المؤرخ والباحث اليمني محمد حسين العَمري
الباحث الحقيقي يجب أن يكون متجرداً في توثيقة من أي انتماء أو تبعية
والصورة الفوتوغرافية تعد صكاً قوياً للحقيقة التاريخية
حاوره – محمد الصباحي – اليمن
تُعبر الصورة الفوتوغرافية عن ألف كلمة وتحتل مكانة كبيرة في ذاكرة الأجيال وتختزن الكثير من الأحداث وتعطي بعداً مهماً في عملية التوثيق وحفظ التاريخ من الضياع والتزويـــر.
المؤرخ والباحث اليمني محمد حسين العَمري ( بفتح العين ) يرى من خلال توثيقه لعدد كبير من الصور الفوتوغرافية لتاريخ اليمن بأن الصورة هي أصدق الوثائق الناطقة وهي المرآة للماضي والفاصلة والحَكم بين أي خلاف تاريخي موثق لأنها موضع الحدث نفسه.
الحوار التالي أجريناه مع المؤرخ والموثق العَمري الذي استطاع أن يجمع ويوثق أكثر من 100 ألف صورة فوتوغرافية تحكي تاريخ اليمن خلال الفترة (1879- 2000) نستعرض فيه واقع التوثيق الفوتوغرافي في اليمن ومراحل عمله وارتباط الصورة الفوتوغرافية بالحدث التاريخي وأهم الصعوبات والانجازات من خلال مسيرته الإبداعية .
كيف كانت البدايات في عالم توثيق الصورة الفوتوغرافية والتاريخية منها ؟
انا من اسرة تهوي جمع الوثائق التاريخية بحكم أن أغلب أفراد أسرتي كانوا في أماكن صنع الأحداث التاريخية لليمن حيث تضم علماء وقضاة ورجالات دولة كان على رأسها جدنا حسن العمري الذي كان رئيس وزراء اليمن منذ عهد الامام يحي حميد الدين حيث كانت تتوفر بعض الصحف كصحيفة الايمان في العشرينات والحكمة تصدر في تعز وقد كان شغفي وحبي لهواية التوثيق منذ الصغر ولذا والدي – رحمه الله – ساعدني كثيراً من خلال غرس حب الاطلاع في في بداياتي كنت أميل إلى جمع صور لشخصيات مشهورة للاعبين مثل ماردونا في كأس العام 1986 و الاعب بيليه فقد كنت شغوفاً بكرة القدم وكذلك مشاهير الفن كنت اقص الصورة من المجلة وأقوم بتوثيقها في البوم خاص فيني ثم أدون تحت كل صورة معلومات كنت احفظها بحكم الاطلاع والقراءة عما تحكيه عن الصورة مثل اسم الشخصية ومتى التقطت وأين التقطت وجميع المعلومات عنها بشكل مفصل وهذه كانت بدايات التوثيق لدي وبدأت عملية القراءة وجمع أكبر عدد من الصور والكثير من المعلومات وحفظ للكثير من المعلومات والكتب وكانت تشدني كتب الرحلات التي كانت تحتوي على الكثير من الصور القديمة والتاريخية وتأثرت كثيرا برحلات الرحالة الألماني ( نيبور ) الى اليمن في (1761- 1767) حتى العام 2011 جمعت الكثير من الصور النادرة والقديمة لمواقع اثرية أو احداث تاريخية تحكيها الصورة .
حدثنا عن أهمية الصورة الفوتوغرافية في عملية التوثيق وخاصة التاريخية منها ؟
قرأت الكثير من مذكرات وكتب واطلعت عن أهمية الصورة الفوتوغرافية في توثيق التاريخ فوجدت أن الصورة هي الوثيقة الناطقة لتاريخ تحكيه لأنها أصدق الوثائق الناطقة فهي مرأة الماضي وهي الفاصلة بين اي خلاف تاريخي موثق وهي في مكان الحكم للحدث لأن جميع الأحداث كانت تؤول وتوثق كلا على حسب ميول المؤرخ وانتماءاته فانعدمت المصداقية ولذلك افتخر بأن لدي اليوم أرشيف محترم وثقت فيه الكثير من الصور لمناطق ومشاهير وزعماء ورؤساء ليس على مستوى اليمن فقط بل خارجيا وكانت شخصيات كثيرة تستهويني واعجب بها مثل شخصية (هتلر) وثعلب الصحراء (رومل) حيث كنت ابحث عن صورهم واقرأ كثيرا واطلع عن اي معلومات عنهم واضيفها الى تلك الصورة كمصداقية لها فقد كنت أعيش واقعها فعلا ودلالة التقاطها وتاريخها فأصبحت الصورة عندي معلومة قيمة زادتها الصورة صدقا وقوة تاريخية لا يمكن طمسها ومحوها ابدا لأنها تمثل الحقيقة .
كيف ترى واقع التصوير الفوتوغرافي كوسيلة للتوثيق لدى اليمنيين ؟
في البداية هناك حقيقة مهمة وهي أن التصوير الفوتوغرافي والسينمائي في الماضي وخاصة عهد الأئمة كان يعد حراماً في العقيدة والأعراف التقليدية أما عن واقع التصوير الموثق بشكل عام تكاد تكون نسبة التوثيق من قبل اليمنين للتاريخ اليمني المصور معدومة ولا تتعدى حتى 5% فالأجانب هم أكثر من وثق لليمن سواء كانت توثيقا فوتوغرافيا أو سينمائيا بداية من العثمانيين في بدايات 1897 ميلادي بعدستهم حيث وثقوا اكثر من خمسة ملايين وثيقة توجد الان في المتحف العثماني ولكن اكثرها كان لوثائق مقروءة وليست مصورة وكذا البريطانيين وما يحتويه ارشيفهم الضخم الذي كان له الفضل الكثير في جمع الوثائق التي تخص تاريخ اليمن سواء كان مقروءاً أو مصوراً وهي تعد بالملايين من الصور الفوتوغرافية وكذلك الألمان كانوا السباقين من خلال بعثاتهم لليمن الاستكشافية والإنسانية من خلال الرحالة (نيبور ) 1767حيث وثق يدويا من خلال الرسم بنفسه للعديد من الخرائط لصنعاء وتعز ووثق أحد الأئمة من خلال رسم حيث كان يرسم تفاصيل دقيقة لمجلس الامام فشكل بدايات التوثيق لليمن قبل دخول العدسة والايطاليين بدأوا عملية التوثيق لليمن منذ سنة 1926 وكذا الروس عام 1927 الذين كان لهم الفضل في توثيق اليمن من خلال فيلم سينمائي مميز استفدت منه شخصيا في حيث قمت بتحويل ذلك الفيلم السينمائي الى لقطات فوتوغرافية مصورة والعمل على معالجتها وتصحيح الوانها وجمع اكثر المعلومات عن تلك اللقطات الفوتوغرافية ثم وضعها في اطار صورة لأن الصورة تضل عالقة في الاذهان والذاكرة بعيدة عن التلف .
ماهي المعايير التي تعتمد عليها خلال مسيرتك في جمع الصور الفوتوغرافية ثم توثيقها ؟
كنت اسعى للحصول على الصورة التي كان لها حدثاً وبُعداً تاريخياً لأنها كما قلت سابقا هي الحكم التي تفصل في حقيقة الأحداث والعمل على جمع الكثير من المعلومات حولها وبالتالي إزالة كل لبس او خلاف أو اشكالية وتجريدها من اي انتماءات تهدف الى استغلال التاريخ وتحريفه لخدمة الحدث نفسه ، من خلال جمعي للعديد من الصور الفوتوغرافية التاريخية لليمن اوجدت معها المعلومة التي كانت لا توجد في اغلب الصور الفوتوغرافية التي حصلت عليها وهي عملية غير سهلة ابدا فعمدت الي البحث والتنقيب عن المعلومة وكأنني انقب على ذهب او عقيق يماني نفيش او من خلال موثق او كبير في السن عاصر تلك الاحداث حيث يتطلب منى جهدا كبيرا في عملية جمع المعلومات عن تلك الصورة الفوتوغرافية فكت ابحث عن الحدث واوثق تاريخه وشخصياته التي عاصرته وجميع المدلولات عنها حيث وجدنا صورا فوتوغرافية في جوانب التعليم لأول مدرسة والطلاب والجوانب الصحية كأول مستشفى وجميع الطواقم الطبية توثيق مكانها وتاريخ انشائها وهي معلومات مهمة وقيمة من خلال بعض الصحف كمجلة الايمان وصحيفة النصر
تناقلت بعض وسائل التواصل الاجتماعي صورة لفتاة يقال أنها ( خُزيمة ) التي نعرف أنها اسم لأحد أبواب صنعاء القديمة .. حدثنا عن حقيقة هذه الصورة والمعلومة الصحيحة عنها ؟
في البداية لابد من أي مؤرخ أو موثق أن يتتبع تاريخ الصورة وإلى أين تصل في مدلولاتها وجذورها التاريخية لأن التاريخ شيء كبير ومهم جدا وخاصة في تاريخنا اليمني الذي تعرض للكثير من الطمس للكثير من المعالم ولطلب الحقيقة اود ان اوضح النقاط التالية تحت معايير عربية الاسم وتاريخ التصوير وبعض ذكر لمقبرة خزيمة في مصادرنا اليمنية وصاحبة الصورة الحقيقية.
1- نوع الاسم : اسم خزيمة اسم عربي ومعناه لغة ((قيل : تصغير خُزامى : الزهرة المعروفة ، وتصغير خَازِم : منضِّد اللؤلؤ وناظمه ، وتصغير خَزَمَة : واحدة الخَزَم : شجر له ليف تُتخذ من لحائه الحِبال . الخزم شجر له لحاء يفتل منه حبال كالتيل والكتان الواحد خزمة أما خزيمة فتصغير خزمة وقد سمت العرب خازما ومخزوما وخزيمة))
ومن جهة اخرى خزيمة هو الجد الرابع عشر لرسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام وقبائل كنانة ،وكذلك اسم لاحد الصحابة رضي الله عنهم وهو الانصاري خزيمة بن ثابت ، فلايظن البعض ان الاسم اسم عجمي او يهودي عبري .
2-اسم مقبرة خزيمة في التاريخ : – هذه النقطة متعلقة بالتي تليها ، والمقصود انه جاء ذكر خزيمة (على سبيل المثال لا الحصر) في كتاب طُبُق الحلوى وصحائف المن والسلوى المعروف بتاريخ اليمن لـ عبدالله بن علي الوزير المتوفى 1147هـ ،حيث قال ما نصه ((دخلت سنة تسعين وألف]1090هـ \1679م[ في نصف محرم توفي القاضي العلامة صالح بن محمد العياني العنسي بصنعاء أخذ عن عمه القاضي أحمد بن صالح والعلامة عبد الرحمن الحيمي وغيرهما ورحل الى مكة فسمع بها البخاري والموطأ وأكثر صحيح مسلم على الشيخ العلامة محمد بن علي بن علان الشافعي المكي وله قرأة قديمة على العلامة الحسين ابن القاسم والعلامة محمد بن عز الدين المفتي وكان لطيف الطبع سهل الحال كثير المباحثة في الفنون ولو لمن هو دونه ورأيته بآخر مدته يملي شرح غاية السول على الفقيه العلامة الحسن بن محمد المغربي بمسجد داود وقبر بخزيمة . ونستفيد ان ذكر مقبرة خزيمة يرجع الى حدود 1679م وهذا على سبيل المثال وربما هناك مصادر فيها ذكر لخزيمة اقدم من ذلك ولا نحتاج للعودة اليها واكتفينا لعدم التطويل.
3- تاريخ التصوير : معروف ان أول صورة فوتوغرافية صورة التقطها جوزيف نيبس في عام 1825 ميلادي بفرنسا وبالتالي فان اسم مقبرة خزيمة يسبق صاحبه الصورة بما لايقل عن 146سنة اي قبل ميلاد التصوير بـ146 سنة
4- صاحبة الصورة الحقيقية : الصورة هي للراهبة سانت برناديت وولدت برناديت عام 1844 في فرنسا وهذا رابط فيه معلومات اضافية وصور اخرى http://www.coptstoday.com/Christian-Themes/Detail.php?Id=559 اذن اسم مقبرة خزيمة يسبق مولد صاحبة الصورة برنديت بـ165 سنة وبالتالي بطلان هذا الزعم .
يعاني التوثيق وخاصة الفوتوغرافي في اليمن من نقص في كوادره المتخصصة والمؤهلة كيف ترون واقع ذلك ؟
هي حقيقة مؤلمة بتواجد عدد قليل جدا يعدون بأصابع اليد مختصين بالتوثيق لتاريخ اليمن المصور ماعدا الفوتوغرافي الرائع عبد الرحمن الغابرة الذي يعد ذاكرة اليمن حيث كانت له بصمة كبيرة مع عدسته منذ الستينيات من القرن الماضي حيث وثق بعدسته اجمل المناظر السياحية والتاريخية لليمن في السهل والوادي والبر والبحر وكذا الشخصيات الفنية والثقافية والوطنية وكذا محمد السمة الذي وثق للحركة الرياضية في اليمن من خلال الصورة الفوتوغرافية ورجالات الرياضة والحركة الرياضية وهما ابرز من وثق الصور ة الفوتوغرافية فكانت الصورة الفوتوغرافية هي الوثيقة الحية التي ابرزت اماكن العلم والدراسة مثل مدرسة الايتام سنة 1925وكذلك الحركة الطلابية والانشطة وشخصيات كان لها الدور الكبير في تاريخ اليمن تخرجوا من هناك وبينت الصورة الفوتوغرافية وجود المدارس والمستشفيات والمصانع والمدارس العلمية
هل يوجد تاريخ محدد لتوثيق التاريخ اليمني من خلال الصورة الفوتوغرافية ؟
يمكن أن نحدد تاريخا لتوثيق اليمن المصور منذ بدايات الدخول العثماني والبريطاني لليمن شماله وجنوبه حيث وثق العثمانيون جانبا كما ذكرت وكذا البريطانيون منذ 1839 دخول البريطانيين عدن بالرسومات وقبلها البرتغاليون وقد تواصلت شخصيا بدعم مني من قبل لحبي وشغفي المركز التوثيق الروسي فأمدوني مشكورين بالعديد من الصور الفوتوغرافية وكانوا مستغربين حبي وشغفي وكذا عدم وجود مركز توثيقي كبير في اليمن يضمن جميع الاحداث المصورة وكذا الايطاليين تواصلت معهم فأبدوا تعاونا كبيرا وتشجيع لي شخصيا فأمدوني من ارشيفهم منذ 1926 حتى عام 1962 والبريطانيون ارشيفهم مفتوح وهو الذي وثق الكثير والفرنسيون والألمان اللذين من حبهم وشغفهم بالتاريخ اليمني عملوا لرحالهم نيبور تمثالاً وهو يرتدي الزي اليمني وهو الذي وثق الصورة من خلال الرسم لعدن وسواحلها وكيف الاحتلال .
لم يسلم التاريخ اليمني بشكل عام والتصوير الفوتوغرافي بشكل خاص من السرقة والسطو والتزوير كيف ترون ذلك ؟
لقد تعرضت الصورة الفوتوغرافية كما التاريخ اليمني بشكل عام إلى الكثير من الاستغلال والتزوير والانحياز لفئة او معتقد معين في التاريخ اليمني كلا حسب هواه وميوله ولذلك لم تكن المعلومة صحيح وأخفيت الكثير من الوثائق ومنها الصورة الفوتوغرافية حتى منع من عرضهن في عصور ماضية وبالتالي اختفت معها الحقيقة كما اسلفت بشكل عام فإن التاريخ اليمني ومن المصور تعرض للسلب والتزوير والتغيير والسرقة ومتاحف العالم تحكي بالصورة والتوثيق ذلك امام مرأى ومسمع اليمنيين ولكن لا تجد من يبحث ويعمل على استرداد كل ذلك الكم الهائل من الصور الفوتوغرافية والحقيقة ان من وثق لليمن من بريطانيين وايطاليين موجودات لم يخفوهن والالمان اي واحد يجدوه مهتم من خلال تعاوني معهم بالعكس كانوا اكثر تفهما وابدوا تعاون كبير لم اكن اتوقعه في امدادي بالصور طبق الأصل هم تعمدوا اخفاء ما لديهم من ارشيف مقروء ولكن الصورة ستفضح ما لديهم لأنها كما قلت سابقا هي اصل الحدث والتي تصنع الحدث وتقدمه بأمانة تاريخية مع عمل الطمس وحسب الحاكم وما يهواه وما يريد نشره مثلا ولا نذهب بعيدا في عهد الرئيس ابراهيم الحمدي لم نكن نعرف من صورة غير صورتين وهو يرتدي الكاب العسكري فقط حتى أتت الفرصة وظهرت الصور وكذلك الافلام كل شئ مخفي فكانت الصورة الفوتوغرافية هي الفاضحة لكل الطمس والتزييف للحقائق التاريخية وكيف كانت صنعاء القديمة وابوابها التاريخية والمدارس والمستشفيات فقالوا ان فترة الأئمة لم يكن فيها شيئا من الحركة العلمية والمستشفيات والمصانع وكانت الصورة حاضرة في توثيقها ولكن بسبب اخفائها غابت الحقيقة عن الشعب وغاب اصل الحدث فمثلا أول رئيس لليمن بعد قيام الثورة عبدالله السلال درس في مدرسة الايتام بصنعاء التي انشئت عام 1925 وتخرج منها ثم اكمل دراسته في العراق ومن خلال تتبع الصورة الفوتوغرافية وجدت حتى العراقيين وثقوا هذا الحدث واظهرتً الشخصيات العراقية مثل جمال جميل والبعثات العراقية التي جاءت لليمن من اجل التدريب للجيش في سنة 1935 فكانوا يوثقوا للطلاب والعثمانيين في عام 1926 كانت الصورة هي التي صنعت الحدث فكانت شاهدة عليه ….عندما صور الإيطاليين والتقطت صورة فوتوغرافية توثق أول نزول لطائرة شراعية في اليمن 1927الشمالي في مدرج مطار باروت خانة والصورة موجودة لدي وتم تدريب عشرة طيارين يمنيين في اليمن الشمالي وصورة لأول طائرة شراعية تنزل في عدن من خلال البحر نفس الفترة من الارشيف البريطاني والفيديوهات وأول سيارة تدخل اليمن في سنة 1922 ذكرها حيث كنت ابحث عنها فوجدتها وكانت مربعة الشكل ولذلك عندما تجد المعلومة الصحيحة تحس انك قد حليت لغزا كبيرا بجانب الصورة الفوتوغرافية .
تعرضت عملية التوثيق لديكم للكثير من الصعوبات والمنجزات وخاصة الصورة الفوتوغرافية كيف ترون ذلك ؟
وجدت معوقات وعقبات كثيرة فمثلا عندما كنت أنشر صورا فوتوغرافية كيف كانت اليمن في فترة الأئمة والسلاطين في اليمن يقولون عني رجعي ومتعصب وتذكرنا بالماضي الأليم فيتم تصنيفي على طول فمثلا عندما كنت انشر صورا عن زعماء مثل عبد الله السلال او قحطان الشعبي ان تمدح او تقدح بنظام جمهوري وانا موثق محايد لأي توجه او انتماء إلى إلى تلك الصورة الفوتوغرافية التي بها المعلومة التي تعبت عليها في اليمن فالباحث الحقيقي يجب عليها ان يكون متجردا من اي انتماءات انانية شخصية لا يميل لأي جهة عندما يوثق وخاصة للتاريخ والمعلومة انا اضع الصورة بمعلومتها الحقيقية وادع المشاهد لقناعاته وميوله التي لديه ليس خوفا من اي جهة ولكن ما تفتضيه الامانة والمصداقية لديه في نقل الحقيقة وهي عقبة كبيرة واجهتني لان الكثير من الصورة الفوتوغرافية فيها تلميع إما لشخصية او لحدث معين وبالتالي افتقدت الصورة الفوتوغرافية للمصداقية التي تعرض التاريخ مجردا وهذه اشكالية كبيرة وجدتها في كثير من الصور الفوتوغرافية التي التقطت ومن هنا جاء الطمس للحقيقة التي كانت تضمنها الصورة الحقيقية الذي فاهم لمكانة الصورة في الحدث التاريخي كنت اجد فيهم تعاون كبير واستعداد على منحي تلك الصورة لكن بسبب قلة المعرفة واهمية الصورة وجدت عدم تعاون وتقدير لتعبي ويرتاحوا بوجود احد يفهم التاريخ المطموس رغم وجود خوف بالذات في عهد الائمة بإجماع اكثر من وثق من الصور في الخارج لثقافة مغلوطة حتى قيام الثورة والمعرفة والحقبة وهنا اذكر في مسالة السلام الجمهوري والشعار الموجود هل تعلم انه لم يكن لدينا سلاما جمهوريا منذ 1962 حتى 1978 حيث كان لدينا سلام مصري نردده وهنا جاء دور الصورة الفوتوغرافية في الطير الجمهوري اتضح انه كان شعار حميري قبل 3000 ثلاثة الف سنة كان عبارة عن رسمة تحاكي الطير الحالي فارد جناحيه وهو قابض وكذا فيما يتعلق بالموروث الشعبي الجنبية او ما يسمى ( التوزة ) التي كان يلبسها غالبا القضاة وهي مائلة على جنب يلبسها السادة او القضاة اتضح انها هي الجنبية التي لبسها الحميريين والسباءين والقتبانيتين لها اكثر من ثلاثة الف سنة وتبقى من أهم المنجزات التي وثقتها الصورة الفوتوغرافية أثناء زيارة الرحالة الألماني ( نيبور ) لليمن لحقول البن حيث اتضح ان اليمنيين هم اول من اكتشف نبتة البن موثقة فوتوغرافيا وكيف كانت حقول البن وزراعته وتحويله الي مشروب قهوة لأنه كان يؤكل في الحبشة فاتت تسميات عالمية موكا كوفي وتم تصديره من المخا الصورة الفوتوغرافية كان لها دورا مهم في التوثيق للحدث وهي التي نالت الكثير من الشهرة والتوثيق وثم نقلها الامريكان وتم زراعتها اختصارا للمسافة في البرازيل .
هل هناك اقبال كبير على التوثيق الفوتوغرافي لعملية التوثيق لأي جانب يهم اليمن ؟
في الوقت الحالي هناك اهتمام من قبل الباحثين عن التاريخ ومعرفة الحقيقة من خلال التصوير الفوتوغرافي في السلم والحرب ولذا عملت في وقتنا الحاضر على الاستعانة بالتكنولوجيا من خلال انتشار مواقع التواصل الاجتماعي التي فادتني كثيراً في عمليات النشر والبحث والتعريف بمدلولات الصورة التاريخية وقيمتها الوطنية والتاريخية لليمن وللعالم حيث قمت مع مجموعة من الموثقين بإنشاء أول صفحة في 2011 على الفيس بوك وكنا أكثر من 400 مشترك ومتابع في الصحفة ثم ازداد عدد المتابعين ليصل الى أكثر من 200 الف من صفوة المجتمع من مثقفين ووزراء وسفراء في داخل اليمن وخارجها وهنا أتذكر الطبيبة الفرنسية ( كلوديا فاي ) التي زارت اليمن في الخمسينات من القرن الماضي لأكثر من ثلاث مرات حتى منحت الجنسية اليمنية تقديرا لجهودها والتي وثقت أجمل صور لصنعاء فبدأت أبحث عن تاريخها وما عملته من جهد وتواصلت مع أحفادها ووافونا بالعديد من الصور بشكل عام وقد وثقت عملها من خلال كتابها ( كنت طبيبة في اليمن ) إلى جانب عدسة الألمان سنة 1958 كأجمل الصور الفوتوغرافية وكانت بالألوان الطبيعية من المصدر لألمانيا الشرقية آنذاك فتم توثيق دخول أول هاتف الثابت المنزلي فقد دخل اليمن سنة1958 وكذلك اكتشفنا من خلال تلك الصور أن مصنع الغزل والنسيج انشأ سنة 1958 وكذلك ميناء الحديدة فكانت الصورة هي الفاصلة بيني وبينك ومن اخفاها فهي الفاصلة .
الملكية الفكرية وحقوق المؤلف هي ضمانة مهمة لأي عمل إبداعي خوفا من السرقة والتزوير وقانون دولي يضمن استرداد ما تم الاستيلاء عليه وتزويره كيف ترون واقع الملكية الفكرية بالنسبة للصورة الفوتوغرافية في اليمن ؟
الصورة الفوتوغرافية وخاصة التاريخية لا تملك في اليمن حقوقاً فكرية مطلقاَ ، كنت معارضاً كتابة اي محتوى وتعليق للصورة مطلقا كي لا تفقد الصورة رونقا ومصداقيتها التاريخية فقمت بتوثيق الصور بمجهود ذاتي وعلى حسابي الشخصي فكنت عندما اقتني أي صورة فتصبح ملكاً لي عندها أعمل على تدوين اسمي لأني أخذتها من مصدرها ودفعت قيمتها وكنت اذا اخذت مثلاً من أي ارشيف كالروسي أكتب عنواناً للصورة وأين مصدرها لأنها حقوق فكرية لا يجب التعدي عليها لأنك إن فعلت ذلك تتعرض للمسائلة والسجن والغرامات الكبيرة لأنك أخذت شيئاً لأتملكه ونسبته إلى نفسك لكن الواقع في اليمن غير ذلك حيث تجد من يكتب بالخط العريض تحت أي صورة حصل عليها بأنه الناشر الوحيد والأدهى والأمر أنه يأتي بمعلومات خاطئة عن تاريخ الصورة ، نعم تم استغلال الصورة الفوتوغرافية لغرض التشويه بأحداث اليمن وعمل اسقاطات خاطئة غالباً ما تكون كيديه وتخدم مصالحها الذاتية ولا تمت لواقع الحقيقة بسئ وتلك كارثة كبيرة وتكون الصورة بيد ناس جهلاء تلك مصيبة ولذلك أحزن كثيراً بعد جمع هذه الصورة الفوتوغرافية والتعب عليها لأ تفاجا بأن احدهم قد تعدى على تلك الصورة فقام بتزويرها وطمس الكثير من الحقائق عبر الفوتوشوب وانزالها بانها تخصه ولذلك عمدت على تدوين اسمي على كل صورة تخصني وامتلك ملكيتها دوناً عن الاخرين .
ماهي الألية المتبعة لديك في عملية جمع وتوثيق الصورة الفوتوغرافية كيف وكيف تتم معالجتها ؟
اعمد أخذ الصورة الفوتوغرافية من مصدرها الحقيقي الى جانب البحث والاطلاع على الجانب التاريخي للصورة التي اخذتها وجمع المعلومات عنها وما تناولتها الأقلام عنها وما حُكي عنها ثم انقحها بشهادات المؤرخين ودكاترة الجامعات ومن عاصروا تلك الأحداث حتى تكتمل الصورة الحقيقية للصورة الفوتوغرافية التي لدي وجميع أركانها كلها فأضع المعلومة وأذكر مصادرها كلها واذكر كل شيء لتكون واضحة مثل سيناريو القصة الدرامية وانا لا اعتمد على البرامج التي تطمس الكثير من الحقيقة كالفوتوشوب وبرامج التعديل لأنها أغلبها تعمل على تزور الصورة ولو بتعديل بسيط فيها ، ثم أقوم بمعالجة للألوان فقط وتنقية الألوان وعند طرحها أقوم بعرض الصورتين الأولى الأصلية التي أخذتها وكذلك الثانية التي تم تعديل الالوان فيها ، الفوتوشوب يغير من معالم الصورة ، فهناك تعدي عليها وطمس هويتها الحقيقية التاريخية فما بالك بتغير الاماكن والاشخاص باخرين وتلك مصيبة .
هل هناك عدداً تقريبياً لما جمعته في خلال مسيرتك التوثيقية لصور تاريخ اليمن ؟
جمعت أكثر من 100ألف صورة تاريخية بين الفترة ما بين 1879 الي عام 20000 تَحكي عن كل شيء سياسي ودبلوماسي واجتماعي وشخصيات لليمن شماله وجنوبه وما وثقته عدسات الاجانب الخارجي ومتخصص لهذه الفترة في مجال التصوير الفوتوغرافي ، ولديَ توثيق لما هو قبل ولكن عبارة عن وثائق مقروءة ـ لكن عمدت إلى توثيق وجمع الصور الفوتوغرافية لأنها أبلغ وثيقة ناطقة عندم تسترجع الماضي تشعر بالفرح والسرور هروبا من السياسة المقيتة فالجميع يبحث عن صورة تحرك مشاعرهم فكانت الصور التي تصف حياة الناس وأعمالهم وذكرياتهم وأماكنهم وخاصة التاريخية منها أكثر ما تجذب الناس في التعاون معي صور تحكي عن أيام المدارس وكيف كانت البلد ببيوتها وشوارعها وحوانيتها وبعض من الناس يرى في الصورة أنها تقلب الكثير من المواجع والأحداث الأليمة والمؤسف لأي حقبة من تاريخ اليمن رغم أنها هي الحقيقة ، لكن لابد من ذكرها لأن الصورة هي الصك لتوثيق هذا الحدث شئنا أم أبينا ، وهي الشاهد على العصر .
هذا التاريخ المصور لديك يحتاج لإقامة عدد من المعارض ، ماهي المعارض التي أقمتها سواء في الداخل والخارج ؟
للأسف الشديد كل تلك الوعود بإقامة معارض تدعمها الجهات التي تُعنى بالتوثيق والثقافة اكثرها وعدواً طارت في الهواء بل وجدت منها معارضة كبيرة وتهميش ونكران وهنا أتذكر شخصية هامة جدا في عالم توثيق الصور الفوتوغرافية التاريخية لليمن وهي شخصية (زكي إكرام ) فمن هو زكي إكرام ؟ نه تاجر سلاح عمل على عقد صفقات سلاح بين المملكة المتوكلة والشركات الالمانية وقد اطلق اسم زكي كرام على نوع من البنادق الألمانية وعندما قام عمر خالد وهو باحث مصري يحمل الجنسية الهولندي بالبحث عن زكي إكرام وجد أنه في الأصل كان طبيب أسنان أتى إلى اليمن في فترة الثلاثينات وكانت اليمن في تلك الفترة قد أخذت موقف الحياد من الحربين وقد تواصلت معه شخصياً فأبدى رغبته بزيارة اليمن وإقامة العديد من الندوات وعلى حسابة الشخصي ولكنني لم أجد تعاوناً من قبل الجهات المسؤولة عن الثقافة وتبين أن زكي لديه ارشيفاً من أجمل الأرشيفات عن تاريخ اليمن المصور حيث وثق أجمل الصور لصنعاء استفدت منه كثيراً وتلقيت عدة دعوات من بلجيكا والذهاب الى بروكسل شخصيا من زكي كرام ولكن ظروف الحرب كان لها أثراً سلبياُ على خروجي وإقامة أي معارض شخصية ، فأنا أدعم نفسي حيث ولست تاجراً مطلقاً غرضه الأول بيع فأنا اتعب وأبحث وقد وجدت دعماً أخويا من قبل قناة السعيدة التي تحتضن جميع المبدعين وتقدم الفائدة والمعلومة من خلال كل الألوان عبر مديرها التنفيذي مختار القدسي وتقديم برنامج ( اليمن تاريخ وصور ) حيث انقل كل تجاربي وما تتضمنه الصورة من أحداث مهمة للتاريخ اليمن بشكل عام بشماله وجنوبه لأن الصورة هي الجامعة والموحدة للتاريخ اليمني
كلمة أخيرة في نهاية هذا اللقـــــــــــــــــــــــــاء ؟
اوجه كلمة شكر لكل من جمع ووثق وعلى رأسهم المصور الفوتوغرافي الكبير عبد الرحمن الغابري الموثق الرائع وجميع المهتمين في الدولة اللذين أطالبهم بأن يفكوا القيد لمثل هذه الوثائق المصورة وأن يطلقوا العنان للمعرفة عن تاريخ اليمن فالتاريخ ليس كما ترونه دعوا الناس تعرف وهي امانه فالصورة عندي وثيقة لتاريخ وحضارة ويحضرني قول الشاعر الكبير احمد شوقي عندما قال : مثل القوم نسوا تاريخهم كلقيط عيَ في الناس انتسابا .
.