الدكتورجورج نادر..
معطاءٌ بلا حدود وعملة إنسانية نادرة في خدمة سورية
* بقلم : فريد ظفور
**مثلما يغني المطر..قصيدة تغفو على صدر الشجر والحجر..كما يتطاير اللحن من الوتر. حكايا الزيتون والريحان و الياسمين..ينتشي بعبيرها اطفال بلادي..فوق صهوات خيل المتعبين.بينما تهب ذاكرة الحنين بأضلعنا. نشتم رائحة المطر.حدث جلل يبدو كصبح بارد يمتد من شرق البلاد لغربها.ينساب مثل صبية ترنو الى ضوء القمر..حدث يقود العاشقين إلى المحطات والاخبار البعيدة عبر منصات التواصل الإجتماعي وأجهزة السفر لتتقصى الخبر..جسد يمتد فوق أركان البلاد ينقش إسمه بحب البشر..ذكرى هناك تضم أجنحة الحنين .ولا تمل من السهر وهو يوزع أوسمة الحياة على المتعبين وعلى الطفولة والمعذبين وعلى العيون الحزينة .وتاجك الآتي يصاغ من الذين تحبهم ويحبونك.وهم الذين اطعموك جوعهم حتى غنيت مثلهم للفقر.أيها الطبيب تعال إلى شروق لايقاوم في جراح القمرالدامي في كفربهم..حيث تبكي فوق أزقتها وحاراتها العصافير الشريدة حين تشخب بالغناء على فقيدنا الغالي جورج وهو يرتاح فوق سريره الأبدي..ليشكل نجمة في قلب كون عاشق تربة الوطن..
*البشر كما المعادن تصهرها نارالحياة..فيها الغث وفيها الثمين..وفي الليلة الظلمات يفقتقد البدر..أوراق الحياة كأشجارالخريف تتساقط واحدة تلو الأخرى..بالأمس تساقطت أوراق مجموعة بل كوكبة من مبدعي مشروع خوابي الثقافي..منهم..الفنانين التشكيليين محمود ضاهر وبسيم طيبا.والنحاتين نبيل الحسن وصادق الحسن ولؤي درويش.والمهندسين أحمد بلال ومحمدعبود..والمصورين المهندس سامر السباعي ونعمان عيدموني..واليوم يترجل فارس جديد عن صهوة حصان الحياة ..الدكتور المعطاء بلا حدود طبيب الأسنان جورج نادر ابن بلدة كفربو في ريف حماه..
*جورج نادر الأب الروحي للكثير من الأسر التي فقدت رب أسرتها..والبلسم الشافي للكثير من الجراح والجرحى في وطنه سوريا..بل وخارجها..أياديه البيضاء أضحت غيمة محبة بيضاء نقية صافية تقدم المساعدات المادية والمعنوية للكثير من الأسر المنكوبة في بلده الجريح .الدكتورجورج نادر..نادر بل وأندر من نادر بأن نفيه حقه لما قدمه لوطنه ولزملاءه..فهو شامة فارقة على خد زمن العطاء والتبرعات والهبات لعائلات لا يعرفها..سوى أن أحد ما ذكرها أو رشحها..ليكون عطاؤه قد سبق كلامه..جورج نادربكى عليه البشر والأشجار والعصافيروالحجارة والطرقات والدروب والشوارع والساحات والقرى والمدن..بل لقد سقطت الحروف والأبجدية صاغرة أمام كتاباته الأدبية والفنية.فقد كانت عطاءاته المادية والمعنوية الرافعة والدافع لمسيرة المشاريع الثقافية التي أحبها وعشقها وعشقته.ولا ننسى بصماته المميزة التي يعرفها الغادي والقريب في مشروع خوابي الثقافي بحمص..وبعدها أضحت إبداعاتهم على صفحات مشروع مدى..جورج نادر ومضات إبداعه ستبقى منارة للأجيال القادمة..فيها الفكر والفلسفة والنظرة المستقبلية والرؤيا الفنية للأجيال القادمة..ولقد حدثني الأستاذ قصي طعمة عن آخرحديث بينهما في آذار.عبرالمسنجر..بأنه أجل سفره لزيارة سوريا بناء على طلب أهله بأن الطقس بارد ولتكن زيارته في نيسان..ومن سياق الحديث سأله صديقه لازم ياجورج تتأهل وتكون أسرة..فأجابه لقد نسيت نفسي في زحمة الحياة والظروف الاجتماعية التي يمر فيها الناس في بلدي سورية..
*ياطبيب جراح العيون العميقة .من لجراحك غير الندى .والزهور الربيعية الأنيقة.من لجراحك غير الحقيقة..فأنت أوجدت حبلا من الرمل يمتد بين حزننا وبينك.حيث كتبت أغنية الشواطيء والبحر والامسيات الشعرية الأثيرة.وانت تسبح حتى تذوب القصيدة .ياقتيل المسافة والوجد.من فوق الرمال البعيدة .أيها الفارس الذي يمهد عرشا يضيء الشموع ويفتح أعين كل الورود ويطلق من شرفة بصماته الإنسانية أجمل العهود والوعود.في خريف المنى والغضب ..
أيها الطبيب ياقامة الريح في أوجها .قمر للظى ينتسب .فحلمك الإنساني يغري الورود بآذار.حلمك لاينتهي بانتهاء القصيدة..لانه بصمة على جدار الزمن وعلامة فارقة بالعطاء.ولا ينتهي بانتهاء المسافات مابين جمر الصقيع وجمر اللهب .فأنت قمر منير تألق بين سماءين أولاهما إنطفأت بالدخان وآخرهما إنطفات بالشهب..ولما أفاقت تاوه في عطرها نورس وبكى في غروب الشروق شراع..آه ياكفربهم..قد دججتك الجراح .. فوالده الأستاذ مخول نادر.الذي تربى في كنفه ونهل من علمه وعلم معاصريه.وقد تخرج من مدرسته الكثيرمن الكوادر التي خدمت وتخدم سورية..لكنك أنت ياجورج انتشار الرياح اللواقح وازدهار الفصول .واليوم وجك مزدحم بالسنابل والسوسنات..فماذا تقول فراشات برقك عند اختراق الشرانق قبل العبور.
وأما حبه للوطن وللمشاريع الثقافية فهو هاجسه أنّى حلّ أو ارتحل، فهو نزهة المجالس، وسميرها، ومحدّثها، وواسطة عقدها، يتسابق عارفوه ومحبّوه إلى دعوته، ليحظوا بحديثه الشائق،وكتاباته المميزة.والطبيب جورج واحد من عُشاق الثقافة، وحاملي رايتها، الذائدين عنها، استطاع أن يميّز أنه هامة ثقافية شامخة لمزاوجته بين العِلْم والأدب.
*نتألم ..نحزن..نصرخ..نناشد..نبكي..نشتكي..ولكنها الحياة ناموسها البداية والنهاية.. الولادة والموت..ولكل بداية نهاية..ورحم الله إنسان ترك أثرا طيبا بين أقرانه وأهله وأصدقاءه..فقد كان ومازال جورج الرقم الصعب والحرقة في القلب..نجمه لايأفل وأثره لايمحى..بصمة على جدار الزمن الصعب..وبلسم عطاء ترك غصة في قلوب الجميع ..لا سيما من كان سندعم وعراب دعمهم المادي للإستمرار في العيش..بوركت الام التي انجبته.والأسرة التي تربى في كنفها والبلدة التي رعت طفولته وشبابه.والوطن الذي درس وتخرج منه ليغادره ويخدم في الكويت..ولعل اسمه النادر يترجم شخصية الراحل جورج نادر.بصمة إنسانية وعملة نادرة. فقلما نجد أمثاله…يا صاحب النعش كان لك بين سنوات الحرب في سوريا معاني النور في المقل .فقد أعدت للعائلات عزتها.وكفكفت للأرامل الثكلى دموعها. وقدمت المساعدات المادية والمعنوية للقاصي والداني..فأنت اليوم تعانق السماء بزهو وكبرياء وتدق باب المجد بالخيلاء.عيد من العطاء يقبل ماردا.لانك كنت للثقافة وللإشراق خير رجاء.اقبلت كفربو. وضاح الرؤى.وخير معطاء.جئت فكنت لؤلؤة الصباح..وكان وقع وفاتك كالصاعقة مجلجلا.وكالرعود في كل ساح.فها نحن نزجي إليك أعلى وشاح لأنك كنت من أسباب النجاح في الصمود والحياة للكثيرين من الغلابة والمعوذين. .وعسى الكلمات تقف عاجزة عن تقديم أسمى آيات التقدير والشكر وواجب العزاء لأسرته المنكوبه ولذويه ولعشاقه من الفقراء والمحتاجين..فكل الرحمة للفقيد والصبر والسلوان لأهله ومحبيه..وعلى أمل ورجاء القيامة والحياة الأبديّة..
********************
** فريد ظفور..٢٢/٣/٢٠٢٢