فوتوغرافيا
صورة في البريّة قد تكلّفك حياتك
بعد حديثنا في الأسابيع الماضية عن محوري «السعادة» و«الأب والابن»، نعرّج اليوم على محورٍ آخر من محاور الدورة الخامسة لجائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي، ألا وهو «الحياة البرية»، والذي أعتبره محوراً شديد الخصوصية والتخصّص في الوقت ذاته، خصوصيته تكمن في أنه لا يمكن لأي مصور يهوى «التجديد والتغيير» دخول مضمار الحياة البرية من باب «التجربة»! أما التخصّص فيعني استحالة خوض غمار هذا النوع من التصوير من خلال قراءة كتاب «تعلّم تصوير البريّة في خمسة أيام»! وإلا فاحتمالية الخطر شديدة والوقائع تخبرنا عن مئات المصورين الذين أساؤوا تقدير طبيعة الحياة في البرية ففقدوا حياتهم بطرقٍ مأساوية.
كما لا ننسى الخلط الكبير الذي يقع فيه بعض الهواة بين تصوير الطبيعة وتصوير الحياة البرية، لا مجال للمقارنة نهائياً بين النوعين، فمن يود تسجيل اسمه في كشوفات مصوري الحياة البرية يجب أن يمتلك لياقة بدنية عالية وقدرة خاصة على الحركة واتخاذ ردود فعلٍ جسمانية سريعة، ومن البديهي أن يكون قادراً على تسلّق الجبال والأشجار والسباحة في الأنهار وتحمّل ظروف المناخ القاسية، ودارساً لكل هذه الظروف بدقة قبل بداية رحلته. يجب أن يكون عارفاً بمهارات التعامل مع الأدوات الخاصة بالحياة في البرية، فضلاً عن إجادته استخدام الكاميرات والعدسات والحوامل المناسبة لهذا النوع.
أما بما يخص المخلوقات التي تعيش في مواطنها الأصلية في البر والبحر والجو، والتي تعتبر العدسة وأصحابها دخلاء على بيئتها الخاصة، فمن الخطأ التعامل معها وفق الحدس أو التوقع أو الاختباء فقط! عشرات المواقف الخطرة بانتظارك هناك لذا من الضروري أن تكون متسلّحاً بالمعرفة المستفيضة لطبيعة المخلوقات التي ستقوم باستهدافها والاقتراب من حياتها! يجب أن تفهم طبيعتها وأمزجتها وطبيعة حياتها الاجتماعية ونظامها الغذائي ونظام النوم والاستيقاظ الخاص بها أيضاً، أية تفاصيل مهما كانت صغيرة لو تم تجاهلها ثق أن حياتك على المحك!
التصوير في مجاهل البريّة ليس نوعاً من الرفاهية أو الاستعراض، ولا يُقبل تصنيفه تحت مسمّى «تجربة»! إنه عالمٌ مستقلٌ مفعمٌ بالعجائب والمفاجآت وتسوّره الأخطار من كل جانب، لكن مقابل كل ذلك، فالمتعة في الغوص في أسراره لا تُوصف، والأعمال الفنية الساحرة القادمة منه تخلب الألباب، ربما تجد بعض الصور التي لم ينم صاحبها 30 ساعة من أجلها! وهناك صور فائقة الروعة أجبرت مصوريها على قضاء بضعة أيامٍ أو أسابيع فوق شجرة أو داخل خندق أو في كهفٍ مهجور في أعالي الجبال.
فلاش
البريّة لا تعترف بقوانينك لذا … احترس
الأمين العام المساعد للجائزة SaharAlzarei@