قد لا تكون شاشات العرض ثلاثية الأبعاد كافية للإحساس بالمشهد كاملاً، فهناك من لا يريد ارتداء نظارات خاصة ليدخل إلى المشهد، بل يريد من المشهد أن يخرج ويتجسد أمام عينيه، فعن طريق تقنية العرض الهولوجرامي يمكن عرض صورة مجسمة بأبعاد حقيقية، وكأنّك ترى صاحب الصورة الحقيقي أمام عينيك، وليس هذا خيالاً علميًا، فقد بات الأمر حقيقيًا، كما أنّ الفكرة ليست مستحدثة فقد بدأت منذ العام 1947 عندما تم التوصل للتصوير المجسم من قبل العالم دينيس جابور “Denis Gabor” في محاولة منه لتحسين قوة التكبير في الميكروسكوب الإلكتروني، ولأن موارد الضوء في ذلك الوقت لم تكن متماسكة، فقد ساهمت في تأخر ظهور التصوير المجسم إلى وقت ظهور الليزر عام 1960، وفي العام 1962 أدرك العالم جيوريس اوبتنيكس “Juris Upatnieks” والعالم إيميت ليث “Emmitt Leith” من جامعة ميتشجان الأمريكية أن الهولوجرام يمكن أن يستخدم كوسيط عرض ثلاثي الأبعاد، لذا قرّرا قراءة وتطبيق أبحاث العالم جابور ولكن باستخدام الليزر المتماسك أحادي اللون، وبالفعل نجحا في عرض صور مجسمة بوضوح وعمق واقعي.
تعمل تقنية العرض التجسيدي على اسقاط حزمة من أشعة الليزر على مجزئ للأشعة (Splitter) فتنقسم إلى جزأين ينفذ الجزء الأول من الأشعة ليصل إلى مرآة متساوية مثبتة فتنعكس الأشعة لتسقط على اللوح الفوتوغرافي وتسمى بأشعة المرجع (Reference beam)، ويسقط الجزء الثاني من الأشعة على الجسم المراد تصويره وتنعكس هذه الأشعة من جميع نقاط سطح الجسم حاملة للمعلومات عنه لتصل اللوح الفوتوغرافي وتسمى هذه الأشعة بأشعة الجسم (Objective Beam).
تلتقي آشعة المرجع وآشعة الجسم على اللوح الفوتوغرافي وتكون النتيجة نمط مركب من تداخل تلك الأشعة يسجل على اللوح الفوتوغرافي وبعد تحميض اللوح الفوتوغرافي يظهر نمط تداخل الأشعة في صورة مناطق مظلمة وأخرى مضيئة ويسمى هذا اللوح بعد تحميضه وتسجيل نمط التداخل عليه بالهولوجرام يلزم بعد ذلك إعادة تكوين الصورة وذلك بإضاءة الهولوجرام بالأشعة المرجع وبالنظر خلاله تظهر صورة مجسمة تماثل الجسم تماما مسجلة لجميع دقائق الجسم بأبعاده الثلاثية. ويمكن تسجيل أكثر من صورة واحدة على نفس اللوح الفوتوغرافي وذلك باستخدام عدد من الأشعة المرجع في اتجاهات مختلفة وتكون كل صورة مستقلة عن الأخرى، كما يمكن تسجيل عشرات الصور على هولوجرام واحد وذلك باستخدام ثلاثة حزم من أشعة الليزر ذات ألوان مختلفة ويضاء الهولوجرام في هذه الحالة بالأشعة البيضاء.
أثارت فكرة العرض التجسيدي مخيلة الكثير من المبدعين؛ فهي تقنية يمكن تطبيقها في الكثير من المجالات ابتداءً من الألعاب في المنزل وحتى المحاضرات الجامعية، وهناك آفاق كثيرة ستفتح بتطبيق هذه التقنية إذا تم تخطي الصعوبات التي تواجه تطبيقها، فالمعدات اللازمة مرتفعة التكلفة وغير مناسبة للأفراد، كما أنّ نقل البيانات نفسها قد يشكل عائق، فهي ليست مثل الصور وملفات الفيديو العادية، وتحتاج إلى صيغ وامتدادات خاصة بها بحيث يسهل التسجيل والعرض من خلالها، وإذا تم ذلك بصورة عملية وبتكلفة معقولة، فإنها ستحدث ثورة في صناعة أجهزة العرض، وستدخل في مجالات كثيرة .فمن خلال هذه التقنية ستظهر ألعاب فيديو جديدة أكثر واقعية وإثارة، كما أنّ المشاهد السينمائية ستكون بأبعاد ثلاثية دون استخدام نظارات.
وقد تظهر أجهزة هواتف بإمكانية عرض تجسيدي مما يحدث نقلة في عالم الإلكترونيات.
وحتى خرائط جوجل قد تصبح مجسدة.
كما يمكن تطبيق هذه التقنية في غير مجال الترفيه، حيث يمكن عمل متاحف أثرية تعرض التحف النادرة بأبعاد حقيقية، وقد قامت شركة تويوتا بالفعل بعمل معرض هولوجرامي لسياراتها في أحد مراكز العرض بالمملكة المتحدة لتظهر سيارات تويوتا مجسمة في الهواء تدور حول نفسها
ويمكن أيضاً أن تستخدم كوسيلة تعليمية سواء في التفاعل مع المادة العلمية، أو تسجيل المحاضرات بأبعاد ثلاثية مما يوفر تكلفة استدعاء أحد المحاضرين العالميين للتدريس في جامعة معينة، فيتم إلقاء محاضرة في عدة جامعات في آنٍ واحد.