العراضة الشامية ترقص خارج حدود الوطن
تراث شعبي قديم تقدمه فرق “العراضة الشامية” ويعتمد الرقص والأهازيج وضرب الطبول وإضاءة المشاعل في أجواء تزداد حماسة كلما اشتدت المبارزة بالسيف بين الراقصين.
الأربعاء 2018/11/28
العراضة تبعث حماس الرقص في من لا يفهم اللغة
لا تحاصرهم حدود الموسيقى والأغاني وحتى الرقص لأن العراضة تسكن في القلب، فتنتقل أينما انتقل الإنسان، بل لا تموت أيضا طالما أن لها عشاقا على الأرض، فحين غادر السوريون بلادهم في السنوات الأخيرة حملوا معهم بعض الأمتعة والأموال في حقائبهم، وحملوا معهم تراثهم وخاصة العراضة الشامية في القلب، فانتشرت فنونهم في الأرض كما انتشروا هربا من ويلات الحرب.
دمشق- طقوس شعبية تعرف بـ”العراضة الشامية”، كان صداها يتردد في حارات دمشق القديمة ومختلف المدن السورية، واليوم تنتشر بكل ما تحمله من رقصات وأهازيج في العديد من البلدان الغربية والعربية، لتبعث البهجة والسرور في قلوب السوريين المغتربين.
وتنتمي العراضة الشامية إلى التراث الشعبي القديم الذي توارثته الأجيال وما زالت تحتفظ به حتى أيامنا الحالية مع إدخال بعض التعديلات والتنويع في الأهازيج وفق المناسبة، لتبقى العراضة فلكلورا سوريا أصيلا يعود تاريخه إلى المئات من السنين.
يقول أبوحسين قائد فرقة “فرسان المحبة” للعراضة في دمشق لوكالة الأنباء السورية (سانا)، إن تاريخ فرقته يعود إلى أكثر من مئة عام، وقد توارثها عن جده أبوه الذي بدوره علمها لأبنائه.
وأوضح أن عدد أعضاء العراضة يختلف بين فرقة وأخرى وقد يصل إلى 50 شخصا، وتتألف العراضة من القائد وهو رئيس الفرقة الذي يقوم بالوصف عند ترديد الأغاني “ولديه مساعد يمكن أن ينشأ بينهما نوع من التنافس في الغناء أو الشعر، إضافة إلى أعضاء يلعبون بالسيف والترس أما باقي الأشخاص فمهمتهم التصفيق وترديد الأهازيج”.
تراث بتعديلات العصر
العراضة هاجرت مع هجرة السوريين إبان الحرب الأخيرة إلى بلدان عربية كثيرة كتونس ومصر والأردن، بل دقت طبولها في السعودية والإمارات ودول أوروبية عديدة، لتجعل من يحضرها ويسمعها يرقص قافزا على عائق اللغة، ففي ألمانيا أسست مجموعة من اللاجئين السوريين فرقا رقصت في ساحات أوروبا وشاركهم في رقصاتهم عرب وغربيون.
وتتميز العراضة الشامية بلباسها العربي التقليدي الذي يجذب الناس، وكانت الفرق قديما تقدم عرضها بشكل مجاني، لكن مع الأيام أصبحت فرقا محترفة تمتهن هذا الفن بمقابل مالي وقد أضفت عليها تعديلات كي تواكب العصر وتلبي مختلف الأذواق خاصة الفرق العربية التي هاجرت خارج سوريا حتى أن بعضهم كتب بعض الأهازيج باللغة الأجنبية ليستسيغها المستمعون في أوروبا.
يتحدث أبوأحمد حسن الصعب مساعد رئيس فرقة “فرسان المحبة” عن التعديلات التي أدخلت على العراضة الشامية من حيث إضافة بعض الآلات الموسيقية الحديثة إلى جانب الطبل الذي كان يعتمد عليه فقط في الماضي، وتغيير لون لباس الرئيس أو القائد الذي يقوم بالوصف لتمييزه عن “الرديدة” (المردّدين). وعن الأغاني والأهازيج التي يتم ترديدها يشير أبوأحمد إلى أنها تختلف من مناسبة إلى أخرى ويمكن للرئيس أن يرتجل الكلام ويصف بما هو مناسب حيث لم تقتصر مشاركة العراضة على الأعراس، وإنما أصبحت لها مشاركات في استقبال الحجاج وافتتاح المحلات التجارية والمهرجانات التراثية في سوريا وخارجها.
أعراس عربية تؤثثها فرق سورية بإيقاعات تراثية
أعراس عربية تؤثثها فرق سورية بإيقاعات تراثية
وتشكل المبارزة بالسيف والترس أحد أهم مظاهر العراضة الشامية وترافقها بعض حركات الرقص بالأيدي والأرجل وضرب الطبول وإضاءة المشاعل والأجواء التي تزداد حماسة كلما اشتدت المبارزة التي تعبّر عن قيم الرجولة والصمود في ساحات القتال.
وغالبا ما يكون عدد المبارزين زوجيا بحيث يتقابلون مثنى مثنى، وخلالها يقدم ما يسمى الصحايف وإعلاء الراية، وهي صحايف العريس أو الحاج، ويبدأ العرض بحركات منظمة ودقيقة يرافقها الطبل لضبط الإيقاع مع ترديد الصحايف ثم يبدأ الطبل بتسريع الإيقاع فتزداد الحركات معه سرعة، ويقترب المتبارزون حيث تشتد المبارزة بين اثنين، ثم يدخلون على قائد العراضة ويكون هو الحكم في الوسط فيصد هجوم كل من حوله من المبارزين، وغالبا ما يكونون ستة فيبارزونه جميعهم، حينئذ يبرز بمهارته في صد هجومهم عنه، ومع انتهاء العرض يقبلون بعضهم جميعا بعد مبارزة طويلة.
ومن هذه المبارزات ما يسمى بمبارزة الزخ وتكون بالسيف والترس، ومنها مبارزة السبعاوية وهي بالسيوف فقط. وتتنوع فرق العراضة بين مختلف المحافظات السورية كالحموية والحمصية والحلبية وغيرها التي تحمل عبق الماضي إلى الأجيال، إلا أن هذا التنوع يغيب في خارج سوريا، حيث يلتقي السوريون على عراضة شامية واحدة.
عراضة حماسية
العراضة الشامية بوصفها إحدى تجلّيات الفرح السوري، تبحث عن السوريين أينما وجدوا في الخارج، تعلمهم بوجودها عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وتتوزع فرق العراضة الشامية في كثير من المدن الألمانية، ففي مدينة هانوفر هناك فرقة “غزلان الشام” التي أسسها قبل سنتين الشاب عامر غزال، الذي ينحدر من حي الشاغور الدمشقي.
يقول، إن تأسيسه للفرقة جاء بطلب من العديد من الأهل والأصدقاء، مضيفا “بالنسبة إلينا، إن لم تكن هناك عراضة شامية في مناسبة أو عرس، فإن فرحتنا لا تكتمل”. وكتبت فرقة “باب الحارة الشامية” في أوروبا وألمانيا عبر صفحتها على الفيسبوك، “العراضة الشامية على أصولها مع أبوالعز الشامي.. قبل السلام عليكم، أبوالعز يحييكم بألمانيا وأوروبا، على الفرح نلاقيكم، جئناكم من الشام لنلبي كل الأفراح وفرقتنا باب الحارة، عنوان الفرح”.
ويتضح من خلال صفحة الفرقة، أن تلبيتها للأفراح في مدن أوروبية عدة لا يقتصر على حفلات الزفاف، بل يتعداها إلى المشاركة في المهرجانات، بالإضافة إلى مناسبات أخرى تأخذ طابعا اجتماعيا يجمع السوريين والعرب في أرض ليست أرضهم.
وبعد أن وصل أبودياب إلى ألمانيا قبل أربع سنوات، أراد أن يستعيد ذكريات الشام، حيث إنه كان قائدا فرقة للعراضة الشامية في دمشق، التي أسسها قبل أكثر من ثلاثين سنة، وفور وصوله إلى المهجر، أسس فرقة تحمل اسم “فرقة الشام لإحياء التراث الثقافي” في مدينة فوبرتال الألمانية التي يقيم فيها إلى الآن.
يقول أبودياب، “بعد مجيئي إلى ألمانيا لم أستطع أن أعيش دون العراضة الشامية، فأحببت أن أؤسس فرقة، لكي نحافظ على تراثنا ويراه أطفالنا من أجل ألا ينسوا تقاليدهم”.
ويضيف، أن لكل مناسبة أهازيج خاصة بها، فأهازيج الأعراس والأفراح يتم التركيز فيها على مدح العريس وأخلاقه وحسبه ونسبه، “في الأعراس نردد مثلا، عريس الزين يتهنى.. يطلب علينا ويتمنى.. عريس الزين يا غالي.. أفديه بالروح والمال”، أما “في المناسبات الشعبية أو الدينية فنردد من الأهازيج ما يناسب ذلك”.
وشاركت فرقة الشام في مهرجان الربيع الذي أقيم في مدينة فوبرتال، وحازت على إعجاب الألمان، حيث “دبك ورقص الألمان مع العرب على أنغام الأهازيج الشعبية التي كنا نرددها”، كما يقول أبودياب.
وقد يكون تفاعل الألمان هو الذي دفع أبودياب إلى كتابة كلمات ألمانية كي يرددها في الأهازيج، قائلا، “كتبت بعض الكلمات البسيطة كي يفهمها الألمان عندما نردد الأهازيج في العراضة”.
فرح شامي عند العرب
في البلدان العربية وجدت العراضة الشامية قبل تدفق اللاجئين السوريين شهرة كبيرة، ومع انطلاق الأحداث في سوريا رأت فرقة “سيف الشام” نقل نشاطها خارج البلاد بعد أن نالت شهرة واسعة في دمشق وكانت وجهتها تونس.
يقول مؤسس الفرقة زهير اللحّام من العاصمة التونسية عن بدايات فرقته المتكونة من خمسة عشر عضوا، “فرقتنا خرجت من حارات دمشق القديمة حريصة على أن تظل على نفس النهج الذي نشأت عليه، فقدّمنا الفلكلور والتراث الدمشقي الأصيل”.
من أهازيج الأعراس: عريس الزين يتهنى.. يطلب علينا ويتمنى.. عريس الزين يا غالي.. أفديه بالروح والمال
ولسنوات عديدة تقدم الفرقة لوحات مختلفة منها الدبكة والعراضة بالسيف والترس في الأفراح، كما شاركت في عدة مناسبات ومهرجانات كقرطاج وسوسة والحمامات ومهرجانات الجنوب التونسي ومهرجان بنزرت.
ويرى زهير اللحّام، أن الفرقة نجحت إلى حد كبير في الترويج للفن الشعبي السوري في أحد بلدان المغرب العربي. وغزت فرقة “نور الشام” السورية أفراح السعوديين ومناسباتهم بشتى فنون التراث الشعبي السوري الذي عُرف منذ المئات من السنين. ولاقت الفرقة التي تضم شبانا من مختلف المدن السورية استحسان المجتمع السعودي وتشجيعه وقدمت العديد من العروض في مدن المملكة.
يقول مؤسسها حسام أبوالنور الذي ينحدر من مدينة عربين في الغوطة الشرقية، “إن الفرقة تؤدي فنون العراضة المختلفة من سيف وترس وأناشيد وأهازيج ودبكة وغيرها من الفنون التي ميّزت سكان الحارات الشامية القديمة، إلى جانب بعض العروض التي يفضلها السعوديون، كمشاعل النار والتنين البشري الذي ينفخ النار، وعادة ما تقدم الفرقة أعمالها في المناسبات كالأعراس أو افتتاح محال أو عقيقة الأولاد أو استقبال الحجاج”.
وذكر، أن فرقته تلاقي إقبالا وترحيبا من السعوديين وخصوصا في مدينة مكة المكرمة ومدن أخرى، كجيزان وأبها والدمام، أين شاركت في العديد من الأفراح والمهرجانات.
ولفت أبوالنور إلى أن الاهتمام بالعراضة جاء كنوع من التعويض النفسي عن الغربة والابتعاد عن البلاد والأهل، وكان الهدف من تأسيس الفرقة أن تكون الشام في قلبه ووجدانه أينما ذهب.
العراضة الشامية انتشرت في مصر أيضا مع انتشار السوريين في العديد من المدن، يروي أبوعلي قائد فرقة “أنوار الشام” كيف أسس فرقته في القاهرة، قائلا، “جمعت أصدقائي السوريين الذين يمتلكون آلات موسيقية، ولديهم الزي السوري التقليدي الخاص بالعراضات، وقمنا بتدريبات على الأغاني والرقصات، وتطوّر نشاطنا، وزاد إقبال الناس علينا، سواء من السوريين المقيمين في القاهرة أو المصريين، وأعجبهم تراثنا”، ونحن نغني لهم اليوم “زينوا الفرح”، و”أهل الراية”، وغيرهما من الأغاني السورية التي يرددونها معنا.
رقصات ساخنة تدفئ المغتربين في أوروبا الباردة
رقصات ساخنة تدفئ المغتربين في أوروبا الباردة
وفي مدينة الإسماعيلية، تعيش مجموعة من السوريين الذين نقلوا إرثهم الفني معهم إلى مصر، وبعد أن استقروا استعادوا أجواء الشام بتقديم العراضة السورية وما تحمله من تفاصيل مرتبطة بالحياة السورية القديمة. يقول محمد الفرواتى قائد مؤسس فرقة “باب الحارة الدمشقية”، “منذ انتقالي إلى مصر مع عائلتي وأصدقائي شكلنا فرقة لإحياء التراث القديم لمن يعيش خارج الوطن، ونحن نقدم اليوم رقصة الدراويش والاستعراض بالسيف والترس، ودق الطبول مع فرقة الأناشيد، في مناسبات السوريين والمصريين”. وإثر انتقالهم إلى الأردن هاربين من ويلات الحرب، جلب السوريون إرثهم الفني معهم رغبة منهم في تعريف الآخرين على تراثهم الشامي حتى لا يندثر.
يقول زاهر دعدع أحد أعضاء الفرقة، إنه بمجرد بدء العراضة الشامية خاصة في ساحة عامة، يلتف الحاضرون حولنا لمشاهدة العرض بل يشاركوننا الحماس، فالكثير من الناس يحبون ما تتضمنه العراضة من سيف وترس وأهازيج شامية قديمة. وفي إربد تقدم فرقة “العراضة الدمشقية” الأهازيج السورية كالموشحات الأندلسية مثل “يمر عجبا” و”إملالي الأقداح”، إضافة إلى القدود الحلبية التي تتميز بإيقاعها السريع وسهولة الكلمات وغيرها من الأغاني السورية التي تعرفها العرب.
يقول محمد أحمد مؤسس الفرقة نقدم رقصة الدراويش، والاستعراض بالسيف ودق الطبول بالشراكة مع فرقة الأناشيد السورية، مشيرا إلى أنهم يقدمون عروضا مجانية ليسعد الناس في “حمام الساحة” في قلب مدينة إربد المبنية على الطراز السوري، إذ يتميز بالبناء الحجري والسقف العالي الذي لا يخلو من الزخارف الأندلسية والنافورة التي تتوسط المكان.
ويقول صاحب “حمام الساحة” عبدالحافظ حمزة، إن الفرقة انطلقت من الحمام التراثي حيث بدأت فعالياتها، إلى أن ذاع صيتها في مدينة إربد وأصبحت تستدعى في مناسبات الزفاف ولاستقبال الحجاج وغيرها الاحتفالات، مشيرا إلى أن الحمام أصبح مقصدا لمحبي الأغاني والتراث السوري.
وجلب السوريون من حارات دمشق القديمة إلى شوارع المدن العربية والأوروبية لوحات جميلة من الفن الشامي الأصيل، قدموها على وقع مبارزات السيف والترس، وقد حظيت عروضهم بالإعجاب أينما حلت وبإقبال كبير على مشاهدتهم لأنهم يقدمون تراثهم من القلب لذلك يصل إلى الناس بسرعة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العراضة الشامية.. تراث شعبي يحمل عبق الماضي إلى الأجيال-فيديو
2018-10-13
دمشق-سانا
طقوس شعبية يتردد صداها في حارات دمشق القديمة وتعرف بـ “العراضة الشامية” التي بقيت بكل ما تحمله من هتافات وأهازيج ناقلا أساسيا لمظاهر البهجة والسرور التي تتقنها أحياء المدينة العريقة.
وتنتمي العراضة الشامية للتراث الشعبي القديم الذي توارثته الأجيال وما زالت تحتفظ به حتى أيامنا الحالية مع إدخال بعض التعديلات والتنوع بالكلام وفق المناسبة لتبقى العراضة فلكلورا سوريا أصيلا يعود تاريخه إلى مئات السنين.
أبو حسين قائد فرقة عراضة “فرسان المحبة” تحدث لمراسلة سانا عن فرقته التي يعود تاريخها لأكثر من مئة عام توارثها عن جده وأبيه وعلمها بدوره لأبنائه موضحا أن عدد الأعضاء يختلف بين فرقة وأخرى وقد يصل إلى 50 شخصا وتتألف من “القائد” وهو رئيس الفرقة الذي يقوم بالوصف ترديد الأغاني “ولديه مساعد يمكن أن ينشأ بينهما نوع من التنافس في الغناء أو الشعر إضافة إلى أعضاء يلعبون بالسيف والترس أما باقي الأشخاص فمهمتهم التصفيق وترديد الأهازيج”.
ويضيف أبو حسين “أحياء دمشق القديمة كالميدان وساروجة والشاغور وغيرها اعتادت على وجود فرق العراضة التي تشارك بمختلف المناسبات وجرت العادة في العرس الدمشقي أن نرافق العريس من حمام السوق الشعبي إلى الحلاق ثم إلى منزله وبعدها إلى الصالة لإقامة الأفراح بوجود الأهل والأقارب وسط أجواء يسودها التفنن بالأهازيج الخاصة بالأعراس”.
وتميزت العراضة الشامية بلباسها العربي القديم الذي يجذب الناس وانتقل من جيل إلى جيل للحفاظ على تراث الماضي وكثيرا ما كانت تدخل فرق حارات الشام أو على مستوى المدن السورية بنوع من التنافس لإظهار تميزها عن بعضها.
ولا بد من الإشارة إلى أن الفرق قديما كانت تقدم عرضها بشكل مجاني ومع الأيام أصبحت مأجورة.
أبو أحمد حسن الصعب مساعد رئيس عراضة تحدث عن التعديلات التي أدخلت على العراضة الشامية من حيث إضافة بعض الآلات الموسيقية الحديثة إلى جانب الطبل الذي كان يعتمد عليه فقط في الماضي إضافة إلى تغيير لون لباس الرئيس أو القائد الذي يقوم بالوصف لتمييزه عن الرديدة.
وعن الأغاني والأهازيج التي يتم ترديدها يشير أبو أحمد إلى أنها تختلف من مناسبة لأخرى ويمكن للرئيس أن يرتجل الكلام ويصف بما هو مناسب حيث لم تقتصر مشاركة العراضة على الأعراس وإنما كان لها مشاركاتها في استقبال الحجاج وافتتاح المحلات التجارية والمهرجانات التراثية والمشاركة في تمثيل بعض المسلسلات القديمة وغير ذلك.
وتشكل المبارزة بالسيف والترس أحد أهم مظاهر “العراضة الشامية” وترافقها بعض حركات الرقص بالأيدي والأرجل وضرب الطبول وإضاءة المشاعل والأجواء الحماسية التي تزداد كلما اشتدت المبارزة التي تدل على قيم الرجولة والصمود في ساحات القتال ويتراوح عدد المتبارزين بين 2 و4 أشخاص تنتهي بالعناق الودي لإدخال الفرحة على قلوب الحاضرين.
وتتنوع فرق العراضة بين مختلف المحافظات السورية كالحموية والحمصية والحلبية وغيرها التي تحمل عبق الماضي إلى الأجيال.
جوليا عوضhttps://www.youtube.com/embed/z0unaOkpMoE
“العراضة الشامية”.. تراث سوريا يصدح في شوارع الإسكندرية: “بالأمس جالنا مرسال” (صور)
04:48 مالأربعاء 03 أبريل 2019
- عرض 17 صورة
الإسكندرية – محمد عامر:
“شـن كليلة شـن كليلة.. شو هالليلة شو هالليلة.. مـن هالليلة حمل السلة.. ومن هالليلة صار له عيلة.. الله يعينه على هالليلة!..عريـس الزين يتهنّـى.. يطلـب علينا ويتمـنى”.
بين قاعات الأفراح وشوارع الإسكندرية، تسمع صدى طبولهم وصيحات أغانيهم بلهجة سورية قد يصعب على البعض في مصر فهمها إلا أنها تطرب من يسمعها أنهم شباب “العراضة الشامية”.
العراضة الشامية هي رقصة دمشقية بالطبل والمزمار تؤدى بالأعراس في مدن سوريا من قبل مجموعة من الشباب والرجال ويرافقها أغاني قديمة من الفلكور الممزوج بالمديح والأهازيج.
بزيهم السوري القديم المكون من الشروال الأسود والصدرية المقصّبة والطاقية والحطة والشال الملفوف على الخصر.. اصطف أعضاء فرقة “سيف السلطان” لتقديم “العراضة الشامية” في افتتاح مطعم للمأكولات السورية بسيدي بشر بالإسكندرية.
ومع انتهاء تعليق الأنوار بواجهات المطعم الجديد، وعلى وقع دقات منتظمة للطبول والصنجات، انطلق “أبوالعز الصالحاني” قائد الفرقة المكونة من 10 أفراد بين الصفين منشدا: “يافتاح ياعليم.. يارزاق ياكريم.. ياناس صلوا على الرسول.. عين الحاسد تبلى”.
حلم العودة
الإسكندرية (1)”>
على أمل العودة يوما، هاجر “أبو العز” من حواري دمشق القديمة إلى الإسكندرية باحثا عن حياة هادئة بعيدا عن أصوات القذائف والحرب الدائرة في سوريا، لم ينس خلالها عمله القديم وكم زف من عرسان في وطنه.
“جئت هنا وتعرفت على شباب سوريين ودربتهم على العراضة أو الزفة الشامية”.. هكذا قال “أبو العز”، مشيرا إلى أن فرقته السورية المعروفة باسم “سيف السلطان” باتت تضم 20 فردا يقسمهم لفريقين الأول بقيادته والثاني بقيادة صديقه “أبو بسام”.
وخز العريس
الإسكندرية (3)”>
لم ينس قائد فرقة “سيف السلطان” أبرز عادات وتقاليد سوريا وهي زفة “تلبيسة العريس” والتي تصاحب العريس خلال ارتداءه بدلة الزفاف وحلاقة ذقنه وتعطّره، قائلا: “نزف العريس بحضور الشباب أثناء ارتدائه ملابسه وتوجهه إلى منزل عروسه بأهازيج وهتافات”، ويتابع ضاحكا: “يرافق كل ذلك وخز العريس بالدبابيس من أصدقائه كنوع من المداعبة”.
ويشير “أبو العز” إلى أن العراضة الشامية تراث شعبي قديم وفلكلورا سوريا أصيلا، يعود تاريخه إلى مئات السنين، اشتهرت به أحياء دمشق القديمة كالميدان وساروجة والشاغور وغيرها، وتناقلته الأجيال حتى الآن مع إدخال بعض التعديلات في الكلمات والآلات الموسيقية المستخدمة.
لا يقتصر استخدام العراضة السورية على حفلات الزفاف والخطوبة فقط، بل تستخدم في المهرجانات وافتتاح المحال التجارية والمناسبات الأخرى، ومنها استقبال حجاج بيت الله الحرام، فنردد هتافات منها: “جينا وجينا وجينا، زرنا هادينا وجينا، كرمالك يا محمد ودعنا أهالينا، لولا خاطر نابينا لا رحنا ولا جينا”.
ويضيف “أبو العز” أن رئيس الفرقة هو “القائد” الذي يقوم بالوصف وترديد الأغاني بينما يقوم باقي أعضاء الفرقة بالدق على الطبول والتصفيق، قائلا: “في سوريا يفهمون ما نردده من أهازيج.. لكن هنا أجد أشخاص يسألونني.. ماذا تقول؟”.
مبارزة بالسيف والترس
الإسكندرية (16)”>
وعن لباسهم المميز المعروف بـ”الشيرواز” أو “الخيالة” أوضح قائد فرقة “سيف السلطان” لـ”مصراوي” أنه زي سوري وعربي قديم كالذي يرتديه أبطال المسلسل السوري الشهير”باب الحارة”، مشيرا إلى أنه جلبه معه من سوريا لعدم وجود شبيه له في مصر.
“المبارزة بالسيف والترس والرقص بالأيدي والأرجل وضرب الطبول وإضاءة المشاعل أبرز مظاهر العراضة السورية”، يقول مساعده “أبو بسام”، منوها أن الأغاني والأهازيج التي يتم ترديدها تختلف من مناسبة لأخرى.
“بالأمس جانا مرسال.. يدعينا وجينا بالحال.. واسمع وش قال المرسال.. قال وخبرنا ياخال.. خبرنا بفرح العرسان.. مرسال مسطر بسطور.. بحروف الفضة مسطور.. مكتوب بأحلى كلمات.. وأول كلمة بسم الله.. وخدوده الله الله.. ومرصع نجمات نجمات.. لما قرينا المرسال.. ع الفرحة شدينا رحال”.
زفة بـ 3 آلاف جنيه
الإسكندرية (12)”>
ينشد “أبو بسام” الكلمات السابقة بلهجته السورية، منوها أن معظم زبائنهم من السوريين المقيمين في الإسكندرية وباقي المحافظات المصرية، إلا أنه مؤخرا صار هناك إقبال من المصريين على الزفة السورية – بحسب قوله.
وأشار إلى أن تكلفة الزفة السورية أو افتتاح المحال التجارية لا تزيد على 3000 جنيها، تزيد إذا كانت خارج الإسكندرية نظرا لإضافة تكلفة الانتقالات للفرقة بالكامل.
“هناك فرق سورية تعمل في مصر إلا أن سيف السلطان هي الوحيدة في الإسكندرية.. وقدمنا عروض في الجامعة الأمريكية بالقاهرة ومكتبة الإسكندرية وبرج العرب إلى جانب حفلات الزفاف والافتتاح”.
ويتذكر”أبو بسام” كيف ألغيت حفلتهم الأولى بمحافظة مرسى مطروح بسبب رفض والد العريس تحمل مبلغ 2000 جنيه تكلفة انتقال الفرقة من الإسكندرية إلى مطروح، قائلا:”المصريون بيدققوا في السعر كتير جديد.. لكن في سوريا فاهمين علينا”.
وعن اختلاف الأفراح بين سوريا ومصر، يقول “أبو بسام” لا يوجد اختلاف كبير فعادات العرب تكاد تكون واحدة إلا أن الأفراح السورية لا يسمح فيها باختلاط الرجال والسيدات في مكان واحد- بحسب قوله.
مضايقات المهن الموسيقية
الإسكندرية (5)”>
ويشير إلى تعرضهم لمضايقات من موظفي نقابة المهن الموسيقية وصلت إلى منعهم من الغناء في أحد الأفراح بالإسكندرية بسبب عدم حصولهم على تصاريح مزاولة مهنة، قائلا:”الموظف قالي هنحبسكم.. وهددنا بالشرطة”.
“إذا توقفت الحرب وعاد الأمن والأمان لسوريا.. لن نعود فهنا الوضع أفضل.. ففي سوريا يوجد 512 فرقة أما هنا فنحن نعمل بمفردنا”، قالها “أبو العز” قائد فرقة “سيف السلطان” وأكدها مساعده “أبوبسام” قبل أن ينهيا حديثهم لـ”مصراوي”.