لطيف العاني – معرض الصور الفوتوغرافية – لندن 2017
برعاية مؤسسة رويا اقيم وللمرة الاولى في المملكة المتحدة المعرض الخاص بكبير المصوريين الفوتوغرافيين العراقيين لطيف العاني للفترة بين 4 و 16 كانون الاول / ديسمبر في قاعة كونينجباي Coningsby Gallery في مدينة لندن.
خصوصية هذا المعرض تتمثل في كون الصور المعروضة لاول مرة هي جزء صغير جدا من بين مئات الالاف من اعمال لطيف العاني التي كانت فريسة التدمير والنهب الذي وقع مباشرة بعد الغزو الامريكي للعراق عام 2003.
الصور المعروضة تغطي فترة مابين الخمسينيات والسبعينيات من القرن الماضي. هذا الامر الثاني الذي يجعل لمثل هذا المعرض خصوصيته.
تتميز الصور بكونها سلسلة مشاهد من صور تبتعد عن استعراض حقبة حكم نظام سياسي معين. المعرض عبارة عن ايقونة لتاريخ بلد واهل ذلك البلد. ومن هذا المنطلق يتميز المعرض بتفرده كون الصور تعكس واقع من الماضي القريب المعاصر لبلد جميل واهم من ذلك متحضر في جميع مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
وصفوه في الماضي بسفير العراق الى العالم من خلال عدسته عندما عرض صوره في مختلف بلدان العالم.
بالرغم من اعتزاله التصوير ولاكثر من ثلاثة عقود فان هذا العلم من اعلام العراق مازال يساهم في ردف هذه المسيرة المشرفة وتعريف العالم بجمال العراق من خلال هذا المعرض الجميل. صوره شاهد عيان على واقع كان في الماضي موجود لحضارة عريقة، لمجتمع مثقف، لاناس يحبون الحياة ومافيها، ولشعب يحب التطور والنظام والتقدم.
هكذا كان العراق.
يُعتبر لطيف العاني الأب المؤسس لفن التصوير الفوتوغرافي العراقي، وكان من أكثر المصورين الفوتوغرافيين غزارة في تغطية الحياة اليومية وتوثيقها عبر الصورة في العراق، ابتداء من خمسينيات القرن الماضي وحتى سبعينياته. وتقدم صوره سجلا فريدا للتجربة الحياتية العراقية خلال منتصف القرن العشرين. ومع حلول عقد الثمانينيات دخلت أعماله مرحلة تعتيم ولم يتم تسليط الضوء عليها ثانية إلا مؤخرا، عندما اكتُشف هذا الفنان من قبل جمهور عالمي واسع. وفي عام 2015 عُرضت أعماله في الجناح العراقي ببينالي فينسيا السادس والخمسين وفي أوائل هذه السنة قام هاتجي كانتز بنشر أول بحث عن أعمال الفنان العاني، مُنحَ عنه جائزة الكتاب التاريخي لعام 2017 في “لقاءات آرل”.
وتم إنتاج معظم أعمال لطيف العاني خلال ثلاثة عقود، ويشار إلى تلك الفترة بـ “العصر الذهبي” للعراق، وهي فترة تعمُّق الكوزموبوليتانية والانفتاح في البلد. فمنذ أواخر الخمسينيات من القرن الماضي وحتى اندلاع الحرب العراقية- الإيرانية (1980-1988)، قبض العاني عبر كاميرته على النسيج الاجتماعي للبلد. وقد تبدو الصور بما تحمله من حداثة وتعددية ثقافية، مفاجئة للناس اليوم، إذ تكسر التصورات النمطية عن التجربة العراقية. وباستخدام فيلم من نوع روليفليكس 6x 6 و 35 ملم، أنتج الفنان صورا غنية بالأسود والأبيض تسجل الحياة اليومية سواء كانت سياسية أو اجتماعية أودينية. هناك صور للقطارات، والجسور، والأنهار والمساجد تُعرض، جنبا إلى جنب، مع صور لتلاميذ المدارس والمتسوقين والجنود والسياح. وسيتضمن المعرض عدداً من الصور للآثار والتحفيات الكلاسيكية، وهي تكشف عن اهتمام العاني بعلم الآثار والحياة العصرية، وكيف أن العمارة جمعت الاثنين معاً في العراق.
وقد قام العاني بجولات تصويرية في العراق وكان المصور الأول الذي التقط صورا للعراق من الجو. وسيشمل المعرض على صور مناظر ملتقطة من الجو لساحة التحرير وجامع مرجان، وكلا هذين الموقعين موجودان في بغداد، وآثار المدائن، العاصمة القديمة للإمبراطوية البارثية. وعند حلول عقد الستينيات، حين كان هناك صراع في الشارع العراقي بين جماعات تتنافس لاستلام الحكم، كان العاني يعرض بعضا من أعماله في أميركا وأوروبا، إضافة إلى بعض بلدان الشرق الأوسط. وهناك عدد من الاعمال التي تصور رحلة قام بها الفنان العاني إلى برلين لعرض صوره عام 1965. وعند حلول ثمانينيات القرن الماضي، تزايد المناخ الاستبدادي لنظام صدام حسين مما جعل من المستحيل التقاط صورة في مكان عام وهذا ما دفع العاني إلى التوقف عن العمل.
وتم الانتباه العالمي لأعمال الفنان لطيف العاني عام 2015، حين ظهرت صوره كجزء من المعرض الذي حمل عنوان “جمال غير مرئي” في الجناح العراقي ببينالي فينسيا السادس والخمسين. فهناك كسب عمله اعترافا عالميا، ونتيجة لذلك، حاز العاني على جائزة الأمير كلاوس. وقال المحكمون في بيانهم : ” كُرِّم لطيف العاني لخلقه أرشيفا غنيا متعدد الوجوه بشكل فائق للعادة، لصور تاريخية فريدة للمجتمع العراقي.”
وجاء اعتراف وتقدير آخر له عام 2017 حين نشر هاتجي كانتز مع مؤسسة رؤيا أول بحث عن عمل الفنان. وبجلب معرض “لطيف العاني” إلى لندن تسعى مؤسسة رؤيا إلى الترويج لأعمال العاني أكثر على الساحة الدولية، ولإعادة تقديم جزء منسي من تاريخ العراق لزواره.
وكانت تمارا الجلبي، أحد مؤسسي رؤيا ورئيسها، وراء تسليط الضوء على أعمال العاني بعد سنوات كثيرة من الإهمال. وقالت: “يسرني أن أكون قادرة على إعادة الاهتمام بلطيف العاني وبعمله الدؤوب الذي أنتجه لسنوات عديدة قبل التعتيم عليه. إنه لأمر مثير بشكل خاص أن أقدم العمل إلى جمهور لندن للمرة الأولى.”