- محمد طريف فرعون Tareef Faron..
- الفنان الذي توهّج قلمه وأبدعت عدسته..
- – بقلم المصور : فريد ظفور..
- – سمكة التصوير تحلق في عُباب بحور السماء الضوئية..حيث
- رسم قصائدة التكوينية البصرية على زجاجة من الأمل..وقذفها في الفضاء ..فكانت نسراً فنياً يصارع أمواج الرياح والتي تداعب غيوم السماء..وهناك وهن الفن إنتظاراً على عتبات الأحلام اللازوردية التشكيلية..ليروي عطشه الثقافي رحيق ورود مجلة فن التصوير الورقية اللبنانية..فغدا ناسك بمحرابها ومتعبداً بصور فنانيها وكتابها..فكانت لآليء صورها وهواها وموضوعاتها أمطار عشقه للفوتوغرافيا..
- فهيا بنا نفرش الدروب والطرقات بأكمام الورود والنرجس والليمون واليارنج والياسمين الشامي والجوري ..
- فتعالوا معنا أحبتنا نرحب بضيفنا الفنان السوري الأستاذ طريف فرعون..
- إننا نجد ملامح شخصية الفنان طريف فرعون..تميزه عن زملائه سواء في إختيار أعماله أم في الصياغة الفوتوغرافية..ولعل هذا التميز يتضح بصورة جلية حين نقف عند ترجمته لكتابين عن التصوير الضوئي..اللذين يفصحان عن توجهه القصدي والفكري والمعرفي نحو تخطيط ملامحه الخاصة ورسم علامات توجهه ووجهه الفارقة بسَّد ثغرة فنية ثقافية في المكتبة العربية الفقيرة فوتوغرافياً..ولعل من أمهر وأشهر من كتب بدراية وتعمق وفهم وخبرة ..عبر سنوات طوال في حقل ومضمار الفن الضوئي ..هو الأستاذ الرائد الفنان المصري عبد الفتاح رياض ..حيث قدم عشرات الكتب عن فن التصوير العادي والملون والسينمائي والوثائقي وعن الإضاءة والكاميرات والعدسات والفلاتر ..والذي يعتبر صاحب الفضل واليد البيضاء على الكثير ممن عشق التصوير الفيلمي باللون الأحادي والفيلمي الملون وأيضاً ممن عشق وحب التصوير السينمائي ..ولكن هذا الإحساس بالتميز عن الفنان طريف فرعون.. بإعتباره نية قصدية صافية..قد تغدو ذا أثر سلبي على رسم الصورة المتوخاة للفنان الضوئي..أي أن إندفاع طريف في تأصيل تجربته باكراً وبسرعة وبهذا الشكل الذي يشعرنا بأنه إختيار نهائي يرتاح إليه..كنوع من التحدي لأقرانه ..وهذا الإندفاع مصحوباً بتأكيد الذات الفنية وتكرار السمات الخاصة بمناسبة ودون مناسبة حتى تصير الصور تكراراً لما يريد أن يثبته الفنان لنفسه من قسمات وكوادر فنية جميلة..ليؤكد وجوده كفارس بين فرسان نادي فن التصوير في دمشق..إن تأكيد الهوية الفنية عند الفنان طريف فرعون..لحد تأكيده بالصورة المفردة الواحدة والتي تؤدي وظيفة الرمز الفني الشاعري الجميل..لكن الفنان المتألق طريف يلاحقها وكأنه يريد إستصدار براءة إختراع بها كي لا تتسلل إلى كاميرات وقاموس الآخرين..مع العلم بأن الفنان طريف هو حر في أن يجد التكوين أو الكادر أو الإطار الذي يلائم توصيل أفكاره وتقديم فلسفته الضوئية صوفياً كان أو وجودياً ..فإنه مطالب بألا يعتبر ذلك شكلاً نهائياً..ليس لأن الفنان طريف في بداية رحلته الطويلة بل لأن لقطاته ولمساته الفنية ممتحنة عبر هذا المحك بألا يجمد عند حد معين..بالرغم من أنه يعي أكثر من سواه بأن الجمود والفن ضدان لايجتمعان..
- ثمة مسحة حزن فلسفية بأعماله تجعلنا نبحث عن جذورها لا لنتلمس المؤثرات فهي موضوعية ومشروعة في حالة طريف كمقيم في سورية..وإنما لنتفحص أبعادها ودلالاتها ضمن مجمل الطرح الفني للفنان طريف فرعون..وإن التأمل بأعماله واضح والإنسحاب إلى النفس والتفرس في أحوالها من أدبيات الصوفية المعروفة..لكن لغة التعبير الضوئية وتشكيلاته اللونية في هذا المقام وظيفتها ديكورية تصبح مبرراً معها أعمال تراثية وبيئية ومناظر طبيعية..وهذه الإستشهادات ليست تنويعاً لفكرة واحدة أو لوحة واحدة ..بل نظم تندرج تحت الإعجاب بالفكرة وتكرار طرحها..وهذا يبرر خوفنا المشروع من أن تمتد ظلال هذه الأعمال لتخنق تجربته الفنية الجميلة..سيما وأن الفنان طريف ينساق وراء التداعي والتكرار ببعض أعماله..وكما أن الكادر أو اللوحة الفنية تكتسب شفافية جميلة حين تسير في غرض واضح ..ورغم بعض ماقيل فإنني أثني على أعمال الفنان طريف التي أتيح لي تفحصها وقراءة بعض مفاتيحها ..لأنه بحق من الفنانين القلائل الذين يعون مستلزمات فنهم الضوئي البصري ..فهو يمتلك سعة أفق وتفاؤل وأمل ومتابعة جيدة لكل جديد وإمكانية رائعة في تطويع الكوادر وتحميلها معاناته وفلسفته التي يستطيع بالمزيد من العناية أن يوصلها إلى متابعيه ومتذوقي فنه بالمحبة والألفة..وأنني أؤمن بقدر الفنان طريف فرعون..وبدأبه الصادق على شق طريقه من جديد في مغامرة الفوتوغرافيا والترجمة التي إختارها طريقاً وشخصية وهدفاً له..
ولعله من نافلة التذكير والقول بأعمال الفنان طريف المترجمة عن التصوير.. فقد ترجم كتاب عن التصوير الفوتوغرافي من الإنكليزية إلى العربية نشر عام 1988 م .. بعنوان (أساسيات فن التصوير الفوتوغرافي) و قد لاقى تجاحا مدويا في تلك الفترة بين عشاق فن التصوير..
ثم ترجم كتابه الآخر عن أساليب طبع الصور الفوتوغرافية في المنزل .. وقد نشرهما في دار دمشق عام 1989 م.
وهذا لعمري إنجاز يحسب له لما قدمه من جهد لنشر الثقافة البصرية في الأوساط العربية..وقد لاقى إستحسان وإقبال الكثيرين من عشاق الفن الفوتوغرافيا..ومما لا خلاف عليه بأن الترجمة هي البناء القوي الذي تبنى عليه الدول والأمم المتحضرة على دعائمه أساس نهضتها ..وبقدر ما يكون البناء قوياً يعلو مستقبل الأمة فنياً وأدبياً وثقافياً..والأمة التي لا تهتم لترجمات الكتب الفنية والأدبية والثقافية ..تكون مصابه بأخلاقها العلميةوهي أمة خاسرة وضائعة..لا يمكنها أن تتقدم في أي مضمار ..ولا يمكن لأفرادها أن ينتصروا أو يحققوا شيئاً ما من التقدم والإزدهار..إذا ما تواكب مع الإبداع.. فن الترجمة الذي هو القاعدة العريضة التي تقف عليها الأمة وينطلق منها الأفراد والمصورين نحو المستقبل..
والمصور المتحضر هو الفنان القادر على التمييز بين الجميل والرديء والصواب والخطأ والخير والشر..فيعمد إلى مجانبة الصواب والإبتعاد عن الخطأ..والتطور لا ياتي بالدعاء ولا بالإدعاء وإنما بالعمل والأمل والإنتماء للوطن..ولعلنا ندرك بأن الثقافة الرسمية تظل هاجرة ومهجورة قابعة في أبهائها وقاعاتها الواسعة..لا يطرق بابها جل المثقفين والفنانين والكتاب..الذين توجهوا بتصوراتهم ومطامحهم النظرية والإبداعية نحو المستقبل..وراحوا يبحثون عن سبل وأفق أخرى للتحرك وتحقيق الفاعلية من خلال المنتديات والمنصات الرقمية عبر مواقع التواصل الإجتماعي..الذي أصبح ذلك الإستقطاب الجماهيري والفكري والفني والأدبي..والذي يعد نادي فن التصوير الضوئي في دمشق من أبرز المظاهر تواجداً وتعريفاً بالفن والفنانين والفنانات في سورية..وهو من الأكثر الوجوه نصاعة وجدية..ولكن الفنان طريف فرعون بثقافته الموسوعية ولغته الإنكليزية والعربية ..أدخل مفاهيم جديدة ساهمت في تاسيس الوعي الفني والنظري والنقدي والتشكيلي لقراءة الإبداع الفني البصري ..وذلك من خلال لقاءاته وتعرفه بمعظم الفنانين المشاركين بالنشاطات الفنية التشكيلية وبالمعرض السنوي للنادي..علاوة عن ريادته بتقديم ترجمة كتابين ..قدموه للوسط الفني الضوئي كلاعب هام وفنان ترفع له القبعة..
من هنا ندلف للقول بأن المبدع طريف فرعون قد أبلى البلاء الحسن وساهم في تضييق الهوة الثقافية البصرية الضوئية..ولعمري بأننا محتاجون للمزيد من أعماله وترجماته لإرفاد الشارع الثقافي العربية بالكثير من الكتب الأجنبية الإنكليزية البريطانية والأمريكية سيما وأنهم من أوائل من كتب وإمتهن وقدم للفوتوغرافيا آلاف الكتب والمخطوطات وعرفنا بالكثير من المصورين الرواد والمعاصرين..وبقي أن نقول بأن المتألق السوري محمد طريف فرعون.. هو الفنان الذي توهّج قلمه وأبدعت عدسته..
** المصور : فريد ظفور..- 15-9-2020م
ــــــــــــــــــــــــــــــــ ملحق مقالة الفنان طريف فرعون ـــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ملحق مقالة الفنان محمد طريف فرعون ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأسم محمد طريف فرعون.
Tareef Faron
من مواليد دمشق 1963.
حاصل على إجازة في الأدب الإنكليزي من جامعة دمشق عام 1986.
و على دبلوم في التصوير الفوتوغرافي من وزارة الثقافة. مركز أحمد وليد عزت للفنون التشكيلية في دمشق.عام 1988
بدأ عشقي للتصوير الفوتوغرافي مبكرأ جدا عندما كنت أرى صور الحشرات الدقيقة المنشورة في المجلات و أتساءل عن كيفية تصويرها .
ثم اشتريت كاميرا بسيطة و رحت أصور كل ما تقع عليه عيناي و أطبع تلك الأفلام و أنفق كل مصروفي في شراء الأفلام و طبعها إذ كانت هذه الهواية مكلفة جدا في تلك الأيام .
و لللأسف فقد ضاعت تلك الثروة من الصور أثناء الأزمة التي عصفت ببلدنا الحبيب . ثم لمحت مجلة فن التصوير التي كانت تصدر في لبنان في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي فكدت أطير من الفرح و رحت أشتري أعداد تلك المجلة الرائعة فقد كانت أول مجلة علمية رصينة تكتب بأسلوب علمي جذاب عن كل نواحي فن التصوير و تخرج بقالب فيه كثير من الإحترافية تضاهي فيه كبريات المجلات الأجنبية المتخصصة في مجال التصوير الفوتوغرافي في ذلك الوقت . نمت ثقافتي الفوتوغرافي كثيرا من خلال تلك المجلة و خصوصا أنها كانت تحرص على إرفاق كل مصطلح من مصطلحات التصوير بنظيره في اللغة الإنكليزية.
شجعني حصولي على كم هائل من المعرفة في هذا المجال على ترجمة كتاب عن التصوير الفوتوغرافي من الإنكليزية إلى العربية نشر عام 1988 في دار دمشق بعنوان (أساسيات فن التصوير الفوتوغرافي) و قد لاقى تجاحا مدويا في تلك الفترة بين عشاق فن التصوير لأنه كان بلا فخر أول كتاب مترجم عن التصوير الفوتوغرافي في العالم العربي يتكلم عن عالم التصوير الواسع بشكل أكاديمي بسيط .و قد طبع منه عشر طبعات .ثم ترجمت كتابا آخر عن أساليب طبع الصور الفوتوغرافية في المنزل و نشر أيضا في دار دمشق عام 1989 . كنت خلال هذه الفترة أصور كل ما يقع تحت ناظري و أطبع و أحمض الصور في البيت (طبعا صور الأسود و الأبيض لأن الصور الملونة تحتاج إلى ضبط شديد لدرجة الحرارة الأمر الغير متاح بسهولة في البيت) بعد أن اشتريت جهاز طبع للصور الفوتوغرافية روسي الصنع من نوع الشنطة .
كنت في هذه الأثناء قد تعرفت على بعض الأصدقاء هواة التصوير أثناء متابعتي لمعارض التصوير الفوتوغرافي التي تقام في دمشق . و اتفقنا على القيام بمعرض مشترك لنا لعرض بعضاً من أعمالنا الفوتوغرافية . إلا انه في هذه الأثناء عرض علي عقد عمل في السعودية و سافرت إلى الرياض و بقيت فيها لعام 2005 , حيث عدت إلى دمشق و أخذت أعمل في مجالي الترجمة و الدلالة السياحية .