عبد الهادي العاني
في هذه المقالة سنتكلم عن إحدى طرق الإضاءة والتي تسمى الإضاءة الجانبية – Side light وعن أهميتها ولماذا يهتم بها السينمائيون بشكل كبير في أعمالهم.
ماهي الإضاءة الجانبية – Side light
الإضاءة الجانبية – Side light هي تقنية في الإضاءة يتم تسليط الضوء من أحد جوانب العنصر المراد تصويره.
مميزات الإضاءة الجانبية – Side light
تكاد تكون الإضاءة الجانبية موجودة في كل مشهد سينمائي تقريباً، نظراً لطبيعة هذه الإضاءة، فهي أقرب للإضاءة الطبيعية بالنسبة للعين البشرية، كما أنها توفر محاكاة للعناصر المحيطة للعنصر المراد تصويره.
من الأمور المميزة أيضاً التي قد لا ينتبه لها الكثيرون هي إستخدام هذه التقنية لمحاكاة إضاءات النوافذ والمشاعل والنيران وغيرها من العناصر التي تظهر في المشهد كالمثال التالي الواضح تماماً من الفيلم الروسي T-34 :
لاحظوا كيف أن الفانوس الظاهر في المشهد لا يضيئ إلا نفسه عملياً، ووجدوه هو مجرد ديكور فقط، بينما الإضاءة الأساسية التي تنير وجهي الممثلين هي إضاءة جانبية ناعمة من الجهة المعاكسة للكاميرا، لذا فقد تم إستخدام هذه الإضاءة لإضاءة المشهد ولمحاكاة العناصر في الصورة، فلون وجهة الإضاءة لا يكون عشوائياً.
أنواع الإضاءة الجانبية – Side light
عملياً لايوجد تصنيف مُعتمد للإضاءة الجانبية – Side light، لكن سأقوم في هذه المقالة وللتبسيط بتقسيم الإضاءة إلى قسمين:
- الإضاءة الجانبية على محور الساعة 9 والساعة 3
محور الساعة هو طريقة لتحديد الإتجاهات بالنسبة لعنصر ما، في حديثنا حالياً عن الإضاءة، فإنه عند قررت تقسيم الإضاءة لقسمين كان ذلك بحسب التأثير الذي تشكله الإضاءة على العنصر.
في هذه الحالة تحديداً حين تكون الإضاءة في زاوية 3/9، نلاحظ أن الإضاءة تشكل ظلال على الوجه فتقسم الوجه إلى نصفين نصف مضاء والنصف الآخر مليئ بالظلال، هذا الفصل بين الضوء والظل، قد يساعد في رواية القصة.
- الإضاءة الجانبية على محاور الساعة 10 والساعة 11
في هذه الحالة حين تكون الإضاءة في زاوية مابين الساعة 10 / 11، نلاحظ أن الإضاءة تشكل ظلال على الوجه دون أن تقسم الوجه إلى نصفين، حيث أنها تضيء جانب من الوجه، وتشكل بقعة إضاءة خفيفة على القسم الثاني من الوجه، تسمى رامبرانت
ماهي تقنية رامبرانت
تقنية رامبرانت هي تقنية في الإضاءة الجانبية لها علامة محددة، بحيث إذا تم تطبيقها بالشكل الصحيح سيظهر مثلث على أحد الخدين مكون من ظل الأنف.
تحدثنا سابقاً عن تقنية رامبرانت حين قمنا بتحليل مبسط لتقنيات الإضاءة السينمائية في مسلسل alias grace في المقالة التالية : هنا
إذا أصبح لدينا نوعين من الإضاءة الجانبية وفقاً لما تشكله من ظلال ومظهر على وجه الممثل : الإضاءة التي تقسم وجه الممثل بالمنتصف بين الإضاءة والظلال، والإضاءة التي تضيئ أحد أقسام وجه الممثل وتشكل علامة رامبرانت على الطرف الآخر.
الإضاءة الجانبية من وجهة نظر الكاميرا
تكلمنا أعلاه عن الإضاءة الجانبية من وجهة نظر الممثل، لكن ماذا عن وجهة نظر الكاميرا ؟ وما هي التقنيات المتبعة للحصول على مشهد مضاء بطريقة سينمائية ؟
هنالك نوعين بالنسبة لمكان الإضاءة وفقاً لمكان الكاميرا :
– الإضاءة البعيدة
ترمز إلى أن الإضاءة تكون في الجانب المقابل من مكان الكاميرا، هل تذكرون قاعدة 180 درجة في زاوية الكاميرا؟، تخيلوا معي أن الكاميرا في جهة من تلك القاعدة، وأن الإضاءة في الطرف المقابل، هذه التقنية في توزيع الإضاءة مُعتمدة بشدة في الأفلام لما تخلقه من تضاد و تباين لاحظوا الصورة أدناه:
لاحظوا وجه الممثل وكمية التباين بينه وبين الخلفية المضاءة، لاحظوا الظلال المشكلة على الطرف القريب من الكاميرا.
– الإضاءة القريبة
ترمز إلى أن الإضاءة تكون في نفس جانب الكاميرا، هذه التقنية في توزيع الإضاءة لا تستخدم كثيراً على عكس سابقتها البعيدة، تخلق هذه الإضاءة، نوعا ما من الجو الطبيعي وغير الدرامي، بالطبع يمكن إستخدامها بحسب الحاجة وحسب المشهد، لكن عملياً قلما تجد توزيع للإضاءة بهذه الطريقة.
ملاحظات عامة
لا يمكن للإضاءة الجانبية أن تكون موجودة بشكل إعتباطي عفوي، بل على العكس، الإضاءة الجانبية لها أن تحاكي ضوء نافذة أو موقد أو مصدر ضوء طبيعي أو صناعي في المشهد، بالتالي فعلى مدير الإضاءة والتصوير، إستخدام الإضاءة بحسب المعطيات الموجودة في الموقع، لاحظوا المثال أدناه، نعلم تماماً أن الضوء الموجود على المكتب لايكفي لإضاءة وجه الممثل فيزيائياً، لكن وجوده في المشهد يوحي لنا أنه هو مصدر الضوء بينما هنالك ضوء خارج الكادر يضير كامل الممثل، التناغم مابين الإضاءة العملية – practical (في هذه الحالة الغلوب على المكتب الظاهر في المشهد) وبين الإضاءة المستخدمة لإضاءة الممثل هو ما يشكل النمط السينمائي والتشكيل الصحيح للإضاءة، لاحظ أن الإضاءة ليست قوية ولونها مماثل للون إضاءة practical
كذلك الوضع بالنسبة للنوافذ، حيث يمكن إستخدام الإضاءة عبر محاكاة ضوء النافذة، وبالتالي إضاءة المشهد دون حاجة لتبرير وجود الإضاءة.
في المرة القادمة التي تود توزيع الإضاءة في مشهدك، تذكر إستخدام العناصر الطبيعية في المشهد، إن كان هنالك نافذة إستغلها لتبرير الضوء الجانبي، إن لم يكن، ضع في حسبانك إستخدامك للإضاءات العملية – practical لتبرير وجود الإضاءة، تذكر أن المشاهد ذكي وسيسأل ما الذي يضيء الممثل ؟ إليك مجموعة من المشاهد التي تم إضائتها بواسطة إضاءة جانبية لاحظ المشهد ومكان ولو الإضاءة والمبرر لوجود تلك الإضاءة :
إلى هنا نكون قد تكلمنا عن الإضاءة الجانبية – Side light وكل ما يتعلق بهذه التقنية في الإضاءة، أود تذكيركم أنه وفي حال وجدتم أي إستفسار، بإمكانكم إرسال إستفساراتكم عبر حساباتنا في مواقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، تويتر، إنستاغرام، أو ترك تعليق أسفل هذه المقالة، كما بإمكانكم الإشتراك بقناة التلغرام ليصلكم محتوى حصري ومتابعة جديدنا أولاً بأول.
دمتم مبدعين