تلميذ الضوء يدخل عامه الثامن….
في ميلاد اليوم العالمي للأبيض والأسود المصادف في -12-12-2020م…
- بقلم المصور فريد ظفور.
يقولون في حضارة بلاد الرافدين (العراق) السماء الإبداعية صافية يرافقها غيوم متقطعة..والأشجار تلبس حلتها القشيبة والمزدانة بأجراس الميلاد وصور القديس بابا نويل..والأضواء تتراقص على إيقاع الألوان الجميلة..ليس هذا فحسب ..بل إنتقلت عدوى الإحتفالية الإيجابية إلى كل بلد وبيت وإنتشر نار هشيم الكرنفال العالمي (اليوم العالمي للأبيض والأسود) ليصبح طقساً يحمل المعاني الكبيرة والإخلاص للفن الضوئي..وكما كان العالم العربي البصري :الحسن ابن الهيثم الرائد في علم البصريات ومكتشف القمرة المظلمة.. هو أوّل من قال: إن العين ترى طبقاً للشعاع الساقط عليها. وشرح هذا في كتابه «المناظر».. الصادر في بغداد عام 1021م..ثم كانت ولادة جديدة على يدي مجموعة من الشباب العراقي تحت راية وفكرة الفنان المتألق محمود الجزائري..صاحب الفضل الأول والريادة بإنطلاق هذا الفارس الضوئي لحيز الوجود يوم أبصرت عيناه الضوء بتاريخ-12-12-2012م..ذاك اليوم الذي صرخ الطفل الوليد صرخة الحياة الأولى ليكون إسمه ولقبه (اليوم العالمي للأبيض والأسود)..وهكذا دواليك توالت الأيام والسنون ليزداد الطفل ذو اللون الأحادي بتدرجاته الرمادية..ويكبر عوده ويشتد ساعده ويصبح له محبين ومناصرين وعشاق ..يقدمون فيه أجمل الصور وأحلى الذكريات ويقيمون الورش والخرجات والجولات والطلعات والرحلات الفوتوغرافية ..ليصبح عرساً تكوينياً فنياً بصرياً تعم فرحته ويتشارك أنصاره الفرحة والغبطة بأعمالهم شتى أصقاع المعمورة..وبين قمرة ابن الهيثم الكاميرا ذات الثقب والكاميرا برأس الدبوس حكاية ذات شجون..
وأما الكاميرا ذات الثقب :المكونة بدون عدسة ..حيث تمر أشعة الضوء من الأشياء عبر ثقب صغير لتتشكل الصورة. وتنعكس صورة مقلوبة على الجانب الآخر المقابل للثقب. وتعمل العين البشرية في الضوء الساطع بنفس الطريقة، وكلما كان الثقب أصغر، كانت الصورة أكثر تحديدًا، ولكنها باهتة أكثر. و يجب أن يكون حجم الثقب 1 / 100 ..أو أقل من المسافة بينه وبين الصورة المنعكسة.ومزلاج الكاميرا يعمل يدويًا لأن زمن تعرض الصورة طويل،وزمن التعرض يتراوح بين 5 ثواني إلى ساعات وأيام أو أشهر في بعض الأحيان. والأكثر استخداماتها شيوعًا صور لحركة الشمس على فترات طويلة من الزمن، ويسمى “التصوير الشمسي” Solargraphy.وتستقبل الصورة على شاشة شفافة ( لمراقبة كسوف الشمس )أو على فيلم فوتوغرافي أو جهاز مزدوج الشحنة. و تستخدم في المراقبة لصعوبة اكتشافها.
وأخيراً حققت شركة OmniVision بتطويرها أصغر كاميرا وأدق مستشعر للتصوير في العالم..أشبه بذرّة رمال.. وتبلغ أبعاده: 0.57/0.57 ملم، أما الكاميرا فأبعادها 0.65/0.65/1.158 ملم، أي أصغر من رأس عود الثقاب بعدة مرات.و تستخدم في المناظير الطبية، وقطرها أقل من 1 ملم، لفحص الأوعية الدموية الدقيقة، وإجراء الجراحات المعقدة، كجراحات الأعصاب والدماغ.وتبلغ دقة المستشعر الخاص بهذه الكاميرا 200/200 بيكسل، أما زاوية الرؤية فيها 120°، كما يمكنها تصوير الفيديوهات والتقاط 30 لقطة في الثانية.
إذ لايدور البحث هاهنا عن الوقائع الثابتة لنشأة الفن الضوئي الأحادي بقدر ما يتعنى إلى المعاني المحتملة في هذا اليوم..وحين يتشوف الفن والفكر إلى أفق الرمز يصغر عنده الفرق بين الواقع الماثل في الأعيان والفكرة الراسخة في الأذهان..فيتداخل الخيال والوجدان والحقيقة عند الإنسان وتتلبس الأسطورة بالتاريخ فيكون من ذلك كله نسيج هو من أوثق أركان عادات وثقافات الشعوب وأخصب مغارس طاقتها الضوئية المبدعة..ولعل الكثير من الرواد المعاصرين يتذكرون الغرفة المظلمة وجهاز الطبع الملامس وجهاز تكبير الصور ..ورائحة الأدوية والمواد الكيميائية للمظهر والمثبت ..وكان ما يميز المصورين لون أظافرهم المصبوغ باللون البني..ومن الغرفة الظلماء عند عشاق الأحادي إلى الغرفة المضاءة منذ زمن المخابر الحديثة للفيلم الملون وحتى أضحى اليوم العصر الرقمي ..عصر تصوير الديجيتال بالكاميرا وبجهاز الموبايل والمزودة بتقنية الأبيض والأسود أو عن طريق المعالجة الرقمية عبر البرامج الخاصة بالحاسب كما هو الفوتوشوب وغيره..ولا يسعنا إلا أن نتذكر ملك الأبيض والأسود المصور العالمي الأمريكي آنسل آدمز..صاحب صورة بزوغ القمر التي بيعت بأرقام خيالية..وعربياً الأستاذ عبد الفتاح رياض صاحب العديد من الكتب المختصة بالفن الضوئي..وكذلك الدكتور المصور السوري مروان مسلماني صاحب أرشيف الأربعة ملايين صورة ومعظمها بالأبيض والأسود..وغيرهم الكثير..وأخيراً لقد
تحوّلت الصورة إلى سلاح فعّال فتّاك استراتيجياً،وعصرنا عصر الصورة أي هيمنة الصورة. و سيادتها المطلقة، ففرضت نفسها على الثقافية والإعلام..والسوشيل ميديا..بعد أن خُمّرت الصورة في «الغرفة السوداء» بيد أن التصوير بالأسود والأبيض شغل زمن ما يقارب الـ 35 عاماً قبل اكتشاف التصوير بالألوان..لكن فضل ظهور الكاميرا يعود للكثيرين منهم هنري فوكس تالبوت الإنكليزي عام 1830 م..وكانت الصورة الأولى عربياً للوالي محمد علي باشا داخل قصره -4 ت2- عام 1839م، بالاسكندرية في مصر .وقد التقط ( فيرنيه وفيسكيه) صوَراً فوتوغرافية لجبل لبنان عام 1843 م،ثم قدّم إلى لبنان المصوّر فيلكس بونفيس وكان له أبلغ الأثر في تطوير التصوير الفوتوغرافي باللون الأحادي قبل أن نعيد طيّه في الأدراج المنسيّة..لكن أول كاميرا فوتوغرافية رقمية اخترعها “ستيف ساسون ” في العام 1975م في معامل كوداك,وأول صورة أسود وأبيض في عام 1826م..على يد العالم الفرنسي جوزيف نيبس.. الذي التقط صوره من نافذة منزل عائلته وأول صورة ملونة عام 1861م من قبل العالم البريطاني جيمس ماكسويل..وأول صورة تحت الماء عام 1926م من قبل المصورين تشارلز مارتن وويليام لونغلي من مجلة ناشيونال جيوغرافيك .وأول صورة مرسلة عبر كيبل الهاتف في العام 1935م, لحطام طائرة في جبال آديرونداك الأمريكية.وأول صورة معمارية عام 1912م في مرتفعات البيرو, لمدينة الإنكا ماتشو بيشو. وأول صورة إنسان في باريس عام 1838م بواسطة المصور لويس داجيز. أول صورة رقمية أخذها العالم الأمريكي راسيل كيرش في عام 1957 م على الرغم أن اختراع الكاميرا الرقمية عام 1975 م,وأول صورة لجنين عام 1965 م التقطتها العالمية السويدية لينارت نيلسون.وأول صورة بورتريه التقطت في العام 1839 م لعالم الكيمياء الهولندي روبرت كورنيليوس.وأول صورة لاندسكيب ملونة عام 1872 في جنوب فرنسا بواسطة لويس دو رائد التصوير الملون.
وأول صورة متحركة عام 1878 م .وأول فيلم سينمائي تم انتاجه في العام 1888 في حديقة منزل عائلة وايتلي في بريطانيا, ومدة الفيلم ثانتين فقط ..
وكان الفنان محمود الجزائري بين جمر صقيع الكورونا وجمر لهيب أسعار الحياة المعاشية ..إنطلقت قامة الريح الأحادية في أوجها..قمر في لهيب الفوتوغرافيا تألق..بين سماءين …أولاها تزينت بالتدرجات الرمادية وآخرها إنطلقت بالعالم الرقمي..فأنت ياقامة الفن الضوئي..حلمك ينتشر في شتى بقاع الكون..عند شروق وعند غروب هذا اليوم ..وعند إزدحام العنادل بالذكريات..وعند إرتحال الفراشات الضوئية بين زمن الفيلم الجميل وزمن الديجيتال..إبتساماتك وتفاؤلك والفجر المعرفي يمد جسوره الفنية في إرتعاش الصدى وإرتجاج المرايا ..تتشابك في حلمنا بالربيع ..شروق وعطر وشراع محمل بالبرق والرعد والنفحات ..والنوارس الضوئية تتأوه في عطرك..وحبة قمحك الأحادية اللون ملأت الوادي الفني سنابل ضوئية..ولأن حلمك لن ينتهي بإنتهاء المسافة والزمن..وكل الذين معك هاموا وناموا على ساعد الصمت وإنسحبوا وتواروا ..وأنت وحدك بقيت تعاني وتقدم الغالي والرخيص في خدمة الفوتوغرافيا…ولكنك من على ضفاف دجلة والفرات لم تنسحب من تحقيق حلمك برغم الجراح التي دججتك وإخضرارك الذي جف تحت سماء الدخان.. محاولين تشويه حلم القرنفل فيك..لكنك كنت الفارس الضوئي كما إنتشار الرياح اللواقح وكنت إزدهار الفصول الضوئية..وما زال طفلك الفوتوغرافي قيثارة من عشب أخضر..فماذا تقول فوانيس عشقك للون الأحادي ..وماذا تقول فراشات إبداعك عند إحتراق الشرانق وقبل العبور إلى عام جديد ويوم ميلاد مجيد للأبيض والأسود ..ربيعك المعرفي الضوئي آت لامحال..وسماؤك إنتعشت وتكاثفت سحبها المحملة بالأمل والعمل بغد أفضل..
ويجدر بنا أن ننوه بالدور والتفاعل الذي قام به الإتحاد العربي للثقافة بإدارة الدكتورة عائشة الخضر ..في التفاعل مع اليوم العالمي للأبيض والأسود..والإعلان عن تكريم بعض الشخصيات العربية التي لها بصمة فوتوغرافية ولا سيما في مجال الأبيض والأسود..ونأمل بأن يحذو حذوهم بقية الجمعيات والمنظمات والمجلات والمختصين بثقافة الصورة ليكتمل العقد الجمان ونكون معاً في العرس الكرنفالي باليوم العالمي للأبيض والأسود الذي يكون معكم وبمشاركتكم وحضوركم جميعاً هو الغاية والمطلب..وكل عام وجميع الزملاء المصورين والمصورات بألف خير وصحة وعافية..
** صديقكم المصور فريد ظفور..-12-12-2020م