«نوبي».. الأسمر الذي زاحم مصوري العالم حتى في غيبوبته
بعد مُضي عدة أسابيع رقد خلالها «نوبي» في مستشفى دار الهلال، نفذ صبر هذا الشاب العنيد الذي آثر فراق الحياة بكل عنائها، على البقاء في غيبوبته لفترة أطول من ذلك؛ فهو لا يطيق العيش طريح الفراش، حتى ولو كان ذلك أهون كثيرًا على محبيه من موته، فترك أهله وأصدقائه و”كاميرته”، التي ستظل شاهدًا على إبداعه لعقود قادمة.
اليوم توفي محمد عبد المنعم الشهير بـ«النوبي» مصور موقع «البديل»، بعد تعرضه لحادث سيارة منذ شهر، نقل على أثرها إلى غرفة الإنعاش في مستشفى دار الهلال، ومُنعت عنه الزيارة نهائيًا، إلا أن الفنان الكبير محمد منير ذهب إلى المستشفى ليرى الشاب الذي جسد مرحلة عمرية لـ«منير» في أحد إعلاناته عام 2012.
امتلك «نوبي» طموح وصل لعنان السماء، فقد كان يزاحم أمهر مصوري الفوتغرافيا في مصر والعالم أيضًا، ورغم مهارته وبراعته في التقاط أفضل المشاهد وأكثرها صعوبة، إلا أنه لم يسلم من مضايقات الجيش والشرطة، فقد تم اعتقاله من قبل الشرطة العسكرية، أثناء تغطيته لاشتباكات الزيتون، التي وقعت بين جماعة الإخوان المسلمين وقوات الأمن بمنطقة حلميه الزيتون بالقاهرة، يوم 7 ديسمبر الماضي.
عاش «نوبي» السنوات الماضية يتنقل من جريدة إلى أخرى، بحثًا عن حلمه، وربما لتهافت الكثير من المواقع الإخبارية ليكون بين صفوف مصوريها، بعد أن أثبت أنه يملك موهبة فريدة من نوعها على التقاط صور تختلف عن نظيرها من قلب الحدث، إلا أنه ظل في «البديل»، وقبل الحادث الأليم بأيام كان يستعد لخوض المنافسة على لقب صاحب أفضل صورة فوتوغرافية على مستوى العالم، من خلال المشاركة في مسابقة “ورلد بريس فوتجراف” لأفضل صورة صحفية تم التقاطها عام 2013، ورغم انتظاره بفارغ الصبر لهذا الأمر، إلا أن الأقدار شاءت أن يكون في عالم آخر.
كان الإصرار أهم سمات هذا الفتى الأسمر، فالكل يعرف عنه عناده في الوصول لهدفه، ونقل الحقيقة بعدسات “كاميراته” مهما كلّفه هذا الأمر من مشقة وتعب، وربما كان هذا الإصرار هو الوحيد الذي تبقى لأسرته وأصدقائه، الذين ظنوا أن «نوبي» سيحارب من أجل البقاء على قيد الحياة، وسيأتي اليوم الذي يفيق فيه من غيبوبته، وتنير وجهه ابتسامته المعهودة، إلا أن إرادة الله قد نفذت، وقدر الله أن يكون في مكان أفضل مما نحن فيه.