أحمد غازي أنيس في Old Damascus الشام القديمة.
٢٩ نوفمبر ٢٠١٩ · لقطة اليوم .. #ساحة_المرجة_دمشق .. أمسية سعيدة وجمعة طيبة لكل متابعي الأحبة ..!! في Old Damascus الشام القديمة.
دمشق – حمام الجامع الأموي عند السوريين عامة وأهل دمشق خاصة ليس مجرد طيور حمام فقط، بل له معنى مقدس، يعيش في أرواحهم جيلا بعد جيل كرمز للنقاء والبركة التي يحرصون على تعليمها لصغارهم.
حمام الجامع الأموي هو مزيج من الحقيقة والخيال، من الواقع والأسطورة، نسجت حوله العديد من الحكايات. وتقول الأسطورة إنه لا يمكن لهذه الطيور أن تعيش بعيدة عن الجامع الأموي يوما واحدا، فإن خرجت ماتت.
وتقول أسطورة أخرى، إن حمام الجامع الأموي في دمشق يذهب في موسم الحج إلى مكة المكرمة ليحج مع الناس، ثم يعود بعد ذلك إلى ساحة الجامع.
ترسم طيور الحمام وسط العاصمة دمشق لوحات فنية جميلة في سماء المدينة وتحديدا في الجامع الأموي الكبير، حيث تتزاحم تلك الطيور التي استوطنت منذ القدم في تجاويف وجدران هذا الجامع والساحات الخارجية للحرم الأموي. ومن بين هذه الطيور سلالة حمام الجامع الأموي التي تمتد للمئات من السنين ولم تنقطع منذ أن شيّد الجماع الأموي. وألّف الناس حولها الأساطير حتى قالوا إنها تحج كل سنة إلى مكة، لكنها هاجرت في الحرب هجرة قسرية ثم عادت بعد أن عاد الهدوء إلى العاصمة السورية.
هذا الحمام هو مصدر للمحبة بين الناس، تراه في صحن الجامع الكبير وفي الأحياء المجاورة، يتجول بين المارة، ثم في لحظة واحدة يطير أسرابا يحلق في سماء دمشق بحيوية ورشاقة، كفرقة باليه ترقص في الفضاء.
هذه الأسراب يعرفها أي زائر للجامع الأموي بدمشق، فعبر المئات من السنين، ومنذ أن شيّد المسجد منذ 1400 عام تقريبا، تشير المراجع إلى أن هذا الحمام سكن الجامع، في الكثير من الزوايا والثنايا التي يتكون منها.
وتتيح مساحة الجامع الكبيرة 1500 متر مربع، وجود أماكن كثيرة يستطيع أن يعيش فيها الحمام بسلام بعيدا عن أي مخاطر قد تحيط به.
قبل الأزمة مباشرة، وصل عدد الحمام الذي كان يعيش في الجامع الأموي إلى ما يقارب الأحد عشر ألفا، لكن سنوات الحرب قللت العدد كثيرا، بسبب قلّة عدد من يعتني به، وكذلك بسبب تعرض الجامع للعديد من القذائف في محيطه ما دفعه للهجرة الاضطرارية. لم تطل غربة الحمام بعيدا عن الجامع الأموي حيث بدأ مجددا يعود إلى أماكنه بعد هدوء الأوضاع في قلب مدينة دمشق، فزائر الجامع الأموي اليوم سيجد أن أسرابا من الحمام تأتي كل يوم مجددا لتنضم إلى باقي الأسراب معلنة عودتها.
يعيش هذا الحمام في الجامع الأموي في باحاته الكبيرة، وكذلك في المآذن وفي جوار الجامع، كضريح القائد صلاح الدين، وأيضا في حي المسكية المجاور للجامع تماما.
ينظر الدمشقيون للحمام باحترام مستندين في ذلك إلى الحمامة التي حمت النبي محمد صلى الله عليه وسلم والصحابي أبوبكر الصديق عندما بنت عشها في باب المغارة التي دخلاها في هجرتهما من أذى قريش.
ومنذ ذلك الوقت يرى الناس أن الحمامة مقدسة، فحرام ذبحها أو إيذاؤها، بل على العكس تماما، فهم يتبرّكون بها، وكثيرا ما يحرص أهل دمشق، خاصة من المناطق المجاورة للجامع الأموي، على أن يستجلبوا هذا الحمام لمنازلهم من خلال رش بذور القمح على الأسطح أو الشبابيك لكي يحط في بيوتهم للبركة.
وبمرور الأيام، ولدت عادة جديدة عند أهل دمشق، تظهر بقدوم أشخاص يتبرّكون لله تعالى من خلال إطعامهم لبعض أسراب الحمام الموجودة في الجامع، فكثيرا ما يرى أناس عاديون غالبيتهم من النساء والأطفال، وهم يخرجون أكياس حبات القمح من حقائبهم الصغيرة، ثم يرشونها على الأرض لتجتمع حولها أسراب الحمام تقتات مما يجود به أهل الخير.
ويبدو أن حمام الجامع الأموي أنس للبشر فلا يهرب منهم، بل على العكس يتقدم من الناس وكأنه يطلب المزيد من حبوب القمح.
يعيش حمام الجامع الأموي فقط على ما يقدمه الناس من حبوب، حيث تتكفل إدارة الجامع يوميا بتقديم عشرات الكيلوغرامات من الحبوب تنثرها في صحن الجامع، وأصبحت الآن تنثر في ساحة المسكينة الملاصقة للباب الغربي للجامع أخذا بنصيحة بعض علماء الآثار.
ويرى خبراء الطيور، أن هذا الحمام قد تناسل من الحمام الذي جاء أول مرة للجامع منذ ما يقارب 1400 عام. هذا الحمام يتميز باللون الرمادي والزرقة التي تكون على الرقبة، وهو يتشابه مع بعضه تماما، بحيث لا يمكن التمييز بين حمامة وأخرى.
لم ينس سكان دمشق القديمة منظر الوفود الأجنبية وهي تشتري القمح من أحد الباعة قرب الجامع، لتنثره في الساحة فتتوافد عليه أسراب الحمام، ليقوم السياح وعشاق التصوير الفوتوغرافي بالتقاط صور بينه بكل لطف ومحبة.
هذا الحمام لم يكتف بالتواجد في أرجاء الجامع الخارجية بل يدخل عدد منه إلى داخل المصلى.
وكما يقول أحد المصلين، “كثيرا ما نشاهد بعضا منه وهو يطير داخل حرم الجامع أثناء الصلاة ذاتها، لكننا بتنا معتادين على الأمر ولا نستغربه”.
ويوضح أحد العمال في الجامع، أن “عدد الحمام انخفض أثناء سنوات الحرب، لكنه بدأ يعود بسرعة الآن.. قبل الأزمة كان مجموع ما يوزع من قمح على الحمام يقارب الـ400 كيلوغرام يوميا، ونحن في الجامع نقوم بدورنا بجزء من هذا كواجب للضيافة، بينما يتكفل الناس بباقي الكمية”.
ويضيف “هناك أناس يأتون كل يوم ويلقون بالطعام للحمام، أحيانا تأتي عائلة بكامل أفرادها ومنهم من يأتي بشكل أسبوعي أو شهري”.
ويؤكد “أن الكثير من المشاهير يأتون للجامع الأموي، الرياضيون والفنانون خاصة، لكي يشاهدوا منظر الحمام في ساحات الجامع، يأتون وقت صلاة المغرب عادة، ليستمعوا للآذان الجماعي وزيارة مقام يوحنا ومشاهدة الحمام. ثم يذهبون غالبا إلى مقهى النوفرة أو خبيني قرب الجامع”. وفي رمضان، خاصة في العشر الأواخر منه، تكثر زيارة الناس للجامع الأموي لمتابعة أسراب الحمام في تحركاتها التي تشبه لوحة فنية راقصة، وتكون العلاقة بين الناس والحمام ذات بعد روحي وإنساني موغل في القدم.
11 ألف حمامة تعيش في كنف الجامع «الأموي» في دمشق
- الأربعاء 24 أغسطس 2011 م
ما علاقة الحمام بالجامع الأموي الكبير بدمشق؟ وهل صحيح أن الحمائم تحج كل عام إلى مكة المكرمة، وتزور المدينة المنورة؟ ولماذا تصطف على سور الجامع عندما يرفع الأذان فيه؟ وما هي العلاقة التي تربط حمام الأموي بالجامع وساحة المسكية وبيوتات دمشق القديمة؟ وهل صحيح أن أي طائر من حمام الأموي ينفق عندما (يجبر) على مغادرة المسجد؟ تساؤلات تجيب عنها حكايات وروايات عديدة تكشف قصة حب بين أهل الشام والحمام، وبين الحمام وبيت الله في دمشق العتيقة. سلالة حمام الجامع الأموي تمتد إلى مئات السنين، وهي تنتمي إلى ما يسمى في دمشق بـ«الستيتيّات» ومفردها «ستيتيّة»، وقد بدأت حياتها ومجاورتها للمسجد الكبير بالعيش في تجاويف جدرانه والتواجد في ساحته الكبيرة (صحن الجامع)، ولم تنقطع سلالة هذا الحمام منذ أن بني الأموي، واستمرت بالتكاثر وسط رعاية المصلين وأهل الشام، حتى بلغ عددها اليوم أحد عشر ألف طائر، تعيش آمنة مطمئنة في كنف بيت الله وحب المصلين وأهل الشام، وقد أنست الناس، وهي تقترب منهم بوداعة، لا تنفر ولا تهرب. رمز الطهر في العشر الأواخر من شهر رمضان الكريم، تبدو أسراب الحمام الدمشقي الهائلة العدد وكأنها تصل المسجد بالسماء، وتربط ما بين المسجد وحرمه وصحنه وساحة المسكية وبين ضريح صلاح الدين الأيوبي وبيوتات دمشق القديمة المحيطة بالمكان. وينظر أهل الشام وزائرو الأموي إلى هذه الطيور باعتبارها مباركة، أو جزءاً من جو القداسة المحيط بالمسجد حتى أن محمد عبدالله أحد من يقومون برعايتها يعتبر أن هذه الطيور مباركة، وعندما تجبر أو يختطف أحدها خارج الجامع، فإنها تموت في اليوم التالي، وهو ما يعتبره سرا خفيا يربط هذا الحمام بالجامع والمصلين. وينظر أهل الشام إلى حمام المسجد الأموي الكبير باعتباره رمزاً من رموز البراءة والطهر، فهي مخلوقات توحد الله وتسبح بحمده، كما يقول موفق الصالحاني، وقد ذكر شاعر سوريا الكبير الراحل نزار قباني حمام الأموي في أكثر من قصيدة له. ويقول الحاج محمود الشاغوري إن نساء الشام يحضرن إلى الجامع وساحة المسكية لتقديم الحبوب إلى الحمام. ويضيف أن كثيرين من أهل سوريا يسافرون من مدنهم وقراهم لإطعام حمام الأموي وزيارة المسجد المبارك، ويعتبر المسلمون الحمام طيراً مباركاً منذ أن أرسله الله لحماية مدخل غار حراء الذي لجأ إليه الرسول (صلى الله عليه وسلم) مع أبي بكر الصديق، بعد مغادرته مكة سراً متوجهاً إلى المدينة المنورة. وفي صباحات دمشق يمكن للمرء أن يشاهد أطفالاً كثيرين مع أمهاتهن أو أسرهن، وهم يشترون أكياس الحبوب ويقدمونها بفرح طفولي لحمائم الأموي التي تحط مسرعة لالتقاط الحبوب، ثم الطيران مجدداً. أما السياح الأجانب، فهم يسرون بالتقاط صور لهم مع أسراب الحمام الشامي الذي يحيط بالجامع الأموي، حتى أصبح عنواناً مميزاً له، حيث يمنح المكان جواً من النقاء الروحي والحركة العفوية الطبيعية. روايات أسطورية هناك من يزعم أن الحمام يستطيع أن يميز وجوه البشر، وأن يتعرف إلى الوجوه التي رآها سابقاً، ويقول الحاج سعيد المجركش إن الحمام يتمتع بذاكرة قوية جداً، وأنه تآلف مع البشر، واطمأن إليهم، وهو قادر على تمييز أشكال البشر، ويذهب أبو صياح إلى أبعد من ذلك، حين يذكر أن الحمام يمتلك إحساساً بالإنسان، فهو يشعر به ويتفاعل معه في حالات الحزن أو الفرح. ويقول المجركش إن هذا الحمام يقوم بالحج سنوياً إلى الحجاز، ويطير فوق المدن والقرى السورية متوجهاً إلى مكة المكرمة فيقوم بالطواف ثم ينتقل إلى المدينة المنورة ليزور مقام الرسول الكريم، وبعد ذلك يعود إلى مسقط رأسه في الجامع الأموي. ويضيف «رغم أننا لا نمتلك أي دليل ملموس على أن حمائم الأموي تقوم بهذه الرحلة العجيبة والأسطورية، إلا أن عدداً من المعنيين برعاية الحمام وعدداً آخر من المصلين يؤكدون ثقتهم وإيمانهم بهذه الرواية». ويقول الحاج أنور السخني إن «الله قادر على كل شيء، وهذا الحمام مبارك له ذاكرة قوية، وهو يسبح الله بهديله كل وقت، فلماذا لا يقوم بالطيران إلى مكة للحج؟ وإلى المدينة المنورة للتبرك بمقام رسول الله صلى الله عليه وسلم؟» واللافت، أنه عندما يرفع الأذان في الجامع الأموي، تطير الحمائم دفعة واحدة، وتصطف على سور المسجد في منظر مدهش ومهيب. يقول الحاج أبو موفق، الذي يحرص على أداء جميع صلواته في «الأموي» إن هذا الحمام يبدو وكأنه نوع من الملائكة، يهب إلى التسبيح والصلاة عند كل أذان يدعو إلى الصلاة. ويحاول طارق الأحمد، مدرس، تفسير الأمور، فيقول «ربما كان صوت الأذان المدوي هو ما يدفع الحمام إلى الطيران، لكنني لا أستطيع الجزم بأسباب اصطفافه على سور الجامع، وربما كان البعض محقا باعتقادهم أنه يفعل ذلك كنوع من التسبيح وحمد الله، وربما كانت تلك حركة آلية اعتادها الحمام عند كل أذان». «إعاشة» الحمام تتكفل إدارة الجامع الأموي الكبير يومياً بتقديم خمسين كيلو جراماً من الحبوب للحمام، وكانت هذه الحبوب تنثر يومياً في صحن الأموي، إلا أنه وبعد نصائح من علماء الآثار، أصبحت تنثر في ساحة المسكية الملاصقة للباب الغربي للجامع، حيث تتجمع الحمائم لالتقاط غذائها، وهذه الكمية من الحبوب قد لا تكفي العدد الكبير من الطيور، لكن إدارة الجامع تضع في حسبانها أن كمية أخرى كبيرة يقدمها الزائرون للحمام، إذ إن هناك باعة يبيعون للزوار أكياساً صغيرة مملوءة بالحبوب، ويقوم هؤلاء بنثرها بالساحة لإطعام الطيور، بينما تؤمن (بحرة) في ساحة المسكية الماء لهذه الطيور. وتضاعف عدد طيور المسجد الأموي حتى وصل إلى ما يزيد عن أحد عشر ألف طائر، وهي تتزايد باستمرار، وعند حلول الليل، فإنها تتوزع على الأماكن والبيوتات الدمشقية المجاورة كقلعة دمشق أو بعض تجاويف جدران المسجد، أو ضريح صلاح الدين الأيوبي وبعض جدران البيوت القريبة، على أن بعضها يصر على المبيت في صحن الجامع أو في ظلال قبة النسر الشهيرة. واختار محمود تركماني أن يكون صديقاً دائماً وملازماً لحمائم الجامع الأموي، فهو اختار أن يبيع الذرة والقمح في أكياس ينثرها الزائرون للحمام، لكن اللافت أن الطيور ألفت الرجل، وهي تستجيب لندائه فبمجرد أن يناديها تهرع إليه مطمئنة، وهو سعيد ينثر الحبوب، وبإشارة منه تطير. والخلاصة أن حمام دمشق ينسج قصصاً وحكايات من التآلف والمحبة بين البشر، وفي ظلال مسجد يحمل تاريخاً عريقاً ويتردد فيه اسم الله يصبح الحمام الدمشقي جزءاً من فولكلور دمشق وتراثها العريق، لكن ما يميزه أنه تراث نقي وحي ومحبب.