إعداد: محمد فتحي
تعكس السينما حياة الإنسان في كافة المجالات، وتعرض الفنون والإبداعات البشرية وتختصرها في عدد من المشاهد. وقد أصبحت الآن أيضاً انعكاساً لمدى التطور التكنولوجي الذي وصل إليه الإنسان، من خلال المؤثرات والتصوير وغيرها. ولكن بالرجوع إلى الوراء، فقد بدأت بالسينما صامتة، إلى أن تم عرض الفيلم الأمريكي «مغني الجاز» في مثل هذا اليوم من عام 1927، ليكون أول فيلم ناطق في تاريخ السينما، ويحدث ثورة تكنولوجية هائلة، وقفزة في صناعة السينما العالمية.
وتم عرض أول فيلم ناطق (مغني الجاز) من إنتاج شركة وارنر، وظهر فيه الممثل آل جولسون، وذلك بواسطة جهاز الفيتافون، الذي يسمح بتسجيل صوت الممثل على أسطوانة من الشمع تدار مع جهاز العرض السينمائي بطريقة ميكانيكية مطابقة للصورة، وهو جهاز يعتمد على اختراع المخرج الأمريكي سيسيل هيبورث. كانت تلك الخطوة الأهم في تاريخ السينما، بعد اختراع الأفلام السينمائية نفسها، وأهم حتى من دخول الألوان إلى عالم السينما.
حتى منتصف العشرينات من القرن العشرين كانت السينما صامتة، إذ كانت الأفلام تؤدَّى بمصاحبة الموسيقى الحية، أو حتى الحوار المباشر، ثم المقدمات والنهايات (التترات) المطبوعة على الشريط فيما بعد. وبحلول عام 1927 تم تقديم فيلم «مغني الجاز» الذي تم فيه تحقيق التزامن بين الشريط السينمائي وأسطوانة الصوت المسجلة.
وبحلول عام 1929، أصبحت عملية تسجيل الصوت على شريط الصورة عملية شائعة، وهكذا انتهت السينما الصامتة إلى الأبد.
ويعد التحدي الأكبر في الفيلم كونه غنائياً يرتكز على أحداث مسرحية تحمل الاسم نفسه، واحتوى على أداء 6 أغانٍ، وتم انعكاسها في عرض الفيلم بدقة متناهية، لتطلق شرارة انطلاق السينما إلى آفاق غير محدودة، على الرغم من الانتقادات التي وجهها البعض للفيلم بأنه قضى على سحر السينما الصامتة، والاعتماد الكلي على الأداء التمثيلي.
ونال الفيلم العديد من الجوائز وحاز مكانة كبيرة في تاريخ السينما، فكان من أهم الأفلام التي تم تسجيلها من قبل السجل الوطني للأفلام، الذي يضم مجموعة منتقاة من الأفلام الأمريكية الكلاسيكية لحفظها في مكتبة الكونجرس الأمريكي، وإتاحتها كتراث للسينما الأمريكية.
وفي عام 1998 تم اختيار الفيلم من قبل معهد الفيلم الأمريكي، كواحد من أفضل 100 فيلم أمريكي على الإطلاق، واحتل المرتبة ال 90 من بين قائمة تلك الأفلام التي تجسد قوة وهيمنة السينما الأمريكية.