السعادة.. بصمة إنسانية تعشقها الكاميرا
السعادة من أكثر المفاهيم الجدلية على مستوى العالم، منذ قديم الأزل تختلف الشعوب والحضارات في رؤيتها لهذا الشعور الإنساني المبسّط، والذي قد تكون بساطته أحد أسباب رغبة الجميع في إضافة التعقيدات له بمختلف أشكالها وأنواعها.
البعض يتضايقون من وجود قضيةٍ من أهم القضايا للإنسانية تعرّف عن نفسها بسهولة ووضوح، فيمعنون في إضافة بصماتٍ نخبويةٍ عليها حسب تجاربهم ورؤاهم إلى أن تصبح مستعصية الفهم على البسطاء! هذا في حد ذاته أمرٌ سلبيّ، لكن لكل مدرسةٍ في التفكير رأيها في التبسيط والتعقيد.
السعادة كما تعلمون هي العنوان الرئيسي للدورة الحالية “الخامسة” لجائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي، ومن عاصمة النور الفرنسية أنقل لكم إعجابي بالتناولات المدهشة لفناني العالم لهذا الشعور البشري الفريد، السعادة بانطباعاتها البصرية المتفاوتة لها نصيبٌ كبيرٌ في المعارض والصالات الفنية في باريس، والأعمال الفنية التي تتناولها غاية في الروعة والتجديد، وفي هذا الموضوع بالذات يتشارك الفنانون من أغلب دول العالم في تقديم ما يؤمنون به من فلسفاتٍ بصريةٍ مضيئة، تضع من يراقبها في حالةٍ من الحيرة الممتعة والعصف الذهني الذاتي.
شخصياً لا أرى السعادة مجرّد موضوع خاص من زاوية التصوير الضوئي، بل هي مبحثٌ بصريّ من أشد المباحث جاذبية للعين والعقل، فهناك من يربط السعادة بالخير أو الفضيلة مستبعداً أية روابط أخرى! بينما تذهب مدارس فكرية أخرى إلى التناسب الطردي بين السعادة واكتساب مختلف أنواع العلوم، بعض الفلاسفة يجد السعادة في الاستغناء عن الناس، وبعضهم يجدها في انسجام العناصر الفكرية والروحانية لدى الإنسان، ويؤمن البعض الآخر بأن العمل مفتاح السعادة لكن يختلف معه آخرون بأن العمل بلا نجاح وإنجاز لا قيمة له وبالتالي فالنجاح هو مرادف السعادة الأول.
دور المصور المحترف المثقّف ليس في الوقوف إلى جانب هذا الاعتقاد أو ذاك، بل فهم الصورة الجدلية الشاملة للسعادة والبحث عن شواهد لها في البيئة المحيطة والتعبير عن إشراقتها باقتناصاتٍ متقنةٍ تدهش العيون وتخلب الألباب وتجبر المشاهد على إعمال عقله وروحه في التفكير والتأمّل في مفهومها وتنوّعها وتحوّلاتها.
أدهشتني بعض الأعمال الفنية التي ترى أن السعادة هي رغبة الجنس البشري بالخلود، لذا فهي مشروعٌ فاشل! كما استمتعتُ كثيراً بالغوص في أعمالٍ أخرى تعتنق الفلسفة التعددية التي تؤمن بأن لكل إنسانٍ على ظهر هذا الكوكب رؤيته الخاصة للسعادة، وهي غير قابلة للتكرار تماماً كبصمة الإبهام أو العين، وهذا من أقرب الآراء للواقع حسب رؤيتي.
فلاش
ارسم لوحة سعادتك بألوانك الخاصة، لا تستخدم ألوان غيرك
سحر الزارعي
الأمين العام المساعد للجائزة
@SaharAlzarei