صبري روفائيل الفنان التشكيلي السوري فنان الحسكة الكبير ولون الشموس وألم الفقراء
22 أغسطس . 2021م
رحيل الفنان صبري روفائيل الفنان التشكيلي السوري فنان الحسكة الكبير ولون الشموس وألم الفقراء –
صبري روفائيل الفنان التشكيلي السوري ورحيل لون شموس فنان ألم الفقراء
قراءة نقدية : عبود سلمان العلي العبيد / سوريا
تسكن ظاهرة الفنان التشكيلي السوري الرائد الراحل (صبري روفائيل) فنان الحسكة الكبير.في عمق تاريخ الدراسات والبحوث التشكيلية. للجزيرة السورية في شمال سورية . حيث تبرق الأفكار الجمالية والفنية والتشكيلية من هناك . نظرا لتنوعها البشري والمعرفي والفكري . من خلال تنوع أطيافها البشرية التي تسكن المنطقة منذ ملايين الاحتمالات التاريخية والحضارية . حيث تنسجم كل تلك الأطياف والنوازع والانتماءات والرؤى تحت سقف الروح العاشقة للأرض والمكان والإنسان . وبشكل عميق . كي تضح عوالم الفنانين التشكيليين الرواد الراحلين القادمين من الشمال . وذلك لأهمية حضورهم الإنساني والجمالي وذلك بظواهر عمر الوفاء والإيثار والدهشة في أساطير القدم التاريخية . حيث قدم الفنان التشكيلي الرائد ( صبري رؤفائيل ) لحياتنا التشكيلية . كل اشكال الوعي الجمالي . في أطار إنسانية المواقف الإنسانية .التي تتبع الدراسات المعاصرة بالأفكار الجمالية والفنية . في المجتمع . بحيث يكون وعي الإنسان خاضع لنشاطه المادي والروحي والمعنوي . حيث جلاء العلاقة الجدلية . مابين قضايا الإنسان والحياة والحب والموت والخير والشر . وعوامل الضبط الإنساني . المخزون وفق ظواهر الحياة الكبرى . ولهذا سكنت أشياءنا كل عبق حميمية الأشياء الجميلة . بكل ماهيتها . في حقيقة صورة الوعي الكامل لمسألة جمال داخل الإنسان الجميل . حيث كانت إعمال هذا الفنان / المعلم / والرائد ( صبري روفائيل ) عالم من الإبداع والخلق والموهبة الواعية . الملتزمة بقضية الإنسان المسحوق . والمتطلع إلى الحب والحرية والاستقرار . وحياة الناس الطيبة . ولأنه وبدون مقدمات . كانت هموم الناس وقضاياهم الاجتماعية . والظلم الاجتماعي والثقافي . ودماء الفقراء والمساكين المسحوقين والتعساء . أهم صور أعماله الفنية التشكيلية الكثيرة . حيث ارتسم على وجوه شخوصه . تجربة الفن . تجربة حياة طويلة . مع تجربة قلق ضد الظلم . وقوى الشر. في صور انموذجاته المرسومة . وفق نماذجه البشرية التي تحاكي مأساة الإنسان . في الشرق . ولأنه ابن الأرض . وابن فضاءات الشمال السوري . وعمق تاريخ الجزيرة السورية . التي تعايش كل الظروف . ويسكن بها كل الطوائف والمذاهب والأعراق . والوجوه . والديانات والفلسفات . وصيرورة الحياة البشرية . حيث يشغله الخط الحياتي . بزرقة السماء كحلم ابدي . للأمل والحب والسلام . وصورة خضرة الأرض الذهبية . في سنابل الحنطة . لسهول الحسكة والجزيرة السورية . عندما تترك السنابل ملاىء بالذهب الثمين . لتنتفض عروق الأرض . وتزدهي زهر شقائق النعمان الحمراء . في حالة أبداع سماوي لا يكرر . سواء بالدقة والروعة . أو عبر رسمه لحقول عباد الشمس . في حقول هذه الأرض الخصبة . حيث تتداخل حمرة دم الفقراء في تعبهم ونار أشعة الشمس . في قيلولة الصيف . ومع استمرار النضال اليومي لعشق حب الفلاحين والعمال والمطحونين . وشفافية ألم الواقع . يأتي صور النقل الحرفي المشوب بالإبداع . ليكون الإنسان هو المكون الحقيقي . الذي يؤسس المعايير المعرفية الدقيقة . لحياة الفنان الشخصية والإبداعية . حيث تسكته امتلاك البداهة الفنية . والثقافة البصرية المتعمقة بالمعرفة الدقيقة . لحياة بيئة الفنان الجمالية . عندما يغرف منها ( صبري رؤفائيل ) مستوى الآلية الحسية والحركية والتشكيلية . راسم عمق الحرج الإنساني . بخصوره المخضب . على ذات النظرة التأملية الفلسفية التعبيرية . او عبر رؤى تجريد الألوان . عن حيزها المكتظ . بالنفوس ومفارقات القدر الإنساني والمكاني لإنسانه المرسوم بظلال لا تنتهي . وقد اتشحت الكثير منها بمعاني الحزن المقيم . والأمل الصبور . في غرة ملكوت تقديس وقفة تأمل الذات . المثيرة للدهشة والجدل . في عمق تجربة الفنان التشكيلي الشعبي التلقائي .العفوي . الرائد ( صبري رؤفائيل ) حيث كان له الحضور الخصب في ساحة الفن التشكيلي العربي والسوري والعالمي . عندما اغرق صالات العرض التشكيلية الرسمية . في الحسكة ودمشق وحلب وغيرها من المدن . بروحية الفنان المتمرس والمبدع والذي لا يهدأ . كبيكاسو جديد في عمق فنون التشكيل المعاصر بالجزيرة السورية . وقد تعلم على يديه الكثير . واستنسخ عنه الكثير . من طلاب الفن والألم والمعاناة . ليكون هو نسيج نفسه . وخصوصية ذاته المعذبة والقلقة . بحواف شتى . عاشت معه . في عمره الطويل . وكأنه المعلم الكبير . في تعاليم مساحات الإحساس والقيم اللونية . في أحساس صادق لذاتية الفنان الانفعالية . المرتبطة بشكل واضح بارتباطه اللصيق بالهموم اليومية . الاجتماعية . عندما يفرزها في محددته الشتى . قوامها التحويرات الإنسانية . في مداها الداخلي والتعبير وغنى القيم اللونية . التي ترفض رتابة حرارة اللون . وتجعل من طقس برودة المناسبات . مساحات و فضاءات أخرى . للحب والتعبير . في مؤشر حقيقي . لشخوصه المرسومة والمتناثرة . على عموم لوحاته الإبداعية . المؤطرة بأسرار البناءات الدرامية . والأصالة التعبيرية . الإنسانية . حيث رسم التكوينات الإنسانية ووجوه نساء الجزيرة العربية . بحس ايقوني . لا يخلو من خاماته المتوفرة . باقتصاديات اللون والعنصر الأكثر إثارة وبروزا . في سماته التصويرية التشكيلية . الواضحة . على قواسم القيم الاجتماعية المصورة . وروح الحالات القيمية المختزلة في اللاشعور . والتي تعج بالجماليات والإثارة والتوليفات لاستقرائه الداخلي . المولع بسياق الهم الإنساني والجمالي . حيث محتوى موضوعاته ومفرداته التعبيرية والتقنية في شخوصه . وأماكنه . شواء . بسمو فكرته . أو عبر صياغاته الشكلية التشكيلية . حيث واضح مقومات إعماله الإبداعية . بعالم البؤساء والمستضعفين . والحب العظيم لخارطة ثورات الجياع في الأرض . وعقدة الألم الإنساني . حين ترفرف دروب الشجاعة والإخلاص والأمطار والصلابة . والمواد الخام للحزن . ومن أعراس الفقراء وأحلام زخارفهم . في لباسهم وأحلامهم وزيت مصباحيهم . وأشياءهم الدبقة . وعنكبوت عراقيلهم . في فردوسهم الممنوع . الى شمسهم المقطوعة . بحرارة كاوية . حيث الطريق إلى العذاب . جحيم لا ينتهي . في سهول مرتفعات الذات والآبار والحقول . لمملكة العشائر والعائلات والقبائل الشمالية . إلى راية مراكب الأولياء الصالحين . في جبل البشري وسنجار ومرقدة والدرباسية وعامودا وقامشلوا والغنامية وحكاية الموزاييك السوري الجميل . تبقى أصابع هذا الفنان التشكيلي الرائد ( صبري رؤفائيل )أزهار مصبوغة بالدم الأخضر والشمس والأمواج اللونية والخطية . حيث العمال والفلاحين وأحرار العالم والبسطاء والشرفاء والأعناق الممطوطة وزمن البطولات . وأعياد النيروز ورقصات دبكة البنات . مع إزهار المدى البنفسجي . في غروب ذرى الجبال الشمالية . هي عنوان لوحاته . ومحتوى جمال ريشة الفنان ضد كآبة العالم . وقبح مسيرتهم الكبرى . حين تنقشع العتمة والظلمة . كي يستقر اللون . عالم من الأزهار والألوان والأفراح الحية . لتقول شمس الفقراء في لوحة ( صبري رؤفائيل ) بأنها جنة ألوان الفقراء . لوحته . حيث اللانهائية تبدأ وتنتهي .في أكليل ربيع شمالي . هو من أعمق أعماق قشرة الأرض الخصبة . لعالمه الفني والحياتي والتصويري . لهذا وسم اسمه بالصبر الجميل . واقترن اسمه برؤفائيل . كي يكون قريب من نجوم عصر النهضة الايطالية . وقد أحب الفنان العالمي رؤفائيل . وكان شغوف بكل دروب الفن . التي منحته العذاب والضياع والتشرد والإفلاس والثراء المعنوي والقوة والعمل والسعي خلف أهدافه المعلنة . لأنه انتصر إلى قيم الجمال . فرسم أحلامه ينابيعه أودية بنفسجية . وكأنها العيون الزرقاء بتمراحل ألوانه . حيث تنقل بين مراحله اللونية والخطية والتشكيلية . بدأ من قلب الفنان الرسام الساذج والفطري . إلى رحلة التمرس والعناد والمثابرة والاجتهاد . فصار في أسوار المدن الشمالية. عماد البيت التشكيلي الحسكاوي في الجزيرة السورية . ومنها انتقل إلى عواصم أخرى من العالم . حيث ازدهرت إعماله في صالات عرض كبرى . لتكون جامعة للمبدعين والتشكيليين عبر واقع المعاصرة . التشكيلية . في شفافية عبقه الإنساني لمكانة الفنون التشكيلية الجميلة . ودورها الوظيفي في حياة الشعوب . وهو الذي تناغم بصوفية حالمة مع روح الفنان المرحة والمشاكسة . بتدريجات كبرى . قد لا تتفق مع سيكولوجيا الإنسان المبدع . الجبار والقادر على صنع المستحيلات الإبداعية . في عالم اللون وضربات الريشة . لأسلوبية دقة أداءه التقني المنسجم أصلا. مع روحانية الفنان المجرب والخبير والمعلم والقدير . باعتبار أن الفن كان حياته وجزءا هام من مسيرة أيامه . رغم انه قضى عمره في مخبره اليدوي يصنع الخبر والحلوى . كي يقدم إنسانيته كمدلولات منطقة . لحياته في عمق زخم الأيام المعاشة . في ترحل دائم . قد لا يرحم . بشواهد عصره الاستهلاكي . المتجذر به هموم الناس ومشكلاتهم . في معاناة الناس البسطاء الكادحين . بذكريات طفولة لأترحم . في مدركات الحياة الكبرى . وهنا تكمن عمق أهمية تجربة الفنان التشكيلي الراحل صبري روفائيل الرائدة في حقل حقول الساحة التشكيلية العربية السورية في الجزيرة السورية.
******
“رئيف صبري روفائيل” الطبيعة تتحدث من جديد
- أيهم طفس –
- 25 نيسان 2009
«كثيرون رسموا الطبيعة، والطبيعة الصامتة، والأشجار والجبال والأزهار والغيوم ولكنني لم أرسم الطبيعة لمجرد أنها ملونة وجميلة بل استعدت من مخزونات ذاكرتي البصرية سيمفونية ألوان لأركبها وأؤلف بين أجزائها الصغيرة لوحات فنية متوخياً الانسجام فيما بينها». بهذه الكلمات ابتدأ الفنان التشكيلي “رئيف صبري روفائيل” كلامه عن فنه لموقع eHasakeh باللقاء التالي:
** “رئيف صبري روفائيل” من مواليد “الحسكة” 1961 درست التصوير دراسة حرة وعضو نقابة الفنون الجميلة ومشارك في جميع معارض نقابة الفنانين التشكيليين في المحافظة والقطر.
الفنان رئيف في المرسمهل لنا أن نعرف الأساليب التي تتبعها في فنك؟
** اعتمدت أسلوب المزاوجة بين البقع اللونية المتحركة التي تأخذ شكلاً هندسياً أو زخرفياً محدداً، بل تموج وكأنها غيوم متداخلة، زاوجت بين هذه الأرضية اللونية والخط الذي بدأ يظهر بوضوح في أعمالي، الخط الذي يوحي بالشريط اللولبي المتحرك، وكأنه خط من الضوء يرسم أشكالا إنسانية دون أن يقف عند نقطة معينة من هذا الشكل، كما أننا نلاحظ أن الشكل يتلازم مع المضمون وان المعالجة الخطية واللونية تتبع في مسارها الهدف الأساسي لي كفنان فإذا كانت لوحاتي عنيفة في المضمون، كانت خطوطي عنيفة ومتكسرة وذات دلالات صارمة وجادة وصلبة، واذا كانت الفكرة شاعرية وشفافة، مرتبطة بالحب، بالطبيعة، بالإنسان، بالشجر، بالورد، بالمرأة… نجد أن الخطوط تحولت لتعكس بشكل من الأشكال هذا المضمون الجميل والشاعري والشفاف.
من أعمال الفنانلماذا ركزت في الآونة الأخيرة على رسم الطبيعة الصامتة؟
** اتجهت في الآونة الأخيرة إلى رسم الطبيعة الصامتة بنهمٍ شديد فستوحيت مواضيعي من عناصر أتعايش معها يومياً، متأملاً الأشياء البسيطة والتي قد تكون مهملة وقد لا تلفت نظر أحد إليها وهي مجرد سطوح أو حجوم أو ألوان مبعثرة أو أشكال فقدت هويتها الوظيفية وتحولت بحكم إهمالها إلى مجرد بقايا، أنظر إليها فأجد فيها قيمة أو مجموعة قيم في الظل والنور، في المساحة، في ملمس السطح، في اللون، في الشكل الجزئي أو الشكل الكلي، في علاقة الخطوط المتشكلة لهذا الشيء المهمل وأحاول أن نجد فيها شيئاً جديداً في البحث عن الجمال الفني وليس الجمال الطبيعي، ومن المعروف أن الجمال الفني هو من صنع الفنان أما الجمال الطبيعي فهو المتوافر في الطبيعة كالوردة والشجرة والمرأة الجميلة، أما الجمال الفني فهو إعادة صياغة الشكل الموجود في الطبيعة دون أن يشترط أن يكون جميلاً، فهو تمثيل جميل لشيء ما ليس مفترضاً فيه بالضرورة أن يكون جميلاً.
الطبيعة الصامتةمن الشخصية التي أثرت فيك كفنان في “الحسكة”؟
** أستطيع القول بأنني أكملت مسيرة والدي الفنان الراحل “صبري روفائيل”، هذا الاسم الذي يبقى محفوراً بالذاكرة، هذا الفنان الراحل تعب كثيراً وعمل كثيراً في خدمة الفن والفنانين، كما انه واحد من الركائز التي نهضت عليها الحركة الفنية التشكيلية في هذه المحافظة وفي سورية، تتلمذ على يديه فنانون كثر وقد كان من أكثر الفنانين إنتاجاً ونشاطاً ودأباً على العمل، رسم الأم، رسم الزوجة، رسم الأولاد، رسم الفلاحين، وضعهم جميعاً في لوحاته الكبيرة والصغيرة كان يمزج بين خلفية اللوحة والشكل الذي يرسمه، يكره التفاصيل في اللوحة، ويمر على الجزئيات بسرعة متجاوزاً أشياء كثيرة صغيرة لا يقف عندها سواءً كان في الملابس أو في جزئيات الزينة التي تضعها المرأة التي يرسمها، تعددت أساليبه وتنوعت تجاربه، إنه حقاً كان مدرسة فنية. هل لنا أن نعرف المزيد عن لوحاتك وأساليب تفننك في اللوحة؟
** اللوحة الفنية لدي تضم مجموعة علاقات خطية ولونية منها العمودي ومنها الأفقي المائل، حسب نظرية تجمع خطوط المنظور، انطلاقاً من مصدر النور الوحيد في اللوحة، أما حركة الضوء في اللوحة بشكلٍ عام فهي خافته عن بعد، واضحة صريحة محدده عن قرب سواء اللمسة الضوئية على الجانب الأيمن من وجه المرأة أو على أصابع يدها اليسرى، أو على ظهر القطة أو على الجهة المقابلة للقمر أو على الأزهار أما الضوء الشديد الذي ركزت عليه فهو في ارض الغرفة بين الكرسي والأزهار. ما المعارض التي شاركت فيها؟
** الحقيقة كان لدي العديد من المشاركات الخارجية والداخلية حيث قمت بعرض لوحاتي في استراليا وفي سورية، بالإضافة إلى العديد من المعارض الفردية والمشتركة التي أذكر منها معرضاً فردياً بـ”الحسكة” بتاريخ 28/9/1999 ومعرضاً فردياً بالمركز الثقافي العربي
بـ”دمشق” بتاريخ 24/3/2001 بعنوان تحية إلى “صبري روفائيل”، ومعرضاً مشتركاً مع
“جورج ميرو- وجول كبك” في مركز التربية بـ”الحسكة” بتاريخ 11/4/2001.