إيحاءات متنوعة للطبيعة الصامتة في معرض الصينية بيشو زهانغ
25 نوفمبر 2020 م
وسط إجراءات احترازية، نظم النادي الثقافي العربي في الشارقة مساء الاثنين الماضي، معرضاً تشكيلياً للفنانة الصينية بيشو زهانغ، الطالبة في قسم الإعلام في الجامعة القاسمية، وحضر حفل افتتاح المعرض إبراهيم سعيد بطي مدير النادي، والدكتور عمرو أبو النواس عميد شؤون الطلبة في الجامعة القاسمية وناصر الدرمكي مدير الأنشطة الاجتماعية والرياضية في النادي، وعبد الجبار ويس مشرف مرسم الجامعة.
وفي كلمته الترحيبية باسم النادي قال ناصر الدرمكي: «إن المعرض يأتي في إطار ما درج عليه النادي من التعاون مع المؤسسات المختلفة في الشارقة من أجل إقامة مختلف الأنشطة، تلبية لحاجة جمهور الفن والثقافة، وتحقيقاً لرسالة النادي الثقافية»، وأضاف أن ما وصلت إليه الفنانة بيشو في أروقة الجامعة القاسمية هو ثمرة طيبة للغراس الذي غرسه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بهذا الصرح العلمي الكبير الذي يفتح أبوابه للطلبة العلم من كافة أنحاء العالم، ويتكفل بكل ما يعينهم على طلب العلم، وما يفتح الباب لمواهبهم الخاصة من أجل أن تتفتق وتؤتي ثمارها.
شكر عميد كلية النادي على استضافة هذه الفنانة وإتاحة الفرصة لها بأن تخرج بفنها خارج جدران الجامعة ليراه الجمهور، مضيفاً أن من أهداف الجامعة التي رسمها لها صاحب السمو حاكم الشارقة، تبني المواهب المتعددة، وتوفير ما يلزمهم للإبداع، حتى ولو كان في الفنون التي لا تدخل في إطار مساقات الجامعة، فلدى الجامعة مرسم فني متكامل يوفر للطلاب كل ما يلزمهم، وتقيم لهم الورشات الفنية بشكل متواصل.
ضم المعرض 32 لوحة متوسطة الحجم، منفذة على خامات متنوعة، ونوعت فيها بين الألوان المائية وألوان الأكريلك والألوان الزيتية وقلم الرصاص، وغلب عليها الأسلوب التعبيري من خلال موضوعات الطبيعة الصامتة والبورتريهات ومشاهد من قريتها في الصين، وتكوينات لونية ذات دلالات متعددة.
تتمتع بيشو في عملها بجرأة قوية؛ حيث تجرب على عدة أصعدة في محاولة لإبراز الأثر النفسي والوجداني والروحي للصورة التي ترسمها، ففي موضوع البورتريه مثلاً قدمت الفنانة أنواعاً متعددة من الأوجه التي عكست شعوباً وثقافات متعددة، وعبرت من خلالها عمّا تتركه تلك الأوجه في النفس من انطباعات المحبة والسلام والأخوة الإنسانية، وهي معانٍ استلهمتها كما تقول من وجودها في الإمارات، وبشكل خاص من دراستها في الجامعة القاسمية التي تؤوي طلاباً من مختلف جهات الأرض، تواجدوا فيها بخلفياتهم الثقافية، وانصهروا في علاقات إنسانية عميقة.
كما عكست بعض البورتريهات قضايا ومشاعر إنسانية متعددة مثل القوة والضعف، والفرح والحزن، والجرأة والخوف، وهو ما يوحي بقدرة كبيرة لدى هذه الفنانة الصاعدة باجتهاد وعزيمة مستمرة، والملاحظ أنها في البورتريه اقتصرت على صورة الفتاة الشابة، وسعت إلى سبر أغوار نفسها، والتقاط مشاعرها من زوايا عدة، كأنها تسعى بشكل حثيث إلى استكناه نفس ذلك الكائن البشري، والوقوف على حقيقته.
في موضوع مشاهد الطبيعة، تناولت بيشو الطبيعة الصامتة في لوحات عدة تقدم مشاهد ذات إيحاءات متعددة، يلعب عنصر الماء فيها دوراً مهماً، فهو حاضر على شكل سحب تارة، وأخرى على شكل أمطار، وثالثة على شكل أمواج البحر، وفي ذلك يعبر عن الجمال والحياة والقوة.
كما قدمت الفنانة مشاهد انطباعية من قريتها، وهي قرية كما يبدو بسيطة، متقشفة البناء، من قرى الريف الصيني البعيد عن المدن الكبرى وحداثتها وضجيجها، لكنها في بساطتها وتقشفها، تبدو هادئة وديعة، تحوطها أجواء طبيعية تضفي عليها جمالاً وسكينة.
وفي بعض اللوحات الأخرى تناولت بيشو موضوعات لونية تجريبية، عكست موهبة قوية وقدرة بديعة على اختيار الألوان وتوزيعها على اللوحة بانسجام، يراعي تناسب الكتل، وتضافر العناصر لصياغة المعنى أو الجو الذي تريد أن تعبر عنه.
ويلاحظ الفنان أحمد حيلوز رئيس اللجنة الفنية في النادي، أن من الميزات القوية لدى بيشو عنايتها الفائقة بخلفية اللوحة، التي تأتي عندها مندمجة مع المشهد، فتعطيها عمقاً، وتعزز أبعاده الدلالية، ويعلق حيلوز: «إن قدرة الفنان على صناعة الخلفية المناسبة المندمجة مع المشهد هي تعبير أصيل عن نضج الفنان، ودخوله مرحلة الإبداع».