Fareed Zaffour
13 يونيو 2022 ·
للمزيد من الصور للفنان هيثم المغربي:
https://www.facebook.com/photo/?fbid…81481756359029
Khalid Jihad مع Haitham Almoghrabi.
13 يونيو 2022 ·
مقال بعنوان (هيثم المغربي.. البوح بلغة الصور) ينشره موقع (العربي الآن) المصري..
لا حاجة للكلمات عندما يكون الشعور هو سيد الموقف، فالكثير منها نسمعه بوضوح رغم صمت الألسنة عبر صورةٍ تختصر الكثير من المعاني أو ملامح تشي بما تعجز الحروف عن البوح به، وقد تحكي الصور أيضاً عن صاحبها موضحةً هدفه، ناقلةً لفكره، عاكسةً لمشاعره ورؤيته خاصةً عندما يمتلك المصور ثقافةً وتواضعاً وموهبةً تصعد بالمعنى دون الصعود عليه، لتميزه عن غيره وسط ازدحام المشهد بالصور والألقاب في غياب المضمون أو تكرار التجارب، ولتثبت حضوره في كل مرة كمحترف رغم تعامله مع الصورة بروح من يهواها ويتعلمها ويطوف في رحابها وعوالمها لتصبح بدورها جزءًا من عالمه.. عالم المصور السوري هيثم المغربي..
فمن يطالع صوره بإختلاف المراحل والفترات الزمنية سيلاحظ أنه بمثابة باحث يسعى لإستكشاف أبعاد مختلفة للحياة، تتجلى في الصورة التي تشد من يراها ليبحث بدوره عن معناها، فثباتها ضمن إطارٍ معين يجمد اللحظة لتدوم لا يعني أنها انتهت هنا بل يعني أنها بدأت للتو رحلتها التي ستستمر في قلب من تلامسه مسافرةً معه إلى حيث ترسو قوارب ذكرياته..
ودون شك نستطيع أن نلمح البحث عن الوطن في صور هيثم المغربي بين صورٍ قديمة وأخرى حديثة لكن في مكانٍ آخر، قد يحمل بعضاً من رائحته عبر شوارع وأبنية وأزقة لها ملامح تشبه تلك التي سكنت مخيلته وتحولت إلى ظلٍ يلازمه في مختلف لقطاته، ونراه من خلال علاقته بالشمس والضوء وتجليات المساء في صورٍ كثيرة حتى تلك التي تم التقاطها في وضح النهار، ربما لأن المساء حالةٌ مزاجية أكثر من مجرد وقتٍ نمر به ونعيشه كل يوم ويتفاوت الشعور به من شخصٍ لآخر، كما نلاحظ حالة الرصانة التي تتسم بها صورة فناننا فهي بعيدةٌ كلياً عن الصخب، هادئة الملامح، واضحة الرسالة والمعالم، تتحرى السكينة، وتتمتع بإيقاعٍ انساني يميل إلى الكلاسيكية لكنه لا يرفض الأنماط الحديثة إنما يتعامل معها بإنتقائيةٍ وحذر دون أن يفقد اللحظة جمال عفويتها وصدق تعبيرها..
ونستطيع أن نلمح تسلسلاً للأفكار وطريقة تنفيذها بعدسة هيثم المغربي، فتبدو العديد من مجموعات الصور التي يلتقطها أشبه بفيلمٍ قصير أو مشهدٍ مجزء على عدة صور تحكمها مفردات الغربة وأنغام الحنين المتواجدة بشكلٍ واضح بين هذه اللقطات التي تثير في النفس العاطفة والشجن والتي تربط بذكاءٍ حزين بين الإنسان ومختلف عناصر الطبيعة التي لم يعد كثيرٌ منا يؤمن بأنها مجرد جمادات، فنكاد نسمع شهقاتها وصرخاتها ونشيج بكائها كما لو كانت تسمع حديثنا مع نفسنا وبوحنا بآلامنا، ونكاد نشعر بيدها تربت على أكتافنا وبعينيها تحدق بنا طوال الوقت حناناً واشفاقاً..
وضمن هذا العالم الفسيح المترامي الأطراف، عالم الصورة وما خلفها نجد هيثم المغربي شغوفاً بتطوير أدواته والتمكن من الإمساك بمفاتيح المشهد والإطلاع على ما يستجد في هذا المجال، بروح تلميذٍ يتعلم ممن سبقوه ويحترم تجربتهم، كما يتشارك أفكاره مع الجيل الذي يصغره كونه يؤمن بأن لكل شخص وموهبةٍ حقيقية مكاناً لن يأخذه أحد بعيداً عن الكثير من السلوكيات التي نراها اليوم تحت مسمى (المنافسة)، ولعل نضج عدسته تظهر لنا إيمانه بالنجاح الهادىء التراكمي والراسخ والذي يعتمد على العين المثقفة بدلاً من الفرقعات التي ترتبط بموجاتٍ عابرة لا تدوم، ولا تستطيع الحياة خارج إطار التطور التكنولوجي الذي خلق نوعاً من الفوضى التي ستنحسر بعد فترة، ليبقى صاحب الموهبة الأصيلة والفكرة الإنسانية والعاطفة القادرة على استيعاب الحياة بتناقضاتها ورؤية الجمال فيها والحديث الشفاف بلغةٍ تحترف البوح عبر صمت الصور..
خالد جهاد..
https://culture.elarabyelan.com/2022/06/0.html