ابيبس بائع الثوم
بقلم وعدسة حسن صلاح.
كيف يمكن للزهور ان تنبت وسط الصخور؟
اسمهُ “جواد حسين” و يسمونه في السوق “ابيبس”، ابيبس يتحمل مسؤولية افراد عائلته البالغ عددهم 7، يتيم الأب توفي والده اثر جلطة دماغية عندما كان ابيبس في التاسعة من عمره و على اثر هذه الحادثة ترك مدرسته ليحمل مسؤولية كبيرة جداً، ابيبس يذهب كل ثلاثة ايام الى “علوة المخضر” ليشتري صندوق الثوم بسعر الجملة ثم يجزء الكمية ليبيعها على شكل حزم صغيرة بسعر لا يتجاوز 1000 دينار فقط.
لماذا كل ثلاثة ايام يشتري صندوق؟
– الثوم عندما يجف يكون اخف وزناً و بذلك يقل سعره مما يجعل ابيبس يزيد من كمية الثوم في الحزمة الواحدة اذا ما تعرض للشمس كثيراً، فهو في تحدٍ دائم مع وقت نفاذ الصندوق.
يفتح محله في الساعة الثامنة صباحاً و يغلقه في الثامنة ليلاً نهار كامل يضيع من طفولته كل يوم ليجد قوت يومه، عمر ابيبس لا يتجاوز الثالثة عشر فقط، ويسكن في نهاية منطقة الماجدية.
عندما سألته هذا السؤال، ماذا الذي تريد ان تحققه عندما تكبر؟
اجاب: اريد ان اعيش.
حطمني بهذه العبارة، لم يتكلم كثيراً مجرد النظر الى وجهه ارى حزن كبير و رجل صلب يصارع الحياة بكل ما لديه من قوة بلا انكسار كل هذا بداخل صبي صغير.
*جيرانه في السوق يساعدونه دوماً عندما بدأت التصوير لم اشعر ابداً انه وحيد فهذا الذي يجلب الشاي و ذاك الذي ينظم المارة لكيلا يؤثرون على توثيق موضوع الصبي، و آخرون يغذونني بالمعلومات، لقد وجدت فعلاً ان جيرانه في السوق هم هديته من السماء و هم الداعمين له حتى في الشدائد.
يذكر جاره موقف اصاب المسكين ابيبس حيث اتته ذات مرة امرأة اشترت منه حزمتين من الثوم و اعطته خمسون الفاً (ورقة واحدة) فأعاد لها ثمانٍ و اربعون الف دينار عندما غادرت هي و بعد مدة وجيزة حاول ان يحول الورقة الواحدة الى فئات صغيرة اكتشف انها مزورة فضج بالبكاء و استاء حد الجنون حتى ذهب الى احد جيرانه فطلب منه ان يقرضه بعض المال ليعالج ما ضاع منه و عاد من جديد تاركاً انكسارات كبيرة مركزاً على ان يجد قوته.
ابيبس من اكثر ما اثر بي في كل المواضيع التي وثقتها سيبقى محفوراً في ذاكرتي ما حييت…
معجب بهذه:
تحميل…