كيف أنتج العلماء ضوء أعلى من ضوء الشمس بـ 10 بلايين مرة
في خبر علمي على موقع BBC بعنوان ‘Super-scope’ to see hidden texts بتاريخ 13 سبتمبر 1007 حول التجهيزات الخاصة بمعجل الجسيمات الذي يعرف باسم بالسينكلترون الماسي Diamond synchrotron الضخم في مدينة اوكسفوردشير Oxfordshire في بريطانيا والذي كلف بناؤه أكثر من 500 مليون دولار بحجم 5 ملاعب كرة قدم. وذكر الخبر ان هذا المعجل له القدرة على إنتاج ضوء مركز بقوة 10 بلايين مرة شدة ضوء الشمس. هذا ضوء قوي جدا وبالتأكيد التطبيقات التكنولوجية له سوف تكون لها أثرها على العديد من الاكتشافات العلمية.
يأمل العلماء في استخدام الضوء الناتج عن معجل السنكلترون الماسي لقراءة المخطوطات القديمة التي تعاني من الكثير من الأضرار التي أفقدتها محتوياتها. حيث سوف يساعد هذا الضوء الناتج على قراءة المخطوطات الملفوفة والتي تحتوي على الكثير من المعومات التي تهم علماء الآثار وعلماء الإنسانيات والباحثين في هذه المجالات وذلك لأنه حتى الآن لم يتسنى التعرف على ما في هذه المخطوطات لأنه يصعب فتحها وقراءتها حيث انها مخطوطات قديمة جداً وهشة لا يسمح أبدا بلمسها. وباستخدام معجل السنكلترون الماسي يمكن تسليط هذا الضوء القوي على هذه المخطوطات أو الكتب وقراءتها بدون ان تفتح!
يصدر عن السنكلترون أشعة اكس قوية يمكن توجيهها إلى هذه المخطوطات الملفوفة والحصول على صور ثلاثية الأبعاد لمحتوياتها من نصوص وصور. وباستخدام برامج الكمبيوتر المتخصصة يمكن للعلماء من فصل صورة المخطوطة أو الكتاب إلى طبقات ليتم إعادة بناء المخطوطة الكترونياً وتصفحها على شاشة الكمبيوتر. وقد تم بالفعل تجربة هذه الفكرة بنجاح على كتاب يعود للقرن الثاني عشر. حيث ان الحبر المستخدم في كتابة ذلك الكتاب يحتوي على الحديد وهذا مكن أشعة اكس من تكوين صورة لأثار الحبر على صفحات الكتاب.
وللعلم فقد تم اكتشاف أكثر من 800 مخطوطة في احد الكهوف في البحر الميت على حدود الضفة الغربية في فلسطين وتعرف باسم مخطوطات البحر الميت Dead Sea Scrolls. يعود تاريخ هذه المخطوطات إلى 200B.C أي 200 عام قبل الميلاد. وهذه المخطوطات في حالة حرجة جدا نتيجة الضرر الذي أصابها حيث انها كتبت على جلود الحيوانات ومع مرور الزمن تحولت مادة الكولاجين collagen إلى جلاتين gelatin وأصبحت آثار الكتابة مضمحلة جداً للعين المجردة. ويعتقد انها تحتوي على الكثير من المعلومات. ويأمل العلماء بعد المزيد من التجارب بإمكانهم قراءة محتويات مخطوطات البحر الميت.
معجل السنكلترون الماسي قادر على إنتاج ضوء قوي وبمختلف الأطوال الموجية والذي سوف يسهل على العلماء من الحصول على صور للأجسام على المستوى الذري. وفي الجزء التالي من الموضوع سوف نركز على فكرة عمل معجل السنكلترون الماسي ونستعرض المزيد من التطبيقات المتوقعة لهذا المعجل.
معجل السنكلترون الماسي The Diamond Synchrotron
يعرف أيضا باسم مصدر الضوء الماسي Diamond Light Source، وبدأ تشغيل هذا المعجل في يناير 2007. والجهاز المستخدم لإنتاج الضوء يعتمد على معجل الجسميان الأولية sub-atomic particle accelerator. والعملية تبدأ بمدفع الكتروني يقذف شعاع من الالكترونات في أنبوبة مستقيمة تسمى لايناك lanic تستخدم في تعجيل الالكترونات قبل إرسالها إلى المعجل السنكلتروني الدائري.
في تجويف المعجل الدائري تتسارع الالكترونات تحت تأثير فرق جهد يصل إلى 3Gev أي 3 آلاف مليون إلكترون فولت. ثم تدخل هذه الالكترونات بتوجيه مجال مغناطيسي كبير إلى معجل دائري اكبر لتعطي مزيدا من الطاقة لتصل سرعة الالكترونات فيه إلى سرعة قريبة من سرعة الضوء.
رسم توضيحي لمبدأ عمل معجل السنكلترون الماسي، في الوسط المعجل الخطي lanic والسنكلترون الدائري المركزي ثم في الخارج المعجل الدائري الكبير.
أنابيب مستقيمة تعرف باسم beamlines تمتد خارج المعجل الدائري الكبير. حيث ان الالكترونات المعجلة في مسار دائري تنتج إشعاع كهرومغناطيسي (ضوء). تخرج هذه الأشعة من الأنابيب المستقيمة المنتشرة على المحيط الخارجي للسنكلترون. الضوء الخارج من خلال هذه الأنابيب يستخدم في الكثير من التطبيقات منها فحص الأجسام على مستوى الذرة.
وقد صرح العلماء العاملون في هذا المشروع بان الضوء مفيد جدا حيث يمكن الحصول على ضوء في منطقة الميكروويف وحتى أشعة اكس، وبشدة عالية جدا تصل لـ 10 بلايين شدة ضوء الشمس أو 100 بليون مرة اشد من أشعة اكس المستخدمة في التطبيقات الطبية.
يعمل المعجل السنكلتروني الماسي 24 ساعة في اليوم (بدون توقف) ويقوم العلماء من مختلف أنحاء العالم بحجز زمن معين لاستخدام هذا الضوء في إجراء تجاربهم على محيط المعجل عند أطراف الأنابيب المستقيمة حيث تقوم الفرق البحثية بتثبيت معداتها وترتيبها استعدادا لبدأ التجربة في الموعد المحدد لهم. ويعلق احد العلماء في لقاء صحفي مع BBC بان استخدامات هذه المعجل سوف تؤثر على الأبحاث من منصات إنتاج النفط وحتى مصانع الشيكولاته.
وجدير بالذكر انه يوجد العشرات من هذه المعجلات في أنحاء العالم. ويتم إجراء العديد من الأبحاث العلمية التي نعرف عنها والتي لا نعلم عنها شيء وهي ليست أجهزة فقط لقراءة الكتب القديمة انما كان ذلك مثال على مدى عمق الأبحاث الممكنة لهذه التقنيات حيث انها أجهزة لها قدرات عجيبة تصل لتصوير الفيروسات ولدراسة المجالات المغناطيسية والأبحاث البيئية والطبية في مجال العلاج من الإمراض المستعصية مثل السرطان وحتى في اكتشاف مواد جديدة لتخزين المعلومات.
أترككم مع هذا الفيلم الوثائقي عن فكرة عمل السنكلترون الماسيhttps://www.youtube.com/embed/qjob1EOeM5M?feature=oembed