المقالة وبينّا وظيفة هذه الألوان مع الومّاضات، ولهذا فيها تعتبر من الإضافات، على أن صناعة وتركيبة هذه الألوان تختلف في الأحجام طبعا، وطريقة التصنيع، حيث تكون أشد مقاومة للحرارة مع الوماضات الكبيرة نتيجة إصدار هذه الأخيرة الحرارة العالية.
ك- ألواح القماش (Scrims): تعتبر من أبسط وأرخص المعدلات الضوئية، وهي لا تضاف على الوماض وإنما توضع أمامه. كما يوحي الاسم، فهي عبارة عن إطار وقد شدت عليه قطعة من النسيج أو القماش الذي يساعد على انتشار الضوء المار من خلاله. يمكن صنع هذا النوع من المعدلات في المنزل إذا ما توفرت المواد، ولكن بالرغم من ذلك فإن هناك الكثير من الشركات المتخصصة أصبحت تنتج ألواحا لتشتيت الضوء مع بعض الاحترافية، حيث تقوم بصناعة النسيج من مواد معينة لها خصائص معينة تساعد على انتشار الضوء أكثر (أو إضافة لون ما كذلك) وتقوم بتعيير مقدار التخفيف لهذا النسيج (¼خطوة أو ½خطوة وهكذا) مع توفير الحوامل المختلفة لهذه الألواح لتوجيهها. بالرغم من بساطتها فإنها لا تزال نافعة، بل ويمكن استخدامها في الخارج مع ضوء الشمس لتخفيفه باتجاه الموضوع.
ل- الرايات (Flags): وقد تعرضنا بعض الشيء للرايات في معرض حديثنا عن الإضافات والمعدلات السابقة. الوظيفة الأساسية لهذه الرايات هي منع تسرب الإضاءة في اتجاه معين، وتكون غالبا سوداء اللون. هناك أحجام مختلفة لهذه الرايات، فمنها ما هو كبير الحجم لتغطية جسم كامل ومنها ما هو صغير الحجم لحمله على الوماض المحمول، ويمكن كذلك صناعتها في المنزل عند توفر المواد؛ فيكفي تثبيت مادة سوداء (تتحمل الحرارة) على الوماض للعمل على حجب الضوء في اتجاه معين. جدير بالذكر كذلك، هناك بعض الرايات التي تمنع الانعكاسات من البيئة المحيطة أو الإضاءة المحيطة (Ambient Light) ولكن يفضل البعض فصلها في التسمية عن الرايات، حيث تُسمى «الألواح المصمتة» (Solids)، وهي نسيج أسود أو قطعة سوداء كبيرة وتفيد هذه الألواح المصمتة بحجب الانعكاسات والإضاءات من المحيط إلى الموضوع (أي لا تحجب الوماض من أي جهة)، بالإضافة على منع انعكاس أي لون من البيئة على الموضوع. م- أخرى: هناك الكثير من الإضافات التي تُبتكر بين الفينة والأخرى لا سيما للومّاضات المحمولة لتطويع إضاءتها أكثر فاكثر. لا يسع المجال لذكرها كلها طبعا ولكن من المفيد مشاهدة بعضها مع شرح مختصر.
|