البداية عند «ابن الهيثم»
التصوير الفوتوغرافي من فكرة إلى طفرة: أقدم لقطة من نافذة غرفة.. وأول «سيلفي» عام 1839
- أقدم صورة موثقة على المستوى العالمي التقطها المصور الفرنسي جوزيف نيسيفور نيبس قبل 194 عامًا من نافذة غرفته
- التُقطت أول صورة فوتوغرافية ملونة على يد الفيزياوي الاسكتلندي ماكسوين عام 1861
رُب صورة بألف كلمة، فمن منًا لم تقع عيناه على لقطة فوتوغرافية جذبت انتباهه، ولمست مشاعره عبر حمل تفاصيلها معان أبلغ من تلك التي وثقتها سطور المؤرخين. من منًا لم تضحكه صورة، أو تبكيه أخرى، وكم من صور وثقت لأدلة صححت منظور العالم حول إحدى الوقائع التاريخية. وفي التقرير التالي نتناول نشأة التصوير الفوتوغرافي وتطوره، عبر بانوراما مصورة لمجموعة نادرة من أقدم الصور الموثقة تاريخيًا قبل قرنين من الزمان، منذ تعرًف العالم على التصوير الفوتوغرافي، في منتصف القرن التاسع عشر :
«ابن الهيثم».. طلقة البداية
اكتُشف التصوير الفوتوغرافي في النصف الأول من القرن التاسع عشر؛ رغم أن إرهاصات اختراع الكاميرا امتدت بين القرنين الحادي عشر وحتى الثامن عشر ميلاديًا؛ إذ كانتطلقة البداية على يد العالم العراقي، الحسن ابن الهيثم، عبر تقديمه وصفًا واضحًا لفكرة عمل الكاميرا في القرن الحادي عشر، بين العامين 1021و 1039 ميلاديًا.
تجددت المحاولات منذ القرن السادس عشر حتى الثامن عشر،بدءًا من ابتكار، جوهان ستورم، آلة التصوير العاكسة ذات المرآة المائلة عام 1685 ثم مرورًا بمحاولة الفيزيائي الألماني،جونان شولزأ نتاج صورة ثابتة عام 1727، ثم وصولًا لابتكار تقنية لانتاج صورة ثابنة، على العالم يد الفرنسي نيسيفور نيبس، عام 1826.
«جوزيف نيبس» وأقدم صورة
تعد أقدم صورة موثقة على المستوى العالمي، تلك التي التقطها المصور الفرنسي، جوزيف نيسيفور نيبس، قبل 194 عامًا من نافذة غرفته، الواقعة بأحد أسطح منازل مدينة «سان لوب دي فارين» الفرنسية، عام 1826، وهو التاريخ الذي يعتمده عموم المؤرخين لبداية التصوير الجغرافي، إذ يُلقب نيبس برائد التصوير الشمسي، وفي قول آخر التصوير الضوئي.
تبددت معظم ملامح الصورة التي بدت على لوحة من الصفيح المطلي بمادة القار(خليط من السوائل العضوية ذات اللون الأسود)، لكنها لا تزال الأهم تاريخيًا لكونها طلقة البداية؛ إذ طور «نيبس» تقنية التصوير الشمسي، كبادرة لعالم التصوير الفوتوغرافي، ورغم أن اللقطات التي اعتمدت على هذه التقنية أنتجت صورًا فوتوغرافية رديئة الجودة بتكاليف باهظة، إلا أنها أسست لتقنيات أكثر تطورًا، عرفها العالم لاحقًا.
«لويس داجير».. سر غامض
منذ ذلك الحين سعى رواد التصوير الفوتوغرافي لابتكار تقنيات فوتوغرافية أكثر دقة؛ تنافس نبوغ رسامي عصرهم الذين برعوا في تصوير الطبيعة وتوثيق التاريخ، عبر لوحات الفن التشكيلي، في إطار ما سُمي بالمدرسة الواقعية. فعقب مرور 13 عامًا، من تقنية التصوير الشمسي التي اتبعها«جوزيف نيبس» ، كان هناك إسهامات من قبل رواد عالم التصوير كويليام فوكس تالبوت، وجون هيرشل، حتى ابتكر الكيميائي الفرنسي، لويس داجير، عام1839 سرًا فتوغرافيًا جديدًا، عُرف لاحقًا بـ«تقنية الداجياروتايب» أو بـ«النمط الداجيروتي» نسبة إليه.
ظلت تقنية داجير لانتاج الصور الثابتة سرًا فتوغرافيًا غامضًا، لمدة طويلة. واعتمد في تقنيته على إنتاج الصور عبر تعريض ألواح معدنية مفضضة، لبخار اليود، ثم وضع هذه الألواح في الكاميرا للحصول على صور مطابقة للأشياء، وكان ضمن أقدم الصور التي التقطها داجير، عبر هذه التقنية ،صورة عامل فقير يلمع حذاء أحد المارة، بمعبر الفرنسي الشهير «بوليفر دو تامبل» الواقع بالعاصمة الفرنسية، باريس، بينما كان خاليًا من المارة، في شتاء عام1839.
«روبرت كورنيليوس».. أول «سيلفي»
وفيما تمتلئ الأجواء من حولنا بالصور الذاتية التي يلتقطها الأفراد لأنفسهم والمعروفة بـ«سيلفي فوتو»، لا يعرف الكثيرون متى وأين بدأت قصتها؛ إذ تعود أول صورة ذاتية «سيلفي» موثقة تاريخيًا للصيدلاني الأمريكي، الذي هوى التصوير، روبرت كورنيليوس؛ إذ التقط صورة ذاتية لنفسه قبل 181 عامًا، في أكتوبر عام 1839، مستخدمًا «النمط الداجيروتايب»، عبر كاميرا اقتناها في منزله الواقع في «فلاديفيا» بالولايات المتحدة الأمريكية.
«ويليام درابر».. أول محاولة لتصوير القمر
استُخدم التصوير الجغرافي لأغراض علمية منذ البداية؛ وفيما لا يزال القمر بطلًا يخطف أنظار واهتمام جمهور المصورين، تعد أقدم محاولة لالتقاط صورة فوتوغرافية له، لأغراض علمية، تلك التي التقتها بها العالم الإنجليزي، ويليام درابر، عام 1840.
أول صورة رسمية لرئيس حكم شهرا واحدًا
لم تغب الكاميرا عن المناسبات الرسمية، والأغراض السياسية، إذ وثق المصور الأمريكي، داجيرو تايب، أول صورة رسمية عام 1841، عبر التقاطه صورة شخصية لـ ويليام هنري هاريسون تاسع رؤساء الولايات المتحدة، الذي اعتلى رئاسة أمريكا في الرابع من مارس عام 1841، وتوفي عقب شهر واحد من الحكم في 4 أبريل من العام ذاته، على إثر إصابته بالتهاب رئوي.
أول صورة خبرية
ورويدًا رويدًا انتقل العالم إلى مرحلة التصوير الخبري؛ إذ التقطت أول صورة خبرية في العام 1847، وهي صورة يُعتقد بأنها لرجل جرى اعقاله في فرنسا في القرن التاسع ، قبيل الإطاحة بالملك لويس فيليب الأول، على إثر الثورة الفرنسية ، لكن مصورها لا يزال مجهولًا.
اهتم التصوير الجغرافي بتوثيق النزاعات السياسية المسلحة، ووثق جانبًا من الاضطهاد الأمريكي للمكسيك؛ إذ تُظهر هذه الصورة الجنرال الأمريكي، جون إي وول، برفقة جنوده أثناء توجههم للمكسيك عام 1847، في إحدى جولات الحرب الأمريكية المكسيكية التي دارت رحاها بين العامين 1846 و1848.
أول توثيق فوتوغرافي للتخدير
لم ينفصل التصويرالفوتوغرافي، عن الطب وغيره من العلوم، بل استُخدم لأغراض دراسية، منذ العام1847، وفي الصورة التالية التقط فريق من الأطباء، عملية تخدير.
أول توثيق لـ «كسوف الشمس»
وسجلت أول صورة لظاهرة كسوف الشمس عبر لقطة، يوهان جوليوس فريدريش بيركوفسكي، عبر المرصد الملكي، لبروسيا الشرقية في 28 يوليو 1851، باستخدام تقنية «داجيروتايب».
«والاس».. أول صورة جوية
شهد التصوير الفوتوغرافي طفرة كبيرة مطلع سبعينات القرن التاسع عشر؛ بظهور أول صورة ملونة، وإجراء أولى محاولات التقاط صورًا جوية.
ويعود تاريخ أول صورة جوية إلى الأمريكي، جيمس والاس بلاك، بعدما التقط صورة لمدينة «بوسطن» الأمريكية، من منطاد هوائي عام 1860.
كما التُقطت أول صورة فوتوغرافية ملونة على يد، الفيزياوي الاسكتلندي جيمس كليرك ماكسوين، أثناء إلقائه محاضرة علمية، في المعهد الملكي بلندن، بتاريخ 17 من مايو 1861، وأشار فيها الى حقيقة أن جميع الألوان تتكون عند خلط الألوان الرئيسية الثلاثة« الأحمر والأصفر والأزرق » ، فأثناء المحاضرة التقط كليرك، أول صورة ملونة؛ كتجربة عملية لإثبات نظريته.
أول «خدعة فوتوغرافية»
بينما يتداول المجتمع الأكاديمي، أخلاقيات التصوير الفوتوغرافي، وتحديات الحفاظ على المهنية، وتقنيات انتاج الـ Hoax photogragh تنافس المصوران، لويس داجير، وهيبوليت بايارد، لانتاج أول خدعة فوتوغرافية في تاريخ التصوير؛ إذ تُظهر القطة التالية، نمطًا لصورة تعبيرية تجسد شخص مُنتحر.
أول مصور عسكري
وفيما لا يزال أول مراسل صحفي عسكري مجهول الهوية، وُثقت في سبتمبر 1862 أول لقطة وثقها مراسل حربي، للحرب الأهلية بأمريكا، التي دارت رحاها في ولاية «ميرلاند» الأمريكية.
صور الآثار المصرية تجوب العالم
طالما كانت الآثار الفرعونية محط أنظار العالم، ومع انتشار التصوير انتشرت الصور الفوتوغرافية للآثار المصرية، في جميع أرجاء العالم، وتعد أحد أقدم هذه اللقطات، صورة التقطها وفد ياباني، يُعرف باسم «إيكيدا ناجاوكي» جاب العالم، زار مصر عام 1864.
تصوير استكشافي
وظهر ت مدرسة التصوير الاستكشافي عبر مجموعة من الرحالة؛ إذ قام الفرنسي جول بوريلي بجولات استكشافية وجاب العالم، لإنتاج مذكرات مصورة تعكس تفاصيل رحلاته، وفي عام 1867 وثق لقطة لأميرة إثيوبية، وحولها مجموعة كبيرة من الوصيفات.
مرحلة جديدة مع «كوداك»
في عام 1878 أسهم الهولندي، إدوارد مويبردج، في ابتكار تقنيات تهدف لتحريك الصور وعرًف التصوير فائق السرعة، وفي أواخر القرن التاسع عشر، انتقل التصوير الفوتوغرافي، إلى مرحلة جديدة حيث الانتاج والانتشار التجاري للكاميرات، منذ حصل، جورج ايستمان كوداك على براءة اختراع، عام 1888 لكامرته «كوداك» لأشهر آلة تصوير، آنذاك.
انتشار واسع حول العالم
انتشرت «كوداك»، تجاريًا وانتشر معها التصوير الجغرافي، بأرجاء متفرقة من العالم، لينتشر التصوير الفوتوغرافي في كل مناحي الحياة.
وباستخدام كوداك، وُثقت أولى جولات الدوري الإنجليزي، الذي انطلق عام 1888، وفي الصورة التالية يمكنك رؤية لاعبي كرة القدم الإنجليز، مثل بي جي جاريت، إف هيرون، إي. بامبريدج، وهيرون، وآخرين.
التصوير الرقمي
عقب الانتشار التجاري للكاميرا انفتح المجال للمنافسة واببتكار آلات تصوير أكثر تطورًا،لتتوالي التحديثات بدءًا من ظهور أول كاميرا رقمية عام 1991، مرورًا بكاميرا تتمتع بتقنية الانتاج الفوري للصور ، عام 1948، ثم وصولًا إلى ابتكار كاميرات بالهواتف الجوالة عام 2000. لتنطلق بعد ذلك مرحلة جديدة في التصوير الفوتوجغرافي المرقمن، بظهور مئات التحديثات في العقدين الأخيرين.