الفنان العراقي #رسول_ علوان_ العامري ..
همزة وصل بين جيلين..لفحة فوتوغرافية حارة ولفحة باردة بينهما..
بقلم المصور: فريد ظفور.
-إرتسمت على شفته أنشودة للغسق الفني..و ألف وعد في يديه..تنتشيء من همسنا أزهاره المعرفية..قمره الفوتوغرافي من وهجه ..همس لنا أجمل أغنيات المطر الضوئية..بعدما تساقط تعب السنين عنده ..تاركاً لنا ألف وعد وتساؤل بين يدينا..أترى ستنصفه المواسم والدروب..وهل سيذكره البنفسج والخزامى والنرجس والليلك وشقائق النعمان ..أم أن قلادة الياسمين الشامي تنتظر جيده لترحب به في ضيافتنا نجماً عربياً فوتوغرافياً..فتعالوا معنا نقدم لكم الفنان العراقي رسول علوان العامري..
-حرية المصور ليست إطلاقاً خيراً مطلقاً..وإنما هي سيف ذو حدين..ووسط حكيم بين تفريط وإفراط..والتفريط هو العبوديه والإفراط هو الفوضى…
- كلنا غادرنا عصر الفيلم الأحادي والملون..في ليلة ظلماء وضحاها..ولا ندري هل الإعصار الحضاري والتطور التقني الرقمي يجرفنا كما السيل ..هل الأقدار تخطئنا تعجل موت معداتنا وتحيلها إلى التقاعد..وتبقى كما التحفة على الرفوف..ولا ندري أيقهرنا هدير المد الحضاري والجزر..وتلقينا على العتبات تعذبنا كما الذكرى..تدمر نشوة اللقيا..وتطفيء جذوة القلوب ولا تسأل ..لماذا نجرع الألم ونلعن الأيام ونداوي الجرح بالندم..هل أمواج عصر الديجيتال تبعدنا ..أم الأيام تتركنا ..وما نحن سوى طيف أذبله خريف العمر والماضي..
- و لعل الفنان رسول العامري..التصوير عنده ليس ترويحاً عن النفس وحسب..إنما هو تعبير عن أدق التفاصيل وعن أدق خلجات النفس الإنسانية..والتصوير أداة من أدوات ومعدات التعبير عن فكره الذي يتبلور في دماغه..وعاطفة تنساب في قلبه الرهيف والرقيق..وبذلك نستطيع القول بأن ثمة علاقة بين الفنان رسول العامري والناس ..فبقدر ما كان المصور مبدعاً مجدداً قوياً ..كان محبوباً ومدللاً من الجمهور..والعكس صحيح..فإذا رجعنا إلى سوق عكاظ شعر تصوير الأبيض والأسود والملون..كان موسم كل يوم لإجتماع المصور لُيظهر ويطبع ويُحمض ويكبر بيديه كل أعماله الفوتوغرافية في غرفته المظلمة..والمصورون يأتون من كل فج عميق ليزوروا الجمعيات والمعارض والمحاضرات ويتبادلوا الخبرات والنصائح..من هذا المنطلق والمنطق نستطيع القول بأن الفنان رسول العامري ..قد عاصر جيل التصوير الفيلمي والتصوير الرقمي..وكان يملك ناصية البيان والتحكم بأدواته وتقنياتها في الإستديو من كاميرات وإضاءة ورتوش ومن أعمال في الغرفة المظلمة..أي أن الفنان رسول يقبض على زمام موضوعاته وصوره منذ ولادتها وحتى إستلام الزبون لها..خالية من العيوب والشوائب والزوائد الضارة..خالية من أي خلل يسيء إلى سمعته وسمعة فن التصوير..ثم دخل معترك الحداثة والتطور وأثبت بأنه لاعب من الطراز الرفيع يجيد فن العوم في العصر الرقمي عصر التصوير بكاميرات الديجيتال والهواتف الرقمية الذكية النقالة المزودة بكاميرات ديجيتال عالية الدقة..وإخترت وغيبت الغرفة المظلمة وحتى الإستديو الكبير والإضاءة والكاميرات الكبيرة إلى كاميرات صغيرة وإضاء بسيطة إستعاضت التقنية عن معظم تعقيدات الزمن الجميل زمن اللون الأحادي الفيلمي و زمن الفيلم الملون..ولا يسعنا إلا أن نقول بأن الصورة مرآة العصر كما كان الشعر ديوان العرب..لأننا أمة ولدت من رحم عصر الديجيتال تواقة أبداً إلى ألأصالة ..وإلى كل شيء جميل..ورغم ذلك يخاف جيلنا على التصوير من الإنقراض وأمام أعيننا تنهار قلاع الخبرة والتجربة وتتلاشى رغوة الإبداع في فضاء الهستريا الرقمية.والمصورون سيلقون قمراً ضوئياً ضريراً ..يقضون حطام القيلولة ..يعيب التصوير فيهشم ويشوه ويهمش ويعلق من عرقوبه في سوق الشعوذة والبساطة والغرور الأجوف..كل ذلك بإسم الحداثه والتطور والعصر الرقمي وعصر تصويرالديجيتال..وفي غياب الحد الأدنى من السمين الرثيث..فهل حقاً ستمر جنازة التصوير..ونحن في هزيع أخير..مع الإعتراف بأن هذا الجيل من الشباب جيل جريء وذكي ومقدام ولا يخاف شيء ومتفوق على جيلنا بالتقنية والخبرة المعرفية الإلكترونية والرقمية..ولكن عيبه بأنه لا يحترم الأكبر منه ولا يجد أحد أهم منه..فهو البطل بلا منازع..ولا يقيم للخبرة وزناً..وليس عنده كبير في المهنة..ولكنهم في النهاية أبناؤنا ونحبهم ونحترم رأيهم..ومع ذلك سنظل نبذل من الجهد أكبره ونضع بكم من الأمل أقصاه..لإنجاز علاقة مميزة بين مجلة تحترم نفسها وقاريء يحترم الثقافة والعلم والتكنلوجيا..ساعين لنكون وإياكم جزءاً هاماً من المشروع الثقافي العربي والعالمي الذي يرى إلى المستقبل الرقمي متكئاً على العظيم والرئع والمبدع من الشباب ومن التراث..معترفين بكفاءة شبابنا وشاباتنا وما نحتاجه جميعاً مساحة كافية من الحرية والتعددية ..ولنتذكر جميعنا بأننا إذا خسرنا معركة الثقافة والفكر والأدب والفن فقد خربنا كل شيء..
- في الفن والأدب إذا يرتفع به مبدعه الفنان رسول العامري إلى المستوى الإنساني .ليصبح ملكاً مشاعاً بين المشاهدين والناس..في كل عصر ومصر..لاتقيده حدود جغرافية او عرقية أو زمنية فيطيب للإنسان أن يقرأه أو يشاهده ليكتشف ذاته ومنزلته البشرية أو الإنسانية سواء بالإتحاد أو بالتقابل وقد لا تتاح له هذه المتعة الروحية لولا وجود من ينقل هذه الأعمال الفنية أو الأدبية من الحياة والواقع ويترجمها تكويناً ضوئياً أو عملاً فنياً أو أدبياً..وفي غضون قرابة السبعة وثلاثين عاماً من الكفاح والضيق والعذاب والمضايقات والإحباطات وتكسير مجاديفه..ومحاولة عرقلة مساره الفني..يبقى معلم واحداً ثابتاً وكوكب واحداً أميناً وهو حبه وعشقه للفوتوغرافيا ..وشيء واحد مؤكد وهو بأن الفنان رسول العامري لم ينقطع عن التصوير منذ عرف الكاميرا في ثمانينيات القرن الماضي وواكب بعضاً من الرواد وتابع مع زملاء جيلة ومن ثم يمضي مواكباً مسيرة التطوير والتحديث وحمل على كاهله مقارعة الجيل الشابة وعقد العزم بأن يكون منافساً ونداً ..يحمل بيرق التصوير الرقمي وتحديثات الهواتف الرقمية المحولة والمحملة بأحدث الكاميرات الرقمية ..ولا يسع النقاد إلا ان يعودوا إلى الفن ليستنيروا أكثر عن عطاء وإبدعات رسول العامري..وإلى الجزء المهم فحسب من لوحاته شأنه شأن المصورين العظماء مكتمل في بعض أعماله الأولى ويأتي الصوت الخافت لرسول في زمن التصوير الرقمي مشحوناً ببصماته المميزة والمتفوقه حتى وإن ضعف الصدى وغاب الرنين والصوت الإعلامي لأعماله الرائدة..وأعماله وتكويناته هي نداءات الحياة والقلب الجامحة للأشخاص الذين صورهم ويقابل ذلك التعطش الحاد للمعرفة البصرية والثقافة الضوئية والحب وإثبات الذات بالخوف والقلق من الحروب الظالمة على بلده بلاد الرافدين بلاد الحضارة ..وبوضوح شبه مرضي..لأن السعادة لم تُعرف كاملة أبداً ..بل غالباً ما تحاذي وتتراءى من خلال الأعمال والرموز..سيما وأن الشعب العراقي منذ عام ألفين وهو يراوح في المكان وظروفه المعيشية من سيء إلى أسوأ..ولكن الحياة دوماً يتجاذبها صخب الحياة مرها وحلوها ..أعلى النهرين وأسفلهما..ذكريات دجلة والفرات والسواقي والنخيل والأولاد والبنات يلعبون وسط غابة من الأزهار..فردوس حر من السعادة والشر..فيكون النور والظلام عند رسول أشكال الخير والشر ورموزهما..ليتابع الفنان حتى الهوس الصراع في جوف الظلام نفسه ليكتب سفراً جديداً من الأمل بالمستقبل للأجيال القادمة من الشباب والشابات..
-وإذا كانت مياه دجلة والفرات وغيرها مصدر الخصب ومصدر حياة هنيئة ومستقرة ..فإن الشقاء سرعان ما يندس خارج المحيط المقدس..المطر والسيول والحرائق والماء الذي يخرب ويجتاح ويقهر.وهو في النهاية صورة التاريخ..والتكدير الذي لا يفتر هو وحده ثابت لا يتغير ويقضي حتى على سعادة المدن والقرى والأطفال وهكذا تؤكد أساطير حضارة ما بين النهرين أو غيرها على سير البشرية الحتمي نحو مستقبل مجهول ولكنه مشدود شداً وثيقاً إلى الصراعات والكره وأنواع البؤس الأخرى..ولكن إيقاع الفنان رسول العامري في تكويناته البصرية جعلت منه عراباً لمرحلتين وناقلاً أميناً أدى الرسالة على أكمل وجه بين جيلين وكان بحق أنزيم تفاعل وحمزة وصل حافظت على الموروث والتراث الثقافي لبلد كانت حضاراته تشع على العالم..وبين جيل الشباب الطموح والمقدام والجريء..
- وندلف أخيراً للقول بأننا أمام قامة ضوئية عراقية كتبت إسمها في سفر الخلود تاركة بصماتها المعرفية وتكويناته البصرية منارة هداية للأجيال العاشقة والمحبة للفوتوغرافيا..ومن هنا وجب علينا تقديم الإحترام والشكر والتقدير لتجربة الفنان الرائدة في عالم التصوير الضوئي ..متأملين بأن تنصفه وسائل الإعلام الرقمية والمكتوبة وتعطيه حقه لأنه ترك إرثاً ضوئياً يستحق الدراسة والتمحيص والدراسة..
**المصور: فريد ظفور – 7-9-2020م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ملحق مقالة الفنان رسول علوان العامري ــــــــــــــــــــــــــ