فقدت الأوساط الفنية التشكيلية الفنان بسام جبيلي عن عمر ناهز أربعة وسبعين عاماً تاركاً إرثاً فنياً في النحت والرسم والتصوير الحديث.
ابن حي الحميدية بحمص عشق مدينته فكانت لوحاته وأعماله بصمة لجمال طبيعتها وأزهارها وتراثها الحضاري متفرداً بأعماله التي مزجت بين الإرث التاريخي للفنون القديمة والحداثة وكان القاسم المشترك بينهما العقلانية والحسية في التصوير والنحت.
ظهر إبداعه في الرسم منذ الطفولة ولاقى تشجيعاً من الأهل فبدأ برسم الطبيعة ثم اتجه إلى الإنسان مكوناً لنفسه فلسفة خاصة به في التعبير عن انفعالاته الحسية والحركية معتبراً أن الفن تجربة حداثية والفنان المبدع في ابتكار دائم لا يقف عند نمط واحد.
أحب التشكيل مع أنه حمل إجازة في العلوم الاقتصادية فدرس في مركز صبحي شعيب للفنون التشكيلية وطور تجربته فتعلق بفني التصوير الفوتوغرافي وفيديوهات التحريك على الكومبيوتر وبرع فيها واعتبرها أسلوباً للوصول إلى ضبط الحساسيات السمعية البصرية الحركية فأبدع عدة نتاجات بهذا النوع من الفنون كان أولها عام 2014 بعنوان (الأشجار تموت واقفة) وأخرى عام 2016 بعنوان (صندوق باندورا).
رئيس فرع اتحاد الفنانين التشكيليين بحمص اميل فرحة أكد أن الراحل جبيلي من أهم فناني حمص وسورية وله تأثير كبير على الحركة التشكيلية من خلال ما قدم من تجارب مهمة خاصة أنه عاصر نخبة من أهم الفنانين.
حنان سويد
تابعوا آخر الأخبار عبر تطبيق تيلغرام على الهواتف الذكية عبر الرابط:
تابعوا صفحتنا على موقع (VK) للتواصل الاجتماعي على الرابط:
قراءة في لوحة
بسام جبيلي: ريشة تروض الأسطورة
التاريخ: 25 مايو 2008
تمثل اللوحة تجربة لدى الفنان بسام جبيلي التي كونها بأناة وصبر واجتهاد وتمايز، رغم أنه تعلم الفن بشكل ذاتي، وعكف على ممارسته بشقيه: التصوير والنحت، بكثير من الجديّة والدأب والصمت، حتى تمكن من رسم ملامح خاصة به، يتفرد بها اليوم عن باقي التجارب التشكيلية السورية.
تقوم تجربة الفنان جبيلي، على مزاوجة بارعة ومنسجمة، بين قيم الخط (الرسم) واللون، ولشدة ولعه بالرسم والنحت، يتعانق الفنان في غالبية لوحاته، إذ إن العناصر والهيئات لديه، تتفرد ببنية شكليّة معماريّة حجمية، مدروسة بإسهاب: رسماً ولوناً، ظلاً ونوراً، تشريحاً واختزالاً، تبسيطاً وحركة، ما يجعلها قريبة الشبه، من الحجوم النافرة والمجسمة، المنضدة بانتظام وترتيب، فوق أرضية اللوحة التي لا يغيب الإنسان عنها.
هذه المقومات والخصائص مجتمعة، تختزلها لوحته «الفارس والتنين» التي يزاوج فيها بين الحالة الراهنة والأسطورة، عبر جملة من الرموز، منها المرأة المجسدة للجمال والأرض والوطن والقيم النبيلة، والتنين المجسد للعدوان والشر والطمع والبشاعة، والفارس المقاوم، الشجاع، المدافع عن القيم النبيلة في حياة الإنسان.
الفارس مع التنين، رمزان استعارهما الفنان جبيلي من الحكاية الشعبية «مارجرجس» أو «الخضر» لكنه عالج التنين بصيغة ميكانيكية ليبدو كالآلة، إشارة إلى عصرنا المنتهك بإفرازات التكنولوجيا، وسطوة الآلة، وقوة تدمير الأسلحة الحديثة وبشاعتها، وبالمقابل، قدم الفارس عارياً، تدليلاً على نبله وطهارته وشجاعته، وكذلك فعل مع الحصان الملتفت إلى فارسه، بحب وتعاطف وتضامن وألفة.
التكوين المؤلف من الفارس والحصان والمرأة والتنين، يغطي كامل مساحة اللوحة، وهو ضاج بالحركة، شكلاً ولوناً. يعتمد الفنان بسام جبيلي (مواليد حمص 1946 ) في معالجة أعماله عموماً، على التلخيص، والإيهام بالتجسيم، من خلال التدرج اللوني، والرسم الدقيق، واعتماد المساحات اللونية الواسعة المشغولة بتمتمات ناعمة، وهو يتمتع بمواصفات الرسام والملون، والنحات يُطل بوضوح، من بنية أشكاله، وهكذا فإن بسام جبيلي فنان استطاع بريشته أن يروض الأسطورة بأسلوب بارع.
الفنان التشكيلي في سطور
ـ بسام جبيلي فنان تشكيلي من مدينة حمص السورية
ـ عضو في هيئة تحرير جريدة السنونو ومشرفها الفني.
ـ شارك في عدة معارض جماعية داخل وخارج سوريا.
ـ اشتغل على مجموعة لوحات بور تريه استلهام من بروتريهات الفيوم الشهيرة وهي من أشهر اللوحات العالمية في العصر الروماني المصري ـ الفرعوني ـ وهي تصور الوجه البشري بطريقة حديثة وتحكي عن فلسفة الموت والحياة والشحنة الإنسانية الأبدية.
ـ يعبر الفنان بسام جبيلي عما ترسّم في داخله من مشاعر وعواطف لوحات جديدة من نوعها تكونت حصيلة اربعين سنة من الكد والجد والعمل المتواصل في بناء ثقافته.
ـ التجريد برأيه فن بالغ الصعوبة وهو فن يرفض الدخلاء، وهو في بلادنا مازال فنا ملتبسا للمشاهد غير المؤهل وللفنان السطحي على حد سواء.
ـ الفن حسب قوله، هو الهاجس الجمالي الشخصي الخاص بالفنان، والعشق الذي يسكن العقل والقلب ومن دونه تصبح الأدوات ومن ضمنها الكمبيوتر وسائل مجانية لا طائل تحتها.