تاريخ الفوتوغرافيا السودانية
ظهرت الفوتوغرافيا في السودان للمرة الأولى في نهايات عام 1890 حينما أخضع الجيشان المصري والبريطاني المهدية ووثق الجنود البريطانيون معاركهم في السودان لأجل نشرها في بريطانيا. في وقتها كانت هذه التكنولوجيا محدودة الإمكانيات وضعيفة جدا مستخدمة كاميرات كبيرة الحجم وفلم زجاجي. نتيجة لذلك كانت الصور الفوتوغرافية تؤخذ بعد المعارك أو الأحداث بدلا من اللحظة ذاتها.
صارت الكاميرات تستخدم أكثر في السودان في فترة الحكم الثنائي, عندما قام المسؤولون الاستعماريون في مكتب وزارة الإعلام بتصوير النشاط العسكري ومشاريع التنمية. بدا تجار أقباط ويونانيون وأرمن بجلب كاميرات إلى السودان من أجل التجارة بين 1920 و 1940 وكانوا يعملون فى بادئ الأمر في المناسبات وفي الاستوديوهات في الخرطوم ثم بعد ذلك امتد عملهم إلى بقية أنحاء البلاد.
بدأ المصورون السودانيون يعملون في الفوتوغرافيا في اواخر عام 1940 واشتروا أجهزتهم من هؤلاء التجار والمسافرين. في هذا الوقت اعتمدت الحكومة الثنائية في اعمالها على المصورين الاقباط, فركز المصورون السودانيون على مشاريعهم الخاصة. بدأ بعضهم في تأسيس استوديوهات صغيرة للتصوير الفوتوغرافي حيث صوروا الأسر وصور الشخصية لأغراض خاصة وللوثائق الرسمية. هذه الاستوديوهات والصور التي انتجتها بالإضافة الى فوتوغرافيا من المسؤولين الاستعماريين أنفسهم تقوم بوظيفة مصدر معلومات حيوي عن المجتمع السوداني في عصر الاستعمار.
بحلول زمن الاستقلال انتشرت استوديوهات الفوتوغرافيا بصورة أكبر وكان هنالك استوديو واحد على الأقل في أغلبية المدن الكبيرة في السودان حيث كانت الأسر توثق الأحداث الكبيرة عن الحياة من ضمنها الأعراس والولادات وزيارات الأقارب الذين يسكونون بعيدا. كما كانت الأحداث المهمة توثق من قبل المصورين مثل نشاط الأندية الرياضية والجمعيات. تمنح هذه الصور إضاءات مهمة ليس فقط في طبيعة المناسبات الرسمية بل أيضا في طبيعة المجتمع السوداني سريعة التغير, من خلال توثيق الأسر والجمعيات لمظاهر الحياة الاجتماعية السودانية.