Creative Palestinians مبدعون فلسطينيون
كريمة عبّود.. أول مصورة فوتوغرافية في فلسطين ( 1896م – 1940م)
تُعدّ كريمة عبّود المولودة في مدينة الناصرة، في العام 1896، أول مصورة فوتوغرافية في فلسطين، لأب هو كاهن روحاني عمل في العديد من المدن والقرى الفلسطينية وبلاد الشام، حيث كان أسعد عبّود دائم التنقل بحكم عمله.
تعلمت في مدارس الناصرة والقدس وبيت لحم والسلط ودمشق، ثم بيروت، حيث درست الآداب، وهناك اقتنت أول كاميرا فوتوغرافية خاصة بها.
استخدمت الكاميرا لإظهار مدى عشقها لجمال الطبيعة، وراحت تلتقط صوراً كثيرة للقرى والكنائس والمساجد، كما التقطت صوراً كثيرة لمعالم بارزةٍ في المدن الفلسطينية الساحلية كطبريا وحيفا ويافا.
حرصت على وضع اسم مدينة الناصرة باللغة الإنكليزية على كافة صورها، لتثبيت مصدر الصور وهوية المصورة في آن، إلا أنها، وبعد سنوات عشرينيات القرن الماضي، باتت تكتب على ظهر صورها “كريمة عبود مصورة شمسية”.
كان لها دورٌ كبيرٌ في إشهار مهنة التصوير، وكانت حديثة العهد في المجتمعات العربية المحافظة، خاصة أنّ الطلب على التصوير كان ذكورياً فقط، باستثناء بعض العائلات الشهيرة في القدس ويافا وحيفا وغزة.
في بيت لحم، افتتحت أستوديو للتصوير، ومشغلاً لتلوين الصور وصبغ الصور الفوتوغرافية وإدخال الألوان الزاهية عليها، وكان هذا نادراً، آنذاك.
كانت تقوم عبّود بتصوير الداخل داخل بيوتهن، لكونها أُنثى، وهو ما خوّلها التقاط مئات الصور الفوتوغرافية لكثيرٍ من نساء المشايخ والوجهاء، وأيضاً للطالبات اللواتي كُنّ يتعلَّمن في كليات التعليم العالي في القدس وبيت لحم وبيروت.
وقامت بإصدار بطاقاتٍ بريديةٍ مُوَقَّعةٍ باسمها، ومزينة بصُوَرٍ لمدينة الناصرة مسقط رأسها ومهد طفولتها، والقدس التي شهدت أيام مراهقتها، وبيت لحم وطبريا وحيفا وغيرها من المدن الفلسطينية.
وبقيت كريمة عزباء، وعاشت في بيت لحم مع شقيقتها مثيل عبود، أُولى المعلمات في مدينة الناصرة، وتُوفيت في نهاية ستينيات القرن الماضي، ودُفنت في بيت لحم.
قامت بتصوير نحو ألف صورةٍ تُوثق الزمان والمكان الفلسطينيين ببراعةٍ فائقة، وضاع قسمٌ كبيرٌ من صُوَرها، إلا أنّ أحمد مروات، مدير أرشيف الناصرة، عقد صفقةً مع تاجر تُحَفٍ يهوديّ، واستبدل مجموعةً من صورها بنسخةٍ قديمةٍ من التوراة، فيما قامت فتاتان تُديران مطعماً تاريخياً في مدينة الناصرة بتكريم كريمة عبّود، وجمْع عددٍ من صورها.
للاسف كل المعلومات الواردة هنا مغلوطة، لقد اصدرنا كتاب فيه كل المعلومات الدقيقة عن كريمة عبود تحت عنوان: كريمة عبود: رائدة التصوير النسوي في العالم العربي
ـــــــــــ
قراءة في كتاب كريمة عبود
بقلم إدريس محمد جرادات
رائدة التصوير النسوي في فلسطين
1893-1940م
صدر كتاب كريمة عبود :رائدة التصوير النسوي في فلسطين بحجم 142 صفحة من القطع المتوسط للقس الدكتور متري الراهب والدكتور عصام نصار وأحمد مروات سنة 2013م بترقيم دولي رقم 978-9950-376-03- عن دار ديار للنشر في بيت لحم.
حمل الغلاف الأول والأخير صورة المرحومة كريمة عبود مع كاميرا التصوير اليدوية في زمانها التي كانت تستعملها حيث لمع اسم كريمة عبود في بدايات القرن الحادي والعشرين ، وذكرت في صور الأرشيفات الألمانية بنشر صورة لها عام 1936م، كما ذكرها د.عصام نصار في كتابه لقطات مغايرة وذكرها أيضا في كتابه سنة 2005م ، من خلال إعلان لتاجر إسرائيلي يدعى بوكي بوعز من القدس حول مجموعة صور لكريمة عبود واقتناها الباحث أحمد مروات وأخذ يكتب مقالات عنها.
ضم الكتاب عدة دراسات منها دراسة د.عصام نصار حول بدايات التصوير المحلي في فلسطين من وحي كريمة عبود بالانجليزية وترجمته الى العربية السيدة أليزا اغازريان ونقحه سلامة رزق الله.
أشار في دراسته أن منطقة الشرق الأوسط لها جاذبية خاصة لمصوري القرن التاسع عشر حيث قدم 280 مصورا من الفرنسيين والبريطانيين والألمان والايطاليين والأمريكيين وارتبط بعضهم ببعثات أثرية وعلمية وعسكرية خاصة أو مرافق لمنظمات مختصة بالإنجيل أو التوراة وبرع أوغست سالزمان من وزارة التربية والتعليم العام الفرنسية بتوثيق القدس وضواحيها عام 1855م بهدف التحقق من الكتابة المسمارية ، وأقام بعضهم مراكز تصوير خاصة محلية وأخذ بعض السكان المحليين بالعمل فيها واكتسبوا أسرار المهنة وعملوا على تصوير الضباط الألمان والجنود العثمانيين.
تدربت كريمة عبود عند أحد المصورين وكانت متفردة باعتبارها امرأة تحترف مهنة التصوير وكانت مبدعة في إظهار الصورة الشخصية والجانب الإنساني بعمل هالة للأشخاص الماثلين للتصوير.
أما الدراسة الثانية كانت للباحث أحمد مروات حول قصة اكتشاف أول مصورة فوتوغرافية وجذور المصورة كريمة عبود وجمع 4 ألبومات من الصور المذيلة بخاتمها وكانت تضم صور خمس مدن فلسطينية-بيت لحم ومعالمها كقبة راحيل وطبريا وشواطئها وأسواقها وكنائسها وجوامعها والناصرة وحيفا،حيث حصل على الألبومات من التاجر اليهودي يوكي بوعز ومن عائلة عبود في الناصرة-صفحة 24- وكانت مجموعة صور عائلية وتحدث أيضا عن سيرتها الذاتية ومحطات في حياتها فولدت عام 1893م في بيت لحم وتزوجت من فارس طايع من الجنوب اللبناني عام 1931م وتوفيت عام 1940م ودفنت في مقبرة الكنيسة اللوثرية على طريق القدس الخليل تاركة إرثا كبيرا من الصور الفوتغرافية.صفحة 30.
أما الدراسة الثالثة للقس الدكتور متري الراهب بعنوان كريمة عبود :المرأة خلف العدسة حيث أشار لجذور عائلة عبود التي تعيش في الناصرة وبيت لحم إلى منطقة مرجعيون في الجليل الأعلى-الجنوب اللبناني- من قرية الخيام وتنحدر من أسرة مارونية، وقصد الجد عبود مدينة بيت لحم عام 1890م وعمل مدرس في المدرسة الانجليزية وتنقل بين عدة وظائف وولدت كريمة في بيت لحم بتاريخ 13/11/1893م وكانت والدتها معلمة وأبيها واعظا وعمها يعمل في مدرسة الأيتام السورية بمدرسة شنلر-صفحة 40 وارتبطت عائلتها بمبشرين انجليز ونشأت في جو متعدد اللغات والثقافات.وتزوجت عن عمر 36 عاما وكان إكليلها في كنيسة الميلاد الإنجيلية اللوثرية في بيت لحم بتاريخ 31/8/1930م من رجل أرمل وأنجبت منه ابنا يدعى سمير الذي عاش مع أمه بعد انفصالها عن أبيه والتي عاشت في نهاية الحقبة العثمانية وبداية الحقبة الانجليزية وساعدتها البيئة الفنية والثقافية لعائلتها بالاتصال مع عدد من المصورين الأجانب والعرب المحليين ومنهم خليل توفيق باسيل ويوسف خليل الياس باسيل وميشيل توفيق باسيل ، وعملت ما يقارب الربع قرن -1915-1940م- في فن التصوير في بيت لحم والقدس وحيفا والناصرة وعملت مصورة عائلية ورصدت بعدستها الكثير من النساء والأطفال والعائلات الفلسطينية.
تعرضت لنوبات من الحمى المتواصلة وتوفيت بتاريخ 27/4/1940م عن عمر 47 عاما حيث عانت من مرض الفشل الكلوي ودفنت في مقبرة الكنيسة اللوثرية .صفحة 59.
أما الجزء الثاني من الكتاب ضم مجموعة صور من البومات كريمة عبود حيث ضم 86 صورة شخصية و22 صورة لأطفال و8 صور لقسيسين ورهبان و51 صور نسائية وعائلية و5 صور تراثية بالزي الشعبي والأدوات التراثية بمرافقة دلال السادة والهاون والحلي والمجوهرات الفضية والشطوة-غطاء الرأس التلحمية والناصرية وثلاث صور لمناظر طبيعية من بنايات ,أسواق في الناصرة وخمس صور عائلية جماعية .
بعد هذا العرض السريع والموجز للكتاب من قبل د.إدريس جرادات يمكن الإشارة إلى الملاحظات الآتية:
*أهمية السجلات الكنسية وأرشيفها في توثيق الأحداث والشخصيات ومختلف جوانب الحياة الاجتماعية والفنية والثقافية والسياسية.
*أهمية العمل بروح الفريق في أي مشروع حيث شارك ما يزيد على العشرين شخصا على إنتاج هذا الكتاب وإخراجه إلى حيز الوجود من حيث التجميع للصور من أرشيفات الكنيسة ومن عائلة عبود ومن التاجر الإسرائيلي.
*لعبت المرأة في المجتمع الفلسطيني دورا بارزا في كل جوانب الحياة بما فيها مجال التصوير الفوتوغرافي، وحملت المصورة كريمة عبود لقب مصورة شمس الوطنية..
*حاكت الصور في الكتاب الشخصيات الفلسطينية بهالة الفرح والمرح قبل النكبة.
*باع التاجر الإسرائيلي مجموعة صور كريمة عبود لأنها صور عائلية وشخصية وليست لها قيمة من منظور اليهودي لأنها لم ترتبط بالأماكن الأثرية أو التاريخية التوراتية.
*التدقيق في نشر مجموعة الصور-16صورة- والتي حملت خاتم كريمة عبود على خلف الصورة وكذلك صور عائلة عبود-65 صورة وصور تظهر فيها كريمة عبود حيث استعانت بمصور آخر بالتصوير بالكاميرا التي تستخدمها .
*أظهر الكتاب بعض العوامل التي ساعدت المصورة كريمة عبود على احتراف مهنة التصوير من حرية الحركة وعملت مصورة بيتية-من البيت- وكانت تقود السيارة الخاصة بها وبعائلتها واستخدامها ختم الصورة يدلل على أنها امرأة أعمال وورود اسمها في قائمة المصورين في الشرق الأوسط.
*احتراف المؤلفون ومهنيتهم فالدكتور متري الراهب يعمل راعيا لكنيسة الميلاد الإنجيلية في بيت لحم ورئيس مجموعة ديار وعميد كلية دار الكلمة والدكتور عصام نصار محرر مجلة حوليات القدس باللغة الانجليزية وأستاذ التاريخ في جامعة الينوى والباحث أحمد مروات مدير مؤسسة أرشيف الناصرة .
*ساعد من قيمة وأهمية الكتاب عمل فهرس للهوامش وفهرس للصور وقائمة بالمراجع.
* يعتبر هذا الكتاب جوهرة ثمينة ندعو الباحثين والكتاب والمهتمين إلى اقتنائه وإضافته إلى مكتبتهم المحلية ودراسته وتحليله لأنه جهد ثمين, فهو أرشيف مصور لجوانب الحياة الاجتماعية الفلسطينية في زمن كان المجتمع معافى من النكبة والاحتلال.
والى الأمام يا أخي د.متري الراهب نحو إصدار جوهرة تراثية أخرى تجسد الهوية الفلسطينية فالصورة ابلغ من الكلام والصورة بألف كلمة .1893-1940م